المدخلي بين الصحو والمحو
وصف المدخلي
(الطرطوشي) بـ (الإمام)، وبـ (العلامة)، وبأنه من (أعلام العلماء وفحولهم)، ونقل من كتابه (الحوادث والبدع)، وأحال عليه، ووصفه
بأنه (كتاب قيم حارب فيه البدع والضلالات).
وقال:
"صاحب (الحوادث والبدع)؛ الطرطوشي؛ له كتاب في الحوادث والبدع؛
من أجود ما ألف في هذا الباب؛ لكنه وقع في أخطاء عقدية؛ رحمه الله، وغفر له؛ من
حيث لا يدري؛ هو ممن يحب الحق إن شاء الله؛ لكن بطول العهد
على المسلمين، وتغلغل الأشاعرة والمعتزلة والجهمية في صفوف المسلمين؛
تأثر ببعض الأشياء"اهـ (من شريط له بعنوان: تأملات في أول سورة النحل) ([1])
قلت:
هذا الكلام قاله المدخلي، وهو في حالة المحو؛ أما في حالة الصحو؛ فيخرج منه
كلاماً مغايراً؛ حيث قال واصفاً (الحلبي):
"ومن
جهله وضلاله؛ تأييده ونشره لأخطر أصول الجهمية في تعليقاته على كتاب (الحوادث
والبدع) للطرطوشي، وليعرف القارئ أن كتاب الطرطوشي؛ تحقيق وتعليق علي الحلبي؛
ينتشر منذ ثلاثة وعشرين عاماً؛ طبع خلالها ثلاث طبعات في حدود علمي؛ فكم من القراء
اغتر بهذه الأصول الجهمية التي يؤيدها الحلبي وينشرها"اهـ (الحلبي ينشر ويؤيد
أخطر أصول الجهمية)
وقال: "وقوله
- أي: الحلبي -: (وهذا وذاك لا ينقص قيمة الكتاب، ولا يقلل من قدره)؛ نقول: هذا
الكمال؛ إنما هو عندك؛ أما عند أهل السنة؛ فإن ما تضمنه هذا الكتاب من أصول باطلة؛
تنقص قيمته إلى حد بعيد"اهـ (الحلبي ينشر ويؤيد أخطر أصول الجهمية)
وقال: "فهذه
نتائج وكوارث هذا الأصل الخطير الذي لم يحرك ساكناً من الحلبي، ولو كان يعرف بطلان
هذا الأصل، وعمق ضلال أهله، ومحاربة السلف لأهله، وتكفير من يقول به؛ لما سكت
عنه"اهـ (الحلبي ينشر ويؤيد أخطر أصول الجهمية)
وقد يظن بعض الجهال؛ أن هذا من جملة تناقضات وتخبطات
المدخلي، وليس كذلك؛ بل هو دليل على مقام الرسوخ الذي يتدرج فيه؛ فهو يرتقي من حال
إلى حال، وينتقل من وصف إلى وصف؛ حتى يحصل له التمكين.
[1]- قال علي الحلبي:
"نقل عن هذا الكتاب «الحوادث والبدع»، وبالتصريح باسم مؤلفه (الطرطوشي)؛
جمهرة كبيرة من علمائنا السلفيين؛ دون أن يكشفوا - ولا
أريد أن أقول: يكتشفوا - هذه الجهمية المخبوءة؛ التي ادخر كشفها سنين عدداً؛ حتى
وصلت إلى هذا الدكتور المدخلي الظالم لغيره، ولنفسه، وذلك بدءاً من الإمام
ابن القيم، وانتهاء بالشيخ صالح الفوزان، ومروراً بالشيخ محمد بن عبدالوهاب،
وأبنائه وحفدته، والشيخ ابن باز، وغيرهم كثير رحمهم الله، وكثير من هؤلاء العلماء؛
يصف الطرطوشي بـ (الإمام) و(من أئمة المالكية)،
ويعزو لكتابه «الحوادث والبدع»،
ويحتفي به، وينقل عنه، ويصفونه بالكتاب (المشهور)، و(النفيس) حتى إن الشيخ ابن باز
رحمه الله؛ صنف كتابه هذا؛ ضمن الكتب التي أوصى بها؛ لكونها محتوية على: (تعظيم
السنة وإنكار البدعة)، وكذلك أوصت به وأرشدت إليه «اللجنة الدائمة للإفتاء»،
وأيضاً: أوصى به الشيخ صالح الفوزان في ثلاثة من كتبه
- فيما وقفت - دون
أن يصفه أي واحد منهم؛ بالتجهم، أو الجهمية، أو الاعتزال، أو البدعة؛ بل كلهم نقل
عنه مشيداً به؛ مستنصراً بأقواله؛
لقد ذكرني هذا الموقف الشاذ للدكتور المدخلي
من الإمام الطرطوشي - وهو الموقف المغاير لموقف أولئك العلماء
أجمعين - واستشهادهم به، والاستدلال بكلامه؛ بقول رب العالمين: }يُخْرِبُونَ
بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ{"اهـ (منتديات كل السلفيين)