الأحكام في الدنيا مبناها على الظاهر
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول
الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه ؛؛؛ أما بعد:
فالحكم على الناس
في هذه الدنيا؛ يكون بناء على الظاهر فحسب؛ أما البواطن
فنكلها إلى عالمها سبحانه وتعالى.
قال صلى الله عليه وسلم: «إني
لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم». البخاري (4351)، ومسلم (1064).
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "يا أيها الناس؛ ألا إنا إنما كنا نعرفكم إذ بين ظهرانينا النبي صلى الله
عليه وسلم، وإذ ينزل الوحي، وإذ ينبئنا الله من أخباركم؛ ألا وإن النبي صلى الله
عليه وسلم قد انطلق، وقد انقطع الوحي، وإنما نعرفكم بما نقول لكم؛ من أظهر منكم
خيراً؛ ظننا به خيراً، وأحببناه عليه، ومن أظهر منكم لنا شراً؛ ظننا به شراً،
وأبغضناه عليه؛ سرائركم بينكم، وبين ربكم"اهـ المسند لأحمد (286)، والمصنف لعبدالرزاق (6036)، والمستدرك للحاكم (8356)،
والسنن الكبرى للبيهقي (17907)
قال ابن عبدالبر رحمه
الله: "أجمعوا أن أحكام الدنيا على الظاهر، وأن السرائر إلى الله عز وجل"اهـ (التمهيد 10/157)
وقال ابن القيم رحمه الله: "فإن الله سبحانه؛ لم يجعل أحكام الدنيا على
السرائر؛ بل على الظواهر، والسرائر تبع لها، وأما أحكام الآخرة؛ فعلى السرائر،
والظواهر تبع لها"اهـ (إعلام الموقعين 1/100)
وعلى هذا الأساس؛ يكون تمييز المسلم من الكافر؛ فمن كان ظاهره الإسلام حكمنا
له به، وكذلك من كان ظاهره الكفر، وإن لم يكن يعلم أنه كافر؛ فهو كافر؛ قال تعالى: }وَيَحْسَبُونَ
أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}.
قال البغوي في تفسيره: "فيه دليل على أن الكافر الذي يظن أنه في دينه على الحق، والجاحد، والمعاند
سواء"اهـ (3/225)
والكافر تشهد أعماله الظاهرة على كفره؛ قال تعالى: }مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ
عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ
هُمْ خَالِدُونَ{.
قال ابن كثير في تفسيره: "}شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ{؛ أي بحالهم، وقالهم"اهـ
(4/119)
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه
وسلم، والحمد لله رب العالمين