مما يعرف به
السلفي: بغض أهل البدع له
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله،
والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه ؛؛؛ أما بعد:
فقد كان السلف
الصالح رحمهم الله؛ من شدة غيرتهم على الدين، وعظيم نصحهم للإسلام والمسلمين؛
يعدون الشدة على أهل البدع من المناقب العظيمة، والمآثر الكريمة.
جاء في رسالة أسد
بن موسى رحمه الله المعروف بأسد السنة التي كتبها لأسد بن الفرات رحمه الله؛ قوله:
"إن ما حملني على الكتابة إليك .. عيبك لأهل البدعة، وكثرة ذكرك لهم، وطعنك
عليهم، فقمعهم الله بك، وشد بك ظهر أهل السنة، وقواك عليهم بإظهار عيبهم، والطعن
عليهم، فأذلهم الله بذلك، وصاروا ببدعتهم مستترين؛ فأبشر بثواب ذلك، واعتد به أفضل
حسناتك من الصلاة والصيام والحج والجهاد، وأين تقع هذه الأعمال من إقامة كتاب الله
وإحياء سنة رسوله صلى الله عليه وسلم"اهـ (بتصرف من البدع والنهي عنها لابن
وضاح ص 28)
وفي ترجمة
المحدث أبي جعفر أحمد بن عون الله بن حدير الأندلسي القرطبي من تاريخ دمشق(5/118):
أنه كان غليظاً على أهل البدع مذلاً لهم؛ طالباً لمساوئهم؛ مسارعاً في مضارهم؛
شديد الوطأة عليهم؛ مشرداً لهم إذا تمكن منهم؛ غير مبق عليهم، وكان كل من كان منهم؛
خائفاً منه على نفسـه متوقياً؛ لا يداهن أحداً منهم على حال، ولا يسالمه، وإن عثر على
منكر وشهد عليه عنده بانحراف عن السنة؛ نابذه وفضحه، وأعلن بذكره والبراءة منه،
وعيره بذكر السوء في المحافل، وأغرى به حتى يهلكه، أو ينزع عن قبيح مذهبه وسوء
معتقده، ولم يزل دؤوباً على هذا؛ جاهداً فيه ابتغاء وجه الله؛ إلى أن لقي الله عز
وجل.
فينبغي على السلفي
أن يكون شديد الانتصار والتعظيم لمذهب السلف؛ شديد الحط على أهل البدع؛ سيفاً مصلتاً
عليهم؛ جذعاً في أعينهم؛ مجاهراً ببغضهم وهجرهم.
قال أبو توبة (الربيع
بن نافع الحلبي) رحمه الله: "حدثنا أصحابنا أن ثوراً (هو ابن يزيد الحمصي؛
كان قدرياً، وقد نفاه أهل حمص وحرقوا داره) لقي الأوزاعي فمد يده إليه؛ فأبى
الأوزاعي أن يمد يده إليه، وقال: يا ثور: لو كانت الدنيا لكانت المقاربة، ولكنه
الدين"اهـ (السير 11/344)
وإذ ذلك كذلك؛
فلابد من بغض أهل البدع له، وحطهم عليه، وسوء قولهم فيه، ورميهم له بكل قبيح.
قال أبو عثمان
الصابوني رحمه الله: "علامات البدع على أهلها بادية ظاهرة، وأظهر آياتهم وعلاماتهم:
شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، واحتقارهم، واستخفافهم بهم"اهـ
(عقيدة السلف وأصحاب الحديث ص 101)
وقال أبو حاتم
الرازي رحمه الله: "علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر"اهـ (شرح أصول
اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي 1/179)
وقال أبو زرعة
رحمه الله: "إذا رأيت الكوفي يطعن على سفيان الثوري، وزائدة؛ فلا تشك أنه
رافضي، وإذا رأيت الشامي يطعن على مكحول، والأوزاعي؛ فلا تشك أنه ناصبي، وإذا رأيت
الخراساني يطعن على عبدالله بن المبارك؛ فلا تشك أنه مرجئ، واعلم أن هذه الطوائف
كلها مجمعة على بغض أحمد ابن حنبل؛ لأنه ما من أحد إلا وفي قلبه منه سهم لا برء له"اهـ
(طبقات الحنابلة 1/199-200)
ومن ثم يستحيل
أن تجد صاحب هوى يحب سلفياً - حاله مع أهل البدع كما ذكرنا - أو يثني عليه، أو حتى
يذكره بخير؛ فإن صدر منه شيء من ذلك؛ فاعلم أن هذا (السني) لعاب مداهن.
قال سفيان الثوري
رحمه الله: "إذا كان الرجل محبباً في جيرانه محموداً عند إخوانه؛ فاعلم أنه
مداهن"اهـ (تفسير الرازي الجهمي 4/453)
وصلى
الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين