رقاعة ربيع المدخلي

رقاعة ربيع المدخلي
ذكر ابن حزم في حد المنطق (ص 183) أن المجادل بالباطل الجهول المنقطع بالحجاج؛ يستعمل - في دفع الحق -: البهت، والرقاعة، والمجاهرة بالباطل، ولا يبالي بتناقض قوله.
وهذا هو حال ربيع المدخلي الذي لا أستبعد من فرط كذبه؛ أن يكتب مقالة ينكر فيها أنه مدخلي!
فها هو - أخيراً - يرمي الحلبي بالإرجاء، والسلفيون أجمعون أكتعون أبصعون أبتعون؛ يعلمون أن المدخلي كالحلبي؛ غارق في الإرجاء من أخمص قدمه إلى مفرق رأسه، ويعلمون العلاقة الوثيقة التي كانت بينهما، ويتذكرون جيداً قوله: (علي حسن من رؤوس السلفية)، وقوله: (علي حسن الحلبي بريء من الإرجاء)، وقوله: (أقاموا الدنيا وأقعدوها على تلاميذ الألباني بالإرجاء؛ الإرجاء؛ الإرجاء، وأصبح الخطر الماثل على الأمة الإسلامية من الألباني وتلاميذه؛ هذه مبالغات وتهاويل، وهي والله جزء من حملة خبيثة مركزة على المنهج السلفي؛ فليس المقصود الألباني، وليس المقصود تلاميذه؛ إنما المقصود إهانة المنهج السلفي)، ويعلمون دفاعه عنه، وعن إخوانه مرجئة الشام بخصوص هذه المسألة تحديداً، وقوله: (والله ما هم بمرجئة، وإنهم لعلى السنة ولله الحمد)، ويعلمون طعنه في فتوى اللجنة من أجله، ويتذكرون ثناءه على الجهني لرده على الدوسري، ويعلمون أن سحاباً ومن فيها؛ كانوا ينشرون له ردوده على اللجنة، ويثنون عليها، ويردون على الكبار (!!) ويطعنون فيهم؛ كرد ابن عطايا على (الراجحي)، وعلي رضا ومعاذ الشمري على (بكر أبو زيد).
فالمدخلي بلغ المنتهى في الكذب، والوقاحة، وقلة الحياء، والجرأة على الباطل؛ مع تكبر وتعاظم؛ يرمي الحلبي بالإرجاء، وهو رأس من رؤوسه، وبالكذب، وهو ركن من أركانه، وبالضلالات، وهو غارق فيها، وبحرب أهل السنة، وهو مسعرها.
بل نفس موقفه من الحلبي يدل على أنه مرجئ خبيث؛ فإنه يرميه بالقول بوحدة الأديان، ومع هذا لا يكفره!
وبعد: فهذا بعض أقوال هذا المجرم التي تدل على أنه شيخ الحلبي في الإرجاء، والكذب، والمراوغة.
قال: "ومما ينبغي التفطن له؛ أن الذي يكفر بترك الصلاة من أهل السنة؛ لا يكفر بما عداها من أركان الإسلام؛ كالزكاة والصوم والحج وما بعدها من الأعمال الصالحة، والذي لا يكفر إلا بالأركان الأربعة؛ لا يكفر بما وراءها من الأعمال الصالحة وغيرها؛ لأنه إذا كان لا يكفر بثلاثة من أركان الإسلام؛ فلأن لا يكفر بغيرها من باب أولى".
وقال: "وإذا كان لا يُكفِّر إلا بترك الأركان الأربعة؛ فهو لا يُكفِّر بما بعدها من الأعمال، وكذلك لا يُكفِّر بترك الصلاة، ولا بترك ركنين آخرين؛ فيكون معرَّضاً لسخط عادل ومَنْ على شاكلته؛ لأنه يشارك مَنْ لا يكفر (تارك العمل) مشاركة كبيرة جداً؛ يستحق الإلحاق به في الحكم عليه بأنه مرجئ على المذهب الحدادي".
وقال: "فإذا كان هناك أحد يقول في تارك جنس العمل: إنه ناقص الإيمان، أو مرتكب الكبيرة ناقص الإيمان؛ فإنه لا يصح أن يقال عنه: إنه قد وافق المرجئة".
وقال: "ونسأل من يرمي من لا يكفر تارك جنس العمل أو تارك العمل بالإرجاء، ويدّعون الإجماع على كفر تارك جنس العمل؛ فهل ابن رجب، ومن هو أعلم منه ممن سلف ذكرهم؛ يجهلون هذا الإجماع، أو هم يعلمونه، ويذهبون إلى مخالفته؟ ثم هل تجتمع الأمة على مخالفة النصوص الصريحة من الكتاب والسنة، ومنها ما ذكرته في هذا البحث؟".
وقال: "تعريف الإيمان المنسوب إلى الشافعي رحمه الله؛ لم يثبت، وكيف يثبت، وهو يتعارض مع قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)، ومع أحاديث الشفاعة، وأحاديث مكانة التوحيد وفضائله".
وقال: "وقال ابن البناء رحمه الله في (الرد على المبتدعة ص 195): فصل وشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر من أمته؛ خلافاً للقدرية في قولهم: (ليس له شفاعة)، ومن دخل النار عقوبة خرج منها عندنا؛ بشفاعته، وشفاعة غيره، ورحمة الله عز وجل؛ حتى لا يبقى في النار واحد قال مرة واحدة في دار الدنيا: لا إله إلا الله مخلصاً، وآمن به، وإن لم يفعل الطاعات بعد ذلك)؛ فما رأي أبي عاصم في أقوال هؤلاء الأئمة الذين لا يُكفرون تارك الصلاة؛ بل ولا تارك العمل، هل هم من أهل السنة وأئمتهم؛ كما هو رأي أهل السنة، أو هم ضُلّال مرجئة كما يقوله الحدادية؟ نريد منه توضيح موقفه". وقال: "من يُكفِّر تارك الصلاة؛ إذا وقف أمام أحاديث الشفاعة؛ لا يسعه إلا الأخذ بها، والابتعاد عن تأويلها؛ لأنها تتضمن عقوبة تاركي الصلاة وغيرهم بإدخالهم النار، وتتضمن إخراجهم منها بتوحيدهم، وبشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، والأنبياء والمؤمنين؛ ثم أخيراً برحمة أرحم الراحمين، وفيهم من في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمانهم؛ فأين عملهم وصلاتهم، وهذا إيمانهم، وفيهم من لم يعمل خيراً قط؟".
وقال: "أعتقد أنهم يعتقدون في الإمام محمد (ابن عبدالوهاب) ومن سار على نهجه في عدم التكفير بأي عمل إلا بالشهادتين؛ بأنهم من المرجئة، ولكنهم يستخدمون التقية، والمراوغات".  
وقال: "أكد المحقق ما ذهب إليه ابن بطة رحمه الله من حيث يدري أو لا يدري؛ بكلام الإمام البربهاري الذي نقله من كتابه (شرح السنة)، وهو واضح في أنه لا يكفر أحداً من أهل الإسلام إلا برد وجحود آية من كتاب الله عز وجل، أو يرد شيئاً من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يصلي لغير الله، أو يذبح لغير الله، فهو لا يحكم على مسلم بالكفر والشرك إلا من وقع في الكفر أو الشرك، فإن لم يفعل شيئاً من ذلك؛ فليس بكافر، ولا مشرك".
وقال: "ويركز - أي: ابن نصر المروزي - على إيمان القلب باسم طوائف أهل الحديث، وأن الذين أخرجوا من النار وأدخلوا الجنة من هذه الأصناف؛ أنهم إنما استحقوا هذه الرحمة من الله عز وجل بسبب ما في قلوبهم من الإيمان، ولم يذكر شيئاً من أعمال الجوارح؛ لا الصلاة، ولا غيرها".
وقال: "ويرى القارئ؛ اتفاق طوائف أهل الحديث على الإيمان الصادق بأحاديث الشفاعة التي تنص على أنه يخرج من النار من في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة من إيمان، ومن لم يعمل خيراً قط، وهذا يبطل مزاعم من يدّعي الإجماع على كفر تارك الصلاة".
وقال: "جمهور أهل الحديث لا يكفرون تارك عمل الجوارح".
وقال: "أقول: إن الإمام ابن البناء؛ لم يكتف بالقول باللسان؛ كما يقوله غلاة المرجئة؛ بل أضاف إلى ذلك الإخلاص، وهو عمل القلب؛ مع تصريحه بخروجه من النار؛ أي أنه يعتقد وجوب العمل، وأن تاركه ممن يعاقبه الله بالنار، ولا يخرج منها إلا بالشفاعة أو برحمة أرحم الراحمين؛ ثم إن شأن ابن البناء شأن الإمام أحمد وعدد من أتباعه؛ فتراهم أحياناً لا يكفرون تارك الصلاة؛ بل تارك الأركان، وتارة أخرى لا يكفرون تارك العمل؛ كما نقلنا ذلك عنهم آنفاً؛ أخذاً منهم بأحاديث الشفاعة، واستسلاماً لها؛ لأنهم إذا وقفوا أمامها؛ لا يسعهم إلا التسليم بها".
وقال: "التوحيد والإيمان بالقلب واللسان؛ يؤهلان الموحد للخروج من النار؛ انظر كيف بين (أي: ابن تيمية) توقف الشفاعة على الشهادة لله بالتوحيد، وعلى الإخلاص الذي هو عمل القلب وعلى التصديق بالقلب؛ فاكتفى بالإيمان في القلب والنطق باللسان المؤكد لما في القلب، ولم يذكر العمل في هذا المقام المهم، ولا رأى توقف الشفاعة عليه، وهذا بناء منه على أحاديث الشفاعة؛ وخاصة قوله صلى الله عليه وسلم: (لم يعملوا خيراً قط)".
وقال: "الذي لا يبدع من لا يكفر تارك جنس العمل؛ فهو عندهم مرجئ غال".
وقال: "والإمام محمد (ابن عبدالوهاب)؛ لا يكفر إلا بما أجمعوا عليه وهو الشهادتان، وقوله هذا؛ نص واضح في عدم تكفير تارك العمل؛ إذ ليس وراء الأركان الخمسة من الأعمال ما يكفر به".
وقال: "فكلام ابن بطة مأخوذ من كلام الإمام أحمد، وكذا كلام البربهاري، وهما واضحان جداً في عدم التكفير بترك الفرائض، ومنها الصلاة، وأنهما لا يكفران إلا بالشرك، وسلفهما في هذا الإمام أحمد رحمه الله".
وقال: "وظاهر حديث أبي سعيد، وكلام المؤلف ابن البناء؛ أن المذنبين من الموحدين، وإن لم يفعلوا الطاعات بعد التوحيد؛ فإنهم يخرجون من النار بما في قلوبهم من التوحيد؛ بل عند ابن البناء، وإن لم يقولوها (أي كلمة التوحيد) إلا مرة واحدة في دار الدنيا؛ أنهم يخرجون من النار بهذا التوحيد، وهذا تصريح من ابن البناء بعدم تكفير تارك العمل".
وقال: "من نقل هذا الإجماع المنسوب إلى الشافعي؛ غير الشافعي؟ فهاته، وإلا فهذه الدعوى من الأباطيل التي لا أصل لها".
وقال: "وهذا يدين من يكفرون تارك جنس العمل، ومرادهم بذلك: ترك العمل، وهو قول جديد ابتدعوه لحرب أهل السنة، والشغب عليهم".

وقال: "لكن أعتقد أن الصحابة ما عرّفوا الإيمان بأي تعريف، لأن أسباب تعريفه من الإرجاء وغيره؛ لم تظهر إلا بعد عصرهم، كما سلف بيان ذلك. وأن التابعين ومن بعدهم ما عرّفوه إلا بقولهم: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص؛ كما نُقل ذلك عن أئمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وأنهم ما قالوا: لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر، وأنه لا يقبل إيمان أحد إلا إذا استكمل الثلاثة".

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

كافة الحقوق محفوظة 2012 © site.com مدونة إسم المدونة