جهمية ربيع المدخلي (2)

جهمية ربيع المدخلي (2)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه ؛؛؛ أما بعد:
فقد نشر أحد أذناب المدخلي - في شبكة المرجئة والجهمية المعروفة بسحاب - موضوعاً بعنوان ]التحقيق البديع في حديث (خلق الله آدم على صورته) للإمام ربيع[؛ جاء فيه:
"قال الإمام الآجري رحمه الله في الشريعة (3/146-148 – الذريعة) بَابُ الإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ بِلا كَيْفٍ: 721- حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ؛ قَالَ: حدثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ - يَعْنِي مُحَمَّدًا الْعَدَنِيّ - قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ أَبِي الزِّنَادِ, عَنِ الأَعْرَجِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ تعالى خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ». 722- وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ النَّاقِدُ قَالَ: حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ أَبِي الزِّنَادِ, عَنِ الأَعْرَجِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تُقَبِّحُوا الْوَجْهَ, فَإِنَّ اللَّهَ تعالى خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتهِ». 723 - وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْخَيَّاطُ الْمَكِّيُّ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ أَبِي الزِّنَادِ, عَنِ الأَعْرَجِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنُ عَجْلانَ, عَنْ سَعِيدٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه .. قَالَ أَبُو الزِّنَادِ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا ضَرَبْتُمْ فَاجْتَنِبُوا الْوَجْهَ, فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ». وَقَالَ ابْنُ عَجْلانَ عَنْ سَعِيدٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ قَالَ: لا تَقُلْ: قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ, وَلا وَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ, فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.742- وَحَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِالْحَمِيدِ أَيْضًا؛ قَالَ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو مُوسَى؛ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ, عَنِ ابْنِ عَجْلانَ, عَنْ سَعِيدٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ: «إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ, فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ». 725- وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُاللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ؛ قَالَ: حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِالْحَمِيدِ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ, عَنْ عَطَاءٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تُقَبِّحُوا الْوَجْهَ, فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ خُلِقَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ». قال الإمام ربيع في الذريعة إلى بيان مقاصد كتاب الشريعة (3/148-151): طرق هذا الحديث كلها ما بين صحيح وحسن؛ إلا الطريق الأخيرة؛ فإن علماء السنة اختلفوا فيها؛ فمنهم من يصححها، ومنهم من يضعفها كابن خزيمة؛ فإنه أعلها بحبيب بن أبي ثابت؛ فإنه كثير الإرسال والتدليس، ونقل العقيلي عن القطان؛ أنه قال: (حديثه عن عطاء ليس بمحفوظ)؛ قال العقيلي: (وله عن عطاء أحاديث لا يتابع عليها؛ منها حديث عائشة: «لا تسبخي» (تهذيب التهذيب 2/179)، وهذا الحديث يرويه حبيب عن عطاء، وأعله ابن خزيمة أيضاً بتدليس الأعمش، وكلاهما قد عنعن في هذه الطريق. والطرق الصحيحة هنا؛ ورد في الصحيحين ما يؤيدها؛ فقد روى البخاري في صحيحه - كتاب الاستئذان - حديث [6227]، وفي مواضع أخر. ومسلم في صحيحه - كتاب الجنة - حديث [2841[كلاهما عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال؛: «خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ، فَاسْتَمِعْ مَا يُجِيبُونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، قَالَ: فَذَهَبَ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ قَالَ فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللهِ، قَالَ: فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدَهُ حَتَّى الآنَ»، واللفظ لمسلم. وهذا الحديث فيه خلاف على من يعود الضمير في قوله: «على صورته»؛ أيعود على الله؛ أم على آدم عليه الصلاة والسلام؟ والكلام فيه يطول، ولعل قوله في آخره: «فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا»، لعله يساعدنا على فهم الحديث، وما المراد به، وهو أن الله خلق آدم عليه السلام، ومقدار طوله ستون ذراعاً، وعلى هذه الصورة؛ ثم شاء الله أن ينقص من طول قامات ذريته مثلاً إلى أربعة أذرع؛ ثم يدخل الله المؤمنين الجنة على صورة أبيهم آدم؛ طول كل واحد من أهل الجنة ستون ذراعاً؛ فآخر هذا الحديث يبين المقصود من أوله، والله أعلم"اهـ
قلت:
العجيب أن الآجري الذي يدعي المدخلي أنه يشرح كتابه؛ قال مباشرة بعد هذا الكلام المنقول في تحقيق المدخلي البديع: "هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها، ولا يقال فيها كيف، ولم؟ بل تستقبل بالتسليم، والتصديق، وترك النظر".
فهذا الآجري؛ يقول: هذا الحديث يستقبل بالتسليم، والتصديق، وترك النظر؛ كغيره من أحاديث الصفات؛ بينما يري المدخلي المحقق المدقق أن المسألة خلافية، والراجح أن الضمير يعود على آدم بدلالة آخر الحديث، ولكي يروج لباطله - تحت ستار التحقيق العلمي - ذكر أن علماء السنة اختلفوا في حديث (خلق الله آدم على صورة الرحمن)؛ فمنهم من صححه، ومنهم من ضعفه، والعلماء هؤلاء؛ ليسوا إلا ابن خزيمة؛ لكن المدخلي قال ذلك على عادته في التهويل والتدليس، وابن خزيمة لم يكن في عهده من الأئمة من يشن الغارة عليه؛ كما فعلوا مع أبي ثور الذي قال بمثل قول ابن خزيمة، وليس هذا مجال تحقيق القول في موقفه من هذه المسألة؛ لأن حديثنا مع الألباني والمدخلي وبقية المرجئة الجهمية الذين يتكئون على زلات أهل العلم لترويج بدعتهم، ولو كانوا صادقين لقلدوا من هو أعلم من ابن خزيمة؛ كأحمد وإسحاق والأئمة؛ فقد صححوا هذا الحديث، واحتجوا به، وقد علموا أن السلف شنعوا على أبي ثور، وبدعوه من أجل هذا القول، وأمروا بهجرانه حتى يتوب، وقد تاب؛ فما لهم يحتجون بزلة رجل خالف إجماع السلف، وقد صدعوا رؤوسنا بالستر على أهل العلم، وإقبار أخطائهم، وعدم التعلق بزلاتهم.
ولو كانوا صادقين أيضاً؛ لأخذوا بكلام ابن تيمية القائل: (لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى)؛ لكن الألباني الأنوك؛ قال: ما أدرى ابن تيمية بالإجماع.
نعم؛ فالإجماع يدريه أمثالك، وأمثال المدخلي.
والسؤال الآن: بقول من نأخذ؛ بقول الأئمة الذين أجمعوا على إضافة الضمير إلى الله تعالى؛ أم بقول ابن خزيمة، والألباني، والمحقق المدقق ربيع المدخلي؟
بقول الآجري - الإمام السلفي - الذي بين لنا أن منهج السلف؛ هو التصديق والتسليم بهذه الصفة؛ أم بقول المدخلي المرجئ الضال؛ الذي نبهنا - بعد طول غفلة - إلى أن المسألة ليست إجماعية؛ بل خلافية، وزيادة في النكاية؛ فالضمير يعود إلى آدم، وليذهب إجماع السلف الذي يتباكى عليه المدخلي - كالتماسيح - إلى الجحيم؛ فالقول قوله، والحكم حكمه، ومن لم يسعه قول المدخلي، والألباني؛ فلا وسع الله عليه.
قال عبدالغني المقدسي: "اعلم رحمك الله؛ أن الإسلام وأهله أتوا من طرائق ثلاث: فطائفة: روت أحاديث الصفات، وكذبوا رواتها؛ فهؤلاء أشد ضرراً على الإسلام وأهله من الكفار. وأخرى: قالوا بصحتها وقبلوها؛ ثم تأولوها؛ فهؤلاء أعظم ضرراً من الطائفة الأخرى. والثالثة: جانبوا القولين، وأخذوا بزعمهم ينزهون، وهم يكذبون؛ فأداهم ذلك إلى القولين الأولين، وكانوا أعظم ضرراً من الطائفتين الأولتين"اهـ (عقائد أئمة السلف ص 131-132)
وقال السجزي: "اتفقت الأئمة على أن الصفات لا تؤخذ إلا توقيفاً، وكذلك شرحها لا يجوز إلا بتوقيف؛ فقول المتكلمين في نفي الصفات أو إثباتها بمجرد العقل، أو حملها على تأويل مخالف للظاهر؛ ضلال"اهـ (رسالة السجزي إلى أهل زبيد ص 121)
وقال ابن قدامة: "الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على ترك التأويل بما ذكرنا عنهم، وكذلك أهل كل عصر بعدهم، ولم يُنقل التأويل إلا عن مبتدع، أو منسوب إلى بدعة. والإجماع حجة قاطعة؛ فإن الله لا يجمع أمة محمد عليه السلام على ضلالة، ومن بعدهم من الأئمة قد صرحوا بالنهي عن التفسير والتأويل؛ أمروا بإمرار هذه الأخبار كما جاءت، وقد نقلنا إجماعهم عليه؛ فيجب اتباعه، ويحرم خلافه، ولأن تأويل هذه الصفات لا يخلو؛ إما أن يكون علمه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وعلماء أصحابه أو لم يعلموا؛ فإن لم يعلموه؛ فكيف يجوز أن يعلمه غيرهم، وهل يجوز أن يكون قد خبأ عنهم علماً، وخبأ للمتكلمين لفضل عندهم"اهـ (ذم التأويل ص 40-41)
وبعد: فهذه أقوال الأئمة، وبعض من أهل العلم ممن هم عند المداخلة محل قبول ورضا؛ بل يصفونهم بالإمامة في الدين، والتحقيق في العلم؛ في المسألة التي نازع فيها رؤوس الجهمية المعاصرين (الألباني والجامي والمدخلي).  
قال عبدالله بن أحمد بن حنبل: "قال رجل لأبي: إن فلاناً يقول في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق آدم على صورته)؛ فقال: على صورة الرجل؛ قال أبي: كذب هذا؛ هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا؟!"اهـ (إبطال التأويلات 74)
وقال: "حدثني أبي؛ سمعت الحميدي، وحدثنا سفيان بهذا الحديث، ويقول: هذا حق، ويتكلم وابن عيينة ساكت؛ قال أبي رحمه الله: ما ينكر ابن عيينة قوله"اهـ (السنة 497)
وقال إسحاق بن منصور الكوسج: "قلت لأحمد:  «لا تقبحوا الوجوه فإن الله خلق آدم على صورته»؛ أليس تقول بهذه الأحاديث؟ قال أحمد: صحيح. قال ابن راهويه: صحيح، ولا يدعه إلا مبتدع، أو ضعيف الرأي"اهـ (الإبانة لابن بطة 197)
وقال أبو بكر المروذي: "قلت لأبي عبد الله: كيف تقول في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «خلق الله آدم على صورته»؟ قال: أما الأعمش؛ فيقول: عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل خلق آدم على صورة الرحمن»؛ فنقول كما جاء الحديث. وسمعت أبا عبد الله، وذكر له بعض المحدثين؛ قال: خلقه على صورته؛ قال: على صورة الطين. فقال: هذا كلام الجهمية"اهـ (الإبانة 196)
وقال أبو طالب: "سمعت أبا عبدالله؛ يقول: من قال: إن الله تعالى خلق آدم على صورة آدم؛ فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه؟"اهـ (الإبانة 198)
وقال حمدان بن علي الوراق: "سألت أبا ثور عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق آدم على صورته»؛ فقال: على صورة آدم. وكان هذا بعد ضرب أحمد بن حنبل والمحنة؛ فقلت لأبي طالب: قل لأبي عبد الله. فقال أبو طالب: قال لي أحمد بن حنبل: صح الأمر على أبي ثور؛ من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم؛ فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه؟"اهـ (طبقات الحنابلة 1/309)  
وقال بشر بن موسى: "حدثنا الحميدي، وذكر حديث «إن الله خلق آدم على صورته»؛ فقال: لا تقول غير هذا على التسليم والرضى بما به جاء القرآن، والحديث؛ لا تستوحش أن تقول كما قال القرآن، والحديث"اهـ (تاريخ الإسلام 5/342)
وقال أبو يعلى: "قال أحمد في رواية ابن منصور: «لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق آدم على صورته»، وإذا ثبت صحته؛ فغير ممتنع الأخذ بظاهره من غير تفسير ولا تأويل، وقد نص عليه أحمد في رواية يعقوب بن بختان: «خلق آدم على صورته» لا نفسره؛ كما جاء الحديث"اهـ (إبطال التأويلات 67)
وفي المناظرة التي جرت بين ابن شاقلا، وأبي سليمان الدمشقي؛ قال ابن شاقلا: "قال لي (أبو سليمان الدمشقي):  تروي حديث أبي هريرة: «خلق آدم على صورته»، ويومئ إلى أنه مخلوق على صورة آدم.
فقلت له: قال أحمد بن حنبل: من قال إن آدم خلقه عز وجل على صورة آدم؛ فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل خلقه؟
فقال لي: قد جاء الحديث عن أبي هريرة؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق آدم على صورة آدم».
فقلت له: هذا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال لي: بلى قد جاء في الحديث: «طوله ستون ذراعاً»؛ على أنه آدم.
فقلت له: قد رد هذا، وليس هو الذي ادعيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنك قلت عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق آدم على صورة آدم»؛ ثم استدللت بقوله: «ستون ذراعاً»؛ على أنه آدم، وهذا خبر جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجهين؛ فأبو الزناد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق آدم على صورته»، وروى جرير عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لا تقبحوا الوجوه فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن»، وهذا الحديث يذكر عن إسحاق بن راهويه؛ أنه صحيح مرفوع، وأما أحمد بن حنبل: فذكر أن الثوري أوقفه على ابن عمر؛ فكلاهما الحجة فيه على من خالفه؛ فإن كان رفعه صحيحاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد سقط العذر، وإن كان ابن عمر القائل له؛ فقد اندحض بقول ابن عمر تأويل من حمل قوله: «على صورته»؛ ثم قلت له: قوله: «خلق آدم على صورته» لا يتأول لآدم على صورة آدم؛ لما قاله أحمد: وأي صورة كانت لآدم قبل خلقه؟ فقد فسد تأويلك من هذا الوجه، وفسد أيضاً بقول ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق آدم على صورة الرحمن تبارك وتعالى»، وأما الاستدلال بقوله صلى الله عليه وسلم: «طوله ستون ذراعاً»؛ فإن كانت هذه اللفظة محفوظة؛ فكان قوله: «خلق آدم على صورته» فتم الكلام؛ ثم قال: «طوله ستون ذراعاً» إخباراً عن آدم بذلك على حديث الثوري عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: «إن الله عز وجل خلق آدم على صورته» ذكرت بدلالة حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وما ذكرته عن أحمد"اهـ (طبقات الحنابلة 2/131-132)
وقال ابن قتيبة: "الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه؛ لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية، ولا حد"اهـ ( تأويل مختلف الحديث ص 206)
وقال أبو العباس بن سريج: "وجميع ما لفظ به المصطفى صلى الله عليه وسلم من صفاته؛ كغرسه جنة الفردوس بيده، وشجرة طوبى بيده، وخط التوراة بيده، والضحك، والتعجب، ووضعه القدم على النار فتقول: قط قط، وذكر الأصابع، والنزول كل ليلة إلى سماء الدنيا وليلة الجمعة وليلة النصف من شعبان وليلة القدر، وكغيرته، وفرحه بتوبة العبد، واحتجابه بالنور وبرداء الكبرياء، وأنه ليس بأعور، وأنه يعرض عما يكره ولا ينظر إليه، وأن كلتا يديه يمين، واختيار آدم قبضته اليمنى، وحديث القبضة، وله كل يوم كذا وكذا نظرة في اللوح المحفوظ، وأنه يوم القيامة يحثو ثلاث حثيات فيدخلهم الجنة، ولما خلق آدم عليه الصلاة والسلام مسح ظهره بيمينه فقبض قبضة فقال: هذه للجنة ولا أبالي أصحاب اليمين، وقبض قبضة أخرى وقال: هذه للنار ولا أبالي أصحاب الشمال ثم ردهم في صلب آدم، وحديث القبضة التي يخرج بها من النار قوماً لم يعملوا خيراً قط عادوا حمماً فيلقون في نهر من الجنة يقال له: نهر الحياة، وحديث خلق آدم على صورته، وقوله: «لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق صورة الرحمن» .. وغير هذا مما صح عنه صلى الله عليه وسلم من الأخبار المتشابهة الواردة في صفات الله سبحانه؛ ما بلغنا، وما لم يبلغنا مما صح عنه؛ اعتقادنا فيه، وفي الآيات المتشابهة في القرآن: أن نقبلها، ولا نردها، ولا نتأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المشبهين، ولا نزيد عليها، ولا ننقص منها، ولا نفسرها، ولا نكيفها .. بل نطلق ما أطلقه الله عز وجل، ونفسر ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون والأئمة المرضيون من السلف المعروفين بالدين والأمانة، ونجمع على ما أجمعوا عليه، ونمسك عن ما أمسكوا عنه، ونسلم الخبر الظاهر والآية الظاهر تنزيلها؛ لا نقول بتأويل المعتزلة والأشعرية والجهمية والملحدة والمجسمة والمشبهة والكرامية والكيفية؛ بل نقبلها بلا تأويل، ونؤمن بها بلا تمثيل، ونقول: الإيمان بها واجب، والقول بها سنة، وابتغاء تأويلها بدعة"اهـ (اجتماع الجيوش الإسلامية 2/172-174)
وقال البربهاري: "وكل ما سمعت من الآثار شيئاً لم يبلغه عقلك؛ نحو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن»، وقوله: «إن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا»، وينزل يوم عرفة ويوم القيامة، وأن جهنم لا تزال يطرح فيها حتى يضع عليها قدمه جل ثناؤه، وقول الله تعالى للعبد: «إن مشيت إلي هرولت إليك»، وقوله: «إن الله تبارك وتعالى ينزل يوم القيامة»، وقوله: «إن الله خلق آدم على صورته»، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إني رأيت ربي في أحسن صورة»، وأشباه هذه الأحاديث؛ فعليك بالتسليم والتصديق والتفويض والرضى، ولا تفسر شيئاً من هذه بهواك؛ فإن الإيمان بهذا واجب؛ فمن فسر شيئاً من هذا بهواه ورده؛ فهو جهمي"اهـ (شرح السنة 42)
وقال الآجري: "هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها، ولا يقال فيها كيف؟ ولم؟ بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر"اهـ (الشريعة 2/107)
وقال ابن عبدالبر: "الذي عليه أهل السنة وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة، وما أشبهها؛ الإيمان بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد والكيفية في شيء منه"اهـ (التمهيد 7/147)
وقال قوام السنة: "فصل في الرد على الجهمية الذي أنكروا صفات الله عز وجل، وسموا أهل السنة مشبهة، وليس قول أهل السنة: إن لله وجهاً ويدين، وسائر ما أخبر الله تعالى به عن نفسه؛ موجباً تشبيهه بخلقه، وليس روايتهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «خلق الله آدم على صورته» بموجبه نسبة التشبيه إليهم؛ بل كل ما أخبر الله به عن نفسه، وأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو حق؛ قول الله حق، وقول رسوله حق، والله أعلم بما يقول، ورسوله صلى الله عليه وسلم أعلم بما قال، وإنما علينا الإيمان والتسليم"اهـ (الحجة في بيان المحجة 1/310-311)
وقال: "ومن مذهب أهل السنة: أن كل ما سمعه المرء من الآثار؛ مما لم يبلغه عقله نحو حديث النبي  صلى الله عليه وسلم «خلق الله آدم على صورته» وأضباه ذلك؛ فعليه التسليم والتصديق، والتفويض والرضا، ولا يتصرف في شيء منها برأيه وهواه؛ من فسر من ذلك شيئاً برأيه وهواه؛ أخطأ وضل"اهـ (الحجة في بيان المحجة 2/466)
وقال ابن تيمية: "لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى؛ فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة، وسياق الأحاديث كلها يدل على ذلك"اهـ (بيان تلبيس الجهمية 6/373)
وقال: "قد ذكره (أي الحديث) النبي صلى الله عليه وسلم ابتداء في إخباره بخلق آدم في ضمن حديث طويل؛ إذا ذكر على وجهه زال كثير من الأمور المحتملة .. لكن لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة؛ جعل طائفة الضمير فيه؛ عائداً إلى غير الله تعالى؛ حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء .. فأنكر عليهم أئمة الدين، وغيرهم من علماء السنة"اهـ (بتصرف من بيان تلبيس الجهمية 6/376-377)
وقال: "أما عود الضمير إلى غير الله؛ فهذا باطل من وجوه؛ أحدها: أن في الصحيحين ابتداء؛ إن الله خلق آدم على صورته طوله ستون ذراعاً، وفي أحاديث أخر: إن الله خلق آدم على صورته، ولم يتقدم ذكر أحد يعود الضمير إليه"اهـ (بيان تلبيس الجهمية 6/423)
وقال: "كما أنه لا بد لكل موجود من صفات تقوم به؛ فلا بد لكل موجود قائم بنفسه من صورة يكون عليها، ويمتنع أن يكون في الوجود قائم بنفسه ليس له صورة يقوم عليها"اهـ (بيان تلبيس الجهمية 6/525)
وقال الذهبي في ترجمة (أبو الزناد): "قال العقيلي في ترجمته: حدثنا مقدام بن داود؛ حدثنا الحارث ابن مسكين، وابن أبي الغمر؛ قالا: حدثنا ابن القاسم؛ قال: سألت مالكاً عمن يحدث بالحديث الذي قالوا: (إن الله خلق آدم على صورته)؛ فأنكر ذلك مالك إنكاراً شديدا، ونهى أن يحدث به أحد؛ فقيل له: إن أناساً من أهل العلم يتحدثون به؟ قال: من هم؟ قيل: ابن عجلان؛ عن أبي الزناد. فقال: لم يكن يعرف ابن عجلان هذه الأشياء، ولم يكن عالماً، ولم يزل أبو الزناد عاملاً لهؤلاء حتى مات، وكان صاحب عمال يتبعهم. قلت: الحديث في (إن الله خلق آدم على صورته) لم ينفرد به ابن عجلان؛ فقد رواه همام؛ عن قتادة؛ عن أبي موسى أيوب؛ عن أبي هريرة. ورواه شعيب، وابن عيينة؛ عن أبي الزناد؛ عن الأعرج؛ عن أبي هريرة. ورواه معمر؛ عن همام؛ عن أبي هريرة. ورواه جماعة؛ كالليث بن سعد وغيره؛ عن ابن عجلان؛ عن المقبري؛ عن أبي هريرة. ورواه شعيب أيضاً، وغيره؛ عن أبي الزناد؛ عن موسى بن أبي عثمان؛ عن أبي هريرة. ورواه جماعة عن ابن لهيعة؛ عن الأعرج، وأبي يونس؛ عن أبي هريرة. ورواه جرير؛ عن الأعمش؛ عن حبيب بن أبي ثابت؛ عن ابن عمر؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم. وله طرق أخر؛ قال حرب: سمعت إسحاق بن راهويه؛ يقول: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آدم خلق على صورة الرحمن. وقال الكوسج: سمعت أحمد ابن حنبل يقول: هذا الحديث صحيح. قلت: وهو مخرج في الصحاح، وأبو الزناد فعمدة في الدين، وابن عجلان صدوق من علماء المدينة وأجلائهم ومفتيهم، وغيره أحفظ منه؛ أما معنى حديث الصورة؛ فنرد علمه إلى الله ورسوله، ونسكت كما سكت السلف؛ مع الجزم بأن الله ليس كمثله شيء"اهـ (ميزان الاعتدال 4301)
وقال في ترجمة (حمدان بن الهيثم): "أتى بشيء منكر عن أحمد بن حنبل في معنى قوله عليه السلام: (إن الله خلق آدم على صورته) زعم أنه قال: صور الله صورة آدم قبل خلقه؛ ثم خلقه على تلك الصورة؛ فأما أن يكون خلق الله آدم على صورته فلا؛ فقد قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} قال يحيى بن مندة في مناقب أحمد: قال المظفر بن أحمد الخياط في كتاب السنة: وحمدان بن الهيثم يزعم أن أحمد قال: صور الله صورة آدم قبل خلقه. ويدل على بطلان روايته؛ ما رواه حمدان بن علي الوراق الذي هو أشهر من حمدان بن الهيثم وأقدم؛ أنه سمع أحمد بن حنبل، وسأله رجل عن حديث خلق آدم على صورته على صورة آدم؛ فقال أحمد: فأين الذي يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن)؟ ثم قال أحمد: وأي صورة لآدم قبل أن يُخلق؟ الطبراني: سمعت عبدالله بن أحمد؛ يقول: قال رجل لأبي: إن فلاناً يقول في حديث رسول الله: (إن الله خلق آدم على صورته)؛ فقال: على صورة الرجل. فقال أبي: كذب؛ هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا؟ وقيل: إن أبا عمر بن عبدالوهاب؛ هجر أبا الشيخ لمكان حكاية حمدان، وقال: إن أردت أن أسلم عليك؛ فأخرج من كتابك حكاية حمدان بن الهيثم"اهـ (ميزان الاعتدال 2287)
وسئل عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين؛ عن قوله: (خلق الله آدم بيده على صورته)؛ هل الكناية في قوله: (على صورته)؛ راجعة إلى آدم .. إلخ؟
فأجاب: "هذا الحديث المسؤول عنه؛ ثابت في صحيح البخاري ومسلم؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً)، وفي بعض ألفاظ الحديث: (إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته)؛ قال النووي: هذا الحديث من أحاديث الصفات، ومذهب السلف؛ أنه لا يتكلم في معناه; بل يقولون: يجب علينا أن نؤمن بها، ونعتقد لها معنى يليق بجلال الله تعالى، مع اعتقادنا أنه ليس كمثله شيء. انتهى. قال بعض أهل التأويل: الضمير في قوله: (صورته) راجع إلى آدم، وقال بعضهم: الضمير راجع على صورة الرجل المضروب، ورد هذا التأويل بأنه إذا كان الضمير عائداً على آدم؛ فلا فائدة في ذلك؛ إذ ليس يشك أحد أن الله خالق كل شيء على صورته; وأنه خلق الأنعام والسباع على صورها; فأي فائدة في الحمل على ذلك؟ ورد تأويله بأن الضمير عائد على ابن آدم المضروب؛ بأنه لا فائدة فيه، إذ الخلق عالمون بأن آدم خلق على خلق ولده، وأن وجهه كوجوههم؛ فيرد هذا التأويل كله بالرواية المشهورة: (لا تقبحوا الوجه، فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن). وقد نص الإمام أحمد على صحة الحديث، وإبطال هذه التأويلات; فقال في رواية إسحاق بن منصور: (لا تقبحوا الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته) صحيح، وقال في رواية أبي طالب: من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم؛ فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه؟ وعن عبدالله بن الإمام أحمد؛ قال: قال رجل لأبي: إن فلاناً يقول في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق آدم على صورته)؛ فقال: على صورة الرجل; فقال أبي: كذب، هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا؟ وقال أحمد في رواية أخرى: فأين الذي يروي: (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن)؟ وقيل لأحمد، عن رجل إنه يقول: على صورة الطين، فقال: هذا جهمي، وهذا كلام الجهمية. واللفظ الذي فيه: على صورة الرحمن، رواه الدارقطني، والطبراني، وغيرهما، بإسناد رجاله ثقات; قاله ابن حجر عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجها ابن أبي عاصم، عن أبي هريرة مرفوعاً؛ قال: (من قاتل فليجتنب الوجه، فإن صورة وجه الإنسان، على صورة وجه الرحمن)، وصحح إسحاق بن راهويه اللفظ فيه: على صورة الرحمن; وأما أحمد، فذكر أن بعض الرواة وقفه على ابن عمر، وكلاهما حجة; وروى ابن مندة، عن ابن راهويه،؛ قال: قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: (إن آدم خلق على صورة الرحمن)، وإنما علينا أن ننطق به. قال القاضي أبو يعلى: والوجه فيه أنه ليس في حمله على ظاهره ما يزيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه، لأننا نطلق تسمية الصورة عليه؛ لا كالصور، كما أطلقنا تسمية: ذات، ونفس؛ لا كالذوات، والأنفس; وقد نص أحمد في رواية يعقوب بن بختان؛ قال: (خلق آدم على صورته)؛ لا نفسره، كما جاء الحديث. وقال الحميدي لما حدث بحديث: (إن الله خلق آدم على صورته)؛ قال: لا نقول غير هذا؛ على التسليم والرضى بما جاء به القرآن والحديث، ولا نستوحش أن نقول كما قال القرآن، والحديث. وقال ابن قتيبة: الذي عندي - والله أعلم - أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الألف لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذا؛ لأنها لم تأت في القرآن; ونحن نؤمن بالجميع؛ هذا كلام ابن قتيبة. وقد ثبت في الصحيحين، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فيأتيهم الله في صورة غير الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون نعوذ بالله منك؛ هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا؛ فإذا أتانا ربنا عرفناه؛ فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون)، وفي لفظ آخر: (صورته التي يعرفون؛ فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيعرفونه) الحديث; فالذي ينبغي في هذا ونحوه: إمرار الحديث كما جاء، على الرضى والتسليم؛ مع اعتقاد أنه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}"اهـ (الدرر السنية 3/260-263)



يتم التشغيل بواسطة Blogger.

كافة الحقوق محفوظة 2012 © site.com مدونة إسم المدونة