هل كفر ربيع المدخلي
لأني وجدت علماء نجد يكفرون أمثاله ممن لا يكفر عباد القبور.
قال محمد
بن عبدالوهاب: "والذي يبين
ذلك من قصة الردة؛ أن المرتدين افترقوا في ردتهم: فمنهم من كذب النبي صلى الله
عليه وسلم، ورجعوا إلى عبادة الأوثان، وقالوا: لو كان نبياً ما مات; ومنهم من ثبت
على الشهادتين، ولكن أقر بنبوة مسيلمة؛ ظناً أن النبي صلى الله عليه وسلم أشركه في
النبوة؛ لأن مسيلمة أقام شهود زور شهدوا له بذلك؛ فصدقهم كثير من الناس; ومع هذا؛
أجمع العلماء أنهم مرتدون، ولو جهلوا ذلك، ومن شك في ردتهم؛ فهو كافر"اهـ
(الدرر 8/118)
وقال سليمان
بن عبدالله: "وأما قول السائل:
فإن كان ما يقدر من نفسه أن يتلفظ بكفرهم وسبهم؛ ما حكمه؟ فالجواب: لا يخلو ذلك عن
أن يكون شاكاً في كفرهم، أو جاهلاً به، أو يقر بأنهم كفرة هم وأشباههم، ولكن لا
يقدر على مواجهتهم وتكفيرهم، أو يقول: غيرهم كفار؛ لا أقول إنهم كفار. فإن كان
شاكاً في كفرهم، أو جاهلاً بكفرهم؛ بينت له الأدلة من كتاب الله، وسنة رسوله صلى
الله عليه وسلم؛ على كفرهم؛ فإن شك بعد ذلك، أو تردد؛ فإنه كافر بإجماع العلماء:
على أن من شك في كفر الكافر؛ فهو كافر. وإن كان يقر بكفرهم، ولا يقدر على مواجهتهم
بتكفيرهم؛ فهو مداهن لهم، ويدخل في قوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ
فَيُدْهِنُونَ}، وله حكم أمثاله من أهل الذنوب. وإن كان يقول: أقول: غيرهم كفار،
ولا أقول هم كفار. فهذا حكم منه بإسلامهم؛ إذ لا واسطة بين الكفر، والإسلام؛ فإن
لم يكونوا كفاراً؛ فهم مسلمون; وحينئذ فمن سمى الكفر إسلاماً، أو سمى الكفار
مسلمين؛ فهو كافر؛ فيكون هذا كافراً"اهـ (الدرر 8/160-161)
وقال عبدالرحمن
بن حسن: "ومنهم من
عاداهم، ولم يكفرهم; فهذا النوع أيضاً؛ لم يأت بما دلت عليه (لا إله إلا الله) من
نفي الشرك، وما تقتضيه من تكفير من فعله بعد البيان إجماعاً"اهـ (الدرر
2/207)
وقال عبدالله وإبراهيم ابنا عبداللطيف وسليمان بن سحمان: "لا تصح
إمامة من لا يكفر الجهمية، والقبوريين، أو يشك في كفرهم؛ وهذه المسألة من أوضح
الواضحات عند طلبة العلم، وأهل الأثر"اهـ (الدرر 4/409)
وقالوا: "القبوريون لا يشك في كفرهم من شم رائحة الإيمان"اهـ
(الدرر 4/409)
وقالوا: "فلا يقول بإسلامهم إلا مصاب في عقله
ودينه، ولا تصح الصلاة خلف من لا يرى
كفر هؤلاء الملاحدة، أو يشك في كفرهم"اهـ (الدرر 4/409-410)
وقال محمد بن
عبداللطيف: "من خصص بعض المواضع بعبادة، أو اعتقد أن من وقف
عندها سقط عنه الحج؛ كفره لا يستريب فيه من شم رائحة الإسلام؛ ومن شك في كفره؛ فلا
بد من إقامة الحجة عليه، وبيان أن هذا كفر، وشرك، وأن اتخاذ هذه الأحجار مضاهاة
لشعائر الله التي جعل الله الوقوف بها عبادة لله؛ فإذا أقيمت الحجة عليه، وأصر؛
فلا شك في كفره"اهـ (الدرر 10/443)
وقال ابن باز:
"إذا كان الموحد الذي عرف الدين، وعرف الحق؛ توقف عن تكفير بعض هؤلاء الذين
يعبدون القبور؛ فإنه لا يُكَفَّر حتى يبين له الحجة، وتزول الشبهة التي من أجلها
توقف، والمقصود هو: أنه لا يُكَفَّر الموحد الذي توقف عن تكفير عباد الأوثان؛ حتى
تقوم عليه الحجة هو، وحتى يُبَّين له أسباب كفرهم، وحتى تتضح له أسباب كفرهم؛ هذا
المقصود؛ لأنه قد يتوقف؛ يحسب أنهم ليسوا بكفار؛ فإذا بُين له ذلك، واتضح له ذلك؛
صار مثل من لم يكفر اليهود، والنصارى"اهـ (الموقع الرسمي له - نور على الدرب)
وقال: "لا يجوز لطائفة الموحدين الذين يعتقدون كفر عباد القبور؛ أن
يُكفروا إخوانهم الموحدين الذين توقفوا في كفرهم؛ حتى تقام عليهم الحجة؛ لأن
توقفهم عن تكفيرهم له شبهة، وهي اعتقادهم أنه لا بد من إقامة الحجة على أولئك
القبوريين قبل تكفيرهم؛ بخلاف من لا شبهة في كفره؛ كاليهود والنصارى والشيوعيين
وأشباههم؛ فهؤلاء لا شبهة في كفرهم، ولا في كفر من لم يكفرهم"اهـ
(الموقع الرسمي له - نور على الدرب)
وقال: "من لم يكفر الكافر؛ فهو مثله؛ إذا أقيمت عليه الحجة، وأبين
له الدليل؛ فأصر على عدم التكفير (صار) كمن لا يكفر اليهود أو النصارى أو
الشيوعيين أو نحوهم؛ ممن كفره لا يلتبس على من له أدنى بصيرة، وعلم"اهـ
(الموقع الرسمي له - قسم الفتاوى)
وقال: "أمور التوحيد ليس فيها عذر ما دام موجوداً بين المسلمين؛ أما من
كان بعيداً عن المسلمين وجاهلاً بذلك؛ فهذا أمره إلى الله، وحكمه حكم أهل الفترات
يوم القيامة؛ حيث يمتحن؛ أما من كان بين المسلمين، ويسمع: قال الله، وقال رسوله،
ولا يبالي، ولا يلتفت، ويعبد القبور، ويستغيث بها، أو يسب الدين؛ فهذا كافر؛ يكفر
بعينه؛ كقولك: فلان كافر، وعلى ولاة الأمور من حكام المسلمين أن يستتيبوه؛ فإن تاب،
وإلا قتل كافراً"اهـ (الموقع الرسمي له - قسم الفتاوى)
وقال الفوزان:
"هنا مسألة خطيرة جداً؛ يقع فيها كثير من المنتسبين للإسلام؛ من لم يكفر
المشركين؛ يقول: أنا ولله الحمد؛ ما عندي شرك، ولا أشركت بالله، ولكن الناس لا
أكفرهم. نقول له: أنت ما عرفت الدين؛ يجب أن تكفر من كفره الله، ومن أشرك بالله عز
وجل، وتتبرأ منه كما تبرأ إبراهيم من أبيه وقومه، وقال: }وَإِذْ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا
الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ{. (أو صحح مذهبهم)، وهذه أشد؛ إذا صحح مذهبهم، أو قال في الذي
يعملونه: فيه نظر؛ هذا من اتخاذ وسائل، أو يقول: هؤلاء جهال؛ وقعوا في هذا الأمر
عن جهل، ويدافع عنهم؛ فهو أشد كفراً منهم"اهـ (شرح نواقض الإسلام ص 128-129)
وسئل: ما حكم
من لم يكفر عباد القبور، أو شك في كفرهم؟
فقال:
"حكمه حكمهم؛ حكمه مثلهم؛ يحكم بكفره"اهـ (درس شرح الدر النضيد في إخلاص
كلمة التوحيد بتاريخ 13/9/2011)
وربيع المدخلي لا يكفر عباد القبور؛ بل ولا أصحاب وحدة الوجود.
قال:
"فهذه التسوية إنما هي في اتخاذهم أنداداً مع الله في العبادة، وليست اعتقاد
أنهم يخلقون ويرزقون ويدبرون أمر الكون كما يعتقده الخرافيون؛ فمن فَعَل فِعل هؤلاء؛
في صرف الدعاء، والاستغاثة، والمحبة، والخوف، والرجاء، وغيرها من أنواع العبادة،
أو بعضها؛ فقد اتخذ مع الله أنداداً، وسوى
هؤلاء الأنداد برب العالمين، وناقض شهادة أن لا إله إلا الله،
وهذا أمر معروف من حال القبوريين، وكتب أهل الضلال من أئمتهم مشحونة بذلك؛
شاهدة عليهم به، ومع كل هذا الضلال؛ لا يكفر الإمام محمد هذه الأصناف؛ إلا بعد إقامة
الحجة، وكذلك أنصاره كما بينا ذلك سابقاً مرات، وكرات"اهـ (دحر افتراءات أهل
الزيغ والارتياب ص 76-77)
وقال: "والغلو
في أحد الصالحين؛ إذا كان على نحو ما يعرف عند الروافض والقبوريين؛
من اعتقاد أنهم يعلمون الغيب، ويتصرفون في الكون، أو اتجهوا إليهم بشيء من العبادات
التي اختص الله بها؛ كالدعاء، والاستغاثة، والذبح، والنذر، والخوف، والرجاء، والمحبة،
والأمور التي لا تنبغي إلا لله؛ فلا شك أن هذه الأعمال من الكفر الأكبر؛ إن تاب
مرتكبها بعد إقامة الحجة عليه، وإلا فهو كافر عدو لله، ولرسوله، وللمؤمنين، وقد تكرر
تقرير هذا"اهـ (دحر افتراءات أهل الزيغ والارتياب ص
80)
وقال:
"وهل دعاء غير الله، والاستغاثة
بغيره في الشدائد، والرغبة إلى غير الله، والخوف من غير الله، ورجاء غير الله،
والتوكل على غير الله؛ هل هذه الأمور الشركية؛ تعتبر عندك من الشرك بالله، أو من التوحيد؟
وهل الواقع فيها، أو في بعضها؛ يبقى عندك مسلماً موحداً؛ بعد إقامة الحجة
عليه؟"اهـ (دحر افتراءات أهل الزيغ والارتياب ص
140)
وقال: "ولا
يكفرون من وقع في الكفر، والشرك؛ إلا بعد قيام الحجة؛ كما هو معروف عن علماء هذه
الدعوة المباركة؛ الماضين منهم، والمعاصرين"اهـ (دحر افتراءات أهل الزيغ والارتياب
ص 149)
وقال:
"واقرأ كتب الصوفية من مختلف طوائفها؛ تيجانية ومرغنية
وبرهانية وأحمدية وشاذلية ورفاعية ونقشبندية وسهروردية؛ إلى آخر ما كتبوه في العقائد
الخرافية والشركية والإلحادية، ومع هذا الضلال العريض؛ لا يكفر السلفيون إلا من
قامت عليه الحجة؛ مع اعتقادنا أن كثيراً من هذه الأصناف، ولا سيما علمائها وأذكياءها؛
قد بلغتهم الدعوة السلفية الصحيحة بحججها وبراهينها، ومع ذلك ظلوا سادرين في
ضلالهم وشركياتهم، ولكن السلفيين لا يكفرون بالعين؛ إلا من تأكدوا أنه قد قامت عليه
الحجة، وعلى رأسهم الإمام محمد، وتلاميذه"اهـ (دحر افتراءات أهل الزيغ والارتياب
ص 152)
وقال: "}قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ
وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ
وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}؛ إن صلاتي لله، ونسكي لله, ومحياي، ومماتي؛ كل
هذه الأمور لله عز وجل؛ لا شريك له في شيء, وبيده الحياة, وبيده
الموت، وله الصلاة, وله الذبح وحده سبحانه وتعالى, ولا شريك له في شيء
من ذلك، ومن صرف شيئاً من هذه لغير الله؛ وقع في الشرك؛ فمن كان وقع فيها، وهو
يعلم؛ فهو كافر, وقامت عليه الحجة, ومن كان جاهلاً؛ تُقام عليه الحجة؛ فإن عاند يكفر
ويخرج من دائرة الإسلام"اهـ (عون الباري 1/290)
وقال: "نحن لا نكفر هؤلاء الضالين؛ لكنهم ضالون، وأهلكوا
الأمة؛ لا نكفرهم إلا بعد أن تقام الحجة؛ ما هم عليه من دعاء غير الله؛ من أقبح
أنواع الشرك، والذبح لغير الله، والاستغاثة بغير الله؛ من أقبح أنواع الشرك؛ بل ذهبوا
إلى أبعد من ذلك؛ أنهم يعتقدون في الأولياء؛ أنهم يعلمون الغيب، ويتصرفون في الكون"اهـ
(من محاضرة له بعنوان: حقوق الله عز وجل)
وقال: "تأتي
لأهل القبور؛ تقول: إيمان؛ إيمان؛ يصفقون لك؛ لكن قل: البدوي لا يُدعى؛ الرفاعي لا يدعى؛
لا يذبح له؛ لا ينذر له؛ يحاربونك }وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ
اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ
مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ{؛ هذه قاعدة قديمة ومستمرة في أهل الضلال، وإن كنا لا نكفر هذه
النوعيات السيئة التي أساءت للإسلام، وشوهته
بمواقفها، وفهومها الضالة الشركية، وغيرها؛ حتى تقام عليهم الحجة، وتزال عنهم الشبه"اهـ
(الذريعة إلى بيان مقاصد كتاب الشريعة 1/555)
وقال: "والمسلمون في هذا البلد إلا القليل؛ من
أبعد الناس عن فهم الإسلام والتوحيد، وعقائدهم متأثرة إلى حد بعيد بعقائد جيرانهم
الوثنيين، وكم يرى الرائي معبداً للوثنيين؛
فيرى مقابله مشهداً للمسلمين فيه قبر مشيد؛ مكلل بالزهور, ويتصاعد فيه البخور,
ويلبس بالحرير, والمسلمون عاكفون حوله في غاية من الخشوع والخضوع والإجلال؛ مع
اعتقادهم في الأولياء أنهم يعلمون الغيب، ويتصرفون في الكون"اهـ (منهج
الأنبياء في الدعوة إلى الله ص 138-139)
وقال: "هناك
منسوبون إلى مالك؛ تيجانية، ومرغنية و .. إلى آخره، ومنسوبون إلى أبي حنيفة؛
عباد القبور كثير مثل: البريلوية، وما تنفعهم هذه النسبة؛ يحتاجون معالجة
وبياناً؛ حتى هؤلاء؛ نحن لا نكفرهم إلا بعد إقامة الحجة، وهذا مذهبي معروف؛ أنا لا
أكفر من وقع في كفر إلا بعد إقامة الحجة"اهـ (مجموع الكتب والرسائل 15/211-212)
وقال: "وأوغلت
- أي الصوفية - في ذلك؛ حتى وقعت في الحلول ووحدة الوجود؛ من زمن الحلاج إلا
أفراداً منهم، وانحرفت في توحيد الربوبية؛ فاعتقدت في الأولياء بأنهم يعلمون
الغيب، ويتصرفون في الكون، وانحرفت الصوفية في توحيد العبادة؛ فجعلوا مع الله أنداداً
في الدعاء، والاستغاثة في الشدة بالأموات والأحياء، وفي تقديم القرابين لغير الله
من الذبائح، والنذور، وشد الرحال
إلى القبور، والطواف بها، وتشييد البنيان عليها، وغير ذلك من الأفعال الشنيعة التي
يأنف منها ويسخر منها اليهود والنصارى
والهندوك .. نحن لا نكفرهم لجهلهم إلا بعد إقامة
الحجة؛ أما التبديع وإخراجهم عن دائرة أهل السنة؛ فلا يتقاعس عنه
إلا أجهل الناس بالإسلام، وأبعدهم عن السنة"اهـ (كشف زيف التصوف ص 45)
فإن قيل: قد يكون القول، أو الفعل كفراً؛ أما القائل والفاعل؛ فلا يكفر إلا
بعد إقامة الحجة عليه.
قلنا:
أولاً: هذه القاعدة من جملة القواعد التي أطلقها ابن تيمية، وتعلق بها
المرجئة.
ثانياً: المدخلي كافر على هذا القول أيضاً؛ لأن الحجة أقيمت عليه مراراً،
وردها بعنجهية، وصلف، وسفه مخالفيه، ونعتهم بأنهم خوارج أصحاب فكر تكفيري؛ ثم إنه عالم؛
بل علامة، وإمام أهل السنة في زمانه؛ فمثله لا يحتاج إلى إقامة حجة أصلاً؛ لأن
الحجة إنما تقام على الجاهل.
فهو كافر على كلا القولين؛ قول علماء نجد الذي هو حق وصواب، وقول ابن تيمية
الذي فيه ما فيه.
وإذ ذلك كذلك؛ فهل سيستتيبه ولي أمره؛ أم سيتركه يرتع في كفره وإلحاده كما
ترك حمزة كاشغري، ورائف بدوي، وغيرهما من الزنادقة، والملحدين، والمرتدين؟