حول تبديع المداخلة لهشام البيلي
من إجرام المداخلة؛ أنهم يجرحون بما ليس بجارح؛ فقد جرحوا الحلبي بأنه يقول
بوحدة الأديان - وليس كذلك - وتركوا إرجاءه الظاهر للعيان، وجرحوا البيلي بأشياء؛ إن
دلت على شيء؛ فإنما تدل على جهلهم، وحمقهم.
وحالهم في التعديل لا يختلف كثيراً عن ذلك؛ فمن مدح المدخلي وأثنى عليه؛
فهو السلفي، ولو كان متلبساً بشتى البدع، ومن تكلم فيه ولو بحق؛ فهو المبتدع الضال،
ولو كان من خيرة السلفيين.
والبيلي الذي زكاه المداخلة لمجرد أنه مدح شيخهم، ووصفه بأنه (ضخم في
العلم) لم يدخل في السلفية بعد؛ حتى يخرج منها، والذين زكوه كذلك؛ فواقع الأمر أن من
لا يملك أعطى من لا يستحق! وأن المداخلة حولوا الدعوة إلى علاقات شخصية؛ لا علاقة
لها بالعلم، ولا بالفهم، ولا بمنهج السلف الصالح.
وإلا فأين كلامهم في (محمود عامر)، وقد بلغ المنتهى في السفاهة، والحماقة؟
وأين كلامهم في (زهران)، وقد صار شعاراً على التناقض، والكذب؟
وأين كلامهم في (رسلان) وقد عرف القاصي والداني فساد حاله، وقاله؟
لا أتكلم عن المسائل العلمية؛ فهم أبعد ما يكونون عنها؛ إنما أتكلم عن
السلوك، والأخلاق؛ فهم لا يلتفتون إلى دين أو علم أو خلق؛ إنما يلتفتون إلى من
وافقهم في أصولهم، والتي منها:
1-
موافقة المدخلي في كل ما يقول، ويذر.
2-
اعتقاد إمامة أبي حنيفة والنووي وابن حجر والمدخلي والجامي والألباني.
3-
عدم التعرض بالنقد أو التخطئة؛ لأي من شيوخ المداخلة.
4-
عدم التعرض ولو بالتخطئة؛ لمن لا يكفر تارك جنس العمل، وعابد القبر،
والوثن.
5-
عشق الطواغيت، ولعق نعالهم.
6-
الاعتذار للمبتدعة القدامى، والموازنة بين حسناتهم، وسيئاتهم.
7-
الكذب، والتدليس، والمراوغة، وخبث النية، وسوء الطوية.
8-
الطعن في أهل السنة، ووصفهم بأنهم حدادية.
من هذا المنطلق؛ خرج بيانهم الأخير - بإيعاز من رسلان - بخصوص (هشام البيلي)؛ حيث أخذوا عليه الملاحظات
التالية:
"أولاً: قوله في الإمام الألباني رحمه الله: "(لقد وافق
قوله قول المرجئة؛ لكنه ليس بمرجئ). وقد بينا له أن الذي يتهم الشيخ الألباني
بالإرجاء، أو يقول: (إنه وافق المرجئة) فهو على غير السبيل، وقد سلك مسلك أهل
الأهواء والبدع في تعاملهم مع العلماء، وخالف منهج السلف في ذلك. وذكرناه بقول
العلامة ابن عثيمين الذي يدعي هو التتلمذ عليه: (من رمى الشيخ الألباني بالإرجاء
فقد أخطأ؛ إما أنه لا يعرف الألباني، وإما أنه لا يعرف الإرجاء)".
التعليق:
لا أدري وجه تخطئتكم له؛ هل لأنه تناقض؛ فقال: (وافق المرجئة لكنه ليس
مرجئاً)؛ فافترع بذلك قولاً عجيباً ليس له فيه سلف، وإلا فليأت لنا بما يؤيد قوله
هذا؛ من كلام أئمة السلف.
وافق الخوارج؛ لكنه ليس خارجياً.
وافق المعتزلة؛ لكنه ليس معتزلياً.
وافق الرافضة، لكنه ليس رافضياً.
وهكذا.
فهذه العبارة التي قالها البيلي في الألباني؛ من اختراع المبتدعة الضلال
لحماية رموزهم من التبديع؛ فإنهم لا يستطيعون حجب أقوال أئمتهم الدالة على بدعتهم؛
فاخترعوا هذا الكلام الذي فساده يغني عن إفساده.
مثال:
هل يستطيع المداخلة حجب كتب النووي، وابن حجر، ومنع كتب الألباني وأشرطته؛
أو حتى إزالة ما فيها من مخالفات؟
لا شك أنهم لا يستطيعون ذلك؛ لأنها مطبوعة ومتداولة بين قطاع عريض من طلبة
العلم.
وطالب العلم الذي عرف منهج السلف حقاً؛ لا يسعه وقد اطلع على ما فيها من ضلالات؛
إلا التصريح بتبديعهم؛ فقد وجد المئات ممن يوصفون بالورع والزهد، وكانوا بحوراً في
العلم، ومع هذا بدعهم أئمة السلف، ومن أجل أشياء أهون بكثير مما عند النووي وابن
حجر والألباني وغيرهم.
فمرجئة الفقهاء بُدعوا عن بكرة أبيهم من أجل مسألة واحدة، وهي كلامهم في
الإيمان، وعبدالرزاق بدع لتشيعه، ومسعر لكلامه في الاستثناء، ويعقوب لوقفه في
القرآن، ودواد لكلامه في القرآن، والكرابيسي لكلامه في اللفظ، والحسن بن صالح
لمسألتين: التشيع، والخروج، والمحاسبي لكلامه في الحوادث، وأيضاً لكلامه في
الإيمان، وأبو ثور لكلامه في حديث الصورة - وقد تاب - وقتادة وابن أبي عروبة وهشام
الدستوائي للقدر، وعبدالرحمن بن صالح الأزدي وخالد بن مخلد للرفض، وابن أبي نجيح
للاعتزال. وهذا على سبيل المثال لا الحصر، وإلا فالأسماء كثيرة جداً. والمقصود: هو
بيان أن الرجل كان يبدع ببدعة واحدة؛ فكيف بمن تلبس بغير ما بدعة؛ كالنووي، وابن
حجر، والألباني؟
فماذا فعل المداخلة إزاء هذا المنهج الواضح الناصع؟
افترعوا قواعد باطلة للدفاع عن أئمتهم.
قواعد المداخلة في إعذار المبتدعة:
الأولى: كل حامل علم؛
فهو عدل.
الثانية: كلام الأقران
يطوى، ولا يروى.
وقد أخذوا هاتين القاعدتين من ابن عبدالبر الذي كثرت مخالفاته لمنهج السلف؛
مثل: كلامه في الإيمان، وفي الصفات؛ كالضحك والحياء والاستهزاء، ودفاعه عن أبي
حنيفة، وكلامه عن أثر مجاهد، ومنهجه في الاستيعاب الذي ترجم فيه للصحابة، وطعنه في
أئمة السلف، وغير ذلك من مخالفات.
الرد:
يلزمكم على القاعدة الأولى؛ القول بأن المبتدعة عدول؛ لأنهم من حملة العلم؛
بل كثير منهم كان من بحور العلم، وجبال الحفظ، وعلى هذا يكون تبديع أئمة السلف لهم؛
لا قيمة له في الحقيقة؛ لأنهم عدول في جميع الأحوال.
أما القاعدة الثانية: فبطلانها يغني عن إبطالها؛ لأن مفادها: أن لا يقبل
كلام قرن في قرنه، ولو كان بحق؛ ومن باب أولى كلام التلميذ في شيخه؛ فمن ثم لا
يقبل كلام الثوري في أبي حنيفة، ولا كلام مالك في ابن إسحاق، ولا كلام أحمد في
يعقوب بن شيبة، ولا كلام الشافعي في ابن أبي يحيى الأسلمي، وهكذا.
القاعدة الثالثة: وافق أهل
البدع؛ لكنه ليس مبتدعاً، وهذه القاعدة دندن حولها كثيراً؛ الذهبي والألباني، وقد
سبق الرد عليها، وأضيف هنا فأقول: العجيب أن المداخلة لا يطبقون هذه القاعدة؛ إلا
على من يرضون عنه، ويقررون الاعتذار له، وإلا فلماذا لم يطبقوها على من بدعوهم؟
فيقولون مثلاً: وافق المأربي الإخوان؛ لكنه ليس إخوانياً، ووافق سفر القطبيين؛
لكنه ليس قطبياً .. وهكذا.
القاعدة الرابعة: من كانت
أصوله أصول أهل السنة؛ فهذا يبين خطؤه مع حفظ كرامته؛ أما من كانت أصوله أصول أهل
البدع؛ فهذا يبدع، ولا كرامة.
الرد:
الخوارج قبل أن يظهروا بدعتهم؛ ألم تكن أصولهم أصول أهل السنة؛ لكن لما
افترعوا قولهم هذا؛ حكم عليهم الصحابة مباشرة بالبدعة.
ومرجئة الفقهاء قبل تلبسهم ببدعتهم؛ ماذا كانت أصولهم؟ ألم يكن زعيمهم حماد؛
من أئمة العلم والسنة، ولما تقلد هذا المذهب المردي؛ حكم عليه أئمة السلف بالبدعة.
القاعدة الخامسة:
الذي استقر عليه منهج المتأخرين؛ كابن عبدالبر وابن دقيق العيد وابن تيمية
والذهبي وأضرابهم؛ هو التفريق بين القول والقائل، وإعمال منهج الموازنة عند الحكم
على المبتدعة، والاعتذار لهم ما أمكن.
الرد:
سبق الكلام عن ابن عبدالبر، والذهبي: مبتدع ضال، وابن دقيق العيد: جهمي؛ أما
ابن تيمية؛ فالمبتدعة يحتجون علينا بكلامه - وكلام ابن القيم والذهبي - في الموازنات،
وهو القائل: "وإذا ذكروا نزاع المتأخرين؛ لم يكن بمجرد
ذلك؛ أن يجعل هذه من مسائل الاجتهاد التي يكون كل قول من تلك الأقوال سائغاً لم
يخالف إجماعاً؛ لأن كثيراً من أصول المتأخرين محدث مبتدع في الإسلام؛ مسبوق بإجماع
السلف على خلافه، والنزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعاً"اهـ (مجموع
الفتاوى 13/26)
فقوله هذا؛ يرد عليه، وعليهم.
ورحم الله عمر بن عبدالعزيز؛ القائل: "وما حدث بعدهم، فما أحدثه إلا من خالف
هديهم، ورغب عن سنتهم، ولقد وصفوا منه ما يشفي، وتكلموا منه بما يكفي، فما فوقهم
محسر، وما دونهم مقصر، لقد قصَّر عنهم قوم فجفوا، وتجاوزهم آخرون فغلوا، وإنهم
فيما بين ذلك؛ لعلى هدى مستقيم"اهـ (لمعة الاعتقاد ص 42-43)
فإجماع السلف
يقضي على كلام كل أحد جاء بعدهم؛ قال ابن قتيبة: "لا يختلفون في هذه الأصول،
ومن فارقهم في شيء منها؛ نابذوه، وباغضوه، وبدعوه، وهجروه"اهـ (تأويل مختلف
الحديث ص 63- 64)
وقال ابن أبي زيد القيرواني: "ومن قول أهل السنة: إنه لا يعذر من أداه
اجتهاده إلى بدعة؛ لأن الخوارج اجتهدوا في التأويل فلم يعذروا؛ إذ خرجوا بتأويلهم
عن الصحابة؛ فسماهم عليه الصلاة والسلام (مارقين من الدين) وجعل المجتهد في الأحكام
مأجوراً، وإن أخطأ"اهـ (الجامع في السنن
والآداب والمغازي والتاريخ ص 121)
وقال
السمعاني: "كل ما كان من أصول الدين؛ فالأدلة عليها ظاهرة باهرة، والمخالف
فيه معاند مكابر، والقول بتضليله واجب، والبراءة منه شرع"اهـ (بتصرف من قواطع
الأدلة 2/308)
أم أنكم انتقدتم
كلام البيلي؛ لأن الألباني لم يقل بالإرجاء أصلاً!
إن كان كذلك؛
فقد أبنتم عن جهلكم وضلالكم؛ لأن إرجاء الألباني يعرفه الخاص والعام، والقاصي
والداني؛ فمثل هذا لا يحتاج إلى بيان. وضلالاته - بلا مبالغة - أكثر من أن تحصر، وقد جمعت منها - غير مستقص - (210)
بدعة وضلالة؛ في (3) مجموعات، وهي منشورة في الموقع.
فهذا هو حال الألباني الذي صنع المداخلة حوله هالة من التقديس، وجعلوا وصف
الإمامة لازماً له، وصدقوا في ذلك؛ فهو إمام ضلالة.
ومن يتق الله في المسلمين، وينصح لهم، ويبين لهم حقيقة هذا الرجل؛ فهو على
غير السبيل.
أما من يشكك في منهج السلف، أو يغض الطرف عنه؛ من أجل ألا يفتضح إمامه المجدد؛
فهو السلفي الحق.
وعلى كل حال فلو كان الخلاف في الألباني فحسب؛ لهان الخطب؛ لكن المسألة
أعظم من هذا بكثير؛ فهم لا يكفرون عابد القبر، ولا من يقول بحرية الاعتقاد، ولا من
يكره شرع الله ويرفض تطبيقه، ولا من يظاهر الكفار والمشركين ويتولاهم، ولا يكفرون
من يقول بوحدة الوجود، ووحدة الأديان؛ لذا فهم في حاجة إلى تصحيح إسلامهم؛ قبل مناقشة
ضلالهم.
والعجيب أنهم في الوقت الذي لا يكفرون من تلبس بشيء من هذه المكفرات
الظاهرة إلا بعد قيام الحجة؛ يلمحون إلى تكفير من يتكلم في ابن باز، أو من يتكلم
في المدخلي؛ فهذا بدر بن طامي العتيبي؛ يقول: "شيخنا
شيخ الإسلام عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى الذي أجمعت الأمة على إمامته
وجلالته، ولا يكاد يطعن فيه من يصح له إسلام".
ولو كفر أحد
ابن باز؛ لم يخرج بذلك من الإسلام؛ فالخوارج الذين كفروا صحابة النبي صلى الله
عليه وسلم؛ لم يكفرهم أحد من الصحابة.
فهذا الذي
يقول: (لا يكاد يطعن فيه من يصح له إسلام) عليه أن يرجع لشرح أئمته: ابن عبدالبر والخطابي
والقرطبي والنووي وابن حجر؛ لحديث (من قال لأخيه يا كافر)
أو فليرجع إلى
كلام ابن تيمية في المجموع (7/217)، (7/355) و(7/481-482) وكلام ابن القيم في
الزاد 3/372)
أما المدخلي
المجرم؛ فقد قال أحد أذنابه: "حفظك الله يا شيخنا، والله لا يبغضك يا شيخنا إلا من
أحب خلاف منهج محمد صلى الله عليه وسلم".
ولا أدري ما حكم من أحب خلاف منهج محمد صلى الله عليه وسلم عند بني جام، وبني
مدخل؟
فالألباني مرجئ، وإن رغمت أنوف الجامية والمداخلة، وأهون شيء نجابههم به؛ هو
أن نقول: نحن على الأقل لنا سلف في تبديع الألباني؛ حيث طبقنا منهج السلف عليه
وعلى أمثاله؛ أما أنتم فمن سلفكم في نفي أقواله الإرجائية الخبيثة، والاعتذار عنه،
والثناء عليه، ووصفه بالإمامة، وتبديع من يتكلم فيه؟ إلا الذهبي
الذي قال في آخر ترجمة (بشر المريسي) بعد أن وصفه بأنه: متكلم، مناظر، بارع، من كبار الفقهاء: "من كفر ببدعة
- وإن جلت - ليس هو مثل الكافر الأصلي، ولا اليهودي، والمجوسي، أبى الله أن يجعل
من آمن بالله ورسوله، واليوم الآخر، وصام، وصلى، وحج، وزكى - وإن ارتكب العظائم،
وضل، وابتدع؛ كمن عاند الرسول، وعبد الوثن، ونبذ الشرائع، وكفر، ولكن نبرأ إلى
الله من البدع، وأهلها"اهـ (السير 10/202)
إنه لو قدر أن الألباني لم يتلبس ببدعة قط؛ وجاء أحد الناس وبدعه مجتهداً
أو متأولاً؛ بل وكفره؛ لما ضره ذلك، أو خدش في سلفيته شيئاً.
فقولكم: "وقد بينا له أن من يتهم الشيخ الألباني بالإرجاء، أو يقول:
(إنه وافق المرجئة) فهو على غير السبيل، وقد سلك مسلك أهل الأهواء والبدع في
تعاملهم مع العلماء، وخالف منهج السلف في ذلك"؛ دعوى مجردة تفتقر إلى دليل،
وإلا فما الدليل على أن من رمى الألباني بالإرجاء؛ فهو على غير السبيل، وقد سلك
مسلك أهل الأهواء والبدع في تعاملهم مع العلماء، وخالف منهج السلف في ذلك .. إلى
آخر ما ذكرتم.
لا دليل لديكم إلا القول السائر: من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر.
وهذا حق؛ لكن هل الألباني من أهل الأثر حتى ينطبق عليه هذا الكلام؟
نظرة عابرة في أقواله؛ تنبيك عن حقيقة حاله؛ فالرجل وقع في الإرجاء والتجهم
والقدر؛ فمثله لا يكون من أهل الأثر أصلاً؛ حتى يقال: من تكلم فيه فهو على غير
السبيل.
وهذه الآفة؛ أعني فهم الآثار على غير وجهها، وتنزيلها في غير محلها؛ تكثر
في المداخلة الجهال.
وقد أضحكني احتجاجكم بكلام ابن عثيمين؛ لأن السياق يوهم أن كاتب البيان (طلعت
زهران) سيُذكر البيلي بآية أو بحديث؛ لكنه قال: (وأذكرك بقول العلامة ابن عثيمين
..) وكأن قول ابن عثيمين؛ منح صك الغفران للألباني، أو أعطاه العصمة من الوقوع في
الزلل والخطأ والبدعة؛ فيلزمكم أيها الجهلة؛ أن تثبتوا العصمة لابن عثيمين أولاً؛
قبل أن تحتجوا بكلامه؛ كما يلزمكم قبل ذلك أن تثبتوا سلفيته؛ فابن عثيمين لا يكفر
المشركين، ويقول بمنهج الموازنات، ويقول بجواز الاجتهاد في العقيدة، ويقول
بالمنزلة بين المنزلتين في مسائل التبديع؛ فمن وقع في بدعة؛ لا يكون مبتدعاً، ولا
يكون سلفياً؛ بل هو مبتدع فيما وافق فيه أهل البدع؛ سلفي فيما وافق فيه منهج السلف؛
فها هو يقول: "جميع المبتدعة في الأسماء والصفات؛
المخالفين لما عليه السلف الصالح؛ لم يحققوا الإيمان بالله، ولا نقول: إنهم غير
مؤمنين؛ فهم مؤمنون لا شك؛ لكنهم لم يحققوا الإيمان بالله، والذي فاتهم من الأمور
الأربعة؛ هو الرابع: الإيمان بأسماء الله وصفاته؛ فلم يحققوا الإيمان به، وهم
مخطئون مخالفون لطريق السلف، وطريقتهم ضلال بلا شك، ولكن لا يحكم على صاحبه
بالضلال حتى تقوم عليه الحجة؛ فإذا قامت عليه الحجة، وأصر على خطئه وضلاله؛ كان
مبتدعاً فيما خالف فيه الحق، وإن كان سلفياً فيما سواه؛ فلا يوصف بأنه مبتدع على
وجه الإطلاق، ولا بأنه سلفي على وجه الإطلاق؛ بل يوصف بأنه سلفي فيما وافق السلف؛
مبتدع فيما خالفهم"اهـ (شرح الأربعين النووية ص 36)
وقال: "يوجد الآن أناس؛ نسأل الله لنا ولهم الهداية؛ يتتبعون
السيئات من العلماء؛ ثم يبرزونها، ويسكتون عن الحسنات التي هي أضعاف أضعاف هذه
السيئات"اهـ (الموقع الذهبي للإسلام)
على أنه لو قدر أن ابن عثيمين لم يتلبس ببدعة قط؛ لم يجز للمداخلة الاحتجاج
بكلامه؛ لأن من علم حجة على من لم يعلم، والمثبت مقدم على النافي، والجرح المفسر
مقدم على التعديل المجمل.
فقول ابن عثيمين: (من قال إن الألباني مرجئ؛ فهو لا يعرف الألباني أو لا
يعرف الإرجاء). لا حجة فيه؛ بل ولا أثارة من علم عليه؛ لأننا عرفنا الألباني جيداً،
وقرأنا محتسبين الكثير من كتبه، وسمعنا الكثير من أشرطته.
والإرجاء قد عرفناه؛ نسأل الله أن يعيذنا منه، وجئنا بكلام الألباني الدال
على بدعته وانحرافه؛ ليست كلمة سيقت في مقام ما، أو ظروف ما؛ لا يدل عليها سباق أو
لحاق، ولا سبق لسان، ولا انتقال ذهن؛ بل كلمات متكاثرات متكررات متواترات سيقت في
مقام التقعيد والتأصيل والمناظرة والرد؛ كلها تدل دلالة قاطعة على إرجائه، وعلى أن
الرجل راسخ فيه؛ متضلع منه؛ فهل بعد هذا يقال: الألباني ليس بمرجئ، ويُستشهد بقول
ابن عثيمين؟
على أن ابن عثيمين لم يبدع من رمى الألباني بالإرجاء؛ بل قال: (من قال إن
الألباني مرجئ؛ فهو لا يعرف الألباني أو لا يعرف الإرجاء).
وإذ ذلك كذلك؛ فموقفكم من البيلي لا يرضاه ابن عثيمين الذي تتمسحون به؛ لأن
البيلي لم يقل: الألباني مرجئ؛ بل نفى عنه الإرجاء، وإن كان قد قال: وافق المرجئة.
وعلى هذا؛ فليس فيما ذكرتم عن ابن عثيمين حجة لكم، أو على البيلي.
"ثانياً: قوله: إن حادثة عزل الملك سعود بن عبدالعزيز باتفاق
الأمراء والعلماء - لا سيما الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم والشيخ العلامة
عبدالعزيز بن باز، والشيخ العلامة عبدالرزاق عفيفي - لا يلزمني الاحتجاج بها في
شيء، ولا يوجد شيء اسمه العزل في الإسلام".
التعليق:
أولاً: أن العلماء يُحتج لهم لا بهم، وإذا كان المسلم لا يلزمه قول الصحابي
إذا خالفه غيره؛ أيلزمه قول ابن إبراهيم وابن باز وعبدالرزاق عفيفي؟
وهل صار اتفاق علماء السعودية - إن صح - إجماعاً لا يجوز مخالفته؟
وهل لاتفاق الأمراء، أو اختلافهم قيمة أصلاً؟
ثانياً: فلتحتجوا إذاً؛ بفعل ابن حنظلة الغسيل، والحسين بن علي، وابن
الأشعث، وغيرهم.
ثالثاً: هذه المسألة لا تقتضي المفارقة والهجر؛ فضلاً عن التبديع.
رابعاً: من المنوط بهم عزل الحاكم؟
هل هم: كسير وعوير وثالث ما فيه خير؟
أم هم: خليط النصارى والزنادقة والملحدين والمرتدين؟
إن أهل الحل والعقد المنوط بهم عزل الحاكم؛ هم (أمراء
الأجناد) كسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وأبي عبيدة ويزيد بن أبي سفيان وعمرو
بن العاص، وكل من حذا حذوهم وتشبه بهم، وإن لم يكن مثلهم.
و(العلماء) كعمر وعثمان وعلي وعبدالرحمن والزبير ومعاذ وزيد وأبي وعبدالله
بن عمر وابن عباس وكل من سار على طريقهم وتشبه بأخلاقهم وفعالهم.
فإن قيل: هؤلاء ذهبوا فلا يكون مثلهم أبداً.
قلنا: أهل الحل والعقد؛ لا بد أن يكونوا عدولاً، وهؤلاء ليسوا عدولاً
بالإجماع.
ثم إننا قلنا: على شاكلتهم.
ومع هذا، وحتى نختصر عليكم الطريق؛ نقول لكم: ايتونا بأمراء وعلماء:
عقيدتهم صحيحة؛ يحبون الإسلام، ويحترمون السنة، ويطبقون شرع الله على أنفسهم،
وذويهم؛ حتى يقر لكم البيلي بالعزل.
"ثالثاً: إصراره على القول بأن ما حدث في مصر من الفريق
عبدالفتاح السيسي وقادة الجيش هو خروج ولا شك؛ مع تذكيرنا له بخطئه، وخطورة هذا
القول؛ حيث إن هذا قول خوارج العصر".
التعليق:
أولاً: ما سبق بيانه؛ يرد على هذه الفقرة.
ثانياً: من هم خوارج العصر هؤلاء، وما هي صفاتهم، وعلى من خرجوا؟
ليس كل من خرج على الإمام يكون خارجياً؛ فقد يكون باغياً، أو محارباً؛ ثم
لا بد للإمام أن يكون مسلماً؛ حتى يتحقق وصف الخروج على من خرج عليه.
"رابعاً: إيواؤه لشباب من الحدادية؛ يثني عليهم ويقربهم في
مجلسه، ومنهم محمود الخولي الذي دأب على سب الشيخين محمد بن سعيد رسلان، وعلي بن
عبدالعزيز موسى، وغيرهما. وقد نصحناه وبينا له أنه حتى يصير سلفياً على الجادة لا
بد أن يطرد هؤلاء".
التعليق:
بل لو كفرهما متأولاً أو مجتهداً؛ لم يخرج بذلك من السلفية؛ بل قد يثاب إن
كان فعل ذلك غضباً لله، وغيرة على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم
في الزاد (3/372): "الرجل
إذا نسب المسلم إلى النفاق والكفر متأولاً وغضباً لله ورسوله ودينه؛ لا لهواه
وحظه؛ فإنه لا يكفر بذلك؛ بل لا يأثم به؛ بل يثاب على نيته، وقصده"اهـ
الموسى أمامه مفاوز حتى يدخل في السلفية؛ فلا أدري كيف تخرجون منها من تكلم
فيه؟
أما رسلان: فأشهد أن وجهه وجه كذاب، وأنه منافق لعاب يلعب بدينه، وأشهد أنه
جاهل خبيث؛ دنيء النفس؛ سافل الأخلاق.
ولا أظن أحداً أعلم بهذا المجرم، وأعرف بحاله مني، وقد بينت حاله بالدليل
والتعليل؛ قبل أكثر من ست سنوات؛ لكن المداخلة لا يهمهم دين، ولا سنة؛ ما يهمهم هو
ألا يخالف شيخهم أحد، ولو في الظاهر؛ وهو ما فعله رسلان، وزاد على ذلك أنه تكلم في
الإخوان، وابن قطب؛ فجاء بأعظم المسوغات التي جعلته يتجاوز الأسئلة المدخلية
الضرورية التي توجه لأمثاله؛ مثل:
من شيوخه؟
من زكاه؟
كيف بنى مركزه، ومن أين يصرف عليه؟
المال الذي حج
به؛ من أين حصل عليه، وهو الفقير الذي يعيش في بيت متواضع.
شهادة
(الدكتوراة) التي يزعم أنه حصل عليها؛ في أي المواضيع كانت، ومن أي جامعة حصل
عليها، وفي أي سنة كان ذلك؟
استقباله
للهلالي والحلبي وهشام العارف.
الذين يستعين
بهم للتدريس في معهده؛ ما حالهم، ومن زكاهم؟ وهل هم سلفيون، أم أشاعرة؟
كيف زكى ابنه،
وقد استفاضت سرقاته، وعرفها القاصي، والداني؟
"خامساً: إصراره على عدم التبرؤ من (محمد عبدالعليم آل ماضي)
الذي يطعن في أهل السنة بمصر؛ الشيوخ (حسن
البنا – رسلان – خالد عبدالرحمن – طلعت زهران – خالد عثمان) ويصفهم بأنه
مرجئة جهمية؛ كما يطعن في الإمامين الألباني، والمدخلي".
التعليق:
أما المومى إليه؛ فأنا أرثى لحاله؛ فقد بدعه عماد فراج، وكذلك فعل المداخلة
والجامية، والحجاورة لفظوه، والبيلي الذي اتكئ عليه، وتزلف إليه - رغم أنه يعرف
أنه على علاقة وثيقة بمن سماهم مرجئة واتهمني زوراً بأنني على علاقة بهم؛ فضلاً عن
طعنه في إمام الدنيا الألباني - صار مغضوباً عليه؛ فأين يذهب هذا المسكين، وفي أي
اتجاه يسير؟
"سادساً: إصراره على
قولته المجملة الخاطئة: (نحن مع جيشنا ما كان مع شرعنا) وإصراره على تكرارها،
وأنها صحيحة، وأن من أنكرها فهو لا يفهم المسألة".
التعليق:
هذا المقولة منهم؛ كافية لبيان ضلالهم وجهلهم، وأنهم فاقوا الأولين في
إرجائهم.
إذاً فماذا تريدون منه؟
تريدون أن يقول كما قال زهران: "نحن مع
جيشنا حتى لو لم يكن على شرعنا". قاتلكم الله، وقاتل جهلكم، وإرجاءكم.
أما زهران،
ومن وافقه؛ فيستتابوا من هذه المقولة؛ فإن تابوا، وإلا قتلوا.
"سابعاً: تطاوله على إخوانه المشايخ الذين نصحوه بكل رفق ولين؛
حيث اتهم الشيخ طلعت زهران؛ بأنه معروف بالكذب، وأن كل من جالسه يشهد بذلك؛ بينما
نحن نشهد لهذا الشيخ بالصدق والبر، وأننا لم نجرب عليه كذباً قط".
التعليق:
أما زهران؛ فأنا أشهد عليه بالكذب، وأرى أنه لا ينافسه في هذا إلا رسلان.
وعلى فرض أن البيلي اتهم (زهران) بالكذب؛ فليس هذا بمخرجه من السلفية؟
"ثامناً: سلوكه مسلك أهل البدع في نبز أهل السنة بالألقاب
المنفرة والكذب عليهم؛ كقوله: (رسلانية) و(الحزب السبكي)".
التعليق:
تحول رسلان من (مفرد) إلى (جمع) ومن (مبتدع) إلى (أهل سنة)؛ استخف قومه؛
فأطاعوه.
ومهما يكن من شيء؛ فهذا طعن مبطن في إمام السنة ربيع المدخلي؛ حيث انعقد
الإجماع على أن من طعن فيه خرج من السلفية، وليس هذا لأحد غيره.
"تاسعاً: قوله بأن: (الرسلانية أخطر من الحدادية)".
التعليق:
إن ثبت أن البيلي قال هذا؛ فالشأن إذاً ليس في تبديعه، وإخراجه من السلفية؛
بل في تكفيره؛ فأرى أن يجابه بأوجه الكفر التي وقع فيها؛ فإن تاب، وإلا قتل.
"عاشراً: امتناعه عن تبديع يحيى الحجوري؛ رغم تبديع أئمة أهل
السنة له؛ كالشيخ ربيع، والشيخ عبيد، والشيخ محمد بن هادي، والشيخ زيد".
التعليق:
أناس هذا حالهم؛ يعتبرون المدخلي والجابري وابن هادي وزيد المدخلي؛ أئمة أهل
السنة؛ لا يصح بحال الالتفات إلى كلامهم؛ لأنهم بلا عقول.
وأخيراً قالوا:
"وبناء على ما سبق نقرر: إن هشاماً البيلي؛ قد خرج عن الخط السلفي،
ووافق الحدادية، وأنه يجب التحذير منه، وعدم أخذ العلم عنه إلا أن يتوب إلى الله. الموقعون على البيان: حسن البنا - علي الوصيفي -
عادل السيد - علي الموسى - طلعت زهران - طه عبدالمقصود - عيد الكيال - عادل
الشوربجي - عبود العزيمي".
التعليق:
طه عبدالمقصود، وعيد الكيال، وعادل الشوربجي، وعبود العزيمي؛ مجاهيل؛ فيلزم
قبل الاحتجاج بكلامهم؛ رفع الجهالة عنهم.