ليسكت معور عن معور
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله
رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله
وصحبه وسلم ؛؛؛ أما بعد:
دخل سليمان
بن يسار على هشام بن عبدالملك فقال: "يا سليمان: من الذي تولى كبره منهم؟
قال: عبدالله بن أبي بن سلول. قال: كذبت؛ هو: علي. فدخل ابن شهاب؛ فسأله هشام
فقال: هو عبدالله بن أبي. قال: كذبت؛ هو: علي. فقال: أنا أكذب لا أبا لك؛ فوالله
لو نادىمناد من السماء؛ إن الله أحل الكذب ما كذبت؛ حدثني سعيد وعروة وعبيد وعلقمة
بن وقاص عن عائشة؛ أن الذي تولىكبره: عبدالله ابن أبي. قال: فلم يزل القوم يغرون
به؛ فقال له هشام: ارحل فوالله ما كانينبغي لنا أن نحمل على مثلك. قال: ولم؟ أنا
اغتصبتك على نفسي، أو أنت اغتصبتني على نفسي؟ ([1][1]) فخل
عني"اهـ (سير أعلام النبلاء 5/339)
وقال أبو
بكر بن بالويه رحمه الله: "سمعت ابن خزيمة يقول: كنت عند الأمير إسماعيل بن
أحمد؛ فحدث عن أبيه بحديث وهم في إسناده؛ فرددته عليه؛ فلما خرجت من عنده؛ قال أبو
ذر القاضي: قد كنا نعرف أن هذا خطأ منذ عشرين سنة؛ فلم يقدر واحد منا أن يرده
عليه، فقلت له: لا يحل لي أن أسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه خطأ أو
تحريف؛ فلا أرده"اهـ (طبقات الشافعية 3/111)
وقال
الدارقطني رحمه الله: "اختلف قوم من أهل بغداد من أهل العلم؛ فقال قوم: عثمان
أفضل، وقال قوم: علي أفضل؛ فتحاكموا إلي فيه فسألوني عنه؛ فأمسكت عنه وقلت:
الإمساك عنه خير؛ ثم لم أر لديني السكوت؛ قلت: دعهم يقولون في ما أحبوا، فدعوت
الذي جاءني مستفتياً وقلت: ارجع إليهم وقل: أبو الحسن يقول: عثمان بن عفان أفضل من
علي بن أبي طالب باتفاق جماعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ هذا قول أهل
السنة، وهو أول عقد يحل في الرفض"اهـ (تاريخ دمشق 41/337)
وسئل أحد
العلماء: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟ فقال: "لأنهم تكلموا لعز
الإسلام، ونجاة النفوس، ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفوس، وطلباً للدنيا، ورضا
الخلق"اهـ (صفة الصفوة 4/122)
بعد هذه
التوطئة؛ أقول مستعيناً بالله:
لا شك أن
الأصل في أخطاء علماء السنة دفنها وإقبارها، وعدم كشفها وإظهارها؛ لا سيما من عُرف
بتمسكه بالسنة، ودفاعه عنها، وله فضل وسابقة، وردود على أهل البدع والأهواء؛ إذ قل
ما يسلم من الخطأ والزلل أحد؛ لكن أهل السنة إذ يفعلون ذلك ستراً على المخطئ،
وصيانة لكرامته، وحفظاً لمكانته؛ يفرقون بين من أخطأ في مسألة من الأصول مخالفاً
"الكتاب المستبين، والسنة المستفيضة، أو ما أجمع عليه سلف الأمة فهذا يُعامل
بما يُعامل به أهل البدع" ([2][2]) وبين من
أخطأ في مسألة لا يقام لها وزن؛ فالأول: يظهرونه ويردون عليه؛ أما الثاني: فيطوونه
ولا يروونه.
هذا هو منهج
أهل السنة قاطبة، وقاعدتهم التي يسيرون عليها في هذا الباب؛ لذا كان من الواجب على
أهل الحق الرد على المخالف كائناً من كان، وعدم التغافل عنه ([3][3]) لا سيما
وقد استنفذت السبل ([4][4]) وزاد
المخطئ على خطأه بأن تحزب له، ووالى وعادى عليه، ومن ورائه أتباع يشدون أزره،
ويظهرون قوله؛ مؤيدين له ومنافحين عنه؛ فازداد الطين بلة، وبلغ السيل الزبى، وسقط
فئام لا يحصون في شبهة الإرجاء؛ بسبب إحسان الظن تارة، والتقليد الأعمى تارة أخرى.
فماذا يفعل
أهل السنة، والحال كذلك؟ ماذا يفعلون؟ وصاحب الخطأ يحارب معتقد السلف في هذه
المسألة، ويسفه القائلين به، ويطعن في مجالسه الخاصة ([5][5]) في من
يقررها، وينبزهم بسيء الألقاب التي اخترعها، وصدقها أعوانه؛ حتى صيروها ألفاظاً
شرعية. ([6][6])
لا بد أنهم
يهبون غيرة على دينهم وعقيدتهم؛ يدافعون عنها بتبيين خطأ المخطئين، وتلبيس
المشغبين، وتدليس المدلسين، وكشف الكذابين الذي يكذبون على الله، ورسوله، وعلى
المؤمنين - إذ يقولون على الله وعلى رسوله بالهوى أحياناً، وباتباع الظن أحياناً
أخرى - ومن ثم لا يوالون أحداً أو يجاملونه على حساب عقيدتهم، وقراءة عابرة في
سيرة سلفنا الصالح تنبي كل منصف عن موقفهم وتشديدهم تجاه هنات يسيرة لا تقارن بحال
من الأحوال بهذا الخطأ الجسيم؛ فإن الله يحب العدل ويأمرنا بالقول القسط ولو على
آبائنا أو أبنائنا أو أزواجنا أو عشيرتنا.
وعليه فلا
اعتبار بقول جاهل يقول: كيف يرد على فلان؟ لأن فلاناً هذا ما مُدح وتوبع ونوصر إلا
لمتابعته للكتاب والسنة؛ فإذا خالفهما لم يكن مستحقاً لشيء من ذلك؛ بل قد يذم لا
سيما إذا نوصح، ولم ينتصح، ونبه ولم ينتبه.
قال ابن تيمية رحمه الله:
"من تكلم بما فيه معنىباطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه، ومن تكلم
بلفظ مبتدع يحتمل حقاً وباطلاً نسبوه إلى البدعة
أيضاً"اهـ
(درء التعارض 1/145)
قلت: فكيف بالكلام الصريح الفصيح الذي لا يقبل التأويل؟
وقال حمزة
بن يوسف السهمي رحمه الله: "سألت أبا الحسن الدارقطني عمن يكونكثير الخطأ؟
قال: إن نبهوه عليه ورجع عنه فلا يسقط، وإن لم يرجع سقط"اهـ (سؤالاته
للدارقطني ص 81)
وسئل الإمام
أحمد رحمه الله: عمن نكتب العلم؟ فقال: عن الناس كلهم؛ إلا عن ثلاثة:صاحب هوى يدعو
إليه، أو كذاب؛ فإنه لا يكتب عنه قليل ولا كثير، أو عن رجل يغلط؛فيرد عليه فلا
يقبل"اهـ (الكفاية للخطيب 1/429)
فصل:
منذ عشرين
سنة تقريباً بزغ نجم (ربيع المدخلي) كأحد العلماء السلفيين الذين عُرفوا بالغيرة
على السنة، والذب عنها؛ فأحببناه في الله - دون أن نراه - وناصرناه وآزرناه، وما
زال حالنا معه كذلك إلى أن حدثت في مسيرته أشياء - نسأل الله الثبات على الإسلام
والسنة - جعلته يرجع القهقرى، ومن ثم تغيرت أحواله، واضطربت أقواله، ولم يعد كما
كان.
ولما ظهرت
هذه الأشياء - الدخيلة على منهج السلف - على الساحة؛ اعتقدت حينها أن ربيعاً لا
دخل له فيها، وأنه قد لا يعلم عنها شيئاً؛ أو أن ما ينقل عنه مكذوب عليه، وهكذا؛
حتى قدر الله لي اللقاء معه ([7][7]) وكنت
قبل قد بعثت إليه برسالة خاصة أناصحه فيها، وأبين له المآخذ التي أخذها عليه من يحب
له الخير، ويتمنى لو أنه تداركها قبل أن تتفاقم؛ ففوجئت بأنه على علم بكل ما كنت
أود أن أخبره به؛ ومن ثم لم يقبل مني كلاماً؛ بل واتهمني بالتشدد؛ فاستأت كثيراً
مما رأيت، وتألمت مما سمعت؛ ووددت لو أنه لم يكن على علم بهذه الأمور؛ فإن هذا
سيكون أعذر له عندي؛ لكنني فوجئت بأنه يعرف ويسكت، ويسوغ سكوته بحجج واهية، وليس
له سلف في موقفه هذا؛ فضلاً عن أن يكون معه دليل من الكتاب والسنة؛ بل وجدته يدافع
عن أناس لا خلاق لهم؛ لو كانوا في زمان السلف لبدعوهم لا محالة؛ التفوا حوله فوضع
فيهم ثقته - رغم كثرة المحذرين لكنه لم يأبه لذلك - وهم من أجهل الناس، وأحطهم
أخلاقاً.
ومنذ ذلك
الحين نويت مفارقته؛ فلم أكن لأجامل أحداً على حساب ديني؛ كما يفعل كثير من الهمج
اليوم.
وكانت تصلني
بين الفينة والفينة أخباره التي لا تسر إلا أعداء المنهج السلفي، والمستفيدين
والمتسلقين من أدعياء السلفية؛ وكنا كلما شذ في مسألة ضربنا عنها صفحاً معتقدين
أنها زلة عالم لن يتابع عليها؛ لكن هذا الظن لم يكن في محله؛ حيث وجدنا الهمج
والرعاع ممن تعج بهم المواقع والمنتديات السلفية - زعموا - يتابعونه على أقواله
تلك؛ مع خطئها الفادح، وشذوذها الواضح؛ ساعد على ذلك طغمة لئيمة فاسدة جاهلة ثبت
بيقين كذبها وتعديها وتجنيها؛ التفت حوله وحالت دون وصول صوت الحق إليه؛ فحجبت عنه
المنصفين الذين يحبونه بصدق، وقربت المرتزقة الذين يطبلون له؛ بحثاً عن تزكية أو
على الأقل ثناء يقتاتون به ويروجون من خلاله على الأغمار السذج ([8][8]) حتى وصل
الحال به إلى درجة جعلت محبيه يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً عليه من الانزلاق مع
هؤلاء أكثر وأكثر؛ لا سيما والمدخلي له شأن، وزلته زلة لمن لا يحصى من السلفيين
كثرة، ولطالما دعوا الله أن يبصره بالحق، ويأخذ حذره ممن حوله؛ بيد أن الأمور سارت
من سيئ لأسوأ؛ حتى آل به الأمر - وهذه حقيقة -
إلى اختصار السلفية في أمرين:
الأول:
موافقته: فمن وافقه في أقواله ومواقفه فهو السلفي الذي يستحق مدحه وثناءه، ووصفه
بالعلم، وخفض الجناح له، ولين القول معه؛ حتى ولو كان من أجهل الناس، أو أكذبهم،
أو أفجرهم، وإن رغمت أنوف المعترضين الغيورين الناصحين له بالمعروف.
الثاني: عدم
الثناء على الفرق، والجماعات المعاصرة؛ فإن ذهبت تعدد له أخطاء فلان وفلان ممن
يتلبس بالسلفية زوراً وبهتاناً؛ قال لك: هل يمدح الإخوان، والتبليغ؟ فإن قلت: لا
.. ولكنه .. قاطعك قائلاً: إذن فهو سلفي لا بد أن تصبر عليه، وإن كانت عنده أخطاء،
وتناصحه في السر.
مع أن هذا
الذي رفض المدخلي الكلام فيه، وحث على نصحه والصبر عليه؛ لو كان في زمان السلف
لبدعوه وجدعوه وحذروا الناس منه. ([9][9])
ومع ذلك فقد
كنا نصبر أنفسنا قائلين: لعل وعسى .. إلى ان جاءت قاصمة الظهر التي جعلت الحليم
حيراناً.
فمنذ أيام
خرج علينا فتى من رويبضات هذا الزمان ليعلن للسلفيين أن عقيدتهم التي توارثوها
كابراً عن كابر مجروحة، وأن خطأ شنيعاً فيها، وخللاً فظيعاً يعتريها؛ ذلك أن
اعتقاد كفر من لم يأت بأعمال الجوارح قط مع بقائه زمناً ولا مانع يمنعه؛ باطل من
القول وزور؛ وأن الحق الذي لا شبهة فيه؛ أنه مسلم ناج من الخلود في النار طالما
جاء بعمل القلب، ولم يتلبس بناقض من نواقض الإسلام، ولم يكتف بذلك بل زاد جهالة
على جهالة، وضغثاً على إبالة، فنسب هذيانه هذا لجمهور الأئمة، وإن كان من رفقاءه
من استحى؛ فذكر أنه قول ثان للسلف.
ولا يعتريني
شك أنه ما جرؤ قط على البوح بذلك؛ لا سيما في مثل هذا الوقت ([10][10]) إلا
لعلمه أن هناك من سيسانده ويعضده، ومن ثم أظهر إرجاءه المذموم، وباح بسره المكتوم؛
طالما وجد من يستند إليه، ويتكئ عليه؛ فلم ينشب أن أشهر راية الإرجاء، ولسان حاله
يقول: وهل يجرؤ على نقدي أحد؟ وإمعاناً في النكاية أظهر موافقة المدخلي له، ورضاه
بصنيعه، بل وأظهر خطه معلقاً ومؤيداً؛ لكن المسكين ما درى أن السلفيين قد فاض بهم
الكيل؛ فما أن سمعوا بهذا الهذيان إلا هبوا مستنكرين منددين لم يرهبهم انتسابه
للشيخ، ولا عزو معتقده إليه؛ فسقط بين يديه، وجعل يقول: ماذا دهاكم؟ إن ما فهت به
ليس من كيسي؛ بل هو من كيس الشيخ، والدليل على ذلك خطه ذاك، وتأييده هناك؛ فردكم
الآن على المدخلي واقع، وجرحكم له - لا لي - ما له من دافع.
قلنا: وإن
كان؛ فدين الله أكبر من كل أحد، وعقيدتنا لا محاباة فيها لأحد. فلما كان ذلك كذلك،
وعرف الذين في كل واد يهيمون؛ أن المدخلي بذا قد أحرج، وأن موقفه صار لا يحمد،
سارعوا في نفي ما نسبه الفتى إلى شيخهم، ولأنهم جمعوا سوءات ثلاث: الجهل والكذب
والغباء؛ نسوا أن المدخلي قدم دليل إدانته بيده، وأنه لو قدر أن الفتى لم يفهم
مراد شيخه، وغلط عليه، ونسب الشين إليه، وقوله ما لم يقله، فكيف نصنع بخط
المدخلي؟!
على أنه حي
يرزق؛ فلم لا يبادر بنفي ما نسب إليه؛ فيقطع دابر الفتنة، ويخرس ألسنة المتربصين،
ويريح المحبين المشفقين، وبالمرة يعلن عن معتقده بصراحة لا تقبل التأويل؛ فليت
شعري ما الذي منع المدخلي من ذلك؛ مع أن له (معرفاً) هنالك؛ فإن أبى ففي موقعه،
وقد رأيناه يهتم بأمور هي أهون من ذلك بكثير؛ بل لا مقارنة بين حادثتنا هذه، وبين
الحوادث التي يتصدى لها، ويهتم بها، والمرء مجبول على الدفاع عن نفسه، وتصحيح
المفاهيم المغلوطة حوله.
فالحق: أنه
لا الفتى غلط على شيخه ([11][11]) ولا
المدخلي تراجع عن معتقده ذاك، فضلاً عن أن يكون معتقده من قديم؛ فالأمر لا يعدو
مناورة لاكتساب أصوات جديدة، وكف ألسنة شديدة؛ فالمرقعون على كل الأحوال محجوجون،
وعلى جميع الاحتمالات كاذبون، وقد فضحوا أنفسهم بفعلتهم هذه؛ فالمثبت مقدم على
المنفي، والمتأخر ينسخ المتقدم، والإقرار مقدم على الشهادة؛ فكفاكم ترقيعاً يا أهل
الكذب والمين، واللعب على الحبلين. ([12][12])
والعجيب أن
من خرج ينكر على لسان المدخلي؛ بدء تدليسه بقوله: "اطلعت" وكأنه لم يكن
حاضراً، وثناه بـ "الأخ الفاضل" فليت شعري كيف يكون فاضلاً، وهو يكذب
على شيخك؟ ([13][13]) ثم جاء
بثالثة الأثافي؛ فقال: "لما قام بعض الناس كالحدادية، والقطبيين ومن
نحىنحوهم؛ برمي من لا يكفر تارك الصلاة، وتارك العمل؛ بالإرجاء؛ رد عليهم الشيخ
وذبعن أهل السنة القائلين بهذا القول؛ حفظاً لمكانتهم، ودفعاً للتهم الجائرة عنهم،
ونصحاًللأمة وشبابها أن لا يتطاولوا على العلم، وأهله"انتهى كلامه.
وأريد
عاقلاً يجيبني على هذا الإشكال! كيف يعتقد المدخلي "اعتقاداً جازماً لا شك
فيه ولا ريب أن تارك الأعمال بالكلية كافر" ([14][14]) ثم
يدافع عن أهل السنة القائلين بعدم كفره؟! ومعلوم أن قائل ذلك مرجئ وإن رغمت أنوف؛
فكيف يدافع عنه المدخلي؟ ثم منذ متى والمدخلي على هذا الاعتقاد؟ وَمن مِن أهل
السنة قال بهذا القول؟ أليس هو رجل واحد ([15][15]) قلده
المرجئة وطاروا بقوله كل مطار، والطيور على أشكالها تقع.
ومتى كان
هذا قولاً من أقوال أهل السنة؟ والله لقد سئمنا من جهلكم وتخليطكم وكذبكم على أئمة
أهل السنة وعلمائها.
وانظر إلى
تدليس هذا المرقع في قوله: "تارك الصلاة، وتارك العمل" فمن يقرأ كلامه
هذا؛ يختلط عليه الأمر فلا يدري ما الخلاف في المسألة، ولا يدرى عقيدة الحدادية
(السلفيون الخلص) من عقيدة المرجئة (السحابيون) ([16][16]) حتى لا
يترك لأحد عليه مأخذاً - ذاك ظنه - فليس ثم إلا التناقض.
وأقول:على
أنه إن كان المدخلي على هذا الاعتقاد - كما يقول المرقع - فلم لا تأخذون برأيه
فيها لا سيما وأنتم تتبعونه حذو القذة بالقذة؛ لا تخالفون قوله، ولا تخرجون عن
رأيه، وإن كان كذلك فلم تحاربون الناصحين المعتقدين ما يعتقده السلف.
ويتمادى
المرقع الكذوب في غيه فيقول: "ويذكر ذلك (أي: المدخلي) في مؤلفاته ودروسه
ومجالسه، ويذكر النصوص على ذلك"اهـ
فأين بالله
في مؤلفات المدخلي، ودروسه - إن كانت دروساً - ومجالسه تقرير هذه العقيدة السلفية
النقية؟ بل على العكس؛ هو يقرر خلافها.
وتأمل قوله:
"فلماسمع الأخ (الفتى) وفقه الله ([17][17]) كلام
شيخنا، ودفاعه عن قول من أقوال السنة الموافقلما في بحثه نصب الراية التي ذكرها
الإمام المروزي رحمه الله في كتابه تعظيمقدر الصلاة ظنها رأياً له".
فهل هذا إلا
تهريج مقنن؟! فيا لحمرة الخجل! ألهذه الدرجة تسفه عقول السلفيين؟ أما لك عقل يا
هذا حتى تقول هذا؟ على من تضحك؟ على نفسك؛ أم على غيرك؟ وهل الفتى المسكين الذي
جُعل كبش فداء؛ جاهل وبليد لهذا الحد؟ ([18][18]) ومتى
صار كلام المرجئة قولاً من أقوال أهل السنة؛ بل ونَسبتَه بلا حياء للمروزي.
ثم كيف يكون
أخاً لك؛ بل وتدعو له بالتوفيق، وقد كذب على شيخك؟ أليس مما تعتقدونه أن الكذاب
ساقط العدالة، وأن من عقوبته ألا يقبل له قول؟!
ثم قال:
"وقول شيخنا حفظهالله في مسألة تارك العمل واضح جداً، ومنشور ومسطور في
مؤلفاته، وموقعه، وهذه بعضالنقولات عنه – حفظه الله – في هذه المسألة:
قلت: قال
ابن تيمية رحمه الله: "من أحب أحداً لغيرالله؛ كان ضرر أصدقائه عليه؛ أعظم من
ضرر أعدائه"اهـ (مجموع الفتاوى
10/605)
وهكذا هذا
المتهوك؛ فضرره (ومن معه) على الشيخ أعظم من ضرر ألد أعدائه؛ فهو يزين له الباطل،
ويحجب عنه الحق، ويرقع لجريمة كاملة الأركان حدثت في وضح النهار، وبلا أدنى حياء.
فأين
الوضوح؟ ولو كان كذلك لكُفينا فتنة عظيمة.
ولم طردتم
كل من يقرر عقيدة السلف من (شبكتكم) ولم تتحملوا من يقول بالقول الثاني - على حد
زعمكم -؟
ولماذا كنتم
تخفون فتوى اللجنة في الحلبي، وتمنعون نشرها؛ بل وطعنتم في أعضائها؟
فهل يصح في
الأذهان أن يظل المسلمون أربعة عشر قرناً في عماية عن عقيدتهم؛ حتى جاء في هذا
العصر من يقول ويقرر ويقعد لباطله، ولا يكتفي بذلك حتى يرمي مخالفيه - وهم على
الحق لا ريب لأنهم لم يخرجوا عن إجماع سلفهم في هذه المسألة - بأنهم دعاة فتنة
فرقوا السلفيين! فكيف غاب ما اخترعه المدخلي في هذه المسألة عن أئمة الهدى والدين
سلفاً وخلفاً؛ فإما أنه على ملة هي أهدى من ملتهم، أو مفتتح باب ضلالة، وقد كان؛
فقد فتح المدخلي باباً على السلفيين لا يسد إلا أن يشاء الله، وركب الناس الصعب
والذلول بسببه؛ فمقولته هذه - عفا الله عنه ورده للحق رداً جميلاً - قلبت
الموازين، وغيرت المفاهيم؛ فأصبح الحق باطلاً، ودعاته في انزواء، وإن تكلموا؛
تكلموا على استحياء خوفاً من ألسنة الرعاع الحداد الذين صارت الجولة لهم، وأصبح
الباطل حقاً ودعاته هم مشايخ السلفيين وقدوتهم؛ لم لا والمدخلي يقف خلفهم حامياً
ظهورهم؛ مزكياً ضلالهم؛ مثنياً على سوء صنيعهم، وقبح فعالهم. ([19][19])
ثم هل
تستدعي تلك المسألة القيل والقال والتخرصات والظنون؟! فلم لا يبين بياناً شافياً
قاطعاً مانعاً؛ فيثلج صدور السلفيين، ويخرس ألسنة المتربصين، ويغيظ المرجئة
المعاصرين الذين تعلقوا به، وانتحلوه؟
وإذا كانت
هذه عقيدته؛ فلماذا لم يرد على الحلبي حتى هذه الساعة؟ وأيهما أولى بالرد: الحلبي
أم المأربي؟ بل أيهما أعظم خطراً وأكثر أتباعاً؟ أليس الحلبي؛ فلم لم يخصص المدخلي
جزءاً من وقته كما فعل مع المأربي؛ فيفضح الحلبي وزمرته؟ وإذا كان قد أهمه المأربي
فصار شغله الشاغل؛ فلم لا يحض أحد طلابه على الرد على إرجاء الحلبي؟ ([20][20])
إن سكوت
المدخلي عن الحلبي؛ جعل الكثيرين يعتقدون أن الخلاف بينه وبين السلفيين في بعض
مسائل الجرح والتعديل فحسب؛ هكذا أوهمهم بازمول في رده السقيم؛ فكسب الحلبي بذلك
أرضاً واسعة وأتباعاً كثر، وخلا له الجو فشغب على عقيدة المسلمين، ودلس - وما زال
- كما يحلو له.
فالحاصل أن
المدخلي يخالف السلف في هذه المسألة، وكلامه - فضلاً عن مواقفه من السلفيين - يؤيد
ذلك؛ وإلا فبإمكانه البيان؛ فإذا لم يكن شيء من ذلك مع وجود المقتضي وعدم المانع؛
دل على أن الشيخ مخالف ليس بموافق؛ لا كما زعم الزهراني. ([21][21])
ورغم ما في
هذه القصة من مرارة؛ إلا أنها كشفت عن قوة الحق وصولته؛ والدليل: ما صنعه هؤلاء من
تعمية وتضليل خشية افتضاح أمرهم؛ فإذا كانوا خائفين مضطربين هكذا؛ فلم لا يتداركوا
الأمر قبل فوات الأوان.
وأخيراً:
فإنني أنبه على أمرين هامين:
الأول: أن
"الإنصاف الذي قد تجمع عنه النفس - كثيرًا أو قليلًا - أن يعتقد الإنسان ما
يظنه صواباً, أو يعمل عملاً يحسبه حسناً؛ فينقده آخر بميزان العلم الصحيح, ويريه
أنه قد أخطأ؛ ففي مثل هذا المقام قد يجد في نفسه كراهة للاعتراف بالخطأ في القول,
أو الإساءة في العمل؛ فإن كان على ذكر من فضيلة الإنصاف, وما تؤتيه من ثمار طيبة
لم تلبث أن تكظم هذه الكراهة, ولا يجد في نفسه حرجًا من أن يقول للناس: إني قد
أخطأت في قولي, أو أسأت في عملي. والراسخون في فضيلة الإنصاف لا يبالون أن يكون
رجوعهم عن الخطأ أمام من خالفهم وحده, أو بمحضر جمع كبير لم يشعروا بالخلاف, ولا
بخطأ المخطئ، أو إصابة المصيب، فها هو التاريخ يحدثنا عن رجال من علماء الإسلام
بلغوا هذه الغاية من الإنصاف. قال عبدالرحمن بن مهدي: ذاكرت القاضي عبيدالله بن
الحسين في حديث وهو يومئذ قاض, فخالفني فيه, فدخلت عليه بعد وعنده الناس سماطين,
فقال لي: ذلك الحديث كما قلت أنت؛ وأرجع أنا صاغر".
والثاني: "أن أكثر
الناس مغرون بتقليد من يعظم في نفوسهم ،والغلو في ذلك؛ حتى إذا قيل لهم: إنه غير
معصوم عن الخطأ، والدليل قائم على خلاف قوله في كذا؛ فدل ذلك على أنه أخطأ، ولا
يحل لكم أن تتبعوه على ما أخطأ فيه؛ قالوا: هو أعلم منكم بالدليل، وأنتم أولى
بالخطأ منه؛ فالظاهر أنه قد عرف ما يدفع دليلكم هذا؛ فإن زاد المنكرون فأظهروا حسن
الثناء على ذلك المتبوع كان أشد لغلو متبعيه؛ خطب عمار بن ياسر في أهل العراق قبل
وقعة الجمل ليكفهم عن الخروج مع أم المؤمنين عائشة؛ فقال: (والله إنها لزوجة نبيكم
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الدنيا والآخرة ولكن الله تبارك وتعالى
ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي)"اهـ (التنكيل 1/11)
[1][1]- فالمردود عليه؛ هو الذي
اغتصبنا على أنفسنا، وإلا فقد سكتنا عنه دهراً؛ لكن بعد الذي جرى لم يعد في قوس
الصبر منزع؛ فالله المستعان.
[4][4]- ومن ذلك نصيحة عبيد
الجابري، وصالح السحيمي، ومعهما ثالث؛ فقد جاء ضمن نصيحتهم التي أرسلوها له ما
يلي:
"ثانياً: قلتم بارك الله فيكم في
لفتاتإلىأخطاءصدرتمنالأخالكريمالشيخ فالح ص (37) تعليقاًعلىجوابه
علىسؤالالسائلفيمسألةجنسالعمل: "كانينبغيأن تنصحهمبعدمالخوضفيجنسالعمل؛لأنهأمرلميخض
فيهالسلففيماأعلم".
نقول:
قدتكلمالعلماءمنالسلففيهذهالمسألة،ومنهمشيخالإسلامابنتيمية،والشيخابنباز،والشيخابنعثيمين
رحمهمالله،والشيخصالحالفوزانحفظهاللهوغيرهم، وكلامهمواضحفيهذهالمسألة.
قلتم:
"فيماأعلم". وهذاجيد؛إذلمتجزموابالنفي،لكنكانينبغيالتريثفيالمسألة،وعدمالتشنيععلىأخيكم
بذلكحتىيظهرلكممخالفةقولهلماقررهالعلماء.
قول الشيخ
فالح في جوابه:
"لاشكأنهقدوافقالمرجئة،لكنينبغيالنظرعلىحقيقتهوإلىمايعتقدهويعمله".
الشيخقداحتاطللمسئولعنهحيثلميحكمعلىعينهبالإرجاء،أماموافقتهللمرجئةفيهذاالقولمنحيث
العموم؛فهوالذييظهرلنا،وذلك:
لأنالإيمانعندأهلالسنةقولوعملواعتقاد،لابدمنثلاثةالأمور، ومنلم
يكفرتاركجنسالعمللميكنالعملعندهمنحقيقةالإيمان،وهذاوجهموافقتهللمرجئة؛إذلوكانالعملعنده
منالإيمانلكفره"اهـ
[5][5]- ولا أدري لم لا يعلن ذلك
على الملأ طالما يعتقد أنه على الحق.قال ابن مفلح رحمه الله: "من لم يعمل من
الحق إلا بما وافق هواه، ولم يترك من الباطل إلا ما خف عليه؛ لم يؤجر فيما أصاب،
ولم يفلت من إثم الباطل"اهـ (الآداب الشرعية 1/43)
[6][6]- ولأن شيئاً من ذلك لم يكن
لله؛ فقد ذهبت هذه الطعونات الجائرة الفاجرة أدراج الرياح، وبقي الحج أبلج، ولم
يضر أصحابه شيئاً من تلكم التهم؛ بل على العكس ازدادوا رفعة، وعرف القاصي والداني
أنهم أهل حق وثبات، وأصحاب مبدأ. قال أبو زرعة: "كل من لم يتكلم في هذا الشأن
على الديانة؛ فإنما يعطبنفسه، وكان الثوري ومالك يتكلمون في الناس على الديانة
فينفذ قولهم، وكل من لم يتكلم فيهم على غير الديانة؛ يرجع الأمرعليه"اهـ
(الآداب الشرعية 2/142-143)
قلت: قال بعضهم: "من جرح أحداً
للهوى لا للتدين رجع عليه". فاعتبروا يا أولي الأبصار؛ فإن الله سبحانه يجزي
الإنسان بجنس عمله.
[8][8]- ومن هؤلاء المرتزقة: جاهل
جهلاً مركباً؛ كتب عن أحد الجهلة المتسلقين بعد أن خلا له الجو ووجد الفرصة سانحة
أمامه ليبث إرجاءه وإرجاء شيخه مؤيداً لأوليائه المرجئة الكبار؛ فقال: "الحمد
لله رب العالمينوالعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، وبعد: فقد التقيت
بالأخ الكبير والشيخ الحبيبخالدبن عبدالرحمن حفظه الله يوم
الجمعة ليلاً بعد المغرب؛الموافق 26 شعبان 1431؛ وتباحثنا ومجموعة من طلبة العلم
بعض مسائل العلم مع الشيخالفاضل؛
ولا سيما الفوارق بين أهل السنة وبينالمرجئة في مسألة الإيمان؛ وكان مما قال حول
كتابه (ذم الإرجاء) أن الشيخالدكتورالعلاَّمةالمحدثربيعبنهاديحفظه الله اطَّلع على كتابه
الآنف الذِكر، وقال له في بيته في مكة شرفها الله :قرأت كتابكم كله يا ولدي، وهوكتابجيد، وأن القوم مهما حاولوا؛
فإنهم يعجزون عن الرد عليه"اهـ
قلت: وقد قرأت كتابه الذي يعجز القوم
عن الرد عليه - والقوم في اصطلاحهم: هم السلفيون الخلص الذين لم يحيدوا في هذا
الباب، ولا في غيره من الأبواب؛ عن منهج السلف الصالح قيد أنملة؛ معرضين عن سفاهة
السفهاء وجهل الجهلاء، ولم يتلوثوا بالإرجاء - فوجدته كتاب إرجاء من ألفه إلى ياءه؛
جمع كاتبه بين سوءتين (الجهل والإرجاء)، وقديماً كان أهل البدع عالمين بمذاهبهم
متقعددين فيها؛ أما مبتدعة اليوم كخالد عبدالرحمن وبازمول والزهراني وعلي رضا فهم
أقل شأناً من ذلك؛ إذ لم يعرفوا حقيقة مذهبهم الذي هم عليه؛ لذا اضطربوا بين مذهب
أهل السنة ومذهب المرجئة؛ فأصلوا لمذهب المرجئة على طريقة أهل السنة، وانتصروا
لأهل السنة – زعموا – على طريقة المرجئة.
أقول: ولما كنت قد أكثرت من الكتابة في
هذا الموضوع، ورددت على كل ما هرف به هذا الجهول؛ فقد اكتفيت برسالة إلى أحد أهل
العلم أطلعه فيها على فقرات من الكتاب المذكور؛ فمن خلالها يتبين مبلغ علم صاحبه؛
قبل أن يتبين إرجاءه الواضح؛ فقلت مخاطباً له:
بسم الله الرحمن الرحيم؛ .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أما بعد:
فضمن ما جاء في بيان اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في التحذير من {فتنة
الإرجاء} قولها: "مقالة المرجئة الذين يخرجون الأعمال عن مسمى الإيمان،
ويقولون: الإيمان هو التصديق بالقلب، أو التصديق بالقلب والنطق باللسان فقط، وأما
الأعمالفإنها عندهم شرط كمال فيه فقط، وليست منه، فمن صدق بقلبه ونطق بلسانه فهو
مؤمنكامل الإيمان عندهم، ولو فعل ما فعل من ترك الواجبات وفعل المحرمات، ويستحق
دخولالجنة ولو لم يعمل خيراً قط، ولزم على ذلك الضلال لوازم باطلة، منها: حصر
الكفربكفر التكذيب والاستـحلال القلبي.ولا شك أن هذا قول باطل وضلال مبين مخالف
للكتاب والسنة، وماعليه أهل السنة والجماعة سلفاً وخلفاً، وأن هذا يفتـح باباً لأهل
الشر والفساد للانحلال من الدين، وعدم التقيد بالأوامر والنواهي والخوف والخشية من
الله سبحانه، ويعطل جانب الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
ويسوي بين الصالح والطالح، والمطيع والعاصي، والمستقيم على دين الله، والفاسق
المتـحلل من أوامر الدين ونواهيه، ما دام أن أعمالهم هذه لا تخل بالإيمان كما
يقولون، ولذلك اهتم أئمة الإسلام قديماًوحديثاً ببيان بطلان هذا المذهب، والرد على
أصحابه وجعلوا لهذه المسألة باباً خاصاً في كتب العقائد، بل ألفوا فيها مؤلفات
مستقلة، كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وغيره".
ونصيحتها لمن اعتقد هذا القول المزري
وأذاعه بـ "الرجوع إلى كتب السلفالصالح وأئمة الدين المبنية على الكتاب
والسنة وأقوال السلف، وعدم الرجوع إلى الكتب الحديثة الصادرة عن أناس متعالمين لم
يأخذوا العلم عن أهله ومصادره الأصيلة، قد اقتحموا القول في هذا الأصل العظيم من
أصول الاعتقاد، وتبنوا مذهب المرجئة ونسبوه ظلماً إلى أهل السنة والجماعة،
ولبسوابذلك على الناس، وعززوه عدواناً بالنقل عن ابن تيمية رحمه اللهتعالى وغيره
من أئمة السلف، بالنقول المبتورة وبمتشابه القول وعدم رده إلىالمحكم من
كلامهم".
وعلى الرغم من ذلك - وبعد أن كادت هذه
الفتنة أن تخمد فلا يبقى لها أثر - فقد ظهر قبلنا رجل يتقفر العلم، يدعى (خالد بن
عبدالرحمن المصري) يعيد بث ما أنكرته اللجنة على دعاة الإرجاء، ويزعم أن تارك
أعمال الجوارح بالكلية ليس بكافر، وأن هذا قول من أقوال السلف، بل وألف كتاباً في
ذلك سماه "ذم الإرجاء" فُتن به خلق حتى صار كثير منهم يعتقد أن فتاوى
اللجنة خاطئة، وأنها صدرت بسبب إحن وعداوات مع أصحاب المؤلفات المذكورة، وبإيعاز
من القطبيين المندسين بين أعضائها، فضلاً عن أن المردود عليهم قد ردوا على اللجنة
وأفحموها. وهكذا عمد هؤلاء المرجئة إلى إسقاط ردود اللجنة والطعن فيها، أو على
الأقل التشغيب عليها، وزعزعة هيبتها في نفوس كثير من الشباب حتى يخلو لهم الجو،
ويجهروا بعقيدتهم كما يحلو لهم.
فلما كان ذلك كذلك؛ رفعنا لكم نسخة من
الكتاب المذكور للاطلاع عليها، وإبداء ما ترونه حيالها، نصيحة للأمة وإبراء للذمة،
وحماية لشبابنا من آثاره الخطيرة، وعواقبه الوخيمة، حيث قد أحسنوا الظن بالكتاب،
وبمؤلفه.
وإليكم طرفاً من أقواله، في الكتاب
المذكور:
قال في ص (6): "وآخرون اتهموا بعض
العلماء بتهمة الإرجاء لما أن رأى من بعضهم من قال بأن تارك عمل الجوارح مسلم عاص،
وابتدأ الأمر بالألباني، لأن مذهبه أن تارك عمل الجوارح ليس بكافر إذا كان قد أتى
بإيمان القلب وإقرار اللسان ثم قصر في أعمال الجوارح فلم يأت منها بشيء كسلاً لا
جحوداً، فهو عند الألباني رحمه الله مسلم فاسق عاص ناقص الإيمان مستحق للذم معرض
للعقوبة بالنار يوم القيامة، فلما قال أبو عبدالرحمن الألباني ذلك اتباعاً للحجة
باجتهاد منه وموافقة منه لبعض أقوال السلف في المسألة، اشتد عليه كثير من الناس
على اختلاف نواياهم ومقاصدهم، وانتشرت مقولة أن الألباني إمام أهل السنة مرجئ،
وتلطف بعضهم فقال: فيه شيء من الإرجاء. وكنت أظن أن هذا الاتهام خاص بالألباني ومن
قال بمثل قوله من أهل الحديث في زماننا وإذ بنا نفجأ بأن هذه التهمة قد تعدت من
الألباني إلى إخوانه من أهل العلم الأكابر الذين هم لسان أهل السنة في
زماننا"اهـ
وقال في ص (32): "وقد صرح شيخ
الإسلام رحمه الله بأن من قال: إن الإسلام هو الإقرار وأن العمل ليس منه، أن هذا
قول من أقوال أهل السنة"اهـ
وقال في ص (35): "وهؤلاء الذين
يقولون: إن تارك عمل الجوارح مسلم فاسق يوافقون تماماً قول الزهري ومن معه من
السلف، أن الأعمال من الإيمان وأن الإيمان يتفاضل ويذهب بعضه ويبقى بعضه"اهـ
وقال في ص (41): "وأخيراً أنقل من
كلام شيخ الإسلام نقلاً واضحاً صريحاً لا يحتمل تأويلاً أن تارك عمل الجوارح بعد
إيمان القلب وإقرار باللسان مسلم عاص ليس بكافر في قول من أقوال السلف"اهـ
وقال في ص (42): "فهذا شيخ
الإسلام يرجح أن تارك العمل كلية كافر لأدلة قامت عنده على ذلك، ومع ذلك جعل هذا
القول - وهو عدم تكفير تارك عمل الجوارح - قولاً من أقوال السلف ورواية عن
أحمد"اهـ
وقال في ص (42): "فدل ذلك صريحاً
على أن القول الأول ليس أصحابه من المرجئة؛ كيف وأحمد يوافقهم في رواية من
رواياته"اهـ
وقال في ص (43): "فهذا صريح لا شك
فيه أن التارك الذي يتكلم عنه شيخ الإسلام هو تارك عمل الجوارح كلية، وهو الذي
اختلف السلف في تكفيره، وجاء عن أحمد فيه الخلاف كما جاء عن السلف، فاتضح جلياً أن
عدم تكفير تارك عمل الجوارح هو قول من أقوال السلف ورواية عن أحمد، ومن قال بها
فهو سلفي آخذ بقول من أقوال السلف، وليس هو من المرجئة وليس من الإرجاء في
شيء"اهـ
وقال في ص (51): "وهذا نقل صريح
عن هؤلاء السلف من التابعين ومن بعدهم في عدم تكفير تارك عمل الجوارح بعد إتيانه
بالشهادتين مع إيمان القلب، وهي إحدى الروايات عن أحمد كما أثبت ذلك ابن
القيم"اهـ
وقال في ص (66): "الحافظ ابن حجر
رحمه الله إمام معلوم الإمامة، وهو في باب الإيمان ينصر مذهب السلف، كما هو معلوم
لمن نظر في الفتح، فنقل رحمه الله مذهب السلف فقال في كتاب الإيمان (1/46):
(فالسلف قالوا: هو اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالأركان وأرادوا بذلك أن الأعمال
شرط في كماله، ومن هنا نشأ لهم القول بالزيادة والنقص كما سيأتي، والمرجئة قالوا:
هو اعتقاد ونطق فقط. والكرامية قالوا: هو نطق فقط. والمعتزلة قالوا: هو العمل
والنطق والاعتقاد. والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطاً في صحته،
والسلف جعلوها شرطاً في كماله"اهـ
وقال في ص (75): "فقد اتضح جلياً
أن السلف رحمهم الله قد اختلفوا فيمن ترك عمل الجوارح كلية بعد إتيانه بالشهادتين
وإيمان القلب مع تمكنه من العمل، ثم ترك العمل من نحو صلاة وزكاة وحج، فمنهم من
كفره يترك ذلك، ومنهم من اكتفى بتفسيقه ولم يكفره"اهـ
وقال في ص (75): "إذاً فالألباني
ومن قال بمثل مقولته لم يوافقوا المرجئة في مذهبهم، ولم يخرجوا من أقوال السلف،
فاتهامهم بالإرجاء هو جهل بحقيقة الإرجاء"اهـ
وقال في ص (77): "وأريد أن أنبه
القارئ إلى أنني إنما قصدت من بحثي هذا أن أبيّن أن السلف قد اختلفوا فيمن ترك عمل
الجوارح كلية على وفق التفصيل الذي شرحته، وأن من قال بأحد هذه الأقوال لم يخرج عن
مذهب السلف ولا يصح وصمه بوصمة الإرجاء"اهـ
وقال في ص (81): "وقد بينت فيما
سبق بما لا يدع مجالاً للشك خلاف السلف رحمهم الله في تكفيرهم لتارك عمل
الجوارح"اهـ
وقال في ص (81): "فالحاصل أن ما
نقله من ادعى إجماع السلف على تكفير تارك عمل الجوارح لا يدل على ثبوت الإجماع
فيما زعمه بعد أن صح الخلاف بالنقل الصريح عن أهل العلم من السلف، ونقل ذلك عنهم
أهل العلم المستقرئون لمواضع الاتفاق والخلاف بين السلف، وفي هذا الجواب كفاية
لإثبات وجود الخلاف في مسألتنا"اهـ
وقال في ص (443): "فمن أصر على
اتهام أهل السنة في زماننا بذلك فليطرد قوله وليتهم من مضى من السلف بمثل ما يتهم
به أهل السنة في زمننا فيريح ويستريح، فإن أبى أن يتهم من مضى فليعلم أن قوله باطل
بلا شك وبلا ريب"اهـ
وقال في ص (443): "فهذه نقول عن
أئمة من العلماء الذين تواتر اتباعهم للسلف ينقلون عن السلف مثل ما بينت، فلا أدري
ماذا يقول القوم بعد هذه النقول المستفيضة"اهـ
وقال في ص (451): "ثم إنكم تأخذون
من كلام شيخ الإسلام شيئاً وتدعون شيئاً، فإن شيخ الإسلام قد صرح - كما نقلت عنه
في أول البحث - أن عدم تكفير تارك عمل الجوارح هو قول من أقوال أهل السنة، فليتكم
أخذتم من شيخ الإسلام ما كان موافقاً لما كان عليه السلف"اهـ
وقال في ص (454-455): "أقول: من
شبهاتهم تمسكهم ببعض الفتاوى لبعض العلماء المعاصرين حفظهم الله والذين لا يشك في
علمهم وتمسكهم بما كان عليه السلف الصالح، حيث أفتوا بأن من لم يكفر تارك عمل
الجوارح فقوله هذا هو قول المرجئة، حتى إن هؤلاء العلماء حفظهم الله ورعاهم قد
أفتوا بتحريم طبع بعض الكتب التي تثبت عدم تكفير تارك عمل الجوارح جملة بعد إتيانه
بالشهادتين وإيمان القلب.
قال إخواننا: فهؤلاء علماء أجلاء قد
قالوا مثل قولنا فما تقولون في هؤلاء العلماء وقولهم هذا؟!
فأقول وبالله أعتصم: من قال هذا من
علماءنا المعاصرين فنحن والحمد لله نقر بفضلهم وعلمهم ونستفيد مما أصابوا فيه الحق
ولا نذكرهم إلا بكل جميل ونثني عليهم بالخير، ولكن هذا لا يمنعنا من أن نصدع بالحق
أمام أي قائل مهما كان علمه إذا كان قد قال قولاً جانب فيه الصواب واجتهد فيه
فأخطأ وله في اجتهاده هذا أجر، فإذا كان هؤلاء العلماء قد قالوا بكفر تارك عمل
الجوارح لأن من ضمن العمل الصلاة، وهم يرون أن تارك الصلاة كافر، فهذا القدر هو
قول من أقوال أهل السنة، ولا حرج على من قال بذلك ورجحه.
وأما إذا كانوا يقولون: إن من لم يقل
بذل+ك ولم يكفر تارك عمل الجوارح فهو مرجئ أو فيه شيء من الإرجاء، وإنه بذلك خالف
الإجماع، فهذا قول باطل ممن قاله سواء كان عالماً أو غيره، لأن الحق والباطل لا
يعرفان بنسبة قائله"اهـ
وقال في ص (455): "وقد بينت في
كتابي هذا بطلان قول من زعم إجماع السلف على تكفير تارك عمل الجوارح وأن عدم تكفير
تارك عمل الجوارح قول المرجئة، وأبنت المسألة بياناً أرجو أن ينفع الله به، فالحجة
في الكتاب والسنة لا في قول فلان وفلان"اهـ
وقال في ص (456): "وهؤلاء العلماء
- ابن باز وابن عثيمين والألباني وغيرهم - متبعون للسلف ورؤوس أهل السنة، حتى أن
الشيخين ابن باز وابن عثيمين اتفقا - كما سبق بيانه - أن من لم يكفر بترك عمل
الجوارح، قوله هذا هو قول من أقوال أهل السنة، ولا يخرج عن أهل السنة بمقولته تلك،
واتباع قول هؤلاء العلماء مع كونهم أعلم وأقعد ممن خالفهم من العلماء أو بعض
المعاصرين أولى بل أوجب لأمرين:
أن ما جاء عن السلف ومن بعدهم من أئمة
أهل السنة يؤيد قولهم.
أن الأدلة الشرعية قد دلّت على أن تارك
عمل الجوارح مسلم لا كافر"اهـ
وقال في ص (457): "فإن قال قائل:
فما حقيقة خطأ من تكلم في مسألة التكفير بترك جنس العمل، أو على الأصح عمل
الجوارح؟ فأقول ظهر لي من تتبعي لكلامهم أنهم وقعوا في أخطاء منها:
دعواهم إجماع السلف والصحابة على تكفير
تارك عمل الجوارح.
اتهامهم من خالفهم بأنه من المرجئة،
وأن قوله قول أهل الإرجاء، حتى صاروا يسمون كل من خالفهم بأنه مرجئ أو أن في قوله
شيئاً من الإرجاء، ويحذرون الناس منه تارة بالتلميح وتارة بالتصريح"اهـ
وقال في ص (459): "أما الحكم على
قولهم وهو دعواهم إجماع السلف على تكفير تارك عمل الجوارح وأن المخالف في ذلك
مرجئ، فقول باطل غاية البطلان، بل هو قول محدث مبتدع لا يحل لأحد أن يتمسك به، بل
هو مخالف لما قرره أهل السنة في باب الإيمان"اهـ
هذا وإن الغيرة على هذا الدين وحماية
جنابه؛ تتطلب منكم حفظكم الله؛ التدخل السريع لقمع هذه الفتنة التي بدأت تطل
برأسها من جديد، وإصدار بيان كاف شاف يرغم أنوف القوم، وعدم الاعتماد أو الإحالة
على ما صدر من فتاوى قديمة، فإن لكل حادثة حديث. وفقكم الله ورعاكم وسدد على طريق
الخير خطاكم، وجعل علماءنا بقية السلف شجاً في حلوق أهل البدع، والأهواء"اهـ
وبمناسبة ذكر هذا المرجئ الخبيث؛ فقد
قال في شريط له بعنوان (استعادة مجدالمسلمين): "لما ترك المسلمون الجهاد أصبح
يأتي شاب من هنا وهناك يُفَجِّر نفسه لأنه لا يرى غير ذلك حلاً، وهؤلاءالمفجرون
لأنفسهم نسأل الله أن يقبلهم، وأن يغفر لهم،وأن يجعلهم منالشهداء، هم على نياتهم،
لا نحكم فيهم حكماً فصلاً، هم على نياتهم، ومن قالعن هؤلاء منتحرون؛ فهو أضل من حمار
أهله، إنما أنكر من أنكر الفعل، ولم يحكمعليهم بأنهم منتحرون"اهـ
ولم يقل أحد ممن يزعم الغيرة على
السنة؛ أنه يطعن في علماء السنة الذين صرحوا بذلك، ويصفهم بأنهم أضل من الحمير؛
وقد قامت قيامتهم على أمثال الحويني وحسان لما قالا كلاماً يشبه ذلك - مع أن
كلامهما آدب من كلامه - فهذه هي السلفية المعاصرة التي تكيل بمكيالين، وتزن
بميزانين، وهي في حقيقة الأمر حزبية مبطنة.
وقال في معرض كلامه عن محمد عبدالوهاب
البنا رحمه الله بعد أن أثنى عليه: "هذا الرجل موجود، وجزاه الله خير، بـ يمر
علىالمناطق، ويعظ،وأنا ما دعيته للبلد، ولن أدعوه، لأننا لا نربط الناس بأحد،
لانربط الناس بأحد، العلم قال الله قال رسوله، والله نأخذ العلم من أي عالم
فيالدنيا،فما وجدت في نفسي همة إن أنا أدعوا الشيخ، لأننا لا نرتبط بأعيانالناس،
إنما نرتبط بالعلم"اهـ
ولم ينبس أحد من هؤلاء الهمج ببنت شفة؛
فيقول: كيف لا تدعوه؟ وكيف تذكر أنك لن تدعوه؟ وهل البركة إلا مع الأكابر؛ ثم إن
الرجل ضيف على أهل مصر؛ فمن يستقبله إن لم يستقبله السلفيون؟! مع أنه لما نقل عن
أحدهم قوله: زيارة الشيخ ربيع لا تقربني ولا تبعدني من الله؛ قامت الدنيا عليه؛
وهرع الهمج لاستحضار الآثار السلفية التي تبين خطأ هذا الحزبي وضلاله المبين!! وكم
قرأنا من التأويلات الباردة، والتمحلات السمجة لتعزيز موقفهم.
[11][11]- وانظر يا رعاك الله وتمعن
في قول الفتى: "فإذا بالشيخ يؤيد بقوة وحزم - لا كمايشاع عنه - }قلت: وكأن عقيدة السلف تهمة تستوجب
التبرء منها{ أن لا إجماع ثابت في تكفير تارك عمل الجوارح بالكلية، وأن جمهور
أهل السنة والحديث لا يكفرون تارك عمل الجوارح بالكلية، واستدل الشيخ حفظه الله
تعالى بكلام الإمام ابن نصر المروزي في كتابه تعظيم قدر الصلاة ... إلخ". وفي
قوله: "هذا نص كلام الشيخ حفظه الله تعالى بخط يده في ص 28 من الرسالة قبل
التعديل، وسوف أقول بتنزيل هذه الصفحة كاملة وعليها خط الشيخ إن تيسر لي ذلك في
المرفقات؛ حتى لا يبقى لأحد أدنى شك في معرفة مذهب الشيخ في هذهالمسألة، ومعهذا؛
بالطبع نحن لا نتصور أن يسكت البعض من التشغيب من جديد بعد هذا النص الصريح،لأن
القوم في حيرة من أمرهم الآن، نسأل الله تعالى لنا ولهم الهداية
والتوفيقوالسداد"اهـ
فهل هذا كلام من لا يفقه القول، ولا
يضبط النقل؟ إنك ستجد تأكيداً وتشديداً ينمان عن ثقة واطمئنان؛ الأمر الذي يؤكد
أنه فهم مراد المدخلي، وعقل كلامه وضبطه، حتى لكأنه يتكلم بلسانه أو نيابة عنه؛
فترقيعة الزهراني وثلته لا تنطوي حتى على الأبله، واتهامه للفتى بعدم الفهم
والعجلة؛ فإنما ذلك لذر الرماد في العيون؛ لذا فإنني أقول لهذا الجاهل الكذاب -
وقد وقعت على ذلك بنفسي ولمسته بيدي لم يخبرني أحد، وإن كان أحد أصدقائه القدامى
أخبرني أنه لما ناقشه في مسألة ترك أعمال الجوارح بالكلية (جنس العمل) قال له:
لعلهم يقصدون عمل القلب!! فانفض الرجل من حوله متأسفاً على ضياع وقته - اتق الله
في نفسك وفي المؤمنين، ولا تجعل ألعوبتك الدين، وتذكر أن من أرضى الناس في سخط
الله؛ سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس؛ فكفاك كذباً وتدليساً وغشاً لشباب
السلفيين؛ فارجع عن غيك وثب إلى رشدك، واعلم أن من تنافح عنه بالباطل وترقع له إن
كان سينفعك في الدنيا؛ فما هو بنافعك في الآخرة؛ بل لن ينفعك - وكذا شيخك - إلا
الصدق والإخلاص والعمل الصالح.
[12][12]- والاعتراف سيد الأدلة - كما
يقولون - فلا حيلة بعد اعتراف المتهم؛ قال الفتى المغلوب على أمره: "الحمد
لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آلهوصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم
الدين؛ أما بعد: فقد كتبتُ مقالاً قبلفترة قريبة في شبكة سحاب بعنوان: (نصب الراية
في دراسة لفظة لم يعملوا خيراً قط" الواردة في حديث الشفاعة رواية ودراية)
وخلاصة ما ورد فيه:إنَّ لفظة "لم يعملوا خيراً قط" ثابتة فيحديث الشفاعة
من طريق أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فلا مجال للطعن فيها ولا للتشكيك.
1.
إنَّ معناها باق على ظاهرها عند أهل العلم؛ فلا
مجالللتأويل ولا الاحتمال.
2.
إنَّ القول بأنَّ إجماع أهل العلم على تكفير تارك
عملالجوارح بالكلية يعارض ظاهر هذه اللفظة؛ هذا القول لا يصح، لأنَّ الإجماع مجرد
دعوىلا برهان عليه.
3.
إنَّ اتهام مَنْ لا يكفِّر تارك عمل الجوارح
بالكليةبالإرجاء أو إنه قال بقولهم أو وافق مذهبهم غلطٌبيـِّن.
إلى غير ذلك من محاور الرسالةوفروعها؛
فلما رأى (بعض) المشاغبين وجود هذا المقال في الشبكةعلى خلاف ما يهواه سارع إلى
طلب حذفه؛ فحُذف المقال من لحظته مع الأسفالشديد }وهذا بفضل الله أولاً؛ ثم بجهود
المنافحين عن عقيدة السلف الذين لم يرهبهم نفوذ المرجئة وسطوتهم؛ الأمر الذي كان
له أكبر الأثر في تصحيح عقيدة كثير من أعضاء الشبكة المذكورة{ ثم أعاد مشرف الإسلامي المقال من جديد }لأن المشرفين جميعهم مرجئة؛ فكان
لزاماً أن يدافعوا عن عقيدتهم التي تربوا عليها{ فإذا بالحداديةالجدد }فليأخذ السلفيون حذرهم من هذا المصطلح؛
فكما أن السلفيين عند أهل البدع حشوية؛ فكذلك السلفيون عند هذا الفتى وأربابه من
مشرفي هذه الشبكة المشؤومة؛ حدادية؛ وعليه؛ فمراد الفتى المتهوك بـ "الحدادية
الجدد" من كان على معتقد السلف في مسألة تارك أعمال الجوارح بالكلية{ - الذين يظهرون السلفية هنا }على نفسها جنت براقش؛ فقد قلنا لمن من
الله عليه بمعرفة المعتقد الصحيح في هذه المسألة: دعكم من هذه الشبكة لا تكثروا
سوادها؛ فأبوا إلا أن يحسنوا الظن بمشرفيها عساهم ينصحونهم فيرجعون إلى الجادة؛
لكنهم نسوا أن رجوع المبتدع عن بدعته عزيز - وكيف يرجع وهو يتخذها ديناً - ومن ثم
اكتووا بنارهم، وصاروا حدادية بعد أن كانوا فيما مضى من خلاصة السلفيين{ ويظهرون الحدادية في شبكاتهم ومنتدياتهم الخاصةبهم!!
– يُعلِّقون على المقال وعلى مَنْ أيَّده ومَنْ أرجعه بأسوء العبارات، واتهموا
صاحب المقال بنصرة مذهب الإرجاء، ولما كثر لغطهم وتشغيبهم اضطر البعض إلىحذف
الموضوع من جديد، والله المستعان }نعم؛ فإن للحق صولة{ والحمد لله تعالى أنيسَّر لي عمرة في شهر رجب الحالي لعام 1431؛
أسأل الله تعالى أن يتقبَّلها منيبمنه وكرمه. ثم يسَّر لي ربي مع اثنين من إخواني
الفضلاء - الأخحردان والأخ صهيب - اللقاء مع فضيلة العلامة الشيخ ربيع حفظه الله
تعالى في بيتهثلاثة أيام، وقد استقبلنا الشيخ حفظه الله تعالى ورحَّب بناوأكرمنا،
وقد كان خلاصة ما جرى في الأيامالثلاثة:
اليوم الأول:تعرَّف علينا الشيخ حفظه
اللهتعالى، وسأل عن أحوالنا، ثم تكلَّم حفظه الله تعالى كلمة موجزة في ضرورة
التحذير منمسلكين:
الأول:منهجالحدادية؛ أهل الغلو، الذي
بلغ الأمر بأصحابه إلىاتهام أئمة السلفيين من المتقدمين والمتأخرين بالإرجاء في
مسألة تارك العمل ومسائلالإيمان. }انظر إلى إصرار الشيخ على خطأه، ودفاعه
عن عقيدته - ومع ذلك يقولون: إن الشيخ على معتقد السلف فيها!! القاضي يتغابى،
والمتهم يصر!! فهل شيء أبلغ من هذا؟!{
والثاني:منهجالمميعة؛أهل المنهج الواسع
الأفيح، الذي بلغ الأمربأصحابه إلى الثناء والدفاع والنصرة لفكرة وحدة الأديان
والتقريب بين الطوائفوالفرق؛ ثم نصح الشيخ حفظه الله تعالى الحاضرين بالعلم
والاعتصام بالسنة ونصرتها. ثم دعانا الشيخ حفظهالله تعالى إلى حضور العشاء في بيته
في اليوم التالي.
اليوم الثاني:أعطيتُ إلى الشيخ حفظه
الله تعالىمقالي [نصب الراية]، فإذا بالشيخ يؤيِّد بقوة وحزم - لا كما يشاع عنه!- }فأين المرقعون{ أنْ لا إجماعثابت في تكفير تارك عمل الجوارح
بالكلية، وأنَّ جمهور أهل السنة والحديث لايكفِّرون تارك عمل الجوارح بالكلية،
واستدل الشيخ حفظه الله تعالى بكلام الإمام ابننصر المروزي في كتابه تعظيم قدر
الصلاة }هذا كلام عار عن الدليل، وانظر ردي
المفصل على ذلك في رسالتي (هل يكون مرجئاً من قال: إن الإيمان أصل والعمل فرع)
فقول الشيخ هذا؛ خطأ محض؛ لم يقل به أحد من أئمة السلف أو الخلف السائرين على
دربهم؛ فنزاعه لأهل السنة في هذا المسألة لا يعد خلافاً؛ فضلاً أن يكون اجتهاداً؛
وعليه فلا اعتبار بقوله أو قول غيره. قال ابن تيمية رحمه الله: "وإذا ذكروا
نزاع المتأخرين لم يكن بمجرد ذلك؛ أن يجعل هذه من مسائل الاجتهاد التي يكون كل قول
من تلك الأقوال سائغاً لم يخالف إجماعاً؛ لأن كثيراً من أصول المتأخرين محدث مبتدع
في الإسلام مسبوق بإجماع السلف على خلافه، والنزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ
قطعاً"اهـ (مجموع الفتاوى 13/26){ وسألني حفظه اللهتعالى: هل ذكرتَ في كتابك هذا
[نصب الراية] أقوال الأئمة السابقين }ليسوا إلا ثلاثة – المروزي وابن مندة
وابن تيمية – كذب المدخلي عليهم، بل ولوى أعناق كلامهم لتناسب ما يعتقده، ويكفي
لنسف هذا الكلام المنسوب لهؤلاء الأئمة من جذروه؛ أنهم جميعاً يكفرون تارك الصلاة،
ومن كان كذلك؛ فكيف ينسب إليه أنه لا يكفر بترك العمل؟! ولمزيد من التفصيل راجع
غير مأمور الرسالة المذكورة في الرد على الشيخ{ في عدم تكفيرتارك عمل الجوارح؟ فقلتُ: لا يا
شيخ؛ لأنَّ مقالي خاص في الكلام عن لفظة (لم يعملوا خيراً قط) من حيث السند
والمعنى؛ فقال: لا، أضف إليهأقوال أهل العلم السابقين في عدم تكفير تارك العمل؛ ثم
دار الكلام بين الشيخ حفظه الله تعالى، وبيني؛ حول كلام الإمام ابن خزيمة رحمه
الله تعالى في كتابالتوحيد: هذهاللفظة: (لم يعملوا خيراً قط) من الجنس الذي تقوله
العرب بنفي الاسمعن الشيء لنقصه عن الكمالوالتمام، فمعنى هذه اللفظة على هذا
الأصل: لم يعملوا خيراً قط؛ على التمام والكمال، لا على ما أُوجب عليه وأُمر
به،وقد بينتُ هذاالمعنى في مواضعمن كتبي؛ فالشيخ حفظه اللهتعالى يرى أنَّ الإمام
ابن خزيمة رحمه الله تعالى في كلمته (فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل: لم يعملوا
خيراً قط على التمام والكمال)يريد بها عمل الجوارح، وأنَّ ابنخزيمة يذهب إلى تأويل
لفظة (لم يعملوا خيراً قط) عن ظاهرها، ويرى أنَّ هذا خطأ من ابن خزيمة }!!{ وأنه مخالف لما قالهنفسه في أبواب أخرى من كتابه التوحيد، مثل
باب: (ذكر البيان أنَّ النبي يشفع للشاهد للهبالتوحيد؛ الموحِّد لله بلسانه إذا
كان مخلصاً ومصدقاً بذلك بقلبه، لا لمن تكونشهادته بذلك منفردة عن تصديق القلب)،
(باب: ذكر خبر دال على صحة ما تأولتُ: إنمايخرج من النار شاهد أن لا إله إلا الله
إذا كان مصدقاً بقلبه بما شهد به لسانه؛ إلاأنه كنَّى عن التصديق بالقلب بالخير؛
فعاند بعض أهل الجهل والعناد وادَّعى أنَّ ذكر (الخير) في هذا الخبر ليس بإيمان،
قلة علم بدين الله وجرأة على الله في تسمية المنافقين مؤمنين. وأنَّ الخروج من
النار يكون بكلمةالتوحيد وأصل إيمان القلب، لا بيسير عمل الجوارح؛ ثم أعطاني الشيخ
حفظه الله تعالى رسالة بعنوان: (القضاء على فتنة رمي أهل السنةبالإرجاء) }إرجاء مع سبق الإصرار والترصد، ومنافحة
تكشف عن إرجاء راسخ، وإيمان لا يتزعزع بأن هذه اللوثة الإرجائية عقيدة السلف
الصالحين، ومع ذلك؛ فلا أستبعد أن يصر المرقعون على قولهم من أن المدخلي على عقيدة
السلف لم يحد عنها قيد أنملة، وأنه يعتقد كفر تارك جنس العمل{ لأحد إخواننا من طلبة العلم، والرسالةموجودة في شبكة سحاب، وهي
عبارة عن جمع لكلام أهل العلم المتقدمين والمتأخرين؛ ممنلا يكفِّرون تارك عمل
الجوارح، وقال لي الشيخ: اقرأهذه الرسالة، واستفد منها، ثم ضم هذه النقول التي
فيها إلى كتابك (نصب الراية) ووعدني الشيخ أنه سيقرأ رسالتي، وانتهت هذه الجلسة
على ذلك؛ وقد حضرها الأخوان الفاضلانأحمد الزهراني، وعبدالله مهاوش وفقهما الله
تعالى.
اليوم الثالث: طلب الشيخ حفظه الله
تعالى من أخيناالمفضال عبدالله مهاوش أن يحضرنا إليه، فلما التقينا بالشيخ حفظه
الله تعالى،سألني: هل قرأتَ الرسالة التي أعطيتها لك؟ فقلتُ: نعم ياشيخ. فقال: هل
استفدتَ منها؟ فقلت: كثيراً؛ فقال: الحمد لله؛ ثم قال لي: قرأتُكتابك [نصب الراية]
وقد اتعبني بسبب صغر حجم الخط، وقد علَّق الشيخ حفظهالله تعالى على حواشي الرسالة
ببعض التوجيهات كما سيأتي بيانه }ومع ذلك قيل: لم يفهم الفتى مراد الشيخ
ومقصوده؛ فمن ثم أخطأ عليه{ ثم طلب مني حفظه اللهتعالى أن أكمل الرسالة قراءة عليه، فقرأتُ
عليه - من حيث انتهى حفظه الله تعالى -كلام المعاصرين من أهل العلم في توجيه لفظة
(لم يعملوا خيراً قط)؛ وأنَّ المرادبهم: مَنْ نطق بالشهادتين ولم يتمكن من العمل
فقتل أو مات علىذلك؛ فاستغرب الشيخ حفظه الله تعالى هذا الكلام واستنكره بشده،
وقال: هذارجل من أهل الجنة، كيف يكون ممن يخرج من الناربالشفاعة؟ أم كيف يكون من
أدنى الناسإيماناً؟! وقال حفظه الله تعالى: العلماء إذا وصلوا إلى الكلام فيحديث
الشفاعة يمرونه ولا يؤولونه، حتى ابن نصر المروزي الذي يكفر تارك الصلاة، يمرعلى
حديث الشفاعة ولا يتأوله؛ ثم لما سمع قول بعضالمعاصرين؛ بأنَّ الاستدلال بحديث
الشفاعة على عدم تكفير تارك العمل من اتباعالمتشابه ومن طريقة أهل الزيغ؛ استغرب
الشيخ حفظهالله تعالى أكثر، وقال: بل الاستدلال به طريقة السابقين، وهم جمهور أهل
الحديث }هلاَّ سميت لنا عشرة منهم، وليس
جمهورهم{ وحديث الشفاعة نص محكم وليس من المتشابه؛ ثم طلب
مني الشيخ حفظهالله تعالى بسبب ذلك حذف كلام المعاصرين كله، والاكتفاء بكلام
الأئمة السابقين؛لأنَّ كلامهم حجة على مَنْ بعدهم، ولما قلتُ للشيخ: إنَّالبعض
يدَّعي أنَّ ثمة إجماع في تكفير تارك عملالجوارح؟ سارع الشيخ بقوله: لا يوجد
إجماع؛ جمهور أهل الحديث لايكفِّرون تارك عمل الجوارح، ولما قلتُ له: البعض يستدل
بكلامكمحين علَّقتم على الصورة التي ذكرها الشيخ حمد العتيق في كتابه (تنبيه
الغافلين إلى إجماع المسلمين على أنَّ ترك جنس العمل كفر فيالدين) حيث قلتم: وفي
هذه الأيام كتب أخونا حمد بن عبدالعزيز العتيق مقالاً تحت عنوان (تنبيه الغافلين
إلى إجماع المسلمين على أنَّ تركجنسالعمل كفر فيالدين)، فشرعت في قراءته إلى أن
وصلت إلى الصحيفة الخامسة فإذا فيها: الفصلالثالث: ترك جنس العمل كفر أكبر؛ المبحث
الأول: صورة المسألة هي: في رجل نطقبالشهادتين ثم بقي دهراً لم يعمل خيراً مطلقاً
لا بلسانه ولا بجوارحه ولميعد إلى النطق بالشهادتين مطلقاً مع زوال المانع؛ فقلت:
إنْ كان المراد بجنسالعمل هذه الصورة؛ فإني لا أتردد ولا يتردد مسلم في تكفير من
هذا حاله، وأنه منافق زنديق، إذ لا يفعل هذا من عنده أدنىحد للإيمان. فقال الشيخ
حفظه الله تعالى: هذا إنما قلتُه لعدم تصوروقوع مثل هذه الحالة! يعني رجل نطق
بالشهادتين ثم لا يعود للنطق بها مرة أخرى،وبقي دهره لا يعمل شيئاً لا بلسانه! }هذا عين مذهب شبابة؛ فكثير من "المتأخرين لم يعرفوا حقيقة كلام السلف والأئمة، فمنهم من
يعظمهم ويقول: إنه متبع لهم مع أنه مخالف لهم من حيث لا يشعر"؛ قال ابن تيمية
رحمه الله: ومن لم يقف إلا على كتب الكلام، ولم يعرف ما قاله السلف وأئمة السنة في
هذا الباب، فيظن أن ما ذكروه هو قول أهل السنة، وهو قول لم يقله أحد من أهل السنة.
(مجموع الفتاوى 7/120){ولا
بجوارحه! فهذا قلتُه لأنه لا يتردد أحدفي كون هذا منافق وزنديق، وهي صورة مستحيلة،
لا لمجرد كونه ترك عمل الجوارح. ثم وجَّهني الشيخ حفظه الله تعالى إلى أشياءأخرى.
1.
بيان أنَّ حديث أنس رضي الله عنه في الشفاعة وهو في
صحيحمسلم يعضد هذه الزيادة. طلب الشيخ إضافة كلام ابن نصر المروزي والذي ينقله
عنطوائف أهل الحديث الثلاثة.
2. طلب
مني الشيخ حفظه الله تعالى إضافة كلام الشيخ الإماممحمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى،
وبعض أحفاده وطلابه الذين صرَّحوا بعدم التكفيرإلا بترك الشهادتين. }فانظر ماذا تفعل بكلامهم هذا: قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله -: "وأما
كون لا إله إلا الله تجمع الدين كله، وإخراج من قالها من النار إذا كان في قلبه
أدنى مثقال ذرة؛ فلا إشكال في ذلك، وسر المسألة: أن الإيمان يتجزأ ولا يلزم إذا
ذهب بعضه أن يذهب كله؛ بل هذا مذهب الخوارج؛ فالذي يقول: الأعمال كلها من لا إله
إلا الله. فقوله الحق، والذي يقول: يخرج من النار من قالها، وفي قلبه من الإيمان
مثقال ذرة فقوله الحق؛ السبب ما ذكرت لك من التجزي، وبسبب الغفلة عن التجزي؛ غلط
أبو حنيفة وأصحابه في زعمهم أن الأعمال ليست من الإيمان"اهـ (مؤلفات الشيخ –
القسم الخامس – الرسائل الشخصية ص 96)، وقال: "وقولك: إن الإيمان محله القلب؛
فالإيمان - بإجماع السلف - محله القلب والجوارح جميعاً؛ كما ذكر الله تعالى في
سورة الأنفال، وغيرها"اهـ (المصدر السابق ص 122)، وقال: "لا خلاف أن
التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل فإن أخل شيئًا من هذا لم يكن الرجل
مسلمًا"اهـ (كشف الشبهات ص 21)، وقال: "ولا بد مع ذلك أن يكون اعتقادًا
بالجنان، ونطقًا باللسان، وعملًا بالأركان، فإن اختل نوع من هذه الأنواع لم يكن
الرجل مسلمًا كما ذكر الله ذلك وبينه في كتابه"اهـ (مجموعة التوحيد 1/182)،
وقال: "دين الله يكون على القلب بالاعتقاد وبالحب والبغض، ويكون على اللسان
بالنطق وترك النطق بالكفر، ويكون على الجوارح بفعل أركان الإسلام وترك الأفعال
التي تكفر، فإذا اختل واحدة من هذه الثلاث كفر وارتد"اهـ (الدرر السنية
10/87)، وقال: "وأما الأركان الخمسة فهي جزء مسمى الإيمان؛ ولا يحصل الإسلام
على الحقيقة إلا بالعمل بهذه الأركان"اهـ (المصدر السابق 1/330)، وقال الشيخ
سليمان بن عبدالله - رحمه الله -: "فلا بد من تصديق ذلك بالعمل والمتابعة له،
وإلا فالمدعي كاذب"اهـ (تيسير العزيز الحميد ص 473)، وقال الشيخ عبدالرحمن
ابن حسن – رحمه الله -: "فلا ينفع القول والتصديق بدون العمل، فلا يصدق
الإيمان الشرعي على الإنسان إلا باجتماع الثلاثة: التصديق بالقلب وعمله، والقول
باللسان، والعمل بالأركان، وهو قول أهل السنة والجماعة سلفًا وخلفًا"اهـ (فتح
المجيد ص 400)، وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ -رحمه الله -:
"ولا شك أن العلم والقول والعمل مشترط في صحة الإتيان بهما، وهذا لا يخفى على
أحد شم رائحة العلم"اهـ (مصباح الظلام ص 387)، وقال الشيخ سليمان بن سحمان -
رحمه الله -: "فلابد من شهادة أن لا إله إلا الله، من اعتقاد بالجنان ونطق
باللسان وعمل بالأركان، فإن اختل نوع من هذه الأنواع لم يكن الرجل مسلمًا"اهـ
(الدرر السنية 2/350)، وقال - رحمهالله -: "فإناختلشيءمنهذا– كون الإيمان
بالقلبواللسانوالعمل- لميكنالرجل مسلماً،وأنتلمتذكرفيمعنىالإيمانباللهفي هذا
الموضعإلاركناً واحداً وهوالاعتقادفقط،وقدعلمت أنهلابدمنالركنينالآخرين؛
لأنهلايكونالرجل مسلماًإلابالقيامبهذهالأركانالثلاثة،وقدتقدمأن مذهبالجهمية
هوالتصديقفقط،وتقدمأقوالأئمة السلففيمعنىالإيمان،فلابدمنالمصيرإلىما
ذكروهوقرروه"اهـ (تنبيهذويالألبابالسليمةعنالوقوع فيالألفاظالمبتدعةالوخيمة ص
72)، وقال الشيخ حمد بن عتيق - رحمه الله -: "أي من شهد أن لا معبود بحق إلا
الله، وقام بوظائف هذه الكلمة من إخلاص العبادة بجميع أنواعها، وتبرأ من كل المعبودات
سواه، وليس المراد أن الإنسان إذا شهد بهذا من غير عمل بمقتضاه يحصل له دخول
الجنة، بل المراد به الشهادة لله بالتوحيد والعمل بما تقتضيه"اهـ (إبطال
التنديد ص 21)، وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله -: "توضيح أن الإيمان
يشمل عقائد الدين وأعمال القلوب والجوارح؛ كما دل عليه الكتاب والسنة، واتفق عليه
السلف الصالح، وبيان ارتباط بعضها ببعض، وذلك أن العبد إذا سمع النصوص من الكتاب
والسنة الدالة على صفات الله إثباتاً ونفياً، وعلى تصديق رسوله، وعلى الإخبار بكل
الغيوب، وعلى الأمر بالخير، والنهي عن الشر؛ فإنه يفهمها أولاً، فإذا فهمها وعرفها
اعترف القلب بها وصدقها تصديقاً لا ريب فيه؛ تصديقاً لله ورسوله، وذلك تقتضي
محبتها، والتقرب إلى الله باعتقاد ما دلت عليه، والجزم بأنه الحق النافع؛ فإذا عرف
الله ورسوله وأحبه؛ أحب كل ما يقرب إلى الله، وكره كل ما يبغضه ويمقته، وحينئذ
ينقاد القلب انقياداً جازماً لطاعة الله، وطاعة رسوله؛ فيقصد ويريد فعل ما يقدر
عليه من محبوبات الله من واجب ومستحب قصداً جازماً يترتب عليه وجود ما قصده
وأراده، ويقصد اجتناب ما نهى الله عنه ونهى عنه رسوله قصداً جازماً يقترن به
الترك، وهذا هو معنى قوله تعالى: "ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن
آمنوا بربكم فآمنا"، وقول المؤمنين: "سمعنا وأطعنا"، ومنة الله
عليهم بقوله: "ولكن حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر
والفسوق والعصيان " الآية. فتبين أن هذه الأمور: التصديق والاعتراف والحب
والانقياد، ووجود مقتضى هذا الانقياد متلازمة مرتبط بعضها ببعض؛ إذا تم واحد منها
وكمل؛ علم أن جميعها قد كملت، وإذا انتفى واحد منها بالكلية؛ علم أن جميعها انتفت،
وإذا نقص واحد منها؛ فلنقص في بقيتها؛ فافهم هذا الإيضاح في بيان الإيمان، ولهذا
مثل الله الإيمان بالشجرة في وجودها، وكمالها، ونقصها؛ على هذا الوصف الذي
ذكرنا"اهـ (مجموع الفوائد واقتناص الأوابد ص 50)، وقال الشيخ حافظ بن أحمد
الحكمي - رحمه الله-: "ومحال أن ينتفي انقياد الجوارح بالأعمال الظاهرة مع
ثبوت عمل القلب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد
كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"اهـ (معارج القبول2/23)، وقال
الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله -: "بل إجماع بين أهل العلم أن
التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فلابد من الثلاثة"اهـ (شرح كشف
الشبهات ص 126)، وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله -: "وقدمنا
مرارًا أن مسمى الإيمان الشرعي الصحيح، والإسلام الشرعي الصحيح، هو استسلام القلب
بالاعتقاد، واللسان بالإقرار، والجوارح بالعمل"اهـ (أضواء البيان 7/636)، ولم
أذكر كلام ابن باز وابن عثيمين وغيرهم من المعاصرين لشهرته، فهل بعد هذا؛ ينسب هذا
القول الرديء للشيخ محمد وأبنائه وتلاميذه وعلماء الدعوة؛ فأين الخوف من الله،
والحياء من الناس، وإذا لم يستطع قائل هذا الكلام هضم المسألة وفهمها؛ فهلا اتهم
رأيه أمام رأي هؤلاء الأجلة الذين يزعم انتسابه لهم، كيف وكلامهم هذا هو عين كلام
أكابر أئمة السلف؛ فأين تقديم كلامهم؟ وأين فهم النصوص بفهمهم؟ وهل حقيقة المنهج
السلفي إلا هذا؛ الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة؛ فليت شعري من معه غير فلان؟ ومن
سلفه غير فلان؟ اللهم غفراً{.
3. طلب
مني الإجابة عن بعض النقول التي يستدل بها البعضعلى دعوى الإجماع على تكفير تارك
عمل الجوارح، مثل كلام الشافعي وإسحاق بن راهويهوغيره.
4.
طلب الشيخ مني ترك الاستدلال بكلام ابن حزم
والنوويوالقاضي عياض والقرطبي؛ لعدم النفع في نقض دعوى المعاصرين، لأنهم سيردون
بكون هؤلاءقد خالفوا معتقد أهل الحديث في بعض الأصول.
ثم دعا لنا الشيخ حفظهالله تعالى
واستودعنا، وكان في هذه الجلسة الأخ الفاضل عبدالله مهاوش وفقه اللهتعالى وثلاثة
من إخواننا الفضلاء حردان وصهيب وأخلبناني، وهذا هو خلاصة ما جرى من لقاء بيننا
وبين الشيخ ربيعحفظه الله تعالى، وأسأل الله تعالى أن يبارك في عمره في نصرة المنهج
السلفي، وأن يجعله سدَّاً منيعاً في وجه الحدادية والمميعة؛ ومن هذااللقاء عرفتُ
يقيناً أنَّ مذهب الشيخ حفظه الله تعالى فيمسألة تارك عمل الجوارح بالكلية عدم
التكفير، لا كما ينقل عنه البعضويشاع }والحق ما شهدت به الأعداء{ والشيخ حفظه الله تعالى ينكر وجود إجماع على تكفيرتارك عمل
الجوارح بالكلية، ويعتقد أنَّ جمهور أهل الحديث لا يكفِّرون تارك عملالجوارح
بالكلية، والشيخ يستنكر بشدة قول مَنْ يتهم مَنْ لا يكفر تاركعمل الجوارح بالكلية
بالإرجاء، ويصفهم تارة بالخوارج!، وتارة بالحدادية }وهكذا صار أهل السنة المحضة؛ خوارج وحدادية{ وأماالعلماء المعاصرون الذين يقولون ذلك؛ فيقول
عنهم أنهم مجتهدون مخطئون، وأنَّ الحجةفيمن سبقهم من أئمة السلف،والشيخ يعتقد أن
الاستدلال بلفظة "لم يعملوا خيراً قط" على عدم تكفير تارك عمل الجوارح
بالكلية منالاستدلال بالمحكم من النصوص، وأنَّ أهل الحديث استدلوا بها على ذلك،
وأنها علىظاهرها كما يدل على ذلك سياق حديث الشفاعة. موافقة الشيخ ربيع حفظه الله
تعالى للشيخ الألباني رحمه الله تعالى في طريقة الاستدلال بحديث الشفاعةفي موضوع
تارك الصلاة، وأنهم أُخرجوا في الفوجالأول.
ثم قال الفتى: أولاً: أبشِّر إخواني الفضلاءأنَّ
الشيخ ربيعاً حفظه الله تعالى أذِنَ لي بنشر كتاب [نصب الراية] من جديد، بل
واستعجلني في ذلك كما أخبرنا بذلك الشيخ عبدالله مهاوش وفقه الله تعالى في
اتصالهاتفي بالأمس، وأنا لا زلتُ في طور الإضافات التي طلبها مني الشيخ حفظه الله
تعالى؛وهي نقول عن أهل العلم في عدم تكفير تارك عمل الجوارحبالكلية.
ثانياً: دفعاً لتشغيب البعض الذين لا
زالوا يصرُّون علىتقويل الشيخ ربيع ما لم يقل، كما قوَّلوا الشيخ الألباني ما لم
يقل!، ونسبوا له مايقول بضده، وكما قوّلوا كثيراً من أئمة السلف ما لم يقولوا!!؛
من أجل نصرة فكرة فيأذهانهم!، أقول لهؤلاء: قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى بالحرف
معلِّقاً على أحدنقول شيخ الإسلام التي نقلتها في رسالتي (نصب الراية)]كلام
هذا الإمام واضح جلي في اعتبارأنَّ التوحيد والإيمان بالقلب واللسان يؤهلان
الموحِّد للخروج من النار. انظر كيفبين توقّف الشفاعة على الشهادة لله بالتوحيد
وعلى الإخلاص الذي هو عمل القلب وعلى التصديق بالقلب، فاكتفى بالإيمان في القلب
والنطق باللسان المؤكِّد لما في القلب،ولم يذكر العمل في هذا المقام المهم، ولا
رأى توقف الشفاعة عليه، وهذا بناء منه علىأحاديث الشفاعة؛ وخاصة قوله صلى الله
عليه وسلم: "لم يعملوا خيراًقط[}وقد
نشرت صورة خط الشيخ عن طريق الماسح الضوئي عبر المنتديات{ هذا نص كلام الشيخ حفظه الله تعالى بخط يده في ص
28 منالرسالة قبل التعديل، وسوف أقول بتنزيل هذه الصفحة كاملة وعليها خط الشيخ
إنْتيسَّر لي ذلك في المرفقات؛ حتى لا يبقى لأحد أدنى شك في معرفة مذهب الشيخ في
هذهالمسألة.
[13][13]- فضلاً عن أنه عاد يكتب في
نفس الشبكة التي (كذب!!) فيها على المدخلي! فليت شعري؛ كيف يسمح لمن كذب على
شيخهم؛ بل وافترى عليه، وقوله ما لم يقل!! أن يكون مشاركاً بل وعضواً!!
[14][14]- الآن ظهر اعتقاده!! فأين كان
هذا الكلام منذ سنوات، وقد بحت أصواتنا ونحن نناشده أن يتقي الله في السلفيين، ولا
يفتح عليهم باب شر؛ ولكن هيهات فليس إلا الكبر والعناد.
كان عطاف المعلم يعلم صبياً فيقول له:
(والعاديات ضبحاً) فيقول: والعاديات ذبحاً؛ حتى إذا أعياه؛ ضرب بأسفل اللوح نحره؛
فقال: يا معلم: ضبحتني ضبحتني؛ قال: فأين كان هذا الكلام من تلك الساعة يا كذا
وكذا"اهـ (تاريخ دمشق 42/297)
وقال زياد بن أنعم رحمه الله: "انضم مركبنا
إلى مركب أبي أيوب الأنصاري في البحر، وكان معنا رجل مزاح؛ فكان يقول لصاحب طعامه:
جزاك الله خيراً وبراً. فيغضب. فقال: اقلبوه له؛ فإنا كنا نتحدث أن من لم يصلحه
الخير أصلحه الشر. فقال له المزاح: جزاك الله شراً وعراً. فضحك، قال: ما
تدع مزاحك؛ فقال الرجل: جزاك الله خيراً يا أيوب"اهـ (تاريخ دمشق 17/38)
على أن الواقع يكذب هذه الدعوى العريضة؛ فها هو
الفتى يقول: "قد قلتُ في رسالة (نصب الراية)قبل التعديل: "ومَنْ قرأرد
الشيخ ربيع حفظه الله تعالى على فوزي البحريني - وهو مدوَّن في كتابإتحاف أهل
الصدق والعرفان بكلام الشيخ ربيع في مسائل الإيمان لأخينا المفضال أحمد بن يحيى
الزهراني }وسبب تأليف الكتاب؛ التساؤلات التي بدأت تظهر عن عقيدة
الشيخ غير الواضحة{ علم
يقينًا أنَّ الشيخ ربيعًا حفظه الله تعالى؛ يرد بشدة على من يدَّعي أنَّ: (مَنْ لم
يكفِّر تارك العمل فقوله خارج عن قولأهل السنة)، وذكر أنَّ عدم التكفير بترك
العمل؛ هو قول جمع من أئمة الدعوة المعاصرة، وعلى رأسهم إمام دعوة التوحيد الشيخ
محمد عبدالوهاب رحمهم الله تعالى، ثم ذكر نقولًا عنهم، ثم قال مستنكرًا: (كل هؤلاء
مرجئة علىأصولالحدادية! لأنهم لا يكفِّرون إلا بترك الشهادة؛ فهم يأتون على رأس
مَنْلا يكفِّر بترك العمل). وقال حفظه الله تعالى في ردهعلى فالح الحربي: (وأنا لم
أتعرَّض في نصيحتي لتارك جنس العمل من حيث إنَّه كافرٌأو ليس بكافر! وإنَّما
استنكرتُ قولكم بأنَّ من لم يُكفِّره يكونموافقًا للمرجئة في القول بنقص الإيمان
الذي لم يقل به المرجئة!! فإذا كانهذا الذي لم يُكفِّره ممَّن يُدخل العمل في
الإيمان، ويقول: إنَّه يزيد وينقص؛فكيف يصحُّ قياسه على المرجئة وإلحاقه بهم!! وهم
لا يُدخلونالعمل في الإيمان، ولا يقولون بزيادته ونقصه!! وإذن فمناط الإلحاق،
وعلَّته: وهوالقول بنقص الإيمان؛ لا يُوجد في الأصل؛ وهو قول المرجئة
المعروف"اهـ
وهذا أحد المرجئة يدعى (فهير
الأنصاري) يكتب في منتديات المرجئة (كل السلفيين) فيقول: "ذات يوم كعادتي في
بيت شيخناربيع سدده الله؛ أتصفح مكتبته العلوية رأيت (كرتوناً كبيراً) فيه مجموعة
كبيرةمن الرسائل والكتب؛ فزورت في نفسي فتحها؛ فإذا فيها كتب ورسائل في الرد على
المرجئة - زعموا - وغالبها تحذير من كتب الشيخ الأريب الأديب علي بن حسن الحلبي
أيده الله؛ فدخل الشيخ ربيع رفع الله قدره بالحق البديع؛ فقلت له: شيخنا أرى عندك
مجموعة كبيرة في الرد على عقيدة الشيخ عليالحلبي؛ فقال: لا إنها ليست لي، ولكن
إخواننافي السعودية ينشرونها تحذيراً من عقيدة علي حسن في باب الإيمان؛ فجاءني بها
أخلينشرها بين الإخوة؛ فقلت لهم: أنا أنشرها لكم؛ لكن أخذتها وأخفيتها عن الإخوة؛
ثم وضعتها عندي هنا لكي لا يراها أحد من الإخوة؛ إذأن علي حسن الحلبي بريء من
الإرجاء، وهذه الكتب تصنفه مع المرجئة، ولاأريد نشرها بين الإخوة؛ علي حسن من أفضل
تلاميذ الألباني في علم الحديث في الشام؛ أوصيك به وبلزومه. هذه واقعة جرت لي مع
الشيخ ربيع سددهالله؛ قبل حدوث هذه الفتنة بقليل"اهـ
قلت: قال ابن تيمية رحمه الله:
"يلحق الذم من تبين له الحق فتركه، أو من قصر في طلبه حتى لم يتبين له، أو
أعرض عن معرفته لهوى أو لكسل أو نحو ذلك"اهـ (اقتضاء الصراط المستقيم 2/98)
[15][15]- والعجيب أن المرقع المتهوك
يصر على هتك ستره؛ خلافاً لما يفعله اليوم بعضهم من الغض عنه، والستر عليه، فقال:
"كما قولوا الشيخ الألباني ما لم يقل، ونسبوا له
مايقول بضده"اهـ
[16][16]- وهذا من باب الإطلاق لا من
باب التعميم؛ فإن من أعضاء هذه الشبكة من على المعتقد الصحيح، ومع ذلك فإننا نأخذ
عليه مشاركته معهم، وتكثيره لسوادهم حتى صاروا حرباً على السنة وأهلها؛ لا كثرهم
الله.
[17][17]- لاحظ كثرة الدعاء والتودد
له حتى يُخَجِله؛ فلا يرد كذبه ويبرئ نفسه؛ بل يسكت صاغراً مغلوباً على أمره؛ لأنه
مهيض الجناح.
[18][18] - وهذه كذبة صلعاء، وقد بينا
أن افتراضه هذا محال بدلالة ما كتبه المدخلي نفسه تعليقاً على كلام الفتى.
[19][19]-قال عمر بن عبدالعزيز رحمه
الله: "ارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم؛ فإنهم على علم وقفوا، وببصر نافذ
كفوا، ولهم على كشف الأمور كانوا أقوى، وبفضل ما كانوا فيه أولى"اهـ (سنن أبي
داود 4614)
قال الذهبي رحمه الله: "ينبغي
للمسلم أن يستعيذ من الفتن، ولا يشغب بذكر غريب المذاهب لا في الأصول، ولا في
الفروع؛ فما رأيت الحركة في ذلك تحصل خيراً؛ بل تثير شراً وعداوة ومقتاً للصلحاء،
والعباد من الفريقين؛ فتمسك بالسنة، والزم الصمت، ولا تخض فيما لا يعنيك، وما أشكل
عليكفرده إلى الله ورسوله، وقف وقل: الله ورسوله أعلم"اهـ (السير 20/142)
[20][20]- قال بازمول: "الشيخ
ربيع بدع علي الحلبي لعدة أسباب: منها القواعدالفاسدة في كتابه منهج السلف، وعدم
تبديعه للمأربي والمغراوي ومحمد حسانوأشباههم رغم وضوح بدعهم، وكونه نوصح في هذا
وهو يعاند، ومنها محاربتهللسلفيين بموقعه كل السلفيين؛ ثم جاءت قاصمة الظهر وهي
مسألة حوار الأديانوالتعايش بالإنسانية مع التساوي في الحقوق بين المسلمين والكفار
مع المودة؛ فهذه المسألة الأخيرة هي التي كانت الحافز على إظهار تبديع الشيخ ربيع
لعليالحلبي، وجهره به؛ مع أنه من قبل يبدعه لكن دون تصريح، ويحاول أن يستأني في
هذا الأمر، وفي مقال من مقالاتي العام الماضي لما ذكرت فيه أن علياً الحلبي
ليسمبتدعاً قال لي احذفها؛ فالخلاصة أن أسباب تبديع الشيخ ربيع لعلي الحلبيكثيرة،
وليست مسألة رسالة عمان وحدها"اهـ
وقال: "وعليكم السلام ورحمة
اللهوبركاته وبعد: ما ذكرته عن علي الحلبي من [دعوى أنه مصحح لمسارالمنهج السلفي
الذي انحرف - في زعمه - عن الجادة[ فهي دعوى كاذبة من الحلبيوأتباعه من أهل التمييع
والتضييع والخذلان للمنهج السلفي؛ فالحلبي قد عرففترة من الزمن بنصرته للمنهج
السلفي مع دخن فيه حيث كان يحامي عن عدنان عرعور معمعرفة علي الحلبي بانحراف عرعور
وضلاله، وكذلك دفاعه عن المغراوي مع معرفتهبانحرافه وضلاله، وكذلك أحمد سلام ومن
على شاكلتهم؛ ثم أفتت اللجنةالدائمة في بعض كتبه وحذرت من تحريفه للنصوص وبتره لها
ومن مسلكه المزري في ذلك؛ فجادل وعاند وتلاعب واستمر في البتر والتلاعب والتحريف
والطعن في العلماء تارةبالتصريح لبطانته، وتارات بالتلميح القبيح في كتاباته؛ ثم
ظهر دخن عليالحلبي بوضوح أيام فتنة المأربي، وظهر انحرافه عن جادة أهل السنة وتشكيكه
في الأصولالسلفية، والثوابت في المنهج السلفي؛ فكيف يصحح مسار السلفية وهو
يرىالكذابين والضالين المخالفين لمنهج السلف وعرف ضلالهم وكذبهم ثم مع ذلك يزعم
أنهم سلفيون ويدافع عنهم؟ هل التصحيح يكون بتأييد أهل الكذب والبدعوالضلال؟ فهذا
هو التصحيح عن الحلبي هو نفسه منهج عدنان عرعور (نصحح ولانجرح)، وهو نفسه منهج
المأربي (نصحح ولا نهدم( نعوذ بالله من الحور بعد الكور. ثانياً: سؤالك
وفقك الله: [أولا: هل الحلبي يُلحق بالقطبيين؛ بمعنى هل نصف الحلبي بأنه قطبي
منحرف؟[ القطبيون هم وجه من وجوه الإخوانالمسلمين، وهم
من يهتمون بأمور السياسة والحاكمية، ويغلون فيها مع إظهار اهتمامهمبالعلم الشرعي؛
بعضهم في العقيدة كحمود الشعيبي وسفر الحوالي وعبدالرحمن المحمود وعبدالعزيز
العبداللطيف، وبعضهم في الحديث كعبدالله السعد وسليمانالعلوان والحويني وسعد
الحميد وناصر الفهد، وبعضهم في الدعوة والتربية كناصرالعمر وسلمان العودة ومحمد
حسين يعقوب، وبعضهم في الخطابة والوعظ كعائض القرني ومحمد حسان، وبعضهم في الفقه
كعبدالعزيز الفوزان وعلي بن سعيد الغامدي ومحمدعبدالمقصود؛ فلهم أدوار عدة، وهم
منبثون في المجتمع؛ فعلي الحلبي قديجيز البعض وصفه بالقطبي لأنه يمدح بعض القطبيين
ويحامي عنهم بقوة كمحاماته عنمجنون سيد قطب عدنان عرعور، وعن القطبي محمد حسان؛
فقد يطلق عليه قطبي لأنهيحامي عنهم، ولكنه إلى الآن لم يسلك سبيلهم في الغلو في
السياسة والحاكميةبل هو الآن على خلاف ذلك؛ فيصح أن يقال عنه: إنه إخواني بسبب
تجميعه علىطريقة الإخوان، وقاعدة المعذرة والتعاون بثوبها الجديد (لا نجعل خلافنا
في غيرناسبباً للخلاف بيننا) ونحو ذلك من مسالك الإخوان؛ فهو فيه إخوانية
كحالأشياعه (عدنان عرعور، المأربي، المغراوي، جمعية إحياء التراث) ثالثاً: وسؤالك
رعاك الله: [ثانياً: ما موقفنا من مناصري الحلبيهداه الله، وخصوصا ًأن البعض يقول:
إن الشيخ ربيع حفظه الله قد تسرع في تبديعه، ومنالمفترض أن نرجعه الي السلفية لا
إقصائه عنها[ كيف يوصف الشيخ ربيع بالتسرعفي تبديع علي الحلبي، وهو مسبوق إذ
بدعه الشيخ عبدالله الغديان وحذر منه، وسماه قائدالمرجئة في المملكة؟! واللجنة
الدائمة حذرت من بعض كتبه، ومن مسلكه المزريفي البتر والتحريف، ونصحته بطلب العلم،
وهو لم يسمع نصيحتهم بل قابلهم بالكذب والبهتوالبتر وقلة الحياء والمكر؛ فالشيخ
ربيع صبر عليه كثيراً مع وضوح ضلالهوانحرافه، وحاول الشيخ ربيع جاهداً في إصلاحه ورده
إلى جادة السلفية لكنه عاندوكابر وكذب وافترى، وقد حرصت أنا أشد الحرص على عودة
علي الحلبي إلى جادةالسلفية لكنه كذب علي وخدعني وتلاعب ومكر فانقلب المكر عليه
وما ربك بظلامللعبيد، والدعوة السلفية لا تحتاج إلى الكذابين والمتلاعبين
والمنحرفينكعلي الحلبي؛ بل هؤلاء يشوهون السلفية؛ فالحمدلله الذي أنقذ السلفية منه
ومن تلاعبهوكذبه، ومن يدافع عن الحلبي أحد شخصين: إما شخص جاهل بحال الحلبيوتلاعبه
وأكاذيبه، فهذا ينصح، ويبين له حال الحلبي، ويرفق به، ويعامل باللين تارةوبالشدة
تارة حسب ما ينفع معه ليفهم الحق مع أهمية مجانبته وعدم الاستماع في
شبهاتهوالتحذير من مناصرة الحلبي ومن منهجه الفاسد. وإما شخص عنده عقيدة
الحلبيومنهجه في وصف الشيخ ربيع بأنه متشدد وأنه من الغلاة، ويحكم بالسلفية لأهل
البدعكحسان والحويني والمغراوي، ويمتهن الكذب والتحريف والمكر والخداع ونحو ذلك من
أصولومقالات علي الحلبي فهذا يلحق به ولا كرامة، ويجب هجره
والابتعاد عنه؛ ففتنة علي الحلبي أضعاف فتنة المأربي والمغراوي والله المستعان.
رابعاً: وقولك أخي الكريم: [ثالثاً: إن البعض يتعلل بموقف الشيخالعباد حفظه الله
من بعض ردود الشيخ ربيع حفظه الله بدعوة أن الشيخ العباد غير راضبطريقة الشيخ ربيع
في الجرح، وأن بعض طلبة العلم الكبار كأمثال الشيخ عبدالمالكالرمضاني الجزائري
موقفه قريب من موقف العباد حفظه الله [الشيخ الألبانيرحمه الله وصف
الشيخ العلامة ربيعاً المدخلي بأنه حامل لواء الجرح والتعديل، ولم يصفبذلك أحداً
غيره لا الشيخ العلامة العباد ولا الشيخ عبدالمالك رمضاني ولا غيرهما وذلك لعلمه
أن الشيخ ربيع بن هادي أعلم أهل عصرنا بأحوال الرجال، وبأحوال الجماعاتوالأحزاب
المنتسبة إلى الإسلام، وقد بز أقرانه، وفاق أشياخه في ذلك، وقد انتفعتالأمة
الإسلامية كلها بكتابات الشيخ ربيع التي أيقظت ملايين الناس وعرفتهم بحقيقةسيد
قطب، وأن ثمة من ينخر في جسد الأمة من بني جلدتها والحمد لله؛ فالشيخ العباد يعتذر
له، والشيخ عبدالمالك يبين له، والشيخ ربيع هو المرجع في هذه الأمور؛فكيف إذا كانت
معه الأدلة واضحة وصريحة؟ فكيف ومعه في التحذير اللجنةالدائمة؟ لذلك لا يجوز ضرب
كلام العلماء بعضه ببعض، بل السلفي يتبع الدليل، ومن تتبع الأدلة وجد أن علياً
الحلبي كذاب مبتدع ضال متلاعب من رؤوس أهلالفتنة والبدعة في زماننا؛ فيجب الحذر
منه، والتحذير منه ومن مسلكهالبدعي، والله أعلم وصلى الله وسلم على
نبينامحمد"اهـ قلت: ذكر الغديان للحاجة، واللجنة للتدليل على كذب الحلبي
وتدليسه وبتره للنصوص؛ أما الإرجاء الذي هو أصل الفتوى وأسها فلا، وكيف يذكره وهو
شريكه؛ فالحاصل أن كلامه كله يدور على مسائل في الجرح والتعديل خالف فيها الحلبي،
وبسببها استحق التبديع؛ بمعنى أنه لو لم يخالف في ذلك لما كان مبتدعاً، وإلا فأين
كانت فتوى الغديان قبل ذلك؟ وفتوى اللجنة؛ ألم تقوموا بالتعمية عليها؛ بل ونقدها،
وتصحيح موقف الحلبي والانتصار له على حسابها؛ فذكركم لإرجاء الحلبي إنما هو بسبب
استطالة الطيباوي عليكم، فهو لا شك أرغم أنوفكم بباطله؛ فأردتم الانتصار عليه -
ولو بما لا تعتقدونه - نكاية فيه، وتغيظاً منه؛ لذلك مررتم عليه مروراً، وعلى
استحياء؛ لم تفصلوا ولم تبينوا، وقد عرف الحلبيون هذا؛ فتعجبوا من صنيعكم قائلين:
آلآن ظهر إرجاء الحلبي؟!
على أن الشيخ ربيعاً منذ عهد قريب كان
يرى الحلبي (شيخاً) ويذكره بالتبجيل؛ قال في مكالمة هاتفية:
"قرأتها - أي: ردود بازمول الجهول - وهي ردود قوية؛ جزاه الله خيراً، وقد كشفت أموراً أخطأ فيها الشيخ علي بن حسن، وجانب فيها الصواب"اهـ
"قرأتها - أي: ردود بازمول الجهول - وهي ردود قوية؛ جزاه الله خيراً، وقد كشفت أموراً أخطأ فيها الشيخ علي بن حسن، وجانب فيها الصواب"اهـ
وكتب صنوه الإرجاء ورفيقه في درب
البدعة، وهو كذلك من المحسوبين على المدخلي الملتصقين به (معاذ الشمري):
"والناس يقولون أنه كان أكثر أهل اللجنة أصلحهمالله تحمساً للفتاوى
التيرموافيهاكتابات الحلبي سدده الله بالإرجاء، وهذا التحمس ظاهر في تسويدهدرء
الفتنة، وهم لا يصرحون باتهام إمام الدنيا!! الألباني تغمده الله بواسع رحمته
بالإرجاء؛ فإن تصريحهم بهذا يؤذيهم هم؛ ولكنهمكالمصرحينحين قالوا في آخر فتواهم
للحلبي سدده الله؛ أن يطلب العلم على (العلماء الموثوقينالمعروفين بعقيدتهم) أو
نحو هذه العبارة، وهم وكل الدنيا تعلم مدى التصاقالحلبي أصلحه الله بشيخه شيخنا
الألباني رحمه الله؛ فماذايعني ماقالوهمن نصحهم له بطلب العلم على
العلماءالموثوقين المعروفين بعقيدتهم غير الغمز بعقيدة إمامنا رحمهالله"اهـ