ابن تيمية ليس
نبي السلفية
أولاً: موقف ربيع المدخلي من ابن تيمية قبل معرفته بمخالفاته:
ربيع: اسمح لي بارك الله فيك؛ هل تنكرون هذه الفضيلة لابن تيمية؟
فريد المالكي: يا شيخ ابن تيمية إمام من أئمة أهل السنة، وابن تيمية لم يأت أحد بعده
مثله، ولكن يا شيخ.
ربيع: اسمح لي بارك الله فيك؛ ما أحد ألف مثله في التوحيد من علماء الإسلام كلهم.
عبداللطيف باشميل: والله مؤلفات أحمد بن حنبل في التوحيد، والرد على الجهمية.
ربيع: اسمح لي بارك الله فيك؛ هو رد على الجهمية أضعاف أضعاف أضعاف، وأقوى من رد
أحمد بن حنبل؛ أنا عرفت ماذا عند أحمد رحمه الله في توحيد الأسماء .. وعرفت ماذا
عند ابن تيمية .. منهاج السنة؛ غيره غيره غيره؛ كتب ما كتبها أحمد، ولا غيره.
فريد المالكي: مجموع الفتاوى؛ في أشياء أخطأ فيها ابن تيمية.
ربيع: وأحمد بن حنبل؛ ما يخطئ.
فريد المالكي: بس مو مثل ابن تيمية؛ حتى لما قرأنا على الشيخ حماد الأنصاري؛ قال: أعتقد
أن مجموع الفتاوى؛ فيه أشياء وضعت فيه. فلما طلعت مع الإخوان؛ قلت: لا أما مسألة
وضعت فيه فما أعتقد؛ لأن حتى الأشاعرة؛ يقولون: ما تكلم فيه في الأشاعرة وضع فيه.
ربيع: هو يقول: أنا كتبت كتاب في المناسك؛ هو مر بمراحل .. أما غمز ابن تيمية؛
فجار في هذا الاتجاه.
فريد المالكي: يا شيخ؛ لو أعتقد في ابن تيمية شيء، والله ما أداهن لأقول فيه؛ لكن أقول:
إمام.
ربيع: اسمع اسمع؛ رد ابن تيمية على الجهمية والمعتزلة والروافض والخوارج واليهود
والنصارى، وجاء والإسلام قد خلاص .. جدد تجديد لا نظير له .. جدد تجديد لا نظير له أبداً ..
لا نظير لتجديده في تخليص الإسلام من أفكار الصوفية، ومن
أفكار الملاحدة .. ومن أفكار كل أهل البدع .. خلص الإسلام الذي ضيعته هذه الفرق كلها
.. فخلصه، وقدمه غضاً طرياً؛ يصدق عليه حديث التجديد في
أجلى صوره .. لا أحد فعل هذا بارك الله فيك؛ اسمع كل واحد في وقته
.. هو جابه مشاكل ما جابهها لا أحمد ولا"اهــ ]من تسجيل نادر أتحفني به أحد الإخوة[
التعليق:
هذا الكلام
كرره المدخلي كثيراً في مجالسه؛ تارة يقول ذلك، وتارة يقول: "ابن تيمية أعلم
من أحمد، والثوري، ومالك، والأوزاعي، والليث".
وهذا من أعظم الطعن في أئمة السلف؛ فلولاهم؛ ما راح
ابن تيمية، ولا جاء.
والذي أوقع المدخلي
في ذلك:
1-
جهله بمقام
أئمة السلف.
2-
قصور علمه، وهذا
يظهر من أمرين؛ الأول: قوله: "ما أحد ألف مثله في التوحيد؛ من علماء الإسلام كلهم". والثاني: عدم
معرفته بمخالفات ابن تيمية؛ مع كونها ظاهرة لا تخفى، ويكفي منها كتاباه (رفع
الملام)، و(الاستقامة).
3-
عدم اطلاعه في ذاك الوقت؛ على كتب السنة، ومصنفات الأئمة؛ شأنه في ذلك شأن جل
المعاصرين؛ فهذا ابن باز؛
يقول في تقديمه لكتاب (السنة) لعبدالله بن أحمد؛ تحقيق محمد بن سعيد القحطاني (الطبعة
الخامسة) - الطبعة الأولى كانت سنة 1406 -: "لقد كان
هذا الكتاب عندي منذ أربعين سنة؛ فلم أقرأه كاملاً إلا حين أخرجته بهذا
التحقيق".
قلت:
ليس هذا بأعجب من سكوته عن ذاك القحطاني الذي سلك مسلك الجهمية في تحقيقه للكتاب،
وتعليقه عليه.
قال
في (1/75): "ومن هنا أقول: إن أول ما يؤخذ على عبدالله رحمه الله في كتاب
السنة؛ هو إدراج الكلام في أبي حنيفة في كتاب من أهم وأول كتب العقيدة السلفية؛ إذ
من المقطوع به عقلاً أن شتم أبي حنيفة أو مدحه؛ ليس من أمور العقيدة الأساسية في شيء".
وقال
في (1/77): "الإرجاء: وهذا صحيح في أبي حنيفة، ولكنه إرجاء الفقهاء، وليس
إرجاء الفرقة المبتدعة التي؛ تقول: لا يضر مع الإيمان معصية؛ كما لا ينفع مع الكفر
طاعة".
وقال
في (1/106): "أما القول بأن الاستواء لا يكون إلا بجلوس؛ فليس هذا من مذهب
السلف؛ بل مذهب السلف بخلافه؛ ذلك أن مذهبهم واضح كل الوضوح؛ في أن الاستواء معلوم،
والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة؛ أما هذا الذي يروى عن خارجة؛
فليس إلا شذوذاً من كذاب متروك يعبر عن معتقده هو، ومن هنا
نقول: إن هذه العبارة أقرب إلى التجسيم، وتشبيه الخالق بالمخلوق".
وقال
في (1/175) معلقاً على كلمة ]حد[: "هذه العبارة لم أجدها في الكتب التي ذكرت هذا النص؛ مثل
كتب ابن تيمية؛ كالحموية مثلاً، وابن القيم
في الجيوش، والذهبي في العلو، إلا الدارمي؛ فإنه قد أوردها في رده على الجهمية، وعلق
على ذلك محقق الكتاب بقوله: (هذا يوهم إحاطة الملائكة بالله تبارك وتعالى،
ومن المقطوع به لدى السلف والخلف أنه لا يحيط به تعالى شيء؛ بل إنه هو بكل شيء محيط؛
كما صرح به القرآن الكريم، ومراد ابن المبارك من جوابه واضح، وهو أن الله ليس
حالاً في خلقه؛ بل هو بائن منهم، وهو حق بين). وكذلك شارح الطحاوية؛ أوردها ثم علق عليها بقوله: (من
المعلوم أن الحد يقال على ما ينفصل به الشيء، ويتميز به
عن غيره، والله تعالى غير حال في خلقه، ولا قائم بهم؛ بل هو القيوم القائم بنفسه
المقيم لما سواه؛ فالحد بهذا المعنى لا يجوز أن يكون فيه منازعة في نفس الأمر أصلاً؛
فإنه ليس وراء نفيه إلا نفي وجود الرب ونفي حقيقته، وأما الحد بمعنى العلم والقول،
وهو أن يحده العباد؛ فهذا منتف بلا منازعة بين أهل السنة".
وقال
في (1/175-176) معلقاً على أثر رقم ]217[ (بعث عبدالله
بن عمر؛ إلى عبدالله بن عباس رضي الله عنهم؛ يسأله: هل رأى محمد صلى الله عليه
وسلم ربه؛ فبعث إليه: أن نعم قد رآه، فرد رسوله إليه، وقال: كيف رآه؟ فقال: رآه
على كرسي من ذهب؛ تحمله أربعة من الملائكة: ملك في صورة رجل، وملك في صورة أسد،
وملك في صورة ثور، وملك في صورة نسر؛ في روضة خضراء؛ دونه فراش من ذهب): "هذا
حديث ضعيف لا يحتج به خاصة في أمور العقيدة، ثم هو دخول في الكيفية، وهو على
خلاف مذهب السلف الذي يقرر أن الكلام في كيفية الذات أو الصفات من الأمور البدعية".
وقال في (1/294) معلقاً على أثر أبي عطاف
رقم ]567[ (كتب الله التوراة لموسى عليه السلام بيده، وهو مسند ظهره إلى
الصخرة في ألواح من در؛ فسمع صريف القلم؛ ليس بينه وبينه إلا الحجاب): "هذا من
الإسرائيليات المقطوع ببطلانها؛ ثم هو مروي عن رجل مجهول.
وقد أغنانا الله سبحانه في موضوع صفاته؛ بما ورد في كتابه، وصحيح سنة رسوله
صلى الله عليه وسلم؛ فكان حرياً بالمصنف رحمه الله؛ ألا يورد مثل هذه الأقاويل
الباطلة في كتاب من كتب العقيدة المعتمدة كهذا الكتاب".
وقال
في (1/219) معلقاً على كلام أبي إسحاق الفزاري (كان أبو حنيفة؛ يقول: إيمان إبليس،
وإيمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه واحد؛ قال أبو بكر: يا
رب، وقال إبليس: يا رب): "لعل مراده بذلك التصديق القلبي، ومعلوم أنه لا يكفي
وحده".
وفي
(1/303) أنكر حديث الأطيط محتجاً بكلام الذهبي، والألباني.
وقال
في (2/475) معلقاً على حديث «خلق الله عز وجل الملائكة من نور الذراعين والصدر»:
"هذا الأثر منكر؛ لأن النصوص الصريحة بخلافه؛ ثم هو دخول في الكيفية، والكلام
فيها مخالف لصريح مذهب السلف؛ بل هذا الكلام
أقرب إلى الفكر البرهمي منه إلى غيره؛ كما هو معلوم في ديانة البراهمة".
وقال
في (2/507): "لم أجد فيما اطلعت عليه من مصادر؛ من تكلم في صفة الحقو".
وقال
في (2/525) تعليقاً على أثر خالد بن معدان (إن ريح الجنة لتضرب على مقدار أربعين
خريفاً، والخريف باع الله عز وجل): "هذا الأثر يقال
فيه ما قيل فيما شاكله، وهو أن الكلام في كيفية الصفة؛ ليس من
مذهب السلف".
4-
اقتصاره على كتب ابن تيمية، وجعلها مرجعه في معرفة السلفية.
5-
ظنه أن من كثر كلامه، وجداله في مسائل الدين؛ فهو أعلم ممن ليس كذلك.
قال ابن رجب واصفاً حال أمثال ربيع المدخلي: "وقد فتن كثير من
المتأخرين بهذا؛ فظنوا أن من كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل الدين؛ فهو أعلم
ممن ليس كذلك. وهذا جهل محض، وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكر وعمر وعلي
ومعاذ وابن مسعود وزيد بن ثابت؛ كيف كان كلامهم أقل من كلام ابن عباس، وهم أعلم
منه، وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة، والصحابة أعلم منهم، وكذلك تابعوا
التابعين كلامهم أكثر من كلام التابعين، والتابعون أعلم منهم؛ فليس العلم بكثرة
الرواية، ولا بكثرة المقال، ولكنه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق، ويميز به
بينه وبين الباطل، ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد، وقد كان النبي صلي
الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصاراً، ولهذا ورد النهي عن
كثرة الكلام والتوسع في القيل والقال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله
لم يبعث نبياً إلا مبلغاً وإن تشقيق الكلام من الشيطان) يعني أن النبي إنما يتكلم
بما يحصل به البلاغ. وأما كثرة القول، وتشقيق الكلام؛ فإنه مذموم، وكانت خطب النبي
صلى الله عليه وسلم قصداً، وكان يحدث حديثاً لو عده العاد لأحصاه، وقال: (إن من
البيان لسحراً)، وإنما قاله في ذم ذلك لا مدحاً له كما ظن ذلك من ظنه. ومن تأمل
سياق ألفاظ الحديث قطع بذلك. وفي الترمذي وغيره عن عبدالله بن عمرو مرفوعاً: (إن
اللَ ليبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة بلسانها)، وفي
المعنى أحاديث كثيرة مرفوعة وموقوفة على عمر وسعد وابن مسعود وعائشة وغيرهم من
الصحابة؛ فيجب أن يعتقد أنه ليس كل من كثر بسطه للقول وكلامه في العلم كان أعلم
ممن ليس كذلك. وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من
المتأخرين؛ أنه أعلم ممن تقدم؛ فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من
الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله. ومنهم من يقول: هو أعلم من الفقهاء
المشهورين المتبوعين. وهذا يلزم منه ما قبله؛ لأن هؤلاء الفقهاء المشهورين
المتبوعين أكثر قولاً ممن كان قبلهم؛ فإذا كان من بعدهم أعلم منهم لاتساع قوله؛
كان أعلم ممن كان أقل منهم قولاً بطريق الأولى كالثوري والأوزاعي والليث وابن
المبارك وطبقتهم وممن قبلهم من التابعين والصحابة أيضاً؛ فإن هؤلاء كلهم أقل
كلاماً ممن جاء بعدهم، وهذا تنقص عظيم بالسلف الصالح، وإساءة ظن بهم، ونسبته لهم
إلى الجهل وقصور العلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولقد صدق ابن مسعود في قوله في
الصحابة: إنهم أبر الأمة قلوباً وأعمقها علوماً وأقلها تكلفاً. وروي نحوه عن ابن
عمر أيضاً. وفي هذا إشارة إلى أن من بعدهم أقل علوماً، وأكثر تكلفاً. وقال ابن
مسعود أيضاً: إنكم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه
كثير خطباؤه فمن كثر علمه وقل قوله فهو الممدوح ومن كان بالعكس فهو مذموم. وقد شهد
النبي صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن بالإيمان والفقه. وأهل اليمن أقل الناس
كلاماً وتوسعاً في العلوم لكن علمهم علم نافع في قلوبهم ويعبرون بألسنتهم عن القدر
المحتاج إليه من ذلك. وهذا هو الفقه والعلم النافع؛ فأفضل العلوم في تفسير القرآن
ومعاني الحديث والكلام في الحلال والحرام ما كان مأثوراً عن الصحابة والتابعين
وتابعيهم إلى أن ينتهي إلى أئمة الإسلام المشهورين المقتدى بهم الذين سميناهم فيما
سبق؛ فضبط ما روي عنه في ذلك أفضل العلوم مع تفهمه وتعقله والتفقه فيه، وما حدث
بعدهم من التوسع لا خير في كثير منه؛ إلا أن يكون شرحاً لكلام يتعلق من كلامهم،
وأما ما كان مخالفاً لكلامهم فأكثره باطل أو لا منفعة فيه، وفي كلامهم في ذلك
كفاية وزيادة؛ فلا يوجد في كلام من بعدهم من حق إلا وهو في كلامهم موجود بأوجز لفظ
وأخصر عبارة، ولا يوجد في كلام من بعدهم من باطل إلا وفي كلامهم ما يبين بطلانه
لمن فهمه وتأمله. ويوجد في كلامهم من المعاني البديعة والمآخذ الدقيقة مال ا يهتدى
إليه من بعدهم ولا يلم به؛ فمن لم يأخذ العلم من كلامهم فاته ذلك الخير كله؛ مع ما
يقع في كثير من الباطل متابعة لمن تأخر عنهم. ويحتاج من أراد جمع كلامهم إلى معرفة
صحيحه من سقيمه وذلك بمعرفة الجرح والتعديل والعلل فمن لم يعرف ذلك فهو غير واثق
بما ينقله من ذلك ويلتبس عليه حقه بباطله. ولا يثق بما عنده من ذلك كما يرى من قل
علمه بذلك لا يثق بما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن السلف لجهله بصحيحه
من سقيمه فهو لجهله يجوز أن يكون كله باطلاً لعدم معرفته بما يعرف به صحيح ذلك
وسقيمه. قال الأوزاعي: العلم ما جاء به أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما كان غير
ذلك فليس بعلم. وكذا قال الإمام أحمد، وقال في التابعين: أنت مخير. يعنى مخيراً في
كتابته، وتركه"اهـ (بيان فضل علم السلف على علم الخلف
ص 5-6)
ثانياً: موقف ربيع المدخلي من ابن تيمية بعد معرفته بمخالفاته:
قال في شريط
(لقاء طلبة العلم بالرس): "ما عندهم إلا ابن
تيمية، والذهبي؛ لا يقولك: أحمد بن حنبل، ولا ابن حبان ]هذا من جهله - أو غفلته - وإلا فابن
حبان مبتدع، وانظر (عقيدة ابن حبان) في قسم المقالات[، ولا الشافعي،
ولا مالك، ولا أحمد؛ ما يستطيعون أن يأتوا بدليل، فتتبعوا هؤلاء الذين لهم كتابات
كثيرة، وجمَّعوا منها شبهات أضعاف
ملايين المرات من شبهات الجهمية
والمعتزلة والروافض والخوارج"اهـ
وقال في شريط (ندوة
وقفات في المنهج) وهو يتكلم
عن مخالفة ابن تيمية للسلف في مسألة الهجر: "هذا الكلام لشيخ الإسلام
رحمه الله؛ وجدنا في كلام السلف ما يخالفه .. ولا ينبغي لمسلم أن يتعلق بكلام إمام؛
لنصرة ما فيه من باطل؛ فكثير من أهل
الأهواء يتعلقون بكلام شيخ الإسلام هذا، ويشهرونه
سلاحاً في وجه من يدعو إلى السنة"اهـ
التعليق:
لا شك أن المدخلي محق في كلامه هذا؛ بيد أن شغف كثير من المتأخرين بابن
تيمية، وتغاليهم فيه جداً؛ جعلهم لا يقبلون هذا الكلام من المدخلي؛ فهم لا يتصورون
مجرد الكلام فيه؛ فضلاً عن نقده، وتخطئته؛ لذا تعقبوا ربيعاً، وعدوا كلامه طعناً
في ابن تيمية.
وممن حذا حذو هؤلاء - لمجرد النكاية في المدخلي، وبيان تناقضه - أعضاء
منتدى (على الحلبي)؛ حيث قال أحدهم ملزماً إياه طرد قاعدته في التبديع: "ها
هو شيخ الإسلام يقع في منهج الموازنات؛ فأين الشيخ ربيع يا ترى؟ وأين أصحاب الرايات. بعد
ما بدع الشيخ ربيع ما شاء الله من أهل السنة الغراء؛ بقي عليه أن يبدع شيخ الإسلام
ابن تيمية، وأنى
له هذا؛ فبقدر ما أعمل وأنزل
قواعده الدخيلة على علماء أهل السنة؛ بقدر ما قلبت عليه حججاً، وبراهين دامغة، ومن هذه
الدامغات المفحمات؛ إلزامه بتبديع شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ حيث سأنقل لك أخي القارئ؛ بعض موازنات شيخ
الإسلام ابن تيمية الحبر العلامة؛ ليست في حق أهل السنة؛ لا؛ لا؛ بل في حق المتفلسفة
والمنطقيين؛ فهذا أدهى، وأمر. فبهذا نلزم الشيخ ربيعاً والمقلدة أتباعه بأمرين اثنين؛
لا ثالث لهما: تبديع شيخ الإسلام ابن
تيمية بنفس القواعد التي عمل بها لتبديع علماء أهل السنة. أو التراجع عن هذه
القواعد الدخيلة التي أحدثها، وشتت، وفرق شمل أهل السنة
بسببها. ولا أطيل؛ أترككم مع الموازنات: قال ابن تيمية رحمه الله في درء التعارض
(10/143): ولا ريب أن كلام أرسطو في الإلهيات كلام قليل، وفيه خطأ
كثير؛ بخلاف كلامه في الطبيعيات؛ فإنه كثير، صوابه فيه كثير. وقال في
الرد على المنطقيين ص (234): وأرسطو وأتباعه في الإلهيات؛ أجهل من اليهود والنصارى
بكثير كثير، وأما في الطبيعيات؛ فغالب كلامه جيد. وقال في منهاج السنة (1/358): وإنما
عامة علم القوم في الطبيعيات؛ فهناك يسرحون، ويتبجحون، وبه بنحوه عظم من
عظم أرسطو، واتبعوه؛ لكثرة كلامه في الطبيعيات، صوابه في أكثر ذلك؛ فأما الإلهيات؛ فهو وأتباعه من أبعد الناس عن معرفتها.
وقال في مجموع الفتاوى (9/135): ولا أبعد عن
العلم بالله تعالى منهم؛ نعم لهم في الطبيعيات كلام
غالبه جيد، وهو
كلام كثير واسع. أقول هنا: ماذا عساك يا شيخ ربيع؛ تقول، ومقلدتك الرعاع في حق شيخ
الإسلام؛ بعد كل هذه الموازنات التي تحاربها؟ ننتظر الجواب"اهـ
وبعيداً عن تلاعبه، وتناقضه، وإلا فأين كانوا يوم أن قال المدخلي هذا
الكلام؛ أقول:
أهل السنة يذبون عن منهج السلف؛ غير عابئين
بإرجاف الأغرار، أو بتهويل الجهال، وقد كان كفار مكة؛ يقولون للنبي صلى الله عليه
وسلم: هل أنت خير أم أبوك عبدالله؛ أم جدك عبدالمطلب؛ أم جدك هاشم؛ أم جدك قصي؟
وابن تيمية
ليس نبي السلفية؛ بل هو بشر يخطئ، ويصيب، ويعلم، ويجهل، ومن تكلم فيه؛ تكلم بعلم؛
وهم يعلمون هذا جيداً، ويعرفون أخطاءه، ويقرون بها؛ بيد أنهم في سبيل حربهم مع المدخلي؛ يفعلون أي شيء - والمدخلي
كذلك، ومن آخر ذلك: كلامه في الطرطوشي - ولو على حساب المنهج السلفي؛ فيتلاعبون
بدينهم؛ فينكرون ما يعرفون، ويعرفون ما ينكرون، والنتيجة: التشغيب على أهل السنة،
والتشويش عليهم.
أما من كان جاهلاً بأخطاء ابن تيمية؛ فهذا حاله كحال أبي حيان الأندلسي؛ الذي كان من أشد المناصرين لابن
تيمية، والمادحين له؛ حتى لقد قال: (قام ابن
تيمية في نصر شرعتنا مقام سيد تيم إذ عصت مضر).
فحدث أن دار بينهما نقاش جرى فيه ذكر سيبويه؛ فأغلظ ابن
تيمية القول فيه، وقال: "ما كان سيبويه نبي النحو، ولا كان معصوماً؛ بل أخطأ
في (الكتاب) في ثمانين موضعاً؛ ما تفهمها أنت، ولا هو". فقاطعه أبو حيان بسبب
ذلك، وصار حرباً عليه.
وهذه طائفة من أقوال ابن تيمية؛ تبين مخالفاته لمنهج
السلف، وتظهر قدره أمام أئمة السلف، وهل هو بالفعل؛ أعلم منهم؛ كما كان المدخلي
يقول في سالف عهده؛ أم عنده مخالفات جسيمة؛ تعلق بها أهل الأهواء والبدع، وأرهبوا
بها أهل السنة، ولسان حالهم؛ يقول: إن كنتم تبدعون فلاناً لأنه قال هذه المقالة؛
فبدعوا ابن تيمية الذي قال مثلها، وأكثر.
لذا أقول: ما
زال أهل البدع يردون كلام الأئمة، ويشغبون على أهل السنة بكلام ابن تيمية؛ حتى في مسألة
الإيمان؛ فقد تترسوا بقوله: "فإنه
يمتنع أن يكون إيمان تام في القلب بلا قول ولا عمل ظاهر"، وقوله: "وقد
تقدم أن جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب، وأن إيمان القلب التام بدون شيء من الأعمال الظاهرة ممتنع"، وقوله: "وبهذا
تعرف أن من آمن قلبه إيمانًا جازمًا امتنع ألا يتكلم بالشهادتين مع القدرة،
فعدم الشهادتين مع القدرة مستلزم انتفاء
الإيمان القلبي التام"، وتترسوا بثنائه على أهل البدع،
والدفاع عنهم، وتترسوا بكلامه في الحب والبغض، والموالاة والمعادة؛ فيما أسموه
بمنهج الموازنات، وغير ذلك مما سيأتي.
وهذا القحطاني
المشار إليه آنفاً؛ يحتج بكلامه عندما أراد الدفاع عن أبي حنيفة؛ حيث قال (1/77):
"وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ومن ظن بأبي حنيفة أو غيره من
أئمة المسلمين؛ أنهم يتعمدون مخالفة الحديث الصحيح لقياس أو غيره؛ فقد أخطأ عليهم
وتكلم إما بظن وإما بهوى). وتوسع ابن تيمية رحمه الله؛ في الاعتذار للأئمة عن هذا؛
في رسالته القيمة ]رفع الملام عن الأئمة الأعلام[، وذكرت ذلك في فقرة
(251)".
قال: "وأما
الصحابة والتابعون، وأئمة الإسلام المعروفون بالإمامة في الدين؛ كمالك والثوري
والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي حنيفة وأبي يوسف وأمثال
هؤلاء، وسائر أهل السنة"اهـ (منهاج السنة 2/316)
وقال: "وعبدالرحمن الأصم، وإن كان معتزلياً؛ فإنه من فضلاء
الناس وعلمائهم، وله تفسير. ومن تلاميذه إبراهيم بن إسماعيل بن علية، ولإبراهيم
مناظرات في الفقه وأصوله مع الشافعي وغيره"اهـ (منهاج السنة 2/570-571)
وقال: "كما أن أبا حنيفة، وإن كان الناس خالفوه في أشياء، وأنكروها
عليه؛ فلا يستريب أحد في فقهه وفهمه وعلمه، وقد نقلوا عنه أشياء يقصدون بها
الشناعة عليه، وهي كذب عليه قطعاً"اهـ (منهاج السنة 2/619-620).
وقال: "والرافضة فيهم من هو متعبد متورع زاهد؛ لكن ليسوا في ذلك مثل
غيرهم من أهل الأهواء"اهـ (منهاج السنة 5/157)
وقال: "وشيخ
الإسلام، وإن كان رحمه الله من أشد الناس مباينة للجهمية في الصفات، وقد صنف كتابه
(الفاروق في الفرق بين المثبتة والمعطلة)، وصنف كتاب (تكفير الجهمية)، وصنف كتاب (ذم
الكلام وأهله)، وزاد في هذا الباب؛ حتى صار يوصف بالغلو في الإثبات للصفات؛ لكنه
في القدر على رأي الجهمية نفاة الحكم، والأسباب"اهـ (منهاج السنة 5/358)
وقال: "وليس في الطوائف أكثر تكذيباً بالصدق وتصديقاً بالكذب من
الرافضة؛ فإن رءوس مذهبهم وأئمته الذين ابتدعوه وأسسوه؛ كانوا منافقين زنادقة كما
ذكر ذلك عن غير واحد من أهل العلم. وهذا ظاهر لمن تأمله؛ بخلاف قول الخوارج؛ فإنه
كان عن جهل بتأول القرآن، وغلو في تعظيم الذنوب. وكذلك قول الوعيدية والقدرية؛ كان
عن تعظيم الذنوب. وكذلك قول المرجئة؛ كان أصل مقصودهم نفي التكفير عمن صدق الرسل.
ولهذا رؤوس المذاهب التي ابتدعوها لم يقل أحد أنهم زنادقة منافقون، بخلاف الرافضة،
فإن رءوسهم كانوا كذلك؛ مع أن كثيراً منهم ليسوا منافقين ولا كفاراً؛ بل بعضهم له
إيمان وعمل صالح، ومنهم من هو مخطئ يغفر له خطاياه، ومنهم من هو صاحب ذنب يرجى له
مغفرة الله"اهـ (منهاج السنة 6/302-303)
وقال: "وأما الأشعري فلا ريب عنه أنه كان تلميذاً لأبي علي الجبائي؛
لكنه فارقه ورجع عن جمل مذهبه، وإن كان قد بقي عليه شيء من أصول مذهبه؛ لكنه خالفه
في نفي الصفات، وسلك فيها طريقة ابن كلاب، وخالفهم في القدر ومسائل الإيمان
والأسماء والأحكام، وناقضهم في ذلك، أكثر من مناقضة حسين النجار وضرار بن عمرو،
ونحوهما ممن هو متوسط في هذا الباب، كجمهور الفقهاء وجمهور أهل الحديث، حتى مال في
ذلك إلى قول جهم، وخالفهم في الوعيد، وقال بمذهب الجماعة، وانتسب إلى مذهب أهل
الحديث والسنة كأحمد بن حنبل وأمثاله، وبهذا اشتهر عند الناس؛ فالقدر الذي يحمد من
مذهبه هو ما وافق فيه أهل السنة والحديث كالجمل الجامعة، وأما القدر الذي يذم من
مذهبه؛ فهو ما وافق فيه المخالفين للسنة والحديث، من المعتزلة والمرجئة، والجهمية
والقدرية، ونحو ذلك"اهـ (منهاج السنة 8/8-9)
وقال: "والناس يعلمون أنه كان بين الحنبلية والأشعرية وحشة ومنافرة،
وأنا كنت من أعظم الناس تأليفاً لقلوب المسلمين، وطلباً لاتفاق كلمتهم، واتباعاً
لما أمرنا به من الاعتصام بحبل الله، وأزلت عامة ما كان في النفوس من الوحشة،
وبينت لهم أن الأشعري كان من أجل المتكلمين المنتسبين إلى الإمام أحمد رحمه الله
ونحوه؛ المنتصرين لطريقه؛ كما يذكر الأشعري ذلك في كتبه .. وأظهرت ما ذكره ابن
عساكر في مناقبه؛ أنه لم تزل الحنابلة والأشاعرة متفقين إلى زمن القشيري؛ فإنه لما
جرت تلك الفتنة ببغداد تفرقت الكلمة"اهـ (مجموع الفتاوى 3/227-229)
وقال:
"فأما القاضي بدر الدين فحاشا لله؛ ذاك فيه من الفضيلة والديانة ما يمنعه أن
يدخل في هذا الحكم المخالف لإجماع المسلمين من بضعة وعشرين وجهاً. قلت:
ومن أصر على أن هذا الحكم الذي حكم به ابن مخلوف؛ هو حكم شرع محمد؛ فهو بعد قيام
الحجة عليه كافر؛ فإن صبيان المسلمين يعلمون بالاضطرار من دين الإسلام؛ أن هذا
الحكم لا يرضى به اليهود ولا النصارى؛ فضلاً عن المسلمين"اهـ (مجموع الفتاوى 3/236)
وقال:
"وابن مخلوف لو عمل مهما عمل، والله ما أقدر على خير إلا وأعمله معه ولا أعين
عليه عدوه قط، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ هذه نيتي وعزمي، مع علمي بجميع الأمور؛
فإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين، ولن أكون عوناً للشيطان على إخواني
المسلمين، ولو كنت خارجاً لكنت أعلم بماذا أعاونه، لكن هذه مسألة قد فعلوها زوراً
والله يختار للمسلمين جميعهم ما فيه الخيرة في دينهم ودنياهم، ولن ينقطع الدور
وتزول الحيرة إلا بالإنابة إلى الله والاستغفار والتوبة وصدق الالتجاء"اهـ
(مجموع الفتاوى 3/271)
وقال: "وأما المرجئة فليسوا من هذه البدع المغلظة؛ بل قد دخل في قولهم
طوائف من أهل الفقه والعبادة؛ وما كانوا يعدون إلا من أهل السنة؛ حتى تغلظ أمرهم
بما زادوه من الأقوال المغلظة"اهـ (مجموع الفتاوى 3/357)
وقال: "وكذلك الشافعي وإسحاق وغيرهما؛ إنما نبلوا في الإسلام باتباع
أهل الحديث والسنة، وكذلك البخاري وأمثاله؛ إنما نبلوا بذلك، وكذلك مالك والأوزاعي
والثوري وأبو حنيفة وغيرهم؛ إنما نبلوا في عموم الأمة وقبل قولهم لما وافقوا فيه
الحديث والسنة، وما تكلم فيمن تكلم فيه منهم إلا بسبب المواضع التي لم يتفق له متابعتها
من الحديث والسنة؛ إما لعدم بلاغها إياه، أو لاعتقاده ضعف دلالتها، أو رجحان غيرها
عليها"اهـ (مجموع الفتاوى 4/11)
وقال: "وكذلك متكلمة أهل الإثبات مثل الكلابية والكرامية والأشعرية؛
إنما قبلوا واتبعوا واستحمدوا إلى عموم الأمة بما أثبتوه من أصول الإيمان من إثبات
الصانع وصفاته وإثبات النبوة والرد على الكفار من المشركين وأهل الكتاب وبيان
تناقض حججهم، وكذلك استحمدوا بما ردوه على الجهمية والمعتزلة والرافضة والقدرية من
أنواع المقالات التي يخالفون فيها أهل السنة والجماعة. فحسناتهم نوعان: إما موافقة
أهل السنة والحديث. وإما الرد على من خالف السنة والحديث ببيان تناقض حججهم. ولم
يتبع أحد مذهب الأشعري ونحوه إلا لأحد هذين الوصفين أو كليهما. وكل من أحبه وانتصر
له من المسلمين وعلمائهم فإنما يحبه وينتصر له بذلك. فالمصنف في مناقبه الدافع
للطعن واللعن عنه كالبيهقي والقشيري أبي القاسم وابن عساكر الدمشقي؛ إنما يحتجون
لذلك بما يقوله من أقوال أهل السنة والحديث أو بما رده من أقوال مخالفيهم؛ لا
يحتجون له عند الأمة وعلمائها وأمرائها إلا بهذين الوصفين، ولولا أنه كان من أقرب
بني جنسه إلى ذلك لألحقوه بطبقته الذين لم يكونوا كذلك؛ كشيخه الأول أبي علي،
وولده أبي هاشم؛ لكن كان له من موافقة مذهب السنة والحديث في الصفات والقدر
والإمامة والفضائل والشفاعة والحوض والصراط والميزان، وله من الردود على المعتزلة
والقدرية والرافضة والجهمية وبيان تناقضهم؛ ما أوجب أن يمتاز بذلك عن أولئك؛ ويعرف
له حقه وقدره {قد جعل الله لكل شيء قدرا}، وبما وافق فيه السنة والحديث صار له من
القبول والأتباع ما صار؛ لكن الموافقة التي فيها قهر المخالف وإظهار فساد قوله؛ هي
من جنس المجاهد المنتصر؛ فالراد على أهل البدع مجاهد؛ حتى كان يحيى بن يحيى يقول:
الذب عن السنة أفضل من الجهاد. والمجاهد قد يكون عدلاً في سياسته وقد لا يكون، وقد
يكون فيه فجور كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل
الفاجر وبأقوام لا خلاق لهم)"اهـ (مجموع الفتاوى 4/12-13)
وقال: "لكن الأشعري ونحوه؛ أعظم موافقة للإمام أحمد بن حنبل ومن قبله
من الأئمة في القرآن والصفات، وإن كان أبو محمد بن حزم في مسائل الإيمان والقدر؛
أقوم من غيره وأعلم بالحديث وأكثر تعظيماً له ولأهله من غيره؛ لكن قد خالط من
أقوال الفلاسفة والمعتزلة في مسائل الصفات ما صرفه عن موافقة أهل الحديث في معاني
مذهبهم في ذلك؛ فوافق هؤلاء في اللفظ وهؤلاء في المعنى. وبمثل هذا صار يذمه من
يذمه من الفقهاء والمتكلمين وعلماء الحديث باتباعه لظاهر لا باطن له؛ كما نفى
المعاني في الأمر والنهي والاشتقاق، وكما نفى خرق العادات ونحوه من عبادات القلوب؛
مضموماً إلى ما في كلامه من الوقيعة في الأكابر والإسراف في نفي المعاني ودعوى
متابعة الظواهر، وإن كان له من الإيمان والدين والعلوم الواسعة الكثيرة ما لا
يدفعه إلا مكابر؛ ويوجد في كتبه من كثرة الاطلاع على الأقوال والمعرفة بالأحوال، والتعظيم
لدعائم الإسلام ولجانب الرسالة؛ ما لا يجتمع مثله لغيره"اهـ (مجموع الفتاوى
4/19-20)
وقال: "وليس هذا تعمداً منه لنصر الباطل؛ بل يقول بحسب ما
توافقه الأدلة العقلية في نظره، وبحثه"اهـ (مجموع الفتاوى 5/561)
وقال: "فالأشعرية: وافق بعضهم في الصفات الخبرية وجمهورهم وافقهم في
الصفات الحديثية؛ وأما في الصفات القرآنية فلهم قولان: فالأشعري والباقلاني
وقدماؤهم يثبتونها وبعضهم يقر ببعضها؛ وفيهم تجهم من جهة أخرى؛ فإن الأشعري شرب
كلام الجبائي شيخ المعتزلة ونسبته في الكلام إليه متفق عليها عند أصحابه وغيرهم،
وابن الباقلاني أكثر إثباتاً بعد الأشعري في الإبانة، وبعد ابن الباقلاني ابن فورك؛
فإنه أثبت بعض ما في القرآن. وأما الجويني ومن سلك طريقته: فمالوا إلى مذهب
المعتزلة؛ فإن أبا المعالي كان كثير المطالعة لكتب أبي هاشم قليل المعرفة بالآثار؛
فأثر فيه مجموع الأمرين. والقشيري تلميذ ابن فورك؛ فلهذا تغلظ مذهب الأشعري من
حينئذ، ووقع بينه وبين الحنبلية تنافر؛ بعد أن كانوا متوالفين أو متسالمين"اهـ
(مجموع الفتاوى 6/52)
وقال: "ولهذا دخل في إرجاء الفقهاء
جماعة؛ هم عند الأمة أهل علم ودين، ولهذا لم يكفر أحد من السلف أحداً من مرجئة
الفقهاء؛ بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال؛ لا من بدع العقائد"اهـ
(مجموع الفقهاء 7/394)
وقال: "والإحياء فيه فوائد كثيرة؛ لكن فيه مواد مذمومة؛ فإنه فيه مواد
فاسدة من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد؛ فإذا ذكر معارف الصوفية
كان بمنزلة من أخذ عدواً للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين، وقد أنكر أئمة الدين على
أبي حامد هذا في كتبه، وقالوا: أمرضه الشفاء يعني شفاء ابن سينا في الفلسفة. وفيه
أحاديث وآثار ضعيفة؛ بل موضوعة كثيرة، وفيه أشياء من أغاليط الصوفية وترهاتهم،
وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافق
للكتاب والسنة، ومن غير ذلك من العبادات والأدب؛ ما هو موافق للكتاب والسنة ما هو
أكثر مما يرد منه؛ فلهذا اختلف فيه اجتهاد الناس، وتنازعوا فيه"اهـ (مجموع
الفتاوى 10/551-552)
وقال: "كثيراً
ما يجتمع في الفعل الواحد أو في الشخص الواحد الأمران؛ فالذم والنهي والعقاب قد
يتوجه إلى ما تضمنه أحدهما؛ فلا يغفل عما فيه من النوع الآخر كما يتوجه المدح
والأمر والثواب إلى ما تضمنه أحدهما؛ فلا يغفل عما فيه من النوع الآخر، وقد يمدح
الرجل بترك بعض السيئات البدعية والفجورية؛ لكن قد يسلب مع ذلك ما حمد به غيره على
فعل بعض الحسنات السنية البرية؛ فهذا طريق الموازنة والمعادلة، ومن سلكه كان قائماً
بالقسط الذي أنزل الله له الكتاب والميزان"اهـ (مجموع الفتاوى 10/366)
وقال: "وكثير من الناس إذا علم من الرجل ما يحبه؛ أحب الرجل
مطلقاً، وأعرض عن سيئاته، وإذا علم منه ما يبغضه؛ أبغضه مطلقاً، وأعرض عن حسناته، وهذا
من أقوال أهل البدع والخوارج والمعتزلة والمرجئة، وأهل السنة والجماعة يقولون ما
دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، وهو أن المؤمن يستحق وعد الله وفضله والثواب على
حسناته، ويستحق العقاب على سيئاته، وإن الشخص الواحد يجتمع فيه ما يثاب عليه، وما
يعاقب عليه، وما يحمد عليه، وما يذم عليه، وما يحب منه، وما يبغض منه؛ فهذا هذا"اهـ
(مجموع الفتاوى 11/15-16)
وقال: "كأبي إسماعيل الأنصاري الهروي صاحب كتاب ذم الكلام؛ فإنه من
المبالغين في ذم الجهمية لنفيهم الصفات، وله كتاب تكفير الجهمية، ويبالغ في ذم
الأشعرية مع أنهم من أقرب هذه الطوائف إلى السنة والحديث"اهـ (مجموع الفتاوى
14/354)
وقال: "وكان ابن فورك في مخاطبة السلطان؛ قصد إظهار مخالفة الكرامية؛
كما قصد بنيسابور القيام على المعتزلة في استتابتهم، وكما كفرهم عند السلطان. ومن
لم يعدل في خصومه ومنازعيه ويعذرهم بالخطأ في الاجتهاد بل ابتدع بدعة وعادى من
خالفه فيها أو كفره؛ فإنه هو ظلم نفسه. وأهل السنة والعلم والإيمان يعلمون الحق
ويرحمون الخلق؛ يتبعون الرسول فلا يبتدعون. ومن اجتهد فأخطأ خطأ يعذره فيه الرسول
عذروه. وأهل البدع مثل الخوارج يبتدعون بدعة ويكفرون من خالفهم ويستحلون دمه.
وهؤلاء كل منهم يرد بدعة الآخرين ولكن هو أيضاً مبتدع فيرد بدعة ببدعة وباطلاً
بباطل. وكذلك ما حكاه من مناظراتهم له عند الوزير مجلساً بعد مجلس هو من هذا الباب؛
فإن المعتزلة والكرامية يقولون حقاً وباطلاً وسنة وبدعة كما أنه هو أيضاً كذلك
يقول حقاً وباطلاً موافقة لأبي الحسن. وأبو الحسن سلك في مسألة الأسماء والأحكام
والقدر مسلك الجهم بن صفوان؛ مسلك المجبرة ومسلك غلاة المرجئة؛ فهؤلاء قدرية مجبرة
والمعتزلة قدرية نافية؛ فوقع بينهم غاية التضاد في مسائل التعديل والتجوير ونحوها.
والله يحب الكلام بعلم وعدل ويكره الكلام بجهل وظلم"اهـ (مجموع الفتاوى
16/95-96)
وقال: "فلهذا كانت المرجئة في الجملة خيراً من القدرية؛ حتى إن
الإرجاء دخل فيه الفقهاء من أهل الكوفة وغيرهم؛ بخلاف الاعتزال؛ فإنه ليس فيه أحد
من فقهاء السلف، وأئمتهم"اهـ (مجموع الفتاوى 16/243)
وقال: "ومن
ظن بأبي حنيفة أو غيره من أئمة المسلمين؛ أنهم يتعمدون مخالفة الحديث الصحيح لقياس
أو غيره؛ فقد أخطأ عليهم وتكلم إما بظن وإما بهوى"اهـ (مجموع الفتاوى 20/304)
وقال: "وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر، وفجور وطاعة،
ومعصية وسنة وبدعة؛ استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من
المعادات والعقاب بحسب ما فيه من الشر؛ فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام
والإهانة؛ فيجتمع له من هذا وهذا؛ كاللص الفقير تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت
المال ما يكفيه لحاجته. هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة، وخالفهم
الخوارج والمعتزلة، ومن وافقهم عليه"اهـ (مجموع الفتاوى 28/209)
وقال: "وقام
عليه الشيخ أبو حامد والشيخ أبو عبدالله بن حامد وغيرهما من العلماء من أهل العراق
وخراسان والشام، وأهل الحجاز ومصر؛ مع ما كان فيه من الفضائل العظيمة، والمحاسن
الكثيرة، والرد على الزنادقة والملحدين وأهل البدع؛ حتى إنه لم يكن في المنتسبين
إلى ابن كلاب والأشعري أجل منه، ولا أحسن كتباً وتصنيفاً، وبسببه انتشر هذا القول،
وكان منتسباً إلى الإمام أحمد، وأهل السنة، وأهل الحديث والسلف؛ مع انتسابه إلى
مالك والشافعي وغيرهما من الأئمة؛ حتى كان يكتب في بعض أجوبته: محمد بن الطيب الحنبلي،
وكان بينه وبين أبي الحسن التميمي، وأهل بيته وغيرهم من التميميين؛ من الموالاة
والمصافاة ما هو معروف؛ كما تقدم ذكر ذلك، ولهذا غلب على التميميين موافقته في
أصوله، ولما صنف أبو بكر البيهقي كتابه في مناقب الإمام أحمد - وأبو بكر البيهقي
موافق لابن الباقلاني في أصوله - ذكر أبو بكر اعتقاد أحمد الذي صنفه أبو الفضل
عبدالواحد بن أبي الحسن التميمي، وهو مشابه لأصول القاضي أبي بكر، وقد حكى عنه:
أنه كان إذا درس مسألة الكلام على أصول ابن كلاب والأشعري؛ يقول: (هذا الذي ذكره
أبو الحسن أشرحه لكم وأنا لم تتبين لي هذه المسألة) فكان يحكى عنه الوقف فيها، إذ
له في عدة من المسائل قولان وأكثر؛ كما تنطق بذلك كتبه، ومع هذا تكلم فيه أهل
العلم، وفي طريقته التي أصلها هذه المسألة مما يطول وصفه، كما تكلم من قبل هؤلاء
في ابن كلاب ومن وافقه، حتى ذكر أبو إسماعيل الأنصاري؛ قال: سمعت أحمد بن أبي رافع
وخلقاً؛ يذكرون شدة أبي حامد - يعني الإسفرايني - على ابن الباقلاني، قال: وأنا
بلغت رسالة أبي سعد إلى ابنه سالم ببغداد: إن كنت تريد أن ترجع إلى هراة؛ فلا تقرب
الباقلاني"اهـ (درء التعارض 2/100-101)
وقال: "قال:
وسمعت الحسين بن أبي أمامة المالكي يقول: سمعت أبي يقول: لعن الله أبا ذر الهروي،
فإنه أول من حمل الكلام إلا الحرم، وأول من بثه في المغاربة. قلت: أبو ذر فيه من
العلم والدين والمعرفة بالحديث والسنة وانتصابه لرواية البخاري عن شيوخه الثلاثة،
وغير ذلك من المحاسن والفضائل ما هو معروف به، وكان قد قدم إلى بغداد من هراة،
فأخذ طريقة ابن الباقلاني وحملها إلى الحرم، فتكلم فيه وفي طريقته من تكلم، كـ أبي
نصر السجزي، وأبي القاسم سعد بن علي الزنجاني، وأمثالهما من أكابر أهل العلم
والدين لما ليس هذا موضعه .. ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساع
مشكورة، وحسنات مبرورة، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع، والانتصار
لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم، وتكلم فيهم بعلم وصدق
وعدل وإنصاف؛ لكن لما التبس عليهم هذا لأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة، وهم فضلاء
عقلاء احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه؛ فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره
المسلمون من أهل العلم والدين، وصار الناس بسبب ذلك: منهم من يعظمهم، لما لهم من
المحاسن والفضائل، ومنهم من يذمهم، لما وقع في كلامهم من البدع والباطل، وخيار
الأمور أوساطها"اهـ (درء التعارض 2/101)
وقال: "لا ريب أن الخطأ في دقيق العلم مغفور للأمة، وإن كان ذلك في
المسائل العلمية، ولولا ذلك لهلك أكثر فضلاء الأمة، وإذا كان الله تعالى يغفر لمن
جهل وجوب الصلاة وتحريم الخمر لكونه نشأ بأرض جهل مع كونه لم يطلب العلم؛ فالفاضل
المجتهد في طلب العلم بحسب ما أدركه في زمانه ومكانه؛ إذا كان مقصوده متابعة
الرسول عليه الصلاة والسلام بحسب إمكانه؛ فهو أحق بأن يتقبل الله حسناته ويثيبه
على اجتهاده، ولا يؤاخذه بما أخطأه؛ تحقيقاً لقوله تعالى {رَبَّنَا لاَ
تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}"اهـ (درء التعارض 2/315)
وقال: "كما أن المعتزلة لما نصروا الإسلام في مواطن كثيرة، وردوا على
الكفار بحجج عقلية؛ لم يكن أصل دينهم تكذيب الرسول، ورد أخباره ونصوصه؛ لكن احتجوا
بحجج عقلية: إما ابتدعوها من تلقاء أنفسهم، وإما تلقوها عمن احتج بها من غير أهل
الإسلام"اهـ (درء التعارض 7/106)
وقال: "أبو
محمد الجويني وشيخه أبو بكر القفال المروزي وشيخه أبو زيد المروزي؛ هم أهل الطريقة
المروزية الخراسانية وأئمتها؛ من أصحاب الشافعي، والشيخ أبو حامد الإسفراييني
وأتباعه؛ كالقاضي أبي الطيب وصاحبه أبي إسحاق الشيرازي وغيرهم؛ أئمة الطريقة
العراقية؛ من أصحاب الشافعي، وقد ذكر أبو القاسم بن عساكر في ترجمة أبي محمد
الجويني ما ذكره عبدالغافر الفارسي في تاريخ نيسابور في ترجمة الشيخ أبي محمد
الجويني في مناقبه، وقال: سمعت خالي الإمام أبا سعيد يعني عبدالواحد بن عبدالكريم
القشيري؛ يقول: كان أئمتنا في عصره والمحققون من أصحابنا يعتقدون فيه الكمال
والفضل والخصال الحميدة، وأنه لو جاز أن يبعث الله نبياً في عصره لما كان إلا هو؛
من حسن طريقته، وورعه وزهده وديانته؛ في كمال فضله، وذكر عبدالغافر أنه كان أوحد
زمانه؛ قال: وله في الفقه تصانيف كثيرة الفوائد؛ مثل: التبصرة والتذكرة، ومختصر
المختصر، وله التفسير الكبير المشتمل على عشرة أنواع في كل آية"اهـ (الفتاوى
الكبرى 6/601-602)
وقال: "إنهم (أي الأشاعرة) أقرب طوائف أهل الكلام إلى السنة والجماعة
والحديث، وهم يعدون من أهل السنة والجماعة عند النظر إلى مثل المعتزلة والرافضة
ونحوهم؛ بل هم أهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها المعتزلة
والرافضة ونحوهم"اهـ (بيان تلبيس الجهمية 3/538)
وقال: "ولم يكن ممن يتعمد الكذب؛ فإنه كان أجل قدراً من ذلك، وكان من
أعظم الناس ذكاء وطلباً للعلم وبحثاً عن الأمور، ولما قاله كان من أعظم الناس قصداً
للحق، وله من الكلام الحسن المقبول أشياء عظيمة بليغة، ومن حسن التقسيم والترتيب
ما هو به من أحسن المصنفين؛ لكن لكونه لم يصل إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه
وسلم من الطرق الصحيحة؛ كان ينقل ذلك بحسب ما بلغه لاسيما مع هذا الأصل الفاسد"اهـ
(بيان تلبيس الجهمية 6/126)
وقال: "بسم الله الرحمن الرحيم: من أحمد بن تيمية إلى الشيخ العارف
القدوة السالك الناسك أبي الفتح نصر، فتح الله على باطنه وظاهره ما فتح به على
قلوب أوليائه، ونصره على شياطين الإنس والجن في جهره وإخفائه، ونهج به الطريقة
المحمدية الموافقة لشرعته، وكشف به الحقيقة الدينية المميزة بين خلقه وطاعته،
وإرادته ومحبته؛ حتى يظهر للناس الفرق بين الكلمات الكونية والكلمات الدينية، وبين
المؤمنين الصادقين الصالحين، ومن تشبه بهم من المنافقين، كما فرق الله بينهما في
كتابه وسنته. أما بعد: فإن الله تعالى قد أنعم على الشيخ وأنعم به نعمة باطنة
وظاهرة في الدين والدنيا، وجعل له عند خاصة المسلمين الذين لا يريدون علواً في
الأرض ولا فساداً منزلة عليه، ومودة إليه لما منحه الله تعالى به من حسن المعرفة
والقصد، فإن العلم والإرادة، أصل لطريق الهدى"اهـ
(مجموعة الرسائل والمسائل 1/161)
قلت:
معلوم لدى كل من له عناية بالعلم الشرعي؛ مدى معرفة ابن تيمية بمذهب السلف،
واطلاعه على أقوال الأئمة، ومعرفة مذاهب المخالفين، وهذه
النصوص المنقولة عنه؛ لا تحتاج إلى بيان ما فيها من مخالفات؛ فإن بطلانها يغني عن
أبطالها، ومع هذا: فلا بأس من الإشارة إلى ما فيها.
أولاً: شفاعته
لدى السلطان في دعاة الشرك،
والزندقة، ووحدة الوجود.
ثانياً: الاعتذار لأهل البدع الكبرى.
ثالثاً: التأليف بين أهل السنة، وأهل البدعة.
رابعاً: التهوين من شأن البدع، وعدم معاداة
أهلها.
خامساً:
الثناء على رؤوس الضلال، ووصف بعضهم
بأنهم من أئمة الإسلام.
سادساً: التقعيد لمنهج الموازنات.
وأخيراً:
فقد أكثرت من
بيان طريقة تعامل السلف الصالح؛ مع أخطاء أهل العلم؛ لذا فإنني سأقتصر هنا على
نقلين اثنين؛ للتذكير:
الأول: عن ابن
تيمية نفسه؛ حيث قال: "من تكلم بما فيه معنى باطل؛ يخالف
الكتاب والسنة؛ ردوا عليه،
ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقاً،
وباطلاً؛ نسبوه إلى البدعة أيضاً"اهـ
(درء التعارض 1/145)
والثاني: عن
الإمام أحمد؛ قال الخلال: "سمعت أبا بكر المروذي؛ يقول: أتيت أبا عبدالله
ليلة في جوف الليل؛ فقال لي: يا أبا بكر؛ بلغني أن نعيماً (ابن حماد الإمام
المشهور) كان يقول: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فإن كان قاله؛ فلا غفر الله له في قبره"اهـ
(السنة 2109)