تكفير الألباني وربيع
المرجئ يرى
غيره تكفيرياً؛ لذا فإن المداخلة، وهم مرجئة؛ يرمون كل من يخالفهم في الإيمان، وفي
الأسماء والأحكام؛ بأنه (تكفيري).
ومن المسائل
التي فارق فيها المداخلة؛ أهل السنة، وأكثروا من التشغيب، والتشنيع عليهم؛ مسألة
العذر بالجهل، وهي - كما في منهاج التأسيس - مسألة وفاقية التحريم؛ إجماعية المنع، والتأثيم؛ لظهور
برهانها، ووضوح أدلتها؛ وعدم اعتبار الشبهة فيها.
لكن المداخلة قوم بهت؛ يجعلون الباطل حقاً، والحق باطلاً، ويكذبون على
الله، وعلى رسوله، وعلى أئمة المسلمين، ومن لا يستحي من الله؛ لا يستحي من الناس.
قال المدخلي:
"هذه المسألة؛ مسألة العذر بالجهل، أو عدم العذر؛ يركض من ورائها أناس أهل
فتنة، ويريدون تفريق السلفيين، وضرب بعضهم ببعض، وأنا كنت في المدينة: اتصل بي
رياض السعيد، وهو معروف وموجود في الرياض الآن؛ قال لي: إن هنا في الطائف؛ خمسين
شاباً؛ كلهم يكفرون الألباني؛ لماذا؟ لأنه لا يكفر القبوريين، ويعذرهم بالجهل"اهـ
وقال ابن عطايا: "وإذا أردت أن تعرف أنك ما زلت سلفياً؛ أم دخلت عليك
شبهة الحدادية؛ فانظر في نفسك: هل تضمر بغضاً، أو سوء ظن بالعلماء الذين يعذرون
بالجهل؛ أم لا؟ وهل نفسك طيبة على الإخوة السلفيين القائلين بالعذر؛ أم لا؟ وهل
ينقدح في نفسك أن هؤلاء الشباب دخلت عليهم شبهة المرجئة؛ أم لا؟ فإذا وجدت هذه
الأمور؛ فاعلم أن شبهة الحدادية قد دخلت عليك، وإن كنت لا تجد في نفسك من ذلك
شيئاً، وأنت لا تشغل نفسك، ولا غيرك بهذه القضية، ولا تجعلها فتنة؛ فأنت سلفي،
ولست بحدادي فيما يتعلق بهذه القضية"اهـ
وقال بازمول: "الجانب
الثاني عند الحدادية: أنهم يصلون إلى تكفير
المخالف لهم من أهل السنة. الأول: يرمونهم بالإرجاء؛ يعادونهم؛ يرمونهم بألقاب السوء.
الثاني: يصلون لمرحلة التكفير؛ لأنهم يرون أنه لا عذر بالجهل؛
يترتب على هذا: أن من عذر بالجهل؛ فقد وقع في عدم تكفير الكافر، ومن لم يكفر الكافر؛
فهو كافر عندهم"اهـ
وقال رائد آل
طاهر: "وهؤلاء التكفيريون بلغ بهم الأمر أخيراً؛ إلى تكفير كل من يعذر بالجهل
في مسائل التوحيد، ومنهم الأئمة الثلاثة ابن باز، والألباني، وابن عثيمين رحمهم
الله"اهـ
وقال ابن رسلان:
"ذلك الجنوبي الضال عماد فراج؛ أثنى عليه البنا، وقلنا له: اتق الله؛ اتق
الله في السلفيين، وفي الطلاب؛ هذا منحرف؛ هذا حدادي جلد؛ وصل به الحال؛ لا أقول:
إلى رمي الألباني رحمه الله بالإرجاء، وكذلك رمي الشيخ ربيعاً بالإرجاء، وإنما وصل
به الحال اليوم؛ إلى تكفير الألباني"اهـ
قلت:
ما زلت أبحث
عن سبب انتشار هذا الفكر التكفيري بين هؤلاء الشباب الذين يحرص عليهم المداخلة كل
الحرص، ويتباكون عليهم؛ فوجدت أن السبب في هذا:
هو أن هؤلاء
الشباب الأغرار؛ تربوا على كتب محمد بن عبدالوهاب، وأولاده، وأحفاده، وطلابه،
وبقية علماء الدعوة؛ لا سيما الدرر السنية؛ فإنها تنضح بتكفير هؤلاء المساكين عباد
القبور، وتكفير من شك في كفرهم.
وعلى الرغم من
تنبه المداخلة لهذا الأمر الخطير؛ إلا أنهم غفلوا - كعادتهم - عن رصد كل متكلم
بهذا المنهج التكفيري الخبيث؛ سوى الحدادية، وقد عرفنا أنهم مرجئة لا يكفرون عباد
القبور إلا بعد إقامة الحجة عليهم، وإلا فأين هم من التكفيري الغالي الفوزان؛ حيث يقول:
"هنا
مسألة خطيرة جداً؛ يقع فيها كثير من المنتسبين للإسلام؛ من لم يكفر المشركين؛
يقول: أنا ولله الحمد؛ ما عندي شرك، ولا أشركت بالله، ولكن الناس لا أكفرهم. نقول
له: أنت ما عرفت الدين؛ يجب أن تكفر من كفره الله، ومن أشرك بالله عز وجل، وتتبرأ
منه كما تبرأ إبراهيم من أبيه وقومه، وقال: }وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ
وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي
فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ{. أو صحح مذهبهم)، وهذه أشد؛ إذا صحح مذهبهم، أو قال في الذي
يعملونه: فيه نظر؛ هذا من اتخاذ وسائل، أو يقول: هؤلاء جهال؛ وقعوا في هذا الأمر
عن جهل، ويدافع عنهم؛ فهو أشد كفراً منهم؛ لأنه صحح الكفر، وصحح الشرك، أو شك.
فنقول له: كونك تابعاً للرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول جاء بتكفير المشركين،
وقتالهم، واستباحة أموالهم ودمائهم، وقال: ((أمرت أن أقاتل الناس ليقولوا: لا إله
إلا الله))، ((بعثت بالسيف حتى يعبد الله))، }وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ
فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ{ يعني شرك، }وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ{"اهـ (شرح رسائل الإمام محمد بن عبدالوهاب - شرح نواقض الإسلام
- ص 128-129 طبعة دار الإمام أحمد)
فالرجل لا يكفر عباد القبور؛ فحسب؛ بل يكفر من يشك في كفرهم، أو يعتذر لهم،
وعلى هذا فهو يكفر الألباني، وربيعاً، ومن على شاكلتهما.
وعلى هذا: فالمداخلة بين خيارين لا ثالث لهما:
إما أن يصرحوا بتبديع الفوزان؛ كما صرحوا بتبديع الحدادية.
أو يعتذروا له؛ فيلزمهم حينئذ الاعتذار للحدادية.