دعوة الألباني
فضيلة الشيخ/
زيد بن محمد بن هادي مدخلي
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته ؛؛؛ وبعد:
أبعث إلى فضيلتكم
بنسخة من الجزء الأول من رد: عبداللطيف بن محمد باشميل (الفتح الرباني في الرد على
أخطاء دعوة الشيخ الألباني) مسجلًا على شريطين متضمِنَين لبعض مقالات الشيخ
الألباني بصوته, ومُفَرُّغَين في كتاب أيضًا.
وبما أنَّ هذا
الردَّ يكشف بالدليل والبرهان؛ حقائق هامة عن دعوة الشيخ الألباني التي تنابذ دعوة
الإمام محمد بن عبد الوهاب, وحيث أنُّه ينبغي التنبه لهذه الدعوة الوافدة التي
بدأت تظهر في المملكة؛ آمل من فضيلتكم الإطلاع والإحاطة, وإفادتي برأيكم في هذا
الرد, وإن كان لكم أي ملاحظات قبل نشره.
والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.
السائل
المستفيد والمستشير المتبصر
29/5/1418هـ
من زيد بن محمد
بن هادي المدخلي إلى صاحب السؤال المهم:
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.
بعد التحية:
وصلني خطابكم
الموقر المتضمن طلبكم مني النظر في الكتاب الذي ألفه: عبداللطيف بن محمد باشميل
المسمى بــ: (الفتح الرباني في الرد على أخطاء دعوة الشيخ الألباني)
وعليه أفيدكم
بثلاثة أمور:
أولها: أحب أن
أحيطكم: أنني، وكل طالب علم سلفي المعتقد والمنهج؛ ضد كل من تخالف عقيدته عقيدة
سلفنا الصالحين أهل الحديث والأثر السابقين منهم واللاحقين, كما أننا ضد كل من تنقَّص
أحدًا من الأئمة الأربعة رحمهم الله، أو نال من دعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب،
ونصيره على التجديد والصبر على البلوى الأمير محمد بن سعود رحمهما الله, وهكذا نحن
ضد كل من وقع أو يقع في عرض أحد من أئمة الدعوة إلى الله بمعناها الصحيح في هذه
البلاد أو كرامة حكامها أو علمائها؛ سواء في ذلك؛ الأموات والأحياء, أو يريد أن
ينشر فيها فكرًا أو دعوة ومنهجًا يخالف المنهج الأصيل الذي قامت عليه بلادنا
العزيزة؛ ألا وهو المنهج الموروث عن صفوة البشر محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا
الأمر أعتبره من أصول عقيدتنا الإسلامية السمحة، ومنهج دعوتنا الواضحة النيرة،
وولائنا لمن يستحق الولاء في الله، وبرائنا ممن يستحق البراء كذلك؛ كل بحسب حاله،
والله على ما نقول شهيد.
وثانيها: أنني
قرأت ما دونه عبداللطيف بن محمد باشميل من الأخطاء المأخوذة على الألباني، وأنا
ولله الحمد والمنة؛ مع من ينتقد الخطأ بالأسلوب العلمي، ومع من يرد على أهل
الأهواء والبدع بعد ما يتبين له الأمر كالشمس في رائعة النهار؛ ابتغاء نصرة الحق
وأهله، ورد الباطل وذويه؛ أرجو في ذلك رحمة الله وأخشى عقابه؛ غير أنني أقترح
اقتراحًا غير ملزم، ولكن تقتضيه المصلحة حسب وجهة نظري؛ ألا وهو أن تجمع أخطاء
الألباني كلها التي تتبعها عبداللطيف، والتي تتبعها الدكتور موسى بن سليمان الدويش،
وغيرهما ممن له ملاحظات على الألباني، ويكتب بها بيانًا مسلسلًا، ويحرر عليها
خطابًا لسماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية سماحة الوالد عبدالعزيز بن
عبدالله بن باز حفظه الله، ويطلب منه بإلحاح دراستها من قِبله، أو من قبل لجنة
علمية يرشحهم لذلك، وإعداد الكتابة عليها بما يرونه فيه نصرة الحق ودحض الباطل،
وجلب المصلحة ودفع الضرر؛ فإن الكتابة من هيئة كبار العلماء أطال الله بقاءهم على
الطاعة ونشر الحق في هذا الموضوع؛ تقطع قول كل قائل إن شاء الله تعالى، وتحل
المشكلة، وتقفل الباب على من يريد أن يأخذ ويرد، وتقطع التراشق بقذائف الأقلام لا
سيما والمردود عليه: الألباني المشهور بعلمه، والمزكى من قبل كثير من العلماء
كصاحب السماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، وصاحب الفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
حفظهما الله، وصاحب الفضيلة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض، وغيرهم, بالإضافة إلى
وجود وثائق؛ فيها ثناء الألباني على الدولة السعودية، ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب،
ووثائق فيها دفاعه عن الدولة السعودية وعلمائها.
وثالثها: أن يُقتصر
عند تسجيل الأخطاء على أخطاء الألباني الموثقة فقط، وعندما يتم الرد عليها من قبل
هيئة كبار العلماء؛ سيظهر من يتفق مع الألباني في شيء من ذلك، أو يدافع عنه بغير
حق.
وحينئذٍ يرد
عليه في حينه بما يناسبه، ومن وقف منهم عند الحكمة العظيمة (السعيد من وعظ بغيره)
فذاك هو المطلوب والحمد لله.
وأما التعبير
عن دعوة الألباني بأنها تنابذ دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب؛ فالذي أراه أن يعدل
عن هذه العبارة إلى عبارة (أن عند الألباني شواذ خالف فيها الشيخ الإمام محمد بن
عبدالوهاب) بدل التعبير بالمنابذة"اهـ
المكرم الأخ:
زيد المدخلي
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بناءً على
توجيه صاحب السمو الملكي وزير الداخلية، نأمل الإفادة بمرئياتكم في مضمونها ...
وهل للألباني في المملكة أتباع، ودعاة لسلفيته؟
وهل دعوته
التي يقول عنها: إنها انتشرت في العالم كله؛ مخالفة لدعوة هذه البلاد أم متفقة
معها؟
وهل يرى
الألباني أن حكومة المملكة لها بيعة شرعية، أم لا؟
ولكم تحياتنا.
وكيل الوزارة
للشئون الأمنية
محمد بن عبدالعزيز
الدريبي
من راجي عفو
ربه زيد بن محمد بن هادي المدخلي
إلى صاحب
السعادة وكيل وزارة الداخلية للشؤون الأمنية الأستاذ/ محمد بن عبدالعزيز الدريبي
حفظه الله، ورعاه، وسدد على درب الخير خطاه
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته
بعد التحية:
بمزيد من
الاغتباط استلمت خطابكم لي برقم 2/28/8524, وتاريخ 26/7/1418هـ المبني على توجيه
صاحب السمو الملكي الأمير/ نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية يحفظه الله، وبرفق
الخطاب مذكرة الأخ الدكتور موسى بن سليمان الدويش وفقنا الله وإياه لكل خير، وكانت
المذكرة بعنوان: (تعقيب على مقال مجلة السلفية [من التكفير إلى التفجير]).
وكان المطلوب
مني الإفادة عما تضمنه التعقيب المذكور من الملحوظات على صاحب المقال، ومن ثمَّ
على الشيخ الألباني.
كما تضمن
خطابكم السؤال عن الألباني؛ هل له أتباع في المملكة ودعاة لسلفيته؟
وهل دعوته
التي يقول عنها انتشرت في العالم كله؛ مخالفة لدعوة هذه البلاد أو متفقة معها؟
وهل يرى
الألباني أن حكومة المملكة لها بيعة شرعية؛ أم لا؟
وعليه أفيدكم
بما يلي:
أولًا: فإنني
أشكر الله تعالى؛ ثم أشكر صاحب السمو الملكي وزير الداخلية الذي يهمه شأن العقيدة
السلفية بمعناها الصحيح، والمنهج السلفي في كافة أبواب العلم والعمل، وما يتعلق
بها من كل ما من شأنه فيه صلاح يعود على ديننا ودنيانا حكومة وشعبًا؛ بل وعامة
المسلمين، وذلك غير غريب؛ فهو شيء من معدنه انطلق، والحمد لله، وهذه نعمة تستدعي الشكر
والتقدير لله العلي القدير؛ ثم لولاة أمورنا الذين بذلوا الغالي النفيس في سبيل
رفع راية الحق والدين في هذا البلد وغيره من بلدان المسلمين؛ ما استطاعوا إلى ذلك
سبيلًا.
ثم أشكركم يا
محب على حسن الاهتمام بهذا الموضوع؛ الذي بدأ فيه التراشق بقذائف الأقلام كما
بلغني يقينًا وبأقوى الأساليب؛ فأنتم خير ناصح وخير معين في مرفقك المهم؛ خصوصًا
وفيما يتعلق بشأن المسلمين عمومًا، وبالدرجة الأولى بلادنا الغالية بلاد الحرمين
الشريفين التي نرجو من الله سرًا وعلنًا؛ أن يسبغ عليها وعلى جميع بلاد المسلمين؛
نعمة الأمن والإيمان والسلامة والإسلام والإحسان.
ثانيًا: أحب
أن أبشركم يا محب بما تعرفونه؛ بأن الله تبارك وتعالى قد أكرم هذه البلاد حكومة
وشعبًا على اختلاف طبقاتهم بأصول شرعية ثابتة مصدرها الكتاب العزيز، وصحيح السنة
المطهرة بفهم السلف الصالح من هذه الأمة في أصول الدين وفروعه وحقوقه ومكملاته,
والكمال لله ثم لمن منحه الله إياه، وبسبب ذلك: فإن لهذه البلاد - اليوم وقبل
اليوم - من يوم أن شرقت شمس التجديد لما اندرس من معالم الدين الإسلامي الحنيف على
يد المجدد محمد بن عبدالوهاب والأمير محمد بن سعود رحمهما الله؛ مواقفها الشريفة
حيال عقيدة السلف الصالح أهل الحديث والأثر الموروث عن سيد البشر صلى الله عليه
وسلم، وحيال الأئمة الأربعة ومن قبلهم ومن بعدهم من أئمة العلم الربانيين، وحيال
أئمة الدعوة من أحفاد الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتلامذته، ومن على نهجهم يسير إلى
يومنا هذا, وهكذا حيال حكومتنا الرشيدة أيدها الله بنصره وتوفيقه؛ مع معرفة مالها
من الفضل بعد الله ذي الجلال والإكرام؛ ما يعرفه العقلاء، ويقدره ويشكره الفضلاء
داخل البلاد وخارجها؛ مما يطول شرحه ووصفه، وهو معلوم لديكم أكثر من غيركم.
ثالثًا: وأما
ما تضمنته مذكرة الدكتور موسى بن سليمان الدويش؛ فهو يتلخص في ثلاثة أشياء:
أولها: نقد
لصاحب المقال المنشور في المجلة السلفية بعنوان (من التكفير إلى التفجير) لأنه
أثنى فيه على الشيخ الألباني.
وثانيها: مآخذ
أوردها الدكتور موسى على الألباني؛ مسطرة في مذكرته؛ كما وعد بإيراد الباقي في
المستقبل.
وثالثها: مآخذ
أيضًا على بعض طلبة الألباني في داخل المملكة وخارجها؛ كما ذكر الدكتور موسى.
ونحن يا محب
في منطقة الجنوب؛ قد يبلغني شيء من هذه الأمور، وتفوتنا أشياء.
وحيث إن
للألباني في بعض كتبه وأشرطته ثناء على الدولة السعودية، وثناء على دعوة المجدد
محمد بن عبدالوهاب، ودفاعًا عنها في بعض مناظراته لمن كان يلمزها بالوهابية, ويلمز
حكام وعلماء المملكة العربية السعودية بذلك؛ سمعته بنفسي وقرأته, وبجانب ذلك عليه
ثناء من كبار علماء هذه البلاد كصاحب السماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز حفظه الله؛ حيث قال عنه ما نصه: (ما رأيت تحت أديم السماء عالمًا
بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني).
وقال في موضع
آخر: (إن الشيخ الألباني معروف لدينا بحسن
العقيدة والسيرة)
وعلاقته بنا قائمة إلى يومنا هذا بدون شك.
وهكذا قد أثنى
عليه الشيخ محمد الصالح العثيمين حفظه الله، ووصفه بالحرص على العمل بالسنة
ومحاربة البدعة سواءً في العقيدة أو العمل, وأنه ذو علم جم في الحديث رواية
ودراية, وأن الله قد نفع فيما كتبه كثيرًا من الناس من حيث العلم ومن حيث المنهاج
والاتجاه إلى علم الحديث، إلى أن قال: (وأما من حيث التحقيقات العلمية الحديثية فناهيك به
على تساهل منه أحيانًا) إلى أن قال حفظه الله ورعاه: (وعلى كل حال فالرجل طويل
الباع، واسع الاطلاع، قوي الإقناع, وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا قول الله
ورسوله, ونسأل الله أن يكثر من أمثاله في الأمة الإسلامية).
كما أثنى عليه
زيد بن عبدالعزيز الفياض؛ حيث قال: (أما بعد: فإن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني من
الأعلام البارزين في هذا العصر .. إلى أن قال: وهو كغيره من العلماء الذين يصيبون
ويخطئون، ولكن انصرافه إلى هذا العلم العظيم - علم الحديث ورجاله - مما ينبغي أن
يعرف له به الفضل، وأن يشكر على اهتمامه به).
وبجانب هذا
وذاك؛ فقد تضمنت مذكرة الدكتور موسى الدويش، ومثله عبداللطيف بن محمد باشميل وفقنا
الله وإياهما وجميع المسلمين لما فيه الخير والسداد؛ مآخذ على الشيخ الألباني،
وحيث إن من الحكمة في حل الأمور أن يسلك فيها أقوم الطرق وأحسنها مردودًا وعاقبة،
فإنني أقترح أن تجمع جميع الملاحظات التي لوحظت على الشيخ الألباني؛ سواء منها ما
أودعه الدكتور موسى في مذكرته أو غيرها، أو لاحظه غيره بكل أمانة وجد؛ ثم يحرر عليها
خطاب إلى صاحب السماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز حفظه الله، ويطلب فيه منه الحل
الأمثل حيال هذه الملاحظات وأمثالها، وهو بدوره وبما آتاه الله من علم وحكمة وغيرة
على الدين وتجربة في حل المشكلات؛ إن أراد أن يتولى الرد بنفسه فذاك، وإن أراد أن
يشكل لجنة علمية تتولى الرد على الملاحظات فهو أبصر.
ومما لا شك
فيه أن الرد من هذه الجهة سيكون مقنعًا للأوساط العلمية وستحل به المشكلة بخير حل
إن شاء الله, وسوف يقفل به باب كثرة الجدل والمناظرة في هذا الموضوع؛ إذ من
المعلوم أن هيئة كبار العلماء برئاسة صاحب السماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله بن
باز حفظه الله؛ هي المرجعية العلمية ذات المستوى في الرد على الألباني، وغيره من
طلبة العلم؛ فإنني أخشى أن يتسع ميدان الأخذ والرد ويكثر التراشق بقذائف الأقلام،
وقد يكون بالأسلوب غير المناسب, وحينئذ يسوء الحال، ولا تؤمن الفتنة التي يجر
بعضها بعضًا، ونعوذ بالله من فتنة تدوم.
وأما السؤال
عن أتباع الألباني في المملكة ودعاة لسلفيته؛ فإنني لا أعرف أحدًا من إخواننا
السلفيين حقًّا؛ يصرح بأنه من أتباع الألباني أو يدعو إلى سلفية انفرد بها
الألباني عن العقيدة السلفية حقًا، وعن المنهج السلفي كذلك.
غير أن من علم
أن أحدًا له اتجاه غير الاتجاه السلفي الذي تنعم به هذه البلاد بالدرجة الأولى؛
فلا يجوز له السكوت عليه؛ بل ينصحه فإن رجع فذاك، وإلا فليبين أمره حتى لا يتعدى
ضرره إلى غيره؛ إذ (لا
ضرر ولا ضرار)، و(الدين
النصيحة).
وأما دعوة
الألباني التي يقول عنها: إنها انتشرت في العالم كله؛ فإن الألباني نفسه يصرح
دائمًا وأبدًا؛ بأن دعوته تهدف إلى وجوب تمسك الأمة بالكتاب والسنة لا يزيد ولا
ينقص؛ هذا قوله؛ ولا شك أن قول كل قائل محكوم بالكتاب والسنة بالفهم السلفي الصحيح؛
فإن وجد مطابقًا للكتاب والسنة؛ فالحمد لله، وإن خالف شيء من أعماله دعواه؛ فإنه
يجب أن يصحح بالمناقشة له والتوجيه أو الرد عليه عند الحاجة الشرعية إليه, ولا أرى
إلا أن هذه الفقرة ينبغي أن تدخل أيضًا ضمن ما سيطرح على هيئة كبار العلماء كما
أسلفت آنفًا ليقرروا ما يرونه صوابًا ونافعًا.
وأما ما يتعلق
بقضية البيعة فالمعروف عن الألباني قوله في شرح حديث حذيفة رضي الله عنه: (وهذا
الحديث جليل عظيم؛ لأن فيه تصريحًا واضحًا جدًا يتعلق بالمسلمين اليوم؛ حيث إنه
ليس لهم جماعة قائمة وإمام مبايع, وإنما هم أحزاب مختلفة اختلافًا فكريًا ومنهجيًا
أيضًا).
وهو بهذا
الشرح يعم لا يخص بلدًا دون أخرى، ثم هو يرى أن الأصل أن يجتمع الأمة الإسلامية
على إمام واحد مسلم, وأذكر أني رددت عليه وعلى تلميذه على حسن عبدالحميد قبل سنوات
في هذه المسألة في كتابي الأجوبة السديدة (3/242)، ومن جملة ردي عليهما أن قلت:
(أما نحن في
المملكة العربية السعودية علماء وعقلاء وعامة فإننا نعلنها صريحة ظاهرًا وباطنًا
بأن في أعناقنا بيعة شرعية لملك المملكة العربية السعودية فهد بن عبدالعزيز حفظه
الله ورعاه، والوفاء بها واجب شرعي بشرطه، ونعتبر ذلك نعمة عظمى كلما أرسلنا النظر
إلى دنيا البشر شرقًا وغربًا وجنوبًا وشمالًا. نعم إننا نعتبر إمامته علينا رحمة
وولايته شرعية تستدعي البيعة الشرعية؛ لأنه يحرس أصل الدين وقاعدته، ويفتح حقول
العلم الشرعي الشريف في قطر المملكة العربية السعودية؛ بل وخارجها مما لا يحتاج
مني إلى إقامة الأدلة والبراهين, ولأنه ينفذ أحكام الشريعة الإسلامية من فرائض
وواجبات وشعائر في شعبه الذي استطاع أن يبسط عليه سلطانه؛ بل ويرعى مصالح الرعية
دينًا ودنيا، ويرعى كثيرًا من مصالح الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها
كما هو واضح لكل ذي عينين صاحب عدل وإنصاف, ونحن إذ نقول هذا؛ فإننا أيضًا لا ندعي
لولاة أمرنا الكمال في كل شيء؛ فالكمال عزيز في دنيا البشر، ولا ندعي لهم العصمة
من الوقوع في الخطأ, كلا؛ فكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون, وننصح لهم من
صميم قلوبنا، وندعو لهم سرًا وعلنًا؛ أن يكونوا معتصمين بحبل الله المتين كتاب
الله المبين ورسالة الرسول الصادق الأمين عليه أتم الصلاة وأزكى التسليم من الله
أرحم الراحمين؛ إذ بذلك تبرأ الذمم، وتدوم النعم، وتدفع المحن والنقم، ويمكن الله
في الأرض: }مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ
وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا{)اهـ
وقد سمعت بعد
ذلك أن سائلًا سأله عن موضوع البيعة في هذا العصر؛ فقال في جوابه: (الأصل أن
المسلمين يجب أن يبايعوا إمامًا واحدًا, وما حصل اليوم من تعدد المبايع لهم في
الأقطار؛ فهو من باب الضرورة). هذا معنى كلامه الأخير, وعلى كل حال فهذه القضية
المهمة؛ يجب أن تدرج ضمن المسائل والمآخذ التي اقترحت جمعها وطرحها على هيئة كبار
العلماء برئاسة صاحب السماحة والدنا العزيز الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز؛
لتنال نصيبها من الحل بوضوح، وتنشر في الأوساط العلمية, من جهة يسلِّم لها من سلم
قلبه من المرض، وعقله من الخبل، وفطرته من التلوث.
هذا ما استطعت
أن أدونه وأحيطكم به: }إِنْ
أُرِيدُ إِلا الإصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ
تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ{،
وأعدكم أن أضع يدي في أيديكم في كل ما من شأنه بر وصلاح لبلادنا خاصة، ولأمة
الإسلام عامة.
وهذا اسمي
الكامل: (زيد بن محمد بن هادي المدخلي), وهذا عنواني (جازان - سامطة - المكتبة
السلفية الخيرية), وهذا رقمي ( 073321277) ت م.
وصلى الله
وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أخوكم في الله
ومحبكم فيه.
زيد بن محمد
بن هادي المدخلي
18/8/1418هـ