منهج السلف - 14 - قتادة بن دعامة السدوسي

منهج السلف الصالح في التعامل مع أخطاء العلماء - 14 -

قتادة بن دعامة السدوسي

قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز بن عمرو بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن سدوس أبو الخطاب السدوسي البصري ولد أكمه؛ حافظ عصره، وإمام مصره؛ العلامة؛ النسابة؛ المحدث؛ الفقيه.
روى عن: أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وعكرمة، وجابر بن زيد، وحميد بن عبدالرحمن بن عوف، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعقبة بن عبدالغافر، وزرارة بن أوفى، وصفوان بن محرز، وسالم بن أبي الجعد، وعطاء بن أبي رباح، ولاحق بن حميد، وأبي حسان الأعرج، وأبي عثمان النهدي، والشعبي، وعبدالله بن شقيق، وعون بن عبدالله بن عتبة بن مسعود، ومطرف بن عبدالله بن الشخير، وخلق غيرهم.
روى عنه: أيوب السختياني، وسليمان التيمي، وجرير بن حازم، وشعبة، ومسعر، ويزيد بن إبراهيم التستري، وأبو هلال الراسبي، وهشام الدستوائي، ومطر الوراق، وهمام بن يحيى، ومعمر، وشيبان النحوي، وسلام بن أبي مطيع، وسعيد بن أبي عروبة، وأبان بن يزيد العطار، وحصين بن ذكوان المعلم، وحماد بن سلمة، والأوزاعي، وقرة بن خالد، ومنصور بن زاذان، والليث بن سعد، وأبو عوانة، وآخرون.
مات سنة سبع عشرة ومئة، وهو ابن ست وخمسين سنة.
من أقوال أهل العلم فيه:
1-            قال سعيد بن المسيب: "ما أتاني عراقي أحفظ من قتادة".
2-            وقال عمرو بن عبدالله: "لما قدم قتادة على سعيد بن المسيب؛ فجعل يسائله أياماً، وأكثر؛ فقال له سعيد: أكل ما سألتني عنه تحفظه؟ قال: نعم؛ سألتك عنه كذا؛ فقلت فيه كذا، وسألتك عن كذا؛ فقلت فيه كذا، وقال فيه الحسن كذا؛ حتى رد عليه حديثاً كثيراً؛ فقال سعيد: ما كنت أظن أن الله خلق مثلك".
3-            وقال الحسن: "سيد شباب البصرة أيوب، وأوعى علمهم قتادة".
4-            وقال معمر بن راشد: "قال رجل لابن سيرين: رأيت في المنام حمامة التقمت لؤلؤة؛ فخرجت منها أعظم مما دخلت، ورأيت حمامة أخرى التقمت لؤلؤة، وخرجت منها أصغر مما دخلت، ورأيت حمامة أخرى التقمت لؤلؤة؛ فخرجت مثل ما دخلت سواء؛ فقال ابن سيرين: أما الحمامة التي التقمت اللؤلؤة فخرجت أعظم مما دخلت؛ فهو الحسن يسمع الحديث فيجوده بمنطقه، وأما التي خرجت أصغر مما دخلت؛ فذاك محمد بن سيرين يسمع الحديث فيشك فيه وينقص منه، وأما التي خرجت كما دخلت؛ فذاك قتادة أحفظ الناس".
5-            وقال: "رأيت قتادة قال لسعيد بن أبي عروبة: أمسك علي المصحف؛ فقرأ البقرة فلم يخط حرفاً؛ فقال: يا أبا النضر؛ لأنا لصحيفة جابر أحفظ مني لسورة البقرة".
6-            وقال: "قلت للزهري: أقتادة أعلم عندك؛ أم مكحول؟ قال: لا؛ بل قتادة".
7-            وقال: "لم أر من هؤلاء أفقه من الزهري، وحماد، وقتادة".
8-            وقال: "من سره أن ينظر إلى أحفظ من أدركنا؛ فلينظر إلى قتادة".
9-            وقال حماد بن زيد: "كنا ننتظر قتادة أن يقدم فنسمع منه؛ فمات بواسط؛ فما رأيت أيوب حزن على أحد ما حزن عليه".
10-      وقال بكر بن عبدالله: "من أراد أن ينظر إلى أحفظ من رأينا؛ فلينظر إلى قتادة"
11-      وقال يحيى بن سعيد: "قتادة حافظ كان إذا سمع الشيء علقه".
12-      وقال أبو داود الطيالسي: "وجدنا الحديث عند أربعة: الزهري، وقتادة، وأبي إسحاق، والأعمش؛ فكان قتادة أعلمهم بالاختلاف، والزهري أعلمهم بالإسناد، وأبو إسحاق أعلمهم بحديث علي وابن مسعود، وكان عند الأعمش من كل هذا، ولم يكن عند واحد من هؤلاء إلا ألفين ألفين".
13-      وقال مطر الوراق: " كان قتادة إذا سمع الحديث أخذه العويل والزويل حتى يحفظه".
14-      وقال: "كان قتادة عبد العلم".
15-      وقال: "ما زال قتادة متعلماً حتى مات".
16-      وقال قيس بن الربيع: "قدم قتادة الكوفة؛ فأردنا أن نأتيه؛ فقيل لنا: إنه يبغض علياً رضي الله عنه؛ فلم نأته؛ ثم قيل لنا بعد: إنه أبعد الناس من هذا؛ فأخذنا عن رجل عنه".
17-      وقال شعبة: "أخرج قتادة حيان الأعرج من الحجرة؛ لأنه ذكر عثمان رضي الله عنه".
18-      وقال عبدالرحمن بن مهدي: "قتادة أحفظ من خمسين مثل حميد الطويل".
19-      وقال سعيد بن يزيد: "سمعت أبا قلابة، وقال له رجل: من أسأل؛ أسأل قتادة؟ فقال: نعم؛ سل قتادة"اهـ
20-      وقال أبو عمرو بن العلاء: "كان قتادة من أنسب الناس".
21-      وقال سفيان الثوري: "وهل كان في الدنيا مثل قتادة".
22-      وقال أبو حاتم: "سمعت أحمد بن حنبل، وذكر قتادة فأطنب في ذكره؛ فجعل ينشر من علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير ووصفه بالحفظ والفقه، وقال: قلما تجد من يتقدمه؛ أما المثل فلعل".
23-      وقال أحمد: "كان قتادة أحفظ من أهل البصرة؛ لم يسمع شيئاً إلا حفظه، وقرئ عليه صحيفة جابر مرة واحدة فحفظها، وكان سليمان التيمي وأيوب يحتاجون إلى حفظه، ويسألونه، وكان له خمس وخمسون سنة يوم مات".
24-      وقال يحيى بن معين: "ثقة".
25-      وقال أبو زرعة: "قتادة من أعلم أصحاب الحسن".
26-      وقال همام: "لم يكن قتادة يلحن".
27-      وقال ابن حبان: "كان من علماء الناس بالقرآن، والفقه، ومن حفاظ أهل زمانه".
28-      وقال الذهبي: "عالم أهل البصرة".
29-      وقال: "ومع حفظ قتادة، وعلمه بالحديث؛ كان رأساً في العربية، واللغة، وأيام العرب، والنسب".
30-      وقال ابن ناصر الدين: "مات بواسط في الطاعون، وهو أبو الخطاب الضرير الأكمه؛ مفسر الكتاب؛ كان آية في الحفظ؛ إماماً في النسب؛ رأساً في العربية، واللغة، وأيام العرب".
من أقواله:
1-            قال: "الاستقامة أن تلبث على الإسلام، والطريقة الصالحة؛ ثم لا تمرق منها، ولا تخالفها، ولا تشذ عن السنة، ولا تخرج عنها؛ فإن أهل المروق من الإسلام منقطع بهم يوم القيامة؛ ثم إياكم وتصرف الأخلاق، واجعلوا الوجه واحداً، والدعوة واحدة؛ فإنه بلغنا أنه من كان ذا وجهين، وذا لسانين؛ كان له يوم القيامة لسانان من نار".
2-            وقال: "قالت بنو إسرائيل: يا رب؛ أنت في السماء، ونحن في الأرض؛ فكيف لنا أن نعرف رضاك، وغضبك؟ قال: إذا رضيت عليكم؛ استعملت عليكم خياركم، وإذا غضبت؛ استعملت عليكم شراركم".
3-            وقال: "قلت لأنس بن مالك: أكانت المصافحة في أصحاب النبي؟ قال: نعم".
4-            وقال: "الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر".
5-            وقال: "باب من العلم يحفظه الرجل لصلاح نفسه، وصلاح من بعده؛ أفضل من عبادة حول".
6-            وقال: "لو كان أحد يكتفي من العلم بشيء؛ لاكتفى موسى عليه السلام، ولكنه قال: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}".
7-            وقال: "من لم يعرف الاختلاف؛ لم يشم رائحة الفقه بأنفه".
8-            وقال: "ما أفتيت برأيي منذ ثلاثين سنة".
9-            وقال: "ما في القرآن آية؛ إلا وقد سمعت فيها شيئاً".
10-      وقال: "ما سمعت شيئاً إلا وحفظته".
11-      وقال: "سمعت أبا العالية؛ قال: قال علي: «القضاة ثلاثة؛ قاضيان في النار، وقاض في الجنة؛ فأما اللذان في النار؛ فرجل جار متعمداً فهو في النار، ورجل اجتهد فأخطأ فهو في النار، وأما الذي في الجنة فرجل اجتهد فأصاب الحق فهو إلى الجنة»؛ فقلت لأبي العالية: ما ذنب هذا الذي اجتهد فأخطأ؟ فقال: ذنبه ألا يكون قاضياً إذا لم يعلم".
12-      وقال: "العلماء كالملح؛ إذا فسد الشيء صلح بالملح، وإذا فسد الملح لم يصلح بشيء".
13-      وقال: "لا تبتدعوا, ولا تجالسوا مبتدعاً".
14-      وقال: "المؤمن وإن رأى الرأي؛ يعرف من يصحب".
15-      وقال: "إنا والله ما رأينا الرجل يصاحب من الناس إلا مثله, وشكله؛ فصاحبوا الصالحين من عباد الله لعلكم أن تكونوا معهم, أو مثلهم".
16-      وقال: "إن الرجل إذا ابتدع بدعة؛ ينبغي لها أن تذكر حتى تحذر".
17-      وقال: "لو كان أمر الخوارج هدى لاجتمع, ولكنه كان ضلالة؛ فتفرق، وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله؛ وجدت فيه اختلافاً كثيراً".
18-      وقال: "إنما حدث الإرجاء بعد هزيمة ابن الأشعث".
19-      وقال: "ما كثرت النعم على قوم إلا كثر أعداؤها".
20-      وقال: "إذا أردت أن يكذبك صاحبك فلقنه".
21-      وقال: "من طلب العلم جملة؛ ذهب منه جملة؛ إنما كنا نطلب العلم حديثاً، وحديثين".
22-      وقال: "إعادة الحديث في المجلس يذهب بنوره، وما قلت لمحدث قط: أعد علي، وما سمعت أذناي شيئاً قط؛ إلا وعاه قلبي".
23-      وقال: "إعادة الحديث أشد من ثقل الصخر".
24-      وقال: "الكلام يشبع منه كما يشبع من الطعام".
25-      وقال: "جالست الحسن ثلاث عشرة سنة؛ أصلي معه الصبح ثلاث سنين، ومثلي يلزم مثله".
ما أخذه أهل العلم على قتادة:
1-            قال معمر: "لولا كلامه في القدر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا ذكر القدر فأمسكوا)؛ لما عدلت به أحداً من أهل دهره".
2-            وقال حنظلة بن أبي سفيان: "كان قتادة يرى بالقدر".
3-            وقال ابن شوذب: "ما كان قتادة يرضى؛ حتى يصيح به صياحاً؛ يعني القدر".
4-            وقال: "سمعت قتادة يصيح بالقدر في مسجد البصرة صياحاً".
5-            وقال سفيان: "سمعت ابن أبي عروبة؛ يقول: المعاصي ليست بقدر؛ هو رأيي، ورأي قتادة".
6-            وقال وكيع: "كان سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، وغيرهما يقولون: قال قتادة: كل شيء بقدر إلا المعاصي".
7-            وقال أحمد: "كان قتادة وسعيد (ابن أبي عروبة) يقولان بالقدر، ويكتمان".
8-            وقال يحيى بن معين: "سلام بن مسكين، وقتادة، وسعيد، والدستوائي، وهمام؛ يذهبون إلى القدر".
9-            وقال: "إن مشايخ من البصريين كانوا يرمون بالقدر؛ إلا أنهم لا يدعون إليه، ولا يأتون فى حديثهم بشيء منكر؛ منهم قتادة". ([1])
10-      وقال العجلي: "وكان يقول بشيء من القدر، وكان لا يدعو إليه، ولا يتكلم فيه".
11-      وقال ابن سعد: "كان ثقة مأموناً حجة في الحديث، وكان يقول بشيء من القدر".
12-      وقال الذهبي: "كان يرى القدر".
قلت:
لم يكن قتادة ينازع فيما سبق من سبق تقدير الله، وإنما كان نزاعه في الإرادة، وخلق الأفعال، وكان يقول: "الأشياء كلها بقدر؛ إلا المعاصي".
قال عكرمة بن عمار: "سألت يحيى بن أبي كثير: من القدرية؟ فقال: الذين يقولون: إن الله لم يقدر المعاصي".
موقف أهل العلم منه:
1-            قال يحيى بن أبي كثير: "لا يزال أهل البصرة بشر؛ ما أبقى الله فيهم قتادة".
2-            وقال حنظلة بن أبي سفيان: "كنت أرى طاووساً إذا أتاه قتادة؛ يفر منه".
3-            وقيل لأحمد بن حنبل: طاووس سمع منه قتادة؟ فقال: رآه طاووس فتعوذ منه".
4-            وقال فضيل بن عياض: "قيل لطاووس: هذا قتادة يأتيك؛ قال: لئن جاء لأقومنه؛ قيل: إنه فقيه. قال: إبليس أفقه منه؛ قال: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي}".
5-            وقال الحسن بن مسلم: "كنا جلوساً عند طاووس؛ فجاء قتادة يريد الجلوس إليه؛ فقال: إن هذا أعمى القلب، والله لئن جلس لأقومن عنه".
6-            وقال مالك: "نعم الرجل كان معمر؛ لولا روايته التفسير عن قتادة".
7-            وقال أيوب السختياني: " كان بحر السقاء يحدث عن سعد بن إبراهيم؛ عن قتادة؛ فيقول سعد: لعن الله قتادة، ولعن من يحدثنا عنه".
8-            وقال الشعبي: "قتادة حاطب ليل".
9-            وقيل له: رأيت قتادة؟ فقال: "نعم؛ رأيت كناسة بين حشين".
10-      وقال إسماعيل بن علية: "كان أصحابنا يكرهون تفسير قتادة".
فلم يلتفتوا إلى إمامته في العلم، وقد كان أحد أوعيته.
ولا إلى حفظه، وإتقانه، وفقهه.
ولا إلى كلامه في المبتدعة، وردوده عليهم، وتحذيره منهم.
ولا إلى زهده، وورعه، وعبادته.
ولا إلى قصده؛ حيث قال بعضهم: أراد تنزيه الباري عز وجل.
ولا قالوا: هذه زلة مغمورة في بحار حسناته.
أو: ليس كل من وقع في البدعة؛ وقعت البدعة عليه.
ولا قالوا: نقول: قوله بدعة؛ أما هو فليس بمبتدع.
أو: وافق القدرية؛ لكنه ليس بقدري.
ولا نظروا إلى بقية أصوله التي يوافق فيها أهل السنة؛ علماً بأن القدر الذي بدع من أجله؛ لم يكن يخالف في أصله؛ بل كان يقول: المعاصي ليست بقدر.
ولا قالوا: لا بد من إقامة الحجة عليه.
وهل وقع في البدعة قاصداً؛ أم لا؟
وهل من عادته الابتداع؛ أم لا؟
ولا قالوا: اجتهد؛ فهو بين أجر، أو أجرين.
أو: لا بد من توافر شروط، وانتفاء موانع.
ولا قالوا: إذا بُدع مثل قتادة؛ فمن يبقى لنا؟
وغير ذلك مما تقوله المرجئة المعاصرة؛ بل حكموا عليه بمقتضى كلامه؛ كما هو منهجهم مع كل من يحرف الكلم عن مواضعه، أو يخالف أصلاً من أصول السنة، أو يقول كلاماً يحتمل حقاً، وباطلاً؛ حماية لهذا الدين من تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين.
فعليك أيها السلفي بآثار من سلف، وإن رفضك الناس، وإياك وآراء المرجئة المعاصرين، وإن زخرفوها لك بالقول.





[1]- وهذا - وغيره - الذي جعل أبا داود؛ يقول: "لم يثبت عندنا عن قتادة القول بالقدر".

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

كافة الحقوق محفوظة 2012 © site.com مدونة إسم المدونة