منهج المداخلة في التبديع منهج انتقائي؛ ففي الوقت الذي يطبقون منهج السلف بحذافيره
مع مخالفيهم؛ فيبدعونهم ويضللونهم بلا هوادة؛ نراهم يعتذرون لموافقيهم، وذوي الجاه
والسلطة من مخالفيهم، ويتحامون الكلام فيهم، ويغضون الطرف عن بدعهم، وطوامهم.
ومن أجل ترقيع باطلهم هذا؛ افترعوا أصولاً عجيبة؛ دفاعاً عن منهجهم
المخترع، وزعيمهم المبتدع؛ من ذلك:
·
الاعتذار لأهل العلم.
الجواب:
إذا كان ذلك كذلك؛ فلماذا لم يعتذر أئمة السلف لمن بدعوهم؟
ولماذا لم تعتذروا أنتم لمن بدعتموهم؟
·
من كانت أصوله أصول أهل السنة؛ فهذا يبين خطؤه وتحفظ كرامته؛ أما من كانت
أصوله أصول أهل البدع؛ فهذا يبدع ولا كرامة.
الجواب:
أين هذا في كتاب الله، أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو في منهج
السلف الصالح رضوان الله عليهم؟ أو حتى في كلام إمام من الأئمة؟
ماذا كانت أصول: قتادة وأبي حنيفة وحماد ومسعر وداود والحارث وعمرو بن مرة
والحسن بن صالح والكرابيسي ويعقوب بن شيبة وابن أبي رواد وشبابة وعمر بن ذر وعشرات
غيرهم ممن بدعهم أئمة السلف؟!
ألم تكن أصولهم أصول أهل السنة؛ قبل أن يحدثوا ما أحدثوه؟! فلماذا بدعهم
أئمة السلف، ولم يلتفتوا إلى أصولهم؛ بل وفقههم وعلمهم وورعهم؟!
وماذا كانت أصول ابن جبرين وبكر أبو زيد وفالح والمغراوي والمأربي؛ قبل أن
يبدعهم المدخلي؛ ألم تكن أصولهم أصول أهل السنة؟!
ألم يكن بعضهم - عند المدخلي - أئمة ونوابغ وعلماء؟!
وماذا كانت أصول الجابري؛ قبل أن يبدعه الحجوري؟!
وأصول الحجوري؛ قبل أن يبدعه الجابري، ومشايخ اليمن؟!
·
لا بد من سابق في التبديع:
الجواب:
فمن سبق المدخلي إلى تبديع ابن قطب، والبنا؟!
قد عاصر العلماء دعوتهما، واطلعوا على كتبهما، ولم يزيدوا على بيان
أخطائهما، والاعتذار لهما؛ فقد اعتذر ابن باز لابن قطب، وذكر أن أخطاءه من جنس
أخطاء الترمذي وغيره من أهل العلم، وما نُقل عنه بشأن تمزيق كتب ابن قطب؛ فهذا من
جنس تحذير علماء الدعوة من كتاب إحياء علوم الدين للغزالي، وصيد الخاطر لابن
الجوزي، وهم لا يبدعونهما؛ فلا تبديع في كلام ابن باز، وكذلك كان موقف الألباني من
ابن قطب.
ومن سلف المدخلي في تبديعه لابن جبرين، وبكر أبو زيد؟! وعلماء العصر قاطبة
يثنون عليهما إلى يومنا هذا.
ومن سلف
الجابري في تبديعه للقاسمي؟! وقد أثنى عليه البيطار والإبراهيمي والألباني وشاكر والفقي
وجلة علماء العصر؟!
ومن سبق شباب المداخلة
في تبديعهم لابن الأثير، والعز ابن عبدالسلام؟! كما رأينا ذلك مؤخراً في منتداهم
المسمى بـ "سحاب".
لقد مرت على
وفاتهما قرون عديدة، ولم نسمع طوال هذه المدة أن أحداً من أهل العلم - عدا الهلالي
المغربي وهو معاصر، وقد تكلم في ابن الأثير فحسب - بدعهما؛ بل شهدوا لهما بالعلم
والإمامة والنفع للإسلام والمسلمين، وإن كانت لهما اجتهادات خاطئة، وتأويلات
فاسدة؛ فقد بينها أهل العلم؛ لكن دون أن يطعنوا فيهما، ويحذوا منهما؛ فالطعن فيهما
وتبديعهما؛ مسلك شائن غريب؛ علماؤنا على خلافه.
وقفات:
قال أحد أفراخ
المداخلة:
"وهكذا
أيضاً (القاسمي)؛ فكم مجد وعظم ورفع فوق منزلته، وهو لا يستحق ذلك؛ لما هو عليه من
الانحراف".
قلت:
وهكذا أيضاً
(النووي وابن حجر)؛ فكم مجدا وعظما ورفعا فوق منزلتهما، وهما لا يستحقان ذلك؛ لما
هما عليه من الانحراف.
وهكذا أيضاً
(الألباني)؛ فكم مجد وعظم ورفع فوق منزلته، وهو لا يستحق ذلك؛ لما هو عليه من
الانحراف.
وهكذا أيضاً
(المدخلي)؛ فكم مجد وعظم ورفع فوق منزلته، وهو لا يستحق ذلك؛ لما هو عليه من
الانحراف.
وقال:
"لا لوم
على مشايخنا إن كشفوا وبينوا حال هؤلاء الذين اغتر بهم أهل الإسلام، وما عرفوا
حقيقتهم التي هم عليها إلا بعد هذا البيان والجهاد؛ فعملهم هذا يعد ديانة وحسبة؛
لله درهم؛ فيغبطون عليه ويشكرون على ما قاموا به؛ فلولاهم لاندرست معالم الدين ..
ثم إن سلفنا الصالح قد تكلموا في أفضل من هؤلاء؛ مع إنه كانت لهم جهود عظيمة في
خدمة الإسلام من التصنيف والتأليف والمشاركة في الثغور، وما منع ذلك أئمة الحديث
نقلة الأخبار ورواة الآثار من أن يحذروا منهم، ومن كتبهم".
قلت:
لا لوم على أهل
السنة؛ إن كشفوا وبينوا حال هؤلاء الذين اغتر بهم أهل الإسلام، وما عرفوا حقيقتهم
التي هم عليها إلا بعد هذا البيان والجهاد؛ فعملهم هذا يعد ديانة وحسبة؛ لله درهم؛
فيغبطون عليه ويشكرون على ما قاموا به؛ فلولاهم لاندرست معالم الدين .. ثم إن
سلفنا الصالح قد تكلموا في أفضل من هؤلاء؛ مع إنه كانت لهم جهود عظيمة في خدمة
الإسلام من التصنيف والتأليف والمشاركة في الثغور، وما منع ذلك أئمة الحديث نقلة
الأخبار ورواة الآثار من أن يحذروا منهم ومن كتبهم.
وقال:
"فهذا
يعقوب بن شيبة الذي حذر منه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله؛ يقول فيه الحافظ
الذهبي رحمه الله في السير: (الحافظ الكبير العلامة الثقة .. صاحب المسند الكبير،
العديم النظير المعلل، الذي تم من مسانيده نحو من ثلاثين مجلداً، ولو كمل لجاء في
مئة مجلد .. ويخرج العالي والنازل، ويذكر أولاً سيرة الصحابي مستوفاة، ثم يذكر ما
رواه، ويوضح علل الأحاديث، ويتكلم على الرجال، ويجرح ويعدل، بكلام مفيد عذب شاف؛ بحيث
إن الناظر في مسنده؛ لا يمل منه، ولكن قل من روى عنه)؛ فأين جمال القاسمي ورشيد
رضا من وزن وثقل الحافظ الكبير يعقوب رحمه الله؛ مع ذلك حذر منه إمام السنة أحمد
بن حنبل، وقال عنه بأنه مبتدع صاحب هوى، ولم يقل عنه بأنه صاحب سنة لأنه حافظ
وعلامة وثقة ويوضح العلل، و .. و .. و .. و".
قلت:
فأين النووي
وابن حجر والألباني والمدخلي؛ من وزن وثقل الحافظ الكبير يعقوب بن شيبة رحمه الله؛
ومع ذلك حذر منه إمام السنة أحمد بن حنبل، وقال عنه بأنه مبتدع صاحب هوى، ولم يقل
عنه بأنه صاحب سنة لأنه حافظ وعلامة وثقة ويوضح العلل، و .. و .. و .. و؛ كما هو
قول أهل البدع من المداخلة والحلبية والمأربية وغيرها من طوائف الضلال.