من الذي يستحق أن يُلتف حوله
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه ،،،
أما بعد:
فهل كل أحد ادعى السلفية يستحق أن: يُلتف حوله، ويُنتصر له، ويُدافع عنه، أم لا بد
للأمر من ضابط:
الذي يستحق النصرة والدعاء، ومدح طريقته، لا بد أن
يتوافر فيه أمران:
أولاً: العلم النافع، وهذا يُعرف من خلال مقالاته وكتبه
ورسائله وأشرطته وخطبه وشروحاته.
أما من يقول: إن وليمة العرس بدعة، أو من يشرح المشروح،
أو يقرأ ما يقوله من ورقة، وإذا خطب جمعة، مكث أسبوعاً يحفظها، أو تطرق إلى مسألة
أصولية تكلم بما يضحك الثكلى. فهذا لا يقال عليه: إنه طالب علم، فضلاً عن أن يُنعت
بالعلامة الفذ الدكتور أسد السنة، إلى غير ذلك من هراء الجهلة الرعاع.
إننا إن أردنا أن نعرف مبلغ علم هؤلاء الذين تصدروا؛ فلنستفتهم
في نازلة، أو نطلب منهم شرح مسألة، أو فك معضلة، أو تفسير آية على البديهة، وليس
عن طريق الحفظ والتحضير، أو حتى يُسأل أن يرتجل خطبة، أو غير ذلك من الأمور التي
تدل على أن صاحبها من أهل العلم.
فليس كل من حفظ مسألة أو مسألتين، أو تقعر في الخطاب
وتكلف في الجواب، أو غير ذلك من الأمور التي لا تخفى على البصير، يُدرج في زمرة
أهل العلم، ويُشار إليه بالبنان على أنه منهم، بله من خواصهم.
ولا يقال: إذن؛ فكيف جلس الناس إليه؟ لأن من جلس يُجلس
إليه، وإلا فكيف جلس الناس لدعاة الضلالة، بل ووُجد من يتعصب لهم، وينافح عنهم،
وهم كُثر.
علماً بأن الذي يستطيع أن يحدد إن كان الرجل من أهل
العلم، أو لا؛ هم العلماء وطلبة العلم، لا أنصاف المتعلمين وأشباههم، أو زمرة
المتعالمين، وهم متوغلون في المواقع والمنتديات، لا كثرهم الله، أو المتحزبون
لشيوخهم بالباطل، وتلك حزبية جديدة ألبست ثوب السلفية، وهي تخفى على كثيرين.
ثانياً: الاستقامة على منهج السلف، وهذا يعرف بسبر حاله
ومقاله، فلا يكون مستقيماً على منهج السلف من كان حرباً على إخوانه السلفيين في
الوقت الذي يداهن فيه الحزبيين، ومن لم نسمع منه قط، كلاماً عن دعاة الضلالة الذين
تضج بهم بلده، ولا نقداً لهم، ولا تحذيراً منهم، مع وجود المقتضي لذلك وعدم المانع.
أو من يشارك في المنتديات السلفية!! بأكثر من (معرف)،
وبأسماء وهمية، دونما سبب وجيه يدعوه لذلك، اللهم إلا استغلال هذه التصرفات الحزبية،
لترويج باطله، أو لسب وشتم من يريد دون أن يحاسبه أحد، فهل هذا من أخلاق المسلم في
شيء؟ فضلاً عن أن يكون صاحب هذه الأفعال الصبيانية من شيوخ السلفية!!
نعم تكلم بعضهم في ابن قطب، وهذا ليس بشيء فقد تكلم فيه
القرضاوي، فهل يحمد القرضاوي على هذا الصنيع؟ وتكلم في عمرو خالد، وهذا ليس بشيء
أيضاً، فقد تكلم فيه ونقده نقداً لاذعاً، وجدي غنيم. فهل يصير بذلك وجدي غنيم
سلفياً نهلل له، ونفتح له أبواب السلفية على مصراعيها، ويصبح العلامة المجاهد برده
على عمرو خالد.
قد يقول قائل: لكن الأول أصوله سلفية، بخلاف ابن غنيم،
فإن أصوله بدعية إخوانية.
قلنا: ماذا تفيد الأصول وصاحبها منحرف عن الجادة؟ ماذا
تفيد الأصول والظاهر يخالف الباطن؟ لقد بدع أئمة السلف أناساً ولمزوا آخرين، وقد
كانت أصولهم سلفية، ولو كان الحكم من خلال الأصول فحسب، لما تكلموا فيهم أصلاً،
فالأصول السلفية لا تشفع لصاحبها إن كان لا يطبقها على نفسه، وفي دعوته.
هذا على فرض أن هؤلاء أصولهم سلفية، وإلا فلو كانوا كذلك
لظهر ذلك على ظواهرهم، فإن الظاهر - في الغالب - يحكي الباطن، فأين الأصول التي
نضحت عليهم، وعلى أقوالهم وأفعالهم؟
بقيت مسألة: من كان على الجادة في كل كبير وصغير وإن كان
قليل العلم والكتب فهذا يُوالى وتمدح طريقته، ويُذب عنه.
هذا هو الميزان الذي يوزن به الناس، وما عدا ذلك فهى
موازين مختلة، لا يُعول عليها أو يلتفت إليها.