حول أثر مجاهد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه ؛؛؛
أما بعد:
فقد اتفق أئمة
السلف الصالح رضوان الله عليهم من غير خلف بينهم؛ على تلقي تفسير مجاهد رحمه الله
للمقام المحمود، وهو أن الله عز وجل يقعد محمداً صلى الله عليه وسلم معه على
العرش؛ بالقبول والتسليم، وأخذوا به كابراً عن كابر، وجيلاً عن جيل، وحدثوا به على
رءوس الناس، ولا يعرف عن واحد منهم أنه أنكره أو رده، أو طعن في متنه أو سنده؛ بل
هو عندهم حديث ثابت عن مجاهد؛ رواه عنه ليث بن أبي سليم، وعطاء بن السائب، وجابر
بن يزيد، وأبو يحيى القتات، وغيرهم، وكانوا يمتحنون الناس به؛ حتى ظهر في حدود
السبعين ومئتين أحد الجهمية، وهو الترمذي ([1])
فطعن فيه ورده؛ فحذر منه الأئمة، وردوا عليه، وهجروه وجانبوه، ووصفوه بالتجهم، وألف
أبو بكر المروذي رحمه الله وهو أجل أصحاب الإمام أحمد كتاباً في ذلك؛ بعد أن
استفتى مشايخ عصره؛ كأبي داود صاحب السنن، وعبدالله بن أحمد، وإبراهيم الحربي،
ومحمد بن بشر بن شريك النخعي، وغيرهم، وممن كتب في ذلك أيضاً؛ أبو بكر الخلال رحمه
الله؛ حيث خصص في كتابه (السنة) فصلاً لهذه المسألة؛ ذكر فيه ما جاء عن أئمة السلف
رحمهم الله بخصوصها؛ منها:
"قال
عبدالله بن سلام رضي الله عنه: "إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم صلى الله
عليه وسلم حتى يجلس بين يدي الله على كرسيه"؛ قال سعيد بن إياس الجريري: "هذا
أقر حديث في الدنيا لعيني".
وقال أحمد
رحمه الله: "قد تلقته العلماء بالقبول"، وتلهف رحمه الله لأن هذا الحديث
لم يقع له بعلو.
وقال أبو بكر
المروذي رحمه الله: "سألت أبا عبدالله عن الأحاديث التي تردها الجهمية في
الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش؛ فصححها أبو عبدالله، وقال: قد تلقتها العلماء
بالقبول؛ نسلم الأخبار كما جاءت؛ فقلت له: إن رجلاً اعترض على بعض هذه الأخبار؛
فقال: يجفى؛ ما اعتراضه في هذا الموضع؛ يسلم الأخبار كما جاءت".
وقال إسحاق
ابن راهويه رحمه الله: "الإيمان بهذا الحديث والتسليم له".
وقال: "ليس
ينكر حديث ابن فضيل عن ليث عن مجاهد إلا الجهمية".
وقال إبراهيم
الحربي رحمه الله: "هذا حدث به عثمان بن أبي شيبة في المجلس على رءوس الناس؛
فكم ترى كان في المجلس؛ عشرين ألفاً؟ فترى لو أن إنساناً قام إلى عثمان فقال: لا
تحدث بهذا الحديث؛ أو أظهر إنكاره تراه، كان يخرج من ثم؛ إلا وقد قتل".
وقال
عبدالوهاب الوراق رحمه الله: "من رد هذا الحديث فهو متهم على الإسلام".
وقال:
"من رد هذا الحديث فهو جهمي".
وقال هارون بن
معروف رحمه الله: "ليس ينكر حديث ابن فضيل عن ليث عن مجاهد؛ إلا
الجهمية".
وقال:
"هذا الحديث ترده الزنادقة".
وقال محمد بن
عمران الفارسي رحمه الله: "بلغني أن مسلوباً من الجهال أنكر ذلك؛ فنظرت في
إنكاره؛ فإن كان قصد مجاهداً رحمه الله؛ فابن عباس رضي الله عنهما قصد؛ وإن كان
لابن عباس قصد؛ فعلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم رد .. فالعجب العجب أن
النصارى تضحك بنا أنا نسلم الفضائل كلها لعيسى عليه السلام تشبه الربوبية؛ أنه كان
يحيي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص؛ فهذه لا تكون إلا فيه وحده؛ فسلمنا ذلك لعيسى
بالرضا والتصديق بكتاب الله عز وجل، وأنكر هذا المسلوب فضيلة لرسول الله صلى الله
عليه وسلم، ونحن نفخر على الأمم كلها أن نبينا أفضل الأنبياء؛ فأما قول المسلمين
المقام المحمود: الشفاعة؛ فإنا لا ندفع ذلك فنشاركه في جهله؛ بل صدق رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن الله عز وجل يشفعه في وقت ما؛ يأذن له بالشفاعة ويكرمه بما أحب
من الكرامة حتى يعرف أولياءه وأنبياءه كرامته وفضله، ولقد ضاق قلب المسلوب عن حمل
معاني العلم؛ فلا يطلع بحسن النية والاتباع على معاني الكتاب .. فكذلك الجلوس في
وقت، والشفاعة في وقت، إلا أن يزعم هذا الجاهل أن الله عز وجل لا يقدر أن يجلسه
على العرش، أو يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يستحق ذلك من الله".
وقال أبو
قلابة رحمه الله: "لا يرد هذا إلا أهل البدع والجهمية".
وقال أبو داود
السجستاني رحمه الله: "من أنكر هذا فهو عندنا متهم، ما زال الناس يحدثون
بهذا؛ يريدون مغايظة الجهمية؛ وذلك أن الجهمية ينكرون أن على العرش شيء".
وقال:"ما
ظننت أن أحداً يُذكر بالسنة؛ يتكلم في هذا الحديث".
وقال:
"أرى أن يُجانَب كل من رد حديث ليث عن مجاهد".
وقال الحسن
الزعفراني رحمه الله: "ما أدركنا أحداً يرده؛ إلا من في قلبه بلية، يهجر، ولا
يكلم".
وقال أبو بكر
بن حماد رحمه الله: من ذكرت عنده هذه الأحاديث فسكت فهو متهم على الإسلام؛ فكيف من
طعن فيها".
وقال محمد بن
مصعب العابد رحمه الله: "نعم يقعده على العرش ليري الخلائق منـزلته."
وقال عباس
الدوري رحمه الله: "لا يرد هذا إلا متهم".
وقال إبراهيم
الأصبهاني رحمه الله: "هذا الحديث حدث به العلماء منذ ستين ومئة سنة، ولا
يرده إلا أهل البدع".
وقال: "سألت
حمدان بن علي عن هذا الحديث؛ فقال: كتبته منذ خمسين سنة، وما رأيت أحداً يرده إلا
أهل البدع".
وقال
أبو بكر النجاد رحمه الله: "لو أن حالفاً حلف بالطلاق ثلاثاً؛
أن الله يقعد محمداً معه على العرش، واستفتاني؛ لقلت له: صدقت وبررت".
وقال محمد بن
جرير الطبري رحمه الله: "ليس في فرق المسلمين من ينكر هذا؛ لا من يقر أن الله
فوق العرش، ولا من ينكره".
وقال محمد بن
إسماعيل السلمي رحمه الله: "من توهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يستوجب
من الله عز وجل ما قال مجاهد؛ فهو كافر بالله العظيم".
وقال عبدالله
بن أحمد رحمه الله: "سمعت هذا الحديث من جماعة، وما رأيت أحداً من المحدثين
ينكره، وكان عندنا في وقت ما سمعناه من المشايخ أن هذا الحديث إنما تنكره
الجهمية".
وقال:
"وأنا منكر على من رد هذا الحديث، وهو عندي رجل سوء متهم على رسول الله صلى
الله عليه وسلم".
وقال أبو
العباس هارون بن العباس الهاشمي رحمه الله: "من رد حديث مجاهد فهو عندي جهمي،
ومن رد فضل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو عندي زنديق لا يستتاب، ويقتل".
وقال محمد بن
عثمان بن أبي شيبة رحمه الله: "وبلغني عن بعض الجهال دفع الحديث بقلة معرفته
فيرده مما أجازه العلماء ممن قبله ممن ذكرنا، ولا أعلم أحداً ممن ذكرت عنه هذا
الحديث إلا وقد سلم الحديث على ما جاء به الخبر، وكانوا أعلم بتأويل القرآن وسنة
الرسول صلى الله عليه وسلم ممن رد هذا الحديث من الجهال، وزعم أن المقام المحمود
هو الشفاعة؛ لا مقام غيره".
وقال يحيى بن
أبي طالب رحمه الله: "لا أعرف هذا الجهمي العجمي؛ لا نعرفه عند محدث ولا عند
أحد من إخواننا، ولا علمت أحداً رد حديث مجاهد؛ رواه الخلق عن ابن فضيل عن ليث عن
مجاهد، واحتمله المحدثون الثقات؛ وحدثوا به على رءوس الأشهاد؛ لا يدفعون ذلك؛ يتلقونه
بالقبول والسرور بذلك، وأنا فيما أرى أني أعقل منذ سبعين سنة، والله ما أعرف أحداً
رده، ولا يرده إلا كل جهمي مبتدع خبيث؛ يدعو إلى خلاف ما كان عليه أشياخنا وأئمتنا؛
عجل الله له العقوبة، وأخرجه من جوارنا؛ فإنه بلية على من ابتلي به؛ فالحمد لله
الذي عدل عنا ما ابتلاه به والذي عندنا، والحمد لله أنا نؤمن بحديث مجاهد، ونقول
به على ما جاء، ونسلم الحديث وغيره مما يخالف فيه الجهمية من الرؤية والصفات، وقرب
محمد صلى الله عليه وسلم منه، وقد كان كتب إلي هذا العجمي الترمذي كتاباً بخطه،
ودفعته إلى أبي بكر المروذي، وفيه: إن من قال بحديث مجاهد فهو جهمي ثنوي، وكذب
الكذاب المخالف للإسلام؛ فحذروا عنه، وأخبروا عني أنه من قال بخلاف ما كتبت به فهو
جهمي؛ فلو أمكنني لأقمته للناس، وناديت عليه حتى أشهره ليحذر الناس ما قد أحدث في
الإسلام".
وقال محمد بن
إسماعيل السلمي رحمه الله: "لولا أن أبا بكر المروذي رحمه الله اجتهد في هذا -
أي في تأليف كتابه الذي يثبت فيه أثر مجاهد، وتلقي الأئمة له بالقبول، وأنه لا
يدفعه إلا جهمي – لخفت أن ينزل بنا".
وقال أبو بكر
الصاغاني رحمه الله: "لا أعلم أحداً من أهل العلم ممن تقدموا، ولا في عصرنا
هذا إلا وهو منكر لما أحدث الترمذي من رد حديث محمدبن فضيل عن ليث عن مُجاهد في
قوله: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) قال: يقعده على العرش،
فهو عندنا جهمي يهجر، ونحذر عنه".
وقال علي بن
داود القنطري: "إن هذا الترمذي الذي طعن على مجاهد برده فضيلة النبي صلى الله
عليه وسلم مبتدع، ولا يرد حديث محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد، إلا جهمي، يهجر، ولا
يكلم، ويحذر عنه، وعن كل من رد هذه الفضيلة".
وقال محمد بن
يونس البصري رحمه الله: "إن هذا الرجل المعروف بالترمذي؛ قد تبين لنا
ولأصحابنا بدعته وإلحاده في الدين".
وقال: "ما
سمعنا أحداً من شيوخنا المتقدمين من أهل السنة ذكر هذه الأحاديث إلا بالقبول لها،
ويحتجون بها على الجهمية، ويقمعونهم بها، ويكفرونهم، ولا يردها إلا رجل معطل جهمي؛
فمن رد هذه الأحاديث، أو طعن فيها فلا يكلم، وإن مات لم يصل عليه، وقد صح عندنا أن
هذا الترمذي تكلم في هذه الأحاديث الذي يحتج بها أهل السنة، وهذا رجل قد تبين
أمره، فعليكم بالسنة والاتباع، ومذهب أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله
عنه؛ فهو الإمام يقتدى به".
وقال الخلال
رحمه الله: "كان أحدث هذا الترمذي المبتدع ببلدنا ما اتصل بنا أنه حدث
ببلدكم، وهذا أمر قد كان اضمحل وأخمله الله، وأخمل أهله وقائله، وليس بموجود في
الناس؛ قد سلب عقله؛ أخزاه الله وأخزى أشياعه، وقد كان الشيوخ سئلوا عنه في حياة
أبي بكر رحمه الله – أي: المروذي - ومحدثي بغداد والكوفة وغير ذلك؛ فلم يكن منهم
أحد إلا أنكره، وكره من أمره ما كتبنا به إليكم لتقفوا عليه، فأما ما قال العباس
بن محمد الدوري عند سؤالهم إياه عنه ورده حديث مجاهد؛ ذكر أن هذا الترمذي الذي رد
حديث مجاهد ما رآه قط عند محدث، ولا يعرفه بالطلب، وإن هذا الحديث لا ينكره إلا
مبتدع جهمي، فنحن نسأل الله العافية من بدعته وضلالته، فما أعظم ما جاء به هذا من
الضلالة والبدع؛ عمد إلى حديث فيه فضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن يزيله
ويتكلم في من رواه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على
الحق، لا يضرهم من ناوأهم) ونحن نحذر عن هذا الرجل أن تستمعوا منه، وممن قال
بقوله، أو تصدقوهم في شيء؛ فإن السنة عندنا إحياء ذكر هذا الحديث، وما أشبهه مما
ترده الجهمية".
وقال:
"قرأت كتاب السنة بطرسوس مرات في المسجد الجامع وغيره سنين، فلما كان في سنة
اثنتين وتسعين قرأته في مسجد الجامع، وقرأت فيه ذكر المقام المحمود؛ فبلغني أن
قوماً ممن طرد إلى طرسوس من أصحاب الترمذي المبتدع أنكروه، وردوا فضيلة رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وأظهروا رده؛ فشهد عليهم الثقات بذلك؛ فهجرناهم، وبينا
أمرهم"اهـ (بتصرف من السنة للخلال 1/172-217، والعرش للذهبي 2/213- 226)
وقال محمد بن
جرير الطبري رحمه الله: "إن ما قاله مجاهد من أن الله يقعد محمداً صلى الله
عليه وسلم على عرشه؛ قول غير مرفوض صحته؛ لا من جهة خبر، ولا نظر"اهـ (تفسير
الطبري 15/148)
وقال الآجري
رحمه الله: "أما حديث مجاهد .. فقد تلقاه الشيوخ من أهل العلم والنقل لحديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ تلقوها بأحسن تلق، وقبلوها بأحسن قبول، ولم
ينكروها، وأنكروا على من رد حديث مجاهد إنكاراً شديداً، وقالوا: من رد حديث مجاهد
فهو رجل سوء. قلت: فمذهبنا - والحمد لله - قبول ما رسمناه في هذه المسألة مما
تقدم ذكرنا له، وقبول حديث مجاهد، وترك المعارضة والمناظرة في رده"اهـ (بتصرف
من الشريعة 4/1604)
وقال ابن
تيمية رحمه الله: "فقد حدث العلماء المرضيون وأولياؤه المقبولون أن محمداً
رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسه ربه على العرش معه؛ روى ذلك محمد بن فضيل عن
ليث عن مجاهد؛ في تفسير (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) وذكر
ذلك من وجوه أخرى مرفوعة وغير مرفوعة، وقال ابن جرير: وهذا ليس مناقضاً لما
استفاضت به الأحاديث من أن المقام المحمود هو الشفاعة باتفاق الأئمة من جميع من
ينتحل الإسلام ويدعيه؛ لا يقول: إن إجلاسه على العرش منكر، وإنما أنكره بعض
الجهمية، ولا ذكره في تفسير الآية منكر"اهـ (مجموع الفتاوى 4/374)
وقال:
"كان السلف والأئمة يروونه ولا ينكرونه ويتلقونه بالقبول"اهـ (درء
التعارض 3/215)
وقال الذهبي
رحمه الله: "وقد ذكرنا احتفال الإمام أبي بكر المروذي في هذا العصر، لقول
مجاهد: (إن الله تعالى يقعد محمداً صلى الله عليه وسلم على العرش)، وغضب العلماء
لإنكار هذه المنقبة العظيمة التي انفرد بها سيد البشر، ويبعد أن يقول مجاهد ذلك
إلا بتوقيف؛ فإنه قال: قرأت القرآن من أوله إلى آخره ثلاث مرات على ابن عباس رضي
الله عنهما؛ أقفه عند كل آية أسأله"اهـ (العلو ص 194)
هذا بخلاف
كلام غيرهم من الأئمة؛ كأبي عبيد القاسم بن سلام، وبشر الحافي، ومحمد بن عبدالله ابن
نمير، وأبي بكر بن أبي شيبة، وعبدالله بن إدريس الأودي، وأبي بكر المروذي، وسفيان
بن وكيع، وخلاد بن أسلم، والحارث بن شريح، والحسن بن فضل، وعلي بن حرب، والطبراني،
وأبي جعفر الدقيقي، والبغوي، وعلي بن سهل، وأبي بكر بن صدقة، وابن بطة، وإسماعيل
بن إبراهيم الهاشمي، وأحمد بن أصرم المزني، وحرب الكرماني، والبربهاري، ومحمد بن
عبدوس، وأبي علي القوهستاني، والعباس العنبري، وابن أبي عاصم، والدارقطني، وأبي
العباس بن سريج، وأبي بكر النقاش، وابن القيم، وغيرهم ممن يطول ذكرهم وعددهم.
ومع هذا؛ فقد تحذلق
الألباني فقال: "هذا الأثر منكر؛ فإنه يتضمن نسبة القعود على العرش لله
عز وجل، وهذا يسلتزم نسبة الاستقرار عليه لله تعالى، وهذا مما لم يرد؛ فلا يجوز اعتقاده
ونسبته إلى الله عز وجل".
وقال: "وخلاصة القول: إن قول مجاهد هذا - وإن صح
عنه - لا يجوز أن يتخذ ديناً وعقيدة؛ ما دام أنه ليس له شاهد من الكتاب والسنة".
قال الآجري
رحمه الله: "علامة من أراد الله به خيراً سلوك هذه الطريق: كتاب الله، وسنن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنن أصحابه رضي الله عنهم، ومن تبعهم بإحسان, ومن
كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد، إلى آخر ما كان من العلماء، مثل: الأوزاعي،
وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والقاسم بن سلام، ومن كان
على طريقتهم، ومجانبة كل مذهب لا يذهب إليه هؤلاء العلماء"اهـ (الشريعة
1/301)
[1] - قال الذهبي: "هو رجل في عصره من الجهمية؛ ليس بمشهور اسمه".
(العرش 2/225) قلت: فليس هو الترمذي الإمام صاحب السنن، ومن أقواله: إن العرش ليس
هو عرش رب العالمين؛ إنما هو مثل عرش بلقيس، وعرش يوسف، وعرش إبليس، وإن بيعة أبي
مسلم الخراساني أصح من بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد حبسه صالح بن علي
الهاشمي، وأطال حبسه.