طريقة بيان
الأخطاء التي قد يقع فيها بعض
العلماء والدعاة
نشرت منتديات
علي الحلبي فتوى لابن باز؛ تحت عنوان: ]طريقة بيان الأخطاء التي قد يقع فيها
بعض العلماء والدعاة[؛ جاء فيها:
السؤال: هل يـجوز
ذكر أسماء الدعاة إذا أخطأوا في مسائل؛ للرد عليهم بأشرطة، وما هو أسلوب الرد؛ هل
هو التكلم فيهم وإخبار الناس عنهم ليـحذروا كتبهم؛ أم لا؟
فأجاب سماحة
الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: "إذا وجد خطأ؛ يُبَيَّن الخطأ
بالدليل؛ مع الدعاء لصاحب الشريط؛ كـ (وفقه الله، وسدد خطاه)؛ فيقال هذه
الكلمة مثلاً: منكرة؛ فَيُبَيَّن وجه الدليل، ودليلها كذا، ودليلها كذا، ولعله غفل
عن هذا الشيء، ولعله [كلمة غير واضحة]؛ يسأل العلماء في ذلك حتى يُبَيَّن لصاحب الشريط
خطأه [كلمات غير واضحة]؛ يعرضها على أهل العلم قبل أن يسأل؛ يسأل أهل العلم، ويتفاهم مع
صاحب الشريط، وإذا وجد خطأ ظاهراً بالدليل،
وهو من أهل العلم؛ يبينه بالدليل؛
بالأسلوب الحسن، وبالكلام الطيب؛ لا بالعنف والشدة، ولا
بالتشهير الذي معناه: أن فلاناً ما يصلح أن يؤخذ منه العلم؛ لا؛ بل يُبَيَّن له
خطؤه مع بيان أنه من أهل العلم، ويؤخذ ما بيَّنه للناس من
الأحكام الشرعية؛ إلا ما قام الدليل على أنه أخطأ فيه؛
فقد أخطأ مالك، وأحمد، وأبو حنيفة، والشافعي، والثوري، وغيرهم، ولهم أخطاء معلومة،
وما منع الناس أن يأخذوا منهم علمهم الذي أصابوا فيه. وما من عالم
إلا، وله أشياء غلط فيها، ورجع فيها إلى الصواب، أو ما فهم الدليل
فيها؛ ما فهمه الغير"اهـ
قلت:
هذا على منهج الخالفين؛ أما على منهج السلف؛ فالأمر على خلاف ذلك تماماً،
وبالمثال يتضح المقال.
نماذج من إنكار السلف على المخالف:
قال محمد بن الحنفية: تكلم علي وابن عباس في متعة النساء؛ فقال له علي: إنك
امرؤ تائه؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن
لحوم الحمر الأهلية.
وقال عروة بن الزبير: قام عبدالله بن الزبير بمكة؛ فقال: إن ناساً أعمى
الله قلوبهم؛ كما أعمى أبصارهم، يفتون بالمتعة، يعرض بابن عباس؛ فناداه ابن عباس؛
فقال: إنك جلف جاف؛ فلعمري لقد كانت المتعة تفعل في عهد إمام المتقين رسول الله
صلى الله عليه وسلم؛ فقال له ابن الزبير: فجرب في نفسك؛ فوالله لئن فعلتها لأرجمنك
بأحجارك.
وقال سليمان بن يسار: بينا أنا عند ابن عباس؛ دخل علينا أبو سعيد الخدري؛
فدخل رجل من الصيارفة؛ فقال يا أبا عباس؛ ما ترى صرف الذهب وزناً بوزن والورق
بالورق زيادة؛ فقال ابن عباس: ليس بذلك بأس إذا
كان يداً يداً؛ فقال أبو سعيد: ليس كذلك؛ نهى عن هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
فقال ابن عباس: نحن أعلم بهذا منك؛ إنما كان الربا لنا؛ فقال أبو سعيد: أحدثك عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحدثني عن نفسك؛ لا يجمعني وإياك سقف بيت أبداً.
وقال عطاء بن يسار: باع معاوية سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها؛ فقال
أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا إلا مثلاً بمثل؛
فقال معاوية: ما أرى بهذا بأساً؛ فقال أبو
الدرداء: من يعذرني من معاوية؛ أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويخبرني عن
رأيه؛ لا أساكنك بأرض أنت بها.
وعن إسحاق بن قبيصة؛ عن أبيه: أن عبادة بن الصامت خرج مع رجل أرض الروم؛
فنظر إلى الناس، وهم يتبايعون كسرة الذهب بالدنانير، وكسرة الفضة بالدراهم؛ فقال: يا
أيها الناس إنكم تأكلون الربا؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يقول: «لا
تبايعوا الذهب إلا مثلاً بمثل؛ لا زيادة بينهما ولا نظرة»؛ فقال معاوية: لا أرى
الربا يكون في هذا إلا ما كان من نظرة؛ فقال عبادة: أحدثك عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وتحدثني عن رأيك؛ لا أساكنك بأرض.
وسئلت عائشة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين؛ إني بعت غلاماً
من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم إلى العطا؛ ثم اشتريته بستمائة؛ فقالت: بئسما بعت،
وبئسما اشتريت؛ أبلغي زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم؛ إلا أن يتوب.
وقال عمر رضي الله عنه: قاتل الله فلاناً (سمرة بن جندب) ألم يعلم أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها
فباعوها».
وقال سليمان بن يسار: كان رجل من بني غنيم؛ يقال له:
صبيغ بن عسل؛ قدم المدينة، وكانت عنده كتب؛ فجعل يسأل عن متشابه القرآن؛ فبلغ ذلك
عمر؛ فبعث إليه، وقد أعد له عراجين النخيل؛ فلما دخل عليه جلس؛ قال: من أنت؟ قال:
أنا عبد الله صبيغ؛ قال عمر: وأنا عبد الله عمر، وأومأ عليه؛ فجعل يضربه بتلك
العراجين؛ فما زال يضربه حتى شجه، وجعل الدم يسيل على وجهه.
وقال عمران بن حصين رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «الحياء خير كله»؛ فقال بشير: إن منه ضعفاً، وإن منه عجزاً؛ فقال عمران:
أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتجيئني بالمعاريض؛ لا أحدثك بحديث ما
عرفتك.
وقال سعيد بن جبير: قلت لابن عباس: إن نوفاً البكالي يزعم أن موسى صاحب بني
إسرائيل ليس صاحب الخضر؛ فقال: كذب عدو الله؛ حدثني أبي بن كعب أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم؛ قال: قام موسى خطيباً في بني إسرائيل؛ فقيل
له: يا نبي الله، هل في الناس أحد هو أعلم منك؟ فذكر الحديث بطوله.
وقال أحمد: ها
هنا قوم لا يرون بذبائح المجوس بأساً؛ ما أعجب هذا؟ يُعَرِّض بأبي ثور.
وقال: أبو ثور كاسمه، وإن شئت فاقلب.
وقال: يُجفى،
ويُجفى من أفتى برأيه.
وقال أحمد: سمعت سفيان بن عيينة؛ قال: قال لي سفيان الثوري: ألا تقول
لمسعر: إني بالهلالية؛ يعني في الإرجاء.
أي أن الثوري كان يقول لسفيان بن عيينة: ألا تنهاه عن هذا - أي عن الإرجاء
- لأنهما من قبيلة واحدة.
وقال أبو نعيم: مرت بنا جنازة مسعر بن كدام منذ خمسين سنة؛ ليس فيها سفيان،
ولا شريك.
وقال أبو داود: سمعت أحمد ذكر المرجئة؛ فقال: قيس بن مسلم، وعلقمة بن مرثد،
وعمرو بن مرة، ومسعر.
وقال المروذي:
ورد علينا كتاب من دمشق: سل لنا أبا عبدالله؛ فإن هشام بن عمار؛ قال: لفظ جبريل
ومحمد عليهما السلام بالقرآن مخلوق؛ فسألت أبا عبدالله؛ فقال: أعرفه طياشاً قاتله
الله .. هذا جهمي؛ إن صلوا خلفه فليعيدوا الصلاة.
وقال أحمد: ما
زال إسماعيل وضيعاً من الكلام الذي تكلم به إلى أن مات .. بلغني أنه أُدخل على
محمد بن هارون؛ فلما رآه زحف إليه، وجعل محمد يقول له: يا ابن؛ يا ابن تتكلم في
القرآن؟ قال: وجعل إسماعيل يقول له: جعله الله فداءه؛ زلة من عالم؛ جعله الله فداءه؛
زلة من عالم، وردده غير مرة، وفخم كلامه كأنه يحكى إسماعيل؛ ثم قال: لعل الله أن
يغفر له بها - يعني لمحمد بن هارون - ثم ردد الكلام، وقال: لعل الله أن يغفر له لإنكاره
على إسماعيل.
وسأله الفضل
بن زياد: أليس قد رجع، وتاب على رؤوس الناس؟ فقال: بلى، ولكن ما زال مبغَضاً لأهل
الحديث بعد كلامه ذاك؛ إلى أن مات.
وقال أبو بكر
المروذي: كتب إليَّ عبدالوهاب في أمر حسن بن خلف العكبري، وقال: إنه تنزه عن ميراث
أبيه؛ فقال رجل قدري: إن الله لم يجبر العباد على المعاصي؛ فرد عليه أحمد بن رجاء؛
فقال: إن الله جبر العباد على ما أراد - أراد بذلك إثبات القدر - فوضع أحمد بن علي
كتاباً يحتج فيه، فأدخلته على أبي عبدالله؛ فأخبرته بالقصة؛ فقال: ويضع كتاباً،
وأنكر عليهما جميعاً: على ابن رجاء؛ حين قال: جبر العباد، وعلى القدري لما قال: لم
يجبر، وأنكر على أحمد بن علي بن رجاء في وضعه الكتاب، واحتجاجه، وأمر بهجرانه
لوضعه الكتاب، وقال لي: يجب على ابن رجاء أن يستغفر ربه لما قال: جبر العباد.
وقال ابن منده: صرح محمد بن نصر في كتاب الإيمان؛ بأن
الإيمان مخلوق، وأن الإقرار، والشهادة، وقراءة القرآن بلفظه مخلوقة، وهجره على ذلك
علماء وقته، وخالفه أئمة خراسان، والعراق.
وقيل لطاووس: هذا قتادة يأتيك؛ فقال: لئن جاء لأقومنه؛
فقيل له: إنه فقيه؛ فقال: إبليس أفقه منه؛ قال: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي}.
وقال يحيى بن
أبي كثير: لا يزال أهل البصرة بشر ما كان فيهم قتادة.
وقال الشعبي: قتادة
حاطب ليل.
وقيل له: رأيت قتادة؟ قال: نعم؛ رأيت كياسته بين حشين.
وقال مالك: أي رجل معمر؛ لولا أنه يروي تفسير قتادة.
وقال أحمد: بلغ ابن أبي ذئب؛ أن مالكاً لم يأخذ بحديث
(البيعان بالخيار)؛ فقال: يستتاب مالك؛ فإن تاب، وإلا ضربت عنقه. قال أحمد: هو
أورع، وأقول بالحق من مالك.
وقال المروذي: لما أظهر يعقوب بن شيبة الوقف؛ حذر أبو عبدالله عنه، وأمر
بهجرانه وهجران من كلمه.
وقال أحمد لما سمع قول شبابة: (إذا قال فقد عمل): ما سمعت قولاً أخبث منه.
وقال المروذي: جيء بكتاب الكرابيسي إلى أبي عبدالله، وهو لا يعلم لمن هو؛
فعلموا على مستبشعات من الكتاب؛ فقال أبو عبدالله: هذا أراد نصرة الحسن بن صالح
فوضع على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حذروا عنه.
وقال أبو
زرعة: ترى داود هذا؛ لو اقتصر على ما يقتصر عليه أهل العلم؛ لظننت أنه يكمد أهل
البدع؛ بما عنده من البيان والآلة، ولكنه تعدى, لقد قدم علينا من
نيسابور؛ فكتب إليَّ محمد بن رافع، ومحمد بن يحيى، وعمرو بن زرارة، وحسين بن منصور،
ومشيخة نيسابور؛ بما أحدث هناك؛ فكتمت ذلك لما خفت من عواقبه، ولم أبد له شيئاً من
ذلك؛ فقدم بغداد، وكان بينه وبين صالح بن أحمد بن حنبل؛ حسن؛ فكلم صالحاً أن يتلطف
له في الاستئذان على أبيه؛ فأتى صالح أباه؛ فقال: رجل سألني أن يأتيك؛ فقال: ما
اسمه؟ قال: داود؛ قال: من أين هو؟ قال: من أصبهان؛ فكان صالح يروغ عن تعريفه؛ فما زال
الإمام أحمد يفحص حتى فطن به؛ فقال: هذا قد كتب إلىَّ محمد بن يحيى في أمره؛ أنه
زعم أن القرآن محدث؛ فلا يقربني؛ فقال: يا أبت إنه ينتفي من هذا، وينكره؛ فقال
أحمد: محمد بن يحيى أصدق منه؛ لا تأذن له.