الفوزان وربيع والجابري والحجوري

الفوزان وربيع والجابري والحجوري
قال الفوزان:
"من جملة السلف الصالح الذين كانوا على الاعتقاد الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين؛ من جملتهم الأئمة الأربعة: الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أحمد، وغيرهم من الأئمة الذين قاموا بالدفاع عن العقيدة وتحريرها، وبيانها وتعليمها للطلاب"اهـ (التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية ص 25-26)
وقال:
"وهذا من جهله بمعنى الإرجاء، وبمن قال به؛ فإن الإرجاء: معناه تأخير الأعمال عن مسمى الإيمان، وليس هو عقيدة أهل السنة، وإنما هو عقيدة الجهمية، وهو القول بأن الإيمان مجرد المعرفة بالقلب، ولو لم يحصل عمل، أو أن الإيمان هو التصديق بالقلب فقط؛ كما يقوله الأشاعرة، أو هو التصديق بالقلب والنطق باللسان، وهذا الأخير قد يقول به بعض أهل السنة، وجمهورهم على خلافه؛ يقولون‏:‏ إن الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية‏"اهـ (البيان لأخطاء بعض الكتاب ص 179)
وسئل: فضيلة الشيخ؛ نقرأ، ونسمع عن مرجئة الفقهاء؛ فأرجو توضيح ذلك؟
فأجاب: "مرجئة الفقهاء، أو مرجئة أهل السنة؛ هم الحنفية؛ لأن عندهم أن الإيمان: قول باللسان واعتقاد بالقلب, وأما العمل؛ فيقولون: إنه لا يدخل في حقيقة الإيمان؛ لكنه شرط مكمل للإيمان, ولذلك سموا بالمرجئة؛ لأنهم أخروا العمل عن مسمى الإيمان، وسموا بـ (مرجئة الفقهاء)، أو (مرجئة أهل السنة). ولا شك أن هذا خطأ"اهـ (سلسلة شرح الرسائل ص202-203) 
وسئل: هل الخلاف مع مرجئة الفقهاء يخرجهم من مسمى أهل السنة والجماعة؟ وما حقيقة الخلاف معهم؟
فأجاب: "لا؛ لا يخرجهم من أهل السنة والجماعة، ولذلك يسمونهم (مرجئة السنة) أو (مرجئة أهل السنة)؛ لا يخرجهم هذا عن أهل السنة والجماعة؛ لكن ما هم عليه خطأ في الإيمان؛ لأنهم يقولون: إن العمل لا يدخل في الإيمان؛ هذا اللي سبَّبْ كونهم مرجئة؛ أرجأوا العمل؛ يعني أخروه عن مسمى الإيمان, وهذا خطأ بلا شك"اهـ (فتوى صوتية له منشورة على موقعه الرسمي برقم 8598)
فتلخص من كلامه:
1-            أن أبا حنيفة من أئمة السلف الصالح الذين كانوا على معتقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وممن قاموا بالدفاع عن العقيدة وتحريرها، وبيانها وتعليمها للطلاب.
2-            أن (مرجئة الفقهاء) من أهل السنة، وأنهم كانوا يسمون: (مرجئة أهل السنة).
3-            أن خلافهم لا يخرجهم من أهل السنة والجماعة.
وقال ربيع المدخلي:
"تضمن كلام شيخ الإسلام هذا؛ ما يأتي:
1-            أن الإرجاء ليس من البدع المغلظة، والظاهر أنه يريد إرجاء الفقهاء؛ لا إرجاء الغلاة؛ كإرجاء الجهمية، والكرامية.
2-            أن أوائل أهل السنة؛ ما كانوا يعدون مرجئة الفقهاء إلا من أهل السنة؛ حتى تغلظ أمرهم بما زادوه.
3-            ومما زاده بعض المرجئة، وتغلظ به أمرهم؛ تفضيل علي على الشيخين، وتقديمه عليهما، وهذا نوع من الرفض انضم إلى الإرجاء؛ فاشتد عليهم النكير من مثل الإمامين: سفيان الثوري، وأيوب السختياني.
وقال:
"أئمة الدعوة السلفية في نجد يحترمون أبا حنيفة، ولا يثيرون ضجة حول إرجاء الفقهاء .. والمعروف عن أئمة الدعوة السلفية في نجد أنهم يحترمون أبا حنيفة وشيخه وأمثالهما، ولا يطعنون فيهم ولا يحاربونهم، بل يعتبرون أبا حنيفة من أئمة السنة، بخلاف الحدادية الذين يحاربون أهل السنة حرباً شعواء مستمرة ..
ونقل عدة فتاوى للفوزان؛ يقرر فيها أن مرجئة الفقهاء من أهل السنة ..  ثم قال: فيا ويل الفوزان من الحدادية؛ كيف يقول عن مرجئة الفقهاء: إنهم بعض أهل السنة"اهـ (البيان لما اشتمل عليه البركان وما في معناه من زخارف وتزيين الشيطان؛ رد على فوزي البحريني - الحلقة الثانية)
فتلخص من كلامه:
1-            إقراره لابن تيمية على أن أوائل أهل السنة؛ ما كانوا يعدون مرجئة الفقهاء إلا من أهل السنة.
2-            إقراره لابن تيمية على مخالفة إجماع أهل السنة؛ عندما قال عن بدعة مرجئة الفقهاء: إنها من بدع الأقوال؛ لا من بدع الاعتقادات.
3-            إقراره إطلاق (مرجئة أهل السنة) على مرجئة الفقهاء، ونسبته ذلك لابن تيمية، وعلماء أهل السنة من السابقين، والمعاصرين.
4-            إقراره لعلماء نجد على احترامهم لأبي حنيفة، وأنهم لا يثيرون ضجة حول إرجاء الفقهاء، ولا يطعنون فيهم، ولا يحاربونهم:
5-            إقراره لعلماء نجد؛ على اعتبارهم أبا حنيفة من أئمة السنة.
6-            نعيه على الحدادية انتقادهم ابن تيمية في قوله عن مرجئة الفقهاء: إن الخلاف معهم لفظي.
7-            نعيه على الحدادية تبديعهم لمرجئة الفقهاء، وأبي حنيفة.
8-            إقراره للفوزان على كلامه السابق في أبي حنيفة، ومرجئة الفقهاء.
هذا - باختصار – موقف الفوزان، وربيع المدخلي؛ من أبي حنيفة، ومرجئة الفقهاء.
فما هو موقف عبيد الجابري، والحجوري؟!
سئل الجابري: هل يصح القول بأن: مرجئة الفقهاء؛ مرجئة أهل السنة؟
فقال:
"هذا ليس بصحيح؛ الأئمة مجمعون على تبديعهم؛ هم مبتدعة؛ لكنهم أخف من المرجئة الأولى الغالية، ولم نعلم أن أحداً من الأئمة قال: مرجئة السنة، وإنما قيلت في العقد الأخير عقدنا؛ اللهم سلم سلم! هذا الذي أعلمه؛ حتى ولو قيلت في القدم؛ لكن نحن لم نعلمها،؛ هم مبتدعة ضلال وممن شنع عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ ثم هذا فتح باب خطير؛ يمكن لقائل أن يقول: خوارج أهل السنة؛ رافضة أهل السنة؛ جهمية أهل السنة؛ معتزلة أهل السنة؛ ماتوريدية أهل السنة؛ قدرية أهل السنة؛ فإذا قيل له: لا، قال: لماذا؟ تكيلون أنتم بمكيالين! لماذا؟ مرجئة أهل السنة ما أنكرتموها! وأنكرتم علينا قدرية أهل السنة؛ خوارج أهل السنة! ما يمكن؛ الباب واحد. ونحن نقول: الباب واحد؛ كل المبتدعة ضلال، ولا يجوز نسبتهم إلى أهل السنة ..
وقال:
"فوصفك مرجئة الفقهاء بمرجئة أهل السنة؛ لم نعلم حتى الساعة من سبقك إلى ذلك من أئمة السلف، وإنما قال هذا القول - فيما وقفنا عليه - الشهرستاني، والرجل مخلط أشعري ...
وإن احتج محتج في الدفاع عن هذا القول؛ قائلاً: لم تنقد هذه العبارة: «مرجئة أهل السنة» وقد قالها من قالها من أهل العلم الكبار؟
فالجواب: يتوجه إليك يا هذا عدة أسئلة:
أولاً: هل سبق إلى هذا القول من ذكرت أحد من أئمة السلف في القرون المفضلة؟
فإن قلت: نعم، وجب عليك الدليل، وإن قلت: لا، وافقتَنَا في النقد شئت أم أبيت ..
إلى أن قال: أما تعلم يا بني؛ أنك بوصفك مرجئة الفقهاء بأنهم مرجئة أهل السنة؛ قد فتحت الباب على مصراعيه أمام كل من يبرر لنحلة ضالة؛ أن يقول على سبيل المثال: خوارج أهل السنة؛ جهمية أهل السنة، معتزلة أهل السنة، وهلم جرا .. فليتك تفطنت".
وقال الحجوري:
"أبو حنيفة النعمان بن ثابت؛ مرجئ، والمرجئة مبتدعة؛ فأبو حنيفة مبتدع، وإن زعل أصحابه".
فتلخص من كلامهما:
1-            أن الإجماع منعقد على تبديع مرجئة الفقهاء.
2-            أن أبا حنيفة مبتدع ضال.
3-            أن أحداً من أئمة السلف؛ لم يقل (مرجئة السنة)؛ إنما قالها الشهرستاني الأشعري المبتدع.
4-            أن القول بأن مرجئة الفقهاء من أهل السنة؛ يفتح الباب أمام أرباب النحل الضالة؛ ليقولوا: (خوارج أهل السنة)، و(جهمية أهل السنة)، و(معتزلة أهل السنة)، وهكذا.
قلت:
نحن الآن أمام منهجين: منهج بدعي استعلائي؛ أصحابه تياهون متكبرون؛ يزعمون أنهم من أهل السنة؛ بل ومن علمائها؛ يثنون على أبي حنيفة، ويصححون منهجه وعقيدته - وإن رغمت أنوف أئمة السلف الذين ضللوه وبدعوه وحكموا على عقيدته ومنهجه بالفساد - ويطعنون فيمن يتكلم فيه، ويحكمون عليه بالبدعة، وعلى رأس هؤلاء: الفوزان، والمدخلي.
ومنهج بدعي أيضاً؛ لكنه أخف وطأة من الأول، وهو منهج الجابري والحجوري؛ فكلامهما - في هذه المسألة - وإن كان حقاً؛ لكنه مجرد تحصيل حاصل، وإلا فأين تطبيقه على أرض الواقع؟
فيا لله العجب! أهل الباطل لا يتوانون عن التصريح بباطلهم، والموالاة والمعاداة من أجله؛ بينما أهل الحق يخجلون من الجهر به، والحكم على الأشخاص بموجبه، وإذا تكلموا؛ تكلموا بكلام عام لا يروي غليلاً، ولا يشفي عليلاً.
قال الوليد بن مسلم: "قال لي مالك بن أنس: أيُتكلم برأي أبي حنيفة عندكم؟ قلت: نعم؛ قال: ما ينبغي لبلدكم أن تسكن"اهـ (تاريخ بغداد 15/544)
وقال محمد بن حفص الدوري: "سمعت أبا عبيد يقول: كنت جالساً مع الأسود بن سالم في مسجد الجامع بالرصافة؛ فتذاكروا مسألة؛ فقلت: إن أبا حنيفة يقول فيها كيت وكيت؛ فقال لي الأسود: تذكر أبا حنيفة في المسجد؟ فلم يكلمني حتى مات"اهـ (تاريخ بغداد 15/558)
فهجره لمجرد أنه ذكر أبا حنيفة في المسجد، ولم يكلمه حتى مات؛ أما اليوم؛ فلغربة السنة، وقلة العلم بالآثار، وفشو الجهل بمنهج السلف الصالح؛ يتبجحون باحترام أبي حنيفة، ويهونون من إرجائه، وينقمون على من بدعه، ويحذرون منه، ويضللونه، ويرمونه بكل بائقة، ويعدون ذلك من تمام علمهم، ووفور فهمهم.
فعزاؤنا فيما قاله الإمام الكبير يونس بن عبيد رحمه الله؛ قال: "يوشك لعينك أن تر ما لم تر، ويوشك لأذنك أن تسمع ما لم يسمع، ولا تخرج من طبقة إلا دخلت فيما هو دونها؛ حتى يكون آخر ذلك؛ الجواز على الصراط"اهـ (الإبانة 1/17)






يتم التشغيل بواسطة Blogger.

كافة الحقوق محفوظة 2012 © site.com مدونة إسم المدونة