أبو حنيفة بين أهل السنة والحدادية

سلك (أهل السنة) الأحناف - ومن حذا حذوهم - في سبيل الدفاع عن الإمام الأعظم أبي حنيفة، ورد طعونات المبتدعة والحدادية فيه؛ كل مسلك؛ حتى أداهم ذلك إلى الطعن في أمثال: أيوب السختياني وعبدالله بن عون والثوري وعبدالله بن المبارك ومالك وعبدالرحمن بن مهدي والأوزاعي والشافعي وأحمد، وانتقاصهم، والحط من منزلتهم، وهم أئمة الإسلام، وأعلامه الكرام.
ورغم أن من قَبلنا لم يدعونا في لبس، وبينوا لنا حال أبي حنيفة بياناً شافياً؛ بحيث لا يسع المنصف المتبع لسلفه إلا التسليم بما قالوه، واعتقاد ما اعتقدوه؛ إلا أن المبتدعة الضلال والمتهوكة الجهال؛ ما زالوا يدندنون حول هذه المسألة، ويشغبون على أهل السنة، ويطعنون فيهم، وفي أئمتهم، أو يدلسون ويلبسون على الأغرار السذج، ويشبهون عليهم؛ كما هو حال الأحمق الجهول أحمد بازمول، وسيأتي كلامه.
وقد كان يسعهم السكوت - لو كانوا عقلاء - ستراً على أنفسهم، وعلى إمامهم؛ لكنهم أبو إلا مهارشة أهل السنة؛ فكانوا كعنز السوء قامت بظلفها إلى مدية تحت التراب تثيرها، وذلك: أن رجلاً غيب شفرة له في الأرض؛ ثم طلبها ليذبح بها كبشاً فلم يجدها؛ فبينما الكبش ينزو ضرب بيده فأثارها؛ فذبحه بها الرجل.
وهم ليسوا من أبي حنيفة في شيء؛ إنما هم يدفعون عن شيوخهم في المقام الأول؛ لأنهم إذا أقروا بتبديع السلف لأبي حنيفة، وهو من هو عندهم وعند عوام المسلمين؛ أقروا على شيوخهم بالبدعة من باب أولى؛ فأبو حنيفة جنة لهم ولأشياخهم؛ فكان لا بد من الإبقاء عليه، والكفاح عنه، وقد علموا أنه لا يستقيم لهم ذلك إلا بالكذب على أئمة السلف، والطعن فيهم، وفي نياتهم، وعلمهم، وورعهم.
إزاء هذا التلبيس والتضليل؛ لم يكن بد من كشف أمرهم، وإظهار عوارهم، وبيان حقيقة منهجهم الضال؛ الطاعن في منهج أئمة السلف، والمصادم له.
فكان أن نقلت من أقوال الأئمة التي لا مغمز فيها؛ ما يبين بجلاء موقفهم من أبي حنيفة، وطعنهم فيه، وتحذيرهم منه، وأن هذا متواتر عنهم، وفندت شبهات المرجئة الذين يرقعون له، وأبنت عن جهلهم وضلالهم.
وهذه المرة رأيت أن أنقل شيئاً من أقوال المنافحين عن أبي حنيفة؛ ليرى القارئ أنهم ليسوا إلا (كسير وعوير وثالث ما فيه خير)؛ فإما متعصب حنفي، أو قبوري خرافي، أو مبتدع ماتريدي، أو رجل حذا حذوهم، واتبع سبيلهم.
بينما من جرحه؛ هم أئمة العلم والدين؛ أمثال: ]مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وعبدالله بن إدريس، وابن عون، ومغيرة الضبي، وإسحاق بن راهويه، والبخاري، والترمذي، وأبو داود، وابن أبي شيبة، وأبو زرعة الرازي، وابن أبي داود، وأيوب السختياني، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وأبو عوانة، وجعفر بن محمد، وأبو عبدالرحمن المقرئ، وسعيد بن عبدالعزيز، والأوزاعي، وعبدالله بن المبارك، وأبو إسحاق الفزاري، ويوسف بن أسباط، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وأبو بكر بن عياش، وشريك بن عبدالله، ورقبة بن مصقلة، ومالك بن مغول، وعبدالرحمن بن مهدي، ومعاذ العنبري، وشعيب بن حرب، والأعمش، وشعبة، وحرب الكرماني، والحميدي، ويحيى القطان، والأثرم، وإسحاق الكوسج، وأبو بكر المروذي، والفريابي، وإبراهيم الحربي، والأسود بن سالم، والوليد بن مسلم، وأبو عبيد القاسم بن سلام، والنضر بن شميل، والليث بن سعد، ومحمد بن مصعب، والفضل بن دكين، ويحيى بن آدم، وخلق سواهم[. ومع هذا فهم عند المرجئة الخبثاء؛ حدادية!
قال أبو معاوية الضرير في (أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري الحنفي ص 76): "ما زال سفيان (الثوري) عندنا كبيراً؛ حتى تناول أبا حنيفة؛ فهجرناه ورفضناه"اهـ
قلت: قول أبي معاوية هذا؛ صار قاعدة من قواعد السلفية المعاصرة؛ من يثني على أبي حنيفة فهو السلفي، ومن يتكلم فيه فهو حدادي مبتدع. وأبو معاوية مرجئ كبير؛ فلا جرم أن ينقم على سفيان؛ لكن متى كان أهل البدع حاكمين على أهل السنة؛ بله أئمتهم؟ فهنيئاً لسفيان أن رفضه المرجئة.
وقال ابن عبدالبر في (الانتقاء ص 149): "كثير من أهل الحديث استجازوا الطعن على أبي حنيفة؛ لرده كثيراً من أخبار الآحاد العدول؛ لأنه كان يذهب في ذلك إلى عرضها على ما اجتمع عليه من الأحاديث ومعاني القرآن؛ فما شذ عن ذلك؛ رده وسماه شاذاً، وكان مع ذلك أيضاً يقول: الطاعات من الصلاة وغيرها لا تسمى إيماناً، وكل من قال من أهل السنة: الإيمان قول وعمل؛ ينكرون قوله، ويبدعونه بذلك، وكان مع ذلك محسودا لفهمه، وفطنته"اهـ
قلت: لمَّا لم يستطع ابن عبدالبر رد ما جاء في ثلب أبي حنيفة؛ لجأ إلى الطعن في الأئمة، وهكذا كل من يريد الدفاع عن أبي حنيفة؛ لن يستقيم له ذلك؛ إلا بجرح من تكلم فيه. وهيهات.
وقال ابن حجر الهيتمي في (الخيرات الحسان في مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان ص 83): "الفصل التاسع والثلاثون في رد ما نقله الخطيب في تاريخه عن القادحين فيه: اعلم أنه لم يقصد في ذلك إلا جمع ما قيل في الرجل على عادة المؤرخين، ولم يقصد بذلك انتقاصه ولا حط مرتبته؛ بدليل أنه قدم كلام المادحين، وأكثر منه ومن نقل مآثره السابقة؛ فهو في أكثرها إنما اعتمد أهل المناقب فيه على ما في تاريخ الخطيب؛ ثم عقبه بذكر كلام القادحين ليتبين أنه من جملة الأكابر الذين لم يسلموا من خوض الحساد والجاهلين فيهم، ومما يدل على ذلك أيضاً؛ أن الأسانيد التي ذكرها للقدح لا يخلو غالبها من متكلم فيه أو مجهول، ولا يجوز إجماعاً ثلم عرض مسلم بمثل ذلك؛ فكيف بإمام من أئمة المسلمين"اهـ
قلت: الهيتمي ركن من أركان البدع، ومن كبار الدعاة إلى القبورية، وصنيع الخطيب في ترجمة أبي حنيفة يكذب مزاعمه؛ حيث قال: "قد سقنا عن أيوب السختياني، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وأبي بكر بن عياش، وغيرهم من الأئمة؛ أخباراً كثيرة تتضمن تقريظ أبي حنيفة، والمدح له، والثناء عليه. والمحفوظ عند نقلة الحديث عن الأئمة المتقدمين - وهؤلاء المذكورون منهم - في أبي حنيفة خلاف ذلك، وكلامهم فيه كثير؛ لأمور شنيعة حفظت عليه؛ متعلق بعضها بأصول الديانات، وبعضها بالفروع"اهـ (تاريخ بغداد 15/502)
وقال الحصكفي في الدر المختار (1/55-56): "أبو حنيفة النعمان من أعظم معجزات المصطفى بعد القرآن، وحسبك من مناقبه اشتهار مذهبه؛ ما قال قولاً إلا أخذ به إمام من الأئمة الأعلام؛ قد جعل الله الحكم لأصحابه وأتباعه من زمنه إلى هذه الأيام؛ إلى أن يحكم بمذهبه عيسى عليه السلام"اهـ
قلت: "لم يزد على أن أثبت فساد دينه، وقلة حيائه، وضعف عقله؛ نعوذ بالله من الخذلان".
وقال ابن عابدين في حاشيته (1/54): "وممن انتصر للإمام رحمه الله تعالى؛ العلامة السيوطي في كتاب سماه (تبييض الصحيفة)، والعلامة ابن حجر في كتاب سماه (الخيرات الحسان)، والعلامة يوسف بن عبدالهادي الحنبلي في مجلد كبير سماه (تنوير الصحيفة)، وذكر فيه عن ابن عبد البر: لا تتكلم في أبي حنيفة بسوء ولا تصدقن أحداً يسيء القول فيه؛ فإني والله ما رأيت أفضل ولا أورع ولا أفقه منه. ثم قال: ولا يغتر أحد بكلام الخطيب؛ فإن عنده العصبية الزائدة على جماعة من العلماء؛ كأبي حنيفة، والإمام أحمد، وبعض أصحابه، وتحامل عليهم بكل وجه، وصنف فيه بعضهم: (السهم المصيب في كبد الخطيب). وأما ابن الجوزي فإنه تابع الخطيب، وقد عجب سبطه منه؛ حيث قال في مرآة الزمان: وليس العجب من الخطيب؛ فإنه طعن في جماعة من العلماء، وإنما العجب من الجد كيف سلك أسلوبه وجاء بما هو أعظم. قال: ومن المتعصبين على أبي حنيفة الدارقطني وأبو نعيم؛ فإنه لم يذكره في الحلية وذكر من دونه في العلم والزهداهـ وممن انتصر له العارف الشعراني في الميزان بما يتعين مطالعته؛ قال في الخيرات الحسان: وبفرض صحة ما ذكره الخطيب من القدح عن قائله فلا يعتد به، فإنه إن كان من غير أقران الإمام؛ فهو مقلد لما قاله أو كتبه أعداؤه، أو من أقرانه فكذلك؛ لأن قول الأقران بعضهم في بعض غير مقبول"اهـ
قلت:                      سألنا عن ثمالة كل حي ... فقال السامعون: ومن ثماله؟
                            فقلت: محمد بن يزيد منهم ... فقالوا: زدتنا بهم جهاله
وقال عبدالحي اللكنوي في (الرفع والتكميل ص 70): "قدح الدارقطني في الإمام الهمام أبي حنيفة رضي الله عنه؛ بأنه ضعيف في الحديث. وأي شناعة فوق هذا؛ فإنه إمام ورع تقي نقي خائف من الله، وله كرامات شهيرة؛ فبأي شيء تطرق إليه الضعيف؛ فتارة يقولون: إنه كان مشتغلاً بالفقه؛ انظر بالانصاف أي قبح فيما قالوا؛ بل الفقيه أولى بأن يؤخذ الحديث منه. وتارة يقولون: إنه لم يلاق أئمة الحديث إنما أخذ ما أخذ من حماد، وهذا أيضاً باطل؛ فإنه روى عن كثير من الأئمة؛ كالإمام محمد الباقر والأعمش وغيرهما؛ مع أن حماداً كان وعاء للعلم؛ فالأخذ منه أغناه عن الأخذ عن غيره، وهذا أيضاً آية على ورعه وكمال تقواه وعلمه؛ فإنه لم يكثر الأساتذة لئلا تتكثر الحقوق فيخاف عجزه عن إيفائها، وتارة يقولون: إنه كان من أصحاب القياس والرأي، وكان لا يعمل بالحديث؛ حتى وضع أبو بكر بن أبي شيبة في كتابه باباً للرد عليه؛ ترجمه باب الرد على أبي حنيفة"اهـ
وقال في (ص 352-370): "قد يظن من لا علم له حين يرى في ميزان الاعتدال وتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب وتقريب التهذيب وغيرها من كتب الفن في حق كثير من الرواة الطعن بالارجاء عن أئمة النقد الأثبات؛ حيث يقولون: رمي بالإرجاء أو كان مرجئاً أو نحو ذلك من عباراتهم؛ كونهم خارجين من أهل السنة والجماعة؛ داخلين في فرق الضلالة؛ مجروحين بالبدعة الاعتقادية؛ معدودين من الفرق المرجئة الضالة، ومن هاهنا طعن كثير منهم على الإمام أبي حنيفة وصاحبيه وشيوخه لوجود اطلاق الإرجاء عليهم في كتب من يعتمد على نقلهم، ومنشأ ظنهم: غفلتهم عن أحد قسمي الإرجاء، وسرعة انتقال ذهنهم إلى الإرجاء الذي هو ضلال عند العلماء .. ولهذا ذكروا أن المرجئة فرقتان: مرجئة الضلالة، ومرجئة أهل السنة. وأبو حنيفة وتلامذته وشيوخه وغيرهم من الرواه الأثبات؛ إنما عدوا من مرجئة أهل السنة لا من مرجئة الضلالة .. وروي عن عثمان البتي؛ أنه كتب الى أبي حنيفة، وقال: أنتم مرجئة؟ فأجابه بأن المرجئة على ضربين: مرجئة ملعونة، وأنا برئ منهم، ومرجئة مرحومة، وأنا منهم. وكتب فيه: أن الأنبياء كانوا كذلك .. وخلاصة المرام في هذا المقام: أن الارجاء قد يطلق على أهل السنة والجماعة من مخالفيهم المعتزلة الزاعمين بالخلود الناري لصاحب الكبيرة، وقد يطلق على الأئمة القائلين بأن الاعمال ليست بداخلة في الايمان، وبعدم الزيادة فيه والنقصان، وهو مذهب أبي حنيفة وأتباعه .. وإذا انتقش هذا كله على صحيفة خاطرك؛ فاعرف أنه لا تنبغي المبادرة إلى قول أحد من أئمة النقد، وإن كان من أجلة المحدثين؛ في حق أحد الراوين أنه من المرجئين؛ بإطلاق القول بكونه من فرق الضلالة، وجرحه بالبدعة الاعتقادية؛ بل الواجب التنقيح والحكم بالوجه الرجيح"اهـ
قلت: هذا المرجئ الخبيث ما ألف كتابه هذا؛ إلا من أجل الدفاع عن إمامه، وهكذا أغلب الكتب التي وضعها الأحناف في علم المصطلح؛ لا بد وأن تجد فيها مساحة لتزيين الإرجاء وترويجه، والمنافحة عن أبي حنيفة.
وقال الكوثري في (مقدمة نصب الراية 1/57-58): "نجد في (الضعفاء) للعقيلي، و(الكامل) لابن عدي؛ كلاماً كثيراً عن هوى في سادتنا أئمة الفقه (أي: الأحناف) فالأول: لفساد معتقده على طريقة الحشوية. والثاني: لتعصبه المذهبي عن جهل؛ مع سوء المعتقد .. ومن تحامل على أئمتنا؛ إما راو جامد؛ لا ينتبه إلى دقة مدرك أئمتنا في الفقه؛ فيطعن فيهم بمخالفة الحديث، وهو المخالف للحديث دونهم. أو زائغ صاحب بدعة؛ يظن أنهم على ضلال، وهو الضال المسكين"اهـ
وقال في تأنيب الخطيب (ص29-30): "أبو حنيفة تابعه في الفقه شطر الأمة المحمدية؛ بل ثلثاها على تعاقب القرون .. ومثل الإمام أبي حنيفة في إمامته وديانته وتواتر ثقته وأمانته واستفاضة يقظته ونباهته وكثرة أتباعه وذيوع فقهه وانتشار مذهبه في البقاع والأصقاع وكمال عقله وسعة علمه؛ لا يسمع فيه كل من هب ودب، ولا سيما بعد العلم بما ينطوي عليه خصومه من مزيد الخبث في اصطناع المثالب بقلة دين، وقلة تبصر"اهـ
قلت: الكوثري مجنون أبي حنيفة، ودفاعه عنه يزيده سقوطاً.
وقال عبدالفتاح أبو غدة في (تعليقه على الرفع والتكميل ص 26): "صنف في الرد على الخطيب سوى الملك المعظم؛ غير واحد من العلماء, منهم ابن الجوزي وسماه (السهم المصيب في الرد على الخطيب)، وسبط ابن الجوزي وسماه (الانتصار لإمام أئمة الأمصار) في مجلدين كبيرين, وأبو المؤيد الخوارزمي في مقدمة كتابه (جامع مسانيد الإمام الأعظم)، وكذلك الحافظ السيوطي وسماه (السهم المصيب في نحر الخطيب)، وشيخنا الأستاذ الإمام محمد زاهد الكوثري رحمه الله وسماه (تأنيب الخطيب على ما ساقه في ترجمة أبي حنيفة من الأكاذيب)"اهـ
وقال في ص (199): "سبق في حاشية ص (104) أن الخطيب أفصح عن طريقته في كتابه؛ فقال: (كلما ذكرت في التاريخ رجلاً اختلفت فيه أقاويل الناس في الجرح والتعديل؛ فالتعويل على ما أخرت، وختمت به الترجمة)اهـ فالاعتذار عنه بأنه قدم كلام المادحين لا يتفق مع تصريحه بما التزمه"اهـ
قلت: أبو غدة: كوثري، وكفى بها بائقة.
وقال عبدالمحسن العباد: "هو من أهل السنة، ومعدود مذهبه في مذاهب أهل السنة الأربعة، وهو وإن كان من أهل الرأي لأنه غلب عليه الاجتهاد والقول بالرأي؛ إلا أنه من أهل السنة، ومذهبه أحد مذاهب أهل السنة الأربعة. وأما فعل السلف فإنهم تكلموا في الرواة بما فيهم جرحاً وتعديلاً، وكون أبي حنيفة صاحب مذهب أو إماماً مشهوراً بالفقه؛ لا يعني أنه لا كلام فيه أو أنه لم يتكلم فيه؛ بل تكلموا فيه من حيث الرواية، وأما من حيث الفقه ومن حيث المذهب؛ فهو إمام مشهور. ومن ناحية الاعتقاد؛ هو من أهل السنة، والطحاوي لما ذكر عقيدة أهل السنة ذكر أن ذلك هو اعتقاد أبي حنيفة، وغيره من الأئمة؛ إلا أن الذي أخذ عليه؛ هو قوله بعدم دخول الأعمال في مسمى الإيمان، وهو الذي يسمى: إرجاء الفقهاء؛ فهو ممن لا يجعل الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، ولهذا فإن الطحاوي رحمه الله؛ ما ذكر في تعريف الإيمان: العمل بالجوارح، وإنما ذكر قول اللسان، واعتقاد الجنان"اهـ
قلت: بفضل السلفية المعاصرة؛ أصبح المرجئة من أهل السنة!
أما قوله: (بل تكلموا فيه من حيث الرواية)؛ فكذب. بل تكلموا فيه: لإرجائه، ورده للحديث، وسخريته بالسنة، وأخذه بالرأي، وقوله بخلق القرآن، ولأنه كان يرى السيف.
وقال صالح الفوزان: "أبو حنيفة؛ إمام من أئمة أهل السنة .. إمامنا وقدوتنا؛ يرضى من يرضى، ويغضب من يغضب"اهـ
قلت: قال الإمام أحمد رحمه الله: "إذا رأيت الرجل يتخذ أبا حنيفة إماماً؛ فلا تطمئن إليه، ولا ترج خيره"اهـ
وقال زيد المدخلي: "لا يقال ويقرر بأن أبا حنيفة مبتدع وضال؛ لا يجوز هذا الكلام؛ أبو حنيفة من الأئمة الأربعة؛ بل هو أكبرهم سناً، ولكن لا يسلم من الخطأ؛ لا يسلم من الخطأ أحد؛ ما وُجد أن أبا حنيفة أخطأ فيه؛ بأنه من أهل الرأي، لا يعتبر أنه يبيح الكلام فيه وأنه مبتدع؛ كما يفعل بعض الذين توسعوا في ذمه حتى عدلوا اسمه بدل أبي حنيفة؛ يقولون: أبو جيفة، وهذا حرام لا يجوز لهم التفوه به؛ فالمقصود أنه ما من أحد من الأئمة أو من أهل العلم غير الرسل والأنبياء؛ إلا وهو يقع في كلامه شيء من الخطأ، وهم يذكرون ذلك ويتبرؤون عن الخطأ؛ فما وجد عن أبي حنيفة من الخطأ يبين للناس ويُصحح، ولا يجوز أن يُذم أبو حنيفة، وأن يُشنع عليه، ويحذر الناس من فقهه؛ هذا لا يقوله أهل السنة؛ لا اليوم، ولا قبل اليوم"اهـ
قلت: كان يمكنه الدفاع عن إمامه دون التعرض للأئمة، وتجهيلهم، وتضليلهم؛ لكنه أبي إلا أن يفضح نفسه، ويهتك ستره.
من أجمعت الأمة على إمامتهم وأمانتهم؛ استجازوا الطعن في أبي حنيفة، وزيد المدخلي يشاقق سبيلهم، ويتعالم قائلاً: (حرام؛ لا يجوز أن يُذم أبو حنيفة، أو يُشنع عليه).
وقال إبراهيم الرحيلي: "وأما الطعن في الإمام أبي حنيفة أو تبديعه أو إخراجه من السنة بهذا؛ فلم يقل بهذا أحد من أهل العلم، وإنما هو قول أخطأ فيه؛ كما أن غيره من أهل العلم أخطأ في مسائل أخرى"اهـ
قلت: لا مصيبة أعظم من الجهل، وقد قيل: (خرقاء ذات نيقة) وهو مثل يضرب للرجل الجاهل بالأمر؛ يدعي الحذق فيه.
وقال بازمول: "العلماء بينوا أن كلام السلف في أبي حنيفة للتنفير من الخطأ، وبينوا أن أبا حنيفة رجع عن كثير منها، وبعضها لم يثبت عنه، وما أخطأ فيه؛ بينوه وردوه، ولكن لم يضللوه، وهذا خلاصة ما عليه العلماء السلفيون؛ لكن هؤلاء الحدادية مأخذهم غير مأخذ السلف؛ هم يتذرعون بكلام السلف، ولذلك هم يطعنون في ابن تيمية والألباني وابن باز والعثيمين والربيع"اهـ
قلت: بازمول يقول: (بينوا خطأه لكن لم يضللوه) وأكبر المنافحين عن أبي حنيفة (ابن عبدالبر) يقر بتبديعه.
بازمول يقول: (لم يضللوه) وابن أبي داود؛ يقول: (اتفقوا على تضليل أبي حنيفة، والوقيعة فيه). وابن حبان يقول: (جرحوه وأطلقوا عليه القدح).
الأئمة يقولون: قلب الأمر ظهراً لبطن؛ نقض عرى الإسلام؛ كان مرجئاً؛ كان يرى السيف؛ كان جهمياً؛ استتيب من الكفر؛ يرد الحديث؛ يسخر من السنة؛ أبو جيفة. ومنهم من يلعنه على المنابر؛ إلى غير ذلك مما هو مسطور في أمات كتب العقيدة والسير والتأريخ والفرق والفقه والسؤالات والجرح والتعديل.
وهذا الجهول يقول: بينوا خطأه؛ لكن لم يضللوه.
فمثل هذا أحوج إلى علاج عقله؛ من علاج جهله.
وبعد: فهذا هو مسلك أهل السنة مع أبي حنيفة، وموقفهم منه.
أما الحدادية الضلال الذين لم يرقبوا في أبي حنيفة إلا ولا ذمة؛ فقد أجمعوا على تضليله، وتبديعه، وتضافرت أقوالهم على ذمه، والتحذير منه ومن أصحابه؛ من ذلك:
قال أبو بكر بن أبي داود: "ما تقولون في مسألة اتفق عليها: مالك وأصحابه، والشافعي وأصحابه، والأوزاعي وأصحابه، والحسن بن صالح وأصحابه، وسفيان الثوري وأصحابه، وأحمد بن حنبل وأصحابه؟ فقالوا له: يا أبا بكر؛ لا تكون مسألة أصح من هذه؛ فقال: هؤلاء كلهم اتفقوا على تضليل أبي حنيفة"اهـ (تاريخ بغداد 15/516)
وقال: "الوقيعة في أبي حنيفة إجماع من العلماء؛ لأن إمام البصرة أيوب السختياني وقد تكلم فيه، وإمام الكوفة الثوري وقد تكلم فيه، وإمام الحجاز مالك وقد تكلم فيه، وإمام مصر الليث بن سعد وقد تكلم فيه، وإمام الشام الأوزاعي وقد تكلم فيه، وإمام خراسان عبدالله بن المبارك وقد تكلم فيه؛ فالوقيعة فيه إجماع من العلماء في جميع الآفاق"اهـ (الكامل لابن عدي 8/241)
وقال ابن حبان: "أئمة المسلمين وأهل الورع في الدين في جميع الأمصار وسائر الأقطار؛ جرحوه، وأطلقوا عليه القدح؛ إلا الواحد بعد الواحد"اهـ (المجروحين 1127)
وقال ابن الجوزي: "اتفق الكل على الطعن فيه؛ ثم انقسموا على ثلاثة أقسام: فقوم طعنوا فيه؛ لما يرجع إلى العقائد والكلام في الأصول. وقوم طعنوا في روايته وقلة حفظه وضبطه. وقوم طعنوا لقوله الرأي فيما يخالف الأحاديث الصحاح"اهـ (المنتظم 8/131-132)
وقال: "وقد كان بعض الناس يقيم عذره، ويقول: ما بلغه الحديث، وذلك ليس بشيء لوجهين: أحدهما: أنه لا يجوز أن يفتي من يخفى عليه أكثر الأحاديث الصحيحة. والثاني: أنه كان إذا أخبر بالأحاديث المخالفة لقوله لم يرجع عن قوله"اهـ (المنتظم 8/135)
 وقال الخطيب: "قد سقنا عن أيوب السختياني، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وأبي بكر بن عياش، وغيرهم من الأئمة؛ أخباراً كثيرة تتضمن تقريظ أبي حنيفة، والمدح له، والثناء عليه. والمحفوظ عند نقلة الحديث عن الأئمة المتقدمين - وهؤلاء المذكورون منهم - في أبي حنيفة خلاف ذلك، وكلامهم فيه كثير؛ لأمور شنيعة حفظت عليه؛ متعلق بعضها بأصول الديانات، وبعضها بالفروع؛ نحن ذاكروها بمشيئة الله .. أخبرني محمد بن أحمد بن رزق، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي، قال: أملى علينا أبو العباس أحمد بن علي بن مسلم الأبار في شهر جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانين ومائتين، قال: ذكر القوم الذين ردوا على أبي حنيفة: أيوب السختياني، وجرير بن حازم، وهمام بن يحيى، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وأبو عوانة، وعبدالوارث، وسوار العنبري القاضي، ويزيد بن زريع، وعلي بن عاصم، ومالك بن أنس، وجعفر بن محمد، وعمر بن قيس، وأبو عبدالرحمن المقرئ، وسعيد بن عبدالعزيز، والأوزاعي، وعبدالله بن المبارك، وأبو إسحاق الفزاري، ويوسف بن أسباط، ومحمد بن جابر، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وحماد بن أبي سليمان، وابن أبي ليلى، وحفص بن غياث، وأبو بكر بن عياش، وشريك بن عبدالله، ووكيع بن الجراح، ورقبة بن مصقلة، والفضل بن موسى، وعيسى بن يونس، والحجاج بن أرطاة، ومالك بن مغول، والقاسم بن حبيب، وابن شبرمة"اهـ (تاريخ بغداد 15/502)
وقال حرب الكرماني: "وأصحاب الرأي: وهم مبتدعة ضلال أعداء السنة والأثر؛ يرون الدين رأياً وقياساً واستحساناً، وهم يخالفون الآثار، ويبطلون الحديث، ويردون على الرسول، ويتخذون أبا حنيفة ومن قال بقوله إماماً يدينون بدينهم، ويقولون بقولهم فأي ضلالة بأبين ممن قال بهذا أو كان على مثل هذا، يترك قول الرسول وأصحابه، ويتبع رأي أبي حنيفة وأصحابه، فكفى بهذا غياً وطغياناً ورداً"اهـ (السنة 1)
وقال إسحاق بن عيسى الطباع: "سألت شريكاً عن أبي حنيفة؛ فقال: وهل تلتقي شفتان بذكر أبي حنيفة؟"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 332)
وقال: "كنا عند حماد بن زيد ومعنا وهب بن جرير؛ فذكرنا شيئاً من قول أبي حنيفة؛ قال حماد بن زيد: اسكت ولا يزال الرجل منكم داحضاً في بوله؛ يذكر أهل البدع في مجلس عشيرته؛ حتى يسقط من أعينهم؛ ثم أقبل علينا حماد؛ فقال: أتدرون ما كان أبو حنيفة؛ إنما كان يخاصم في الإرجاء؛ فلما تخوف على مهجته تكلم في الرأي؛ فقاس سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضها ببعض ليبطلها، وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقاس"اهـ (حلية الأولياء 6/258)
وقال عبدالوارث بن سعيد: "جلست إلى أبي حنيفة بمكة؛ فذكر شيئاً؛ فقال له رجل: روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كذا وكذا؛ قال أبو حنيفة: ذاك قول الشيطان. وقال له آخر: أليس يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أفطر الحاجم والمحجوم»؛ فقال: هذا سجع. فغضبت، وقلت: إن هذا مجلس لا أعود إليه، ومضيت وتركته"اهـ (السنة لعبدالله 403)
وقال القاسم بن محمد: "سمعت إسحاق بن راهويه يقول: كنت صاحب رأي؛ فلما أردت أن أخرج إلى الحج عمدت إلى كتب عبدالله بن المبارك، واستخرجت منها ما يوافق رأي أبي حنيفة من الأحاديث، فبلغت نحو من ثلثمائة حديث، فقلت: أسأل عنها مشايخ عبدالله الذين هم بالحجاز، والعراق، وأنا أظن أن ليس يجترىء أحد أن يخالف أبا حنيفة؛ فلما قدمت البصرة جلست إلى عبدالرحمن بن مهدي، فقال لي: من أين أنت؟ فقلت: من أهل مرو؛ قال: فترحم على ابن المبارك، وكان شديد الحب له؛ فقال: هل معك مرثية رثي بها عبدالله؟ فقلت: نعم، فأنشدته قول أبي تميلة يحي بن واضح الأنصاري: قال: فما زال ابن المهدي يبكي، وأنا أنشده حتى إذا ما قلت: وبرأي النعمان كنت بصيراً ..  قال لي: اسكت قد أفسدت القصيدة. فقلت: إن بعد هذا أبياتاً حساناً. فقال: دعها تذكر رواية عبدالله عن أبي حنيفة في مناقبة! ما تعرف له زلة بأرض العراق إلا روايته عن أبي حنيفة، ولوددت أنه لم يرو عنه، وأني كنت أفتدي ذلك بعظم مالي. فقلت: يا أبا سعيد لم تحمل على أبي حنيفة كل هذا؟! لأجل هذا القول أنه كان يتكلم بالرأي، فقد كان مالك بن أنس، والأوزاعي، وسفيان يتكلمون بالرأي! فقال: تقرن أبا حنيفة إلى هؤلاء! ما أشبه أبا حنيفة في العلم إلا بناقة شاردة فاردة ترعى في وادي خصب، والإبل كلها في واد آخر. قال إسحاق: ثم نظرت بعد فإذا الناس في أمر أبي حنيفة على خلاف ما كنا عليه بخرسان"اهـ (الورع للمروذي 401)
وقال: "إبراهيم بن شماس السمرقندي: "حدثنا عبدالله بن المبارك بالثغر عن أبي حنيفة؛ قال: فقام إليه رجل يكنى أبا خداش؛ فقال: يا أبا عبدالرحمن لا ترو لنا عن أبي حنيفة؛ فانه كان مرجئاً؛ فلم ينكر ذلك عليه ابن المبارك، وكان بعدُ إذا جاء الحديث عن أبي حنيفة ورأيه؛ ضرب عليه ابن المبارك من كتبه، وترك الرواية عنه، وذلك آخر ما قرأ على الناس بالثغر؛ ثم انصرف ومات. قال: وكنت في السفينة معه لما انصرف من الثغر، وكان يحدثنا؛ فمر على شيء من حديث أبي حنيفة؛ فقال لنا: اضربوا على حديث أبي حنيفة؛ فإني قد خرجت على حديثه ورأيه؛ قال: ومات ابن المبارك في منصرفه من ذلك الثغر؛ قال: وقال رجل لابن المبارك، ونحن عنده: إن أبا حنيفة كان مرجئاً يرى السيف؛ فلم ينكر ذلك عليه ابن المبارك"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 348)
وقال عبدالله بن المبارك: "ذكرت أبا حنيفة عند الأوزاعي، وذكرت علمه وفقهه؛ فكره ذلك الأوزاعي، وظهر لي منه الغضب؛ وقال: تدري ما تكلمت به؟ تطري رجلاً يرى السيف على أهل الاسلام. فقلت: إني لست على رأيه ولا مذهبه؛ فقال: قد نصحتك فلا تكره. فقلت: قد قبلت"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 382)
وقال أبو زرعة الرازي: "كان أبو حنيفة جهمياً، وكان محمد بن الحسن جهمياً، وكان أبو يوسف سليماً من التهجم"اهـ (تاريخ بغداد 2/561)
وقال: "كان أهل الري قد افتتنوا بأبي حنيفة، وكنا أحداثاً نجري معهم، ولقد سألت أبا نعيم عن هذا، وأنا أرى أني في عمل! ولقد كان الحميدي يقرأ كتاب الرد، ويذكر أبا حنيفة، وأنا أهم بالوثوب عليه، حتى من الله علينا، وعرفنا ضلالة القوم"اهـ (سؤالات البرذعي 2/753)
وقال منصور بن أبي مزاحم: "سمعت أبا علي العذري يقول لحماد بن زيد: مات أبو حنيفة؛ قال: الحمد لله الذي كنس بطن الأرض به"اهـ (الحلية 6/259)
وقال أحمد رحمه الله: "أما أبو حنيفة، ومحمد بن الحسن؛ فكانا مخالفين للأثر، وهذان لهما رأى سوء"اهـ (تاريخ بغداد 2/561)
وقال: "ما قول أبي حنيفة والبعر عندي؛ إلا سواء"اهـ (تاريخ بغداد 15/558)
وقال: "أصحاب أبي حنيفة؛ لا ينبغي أن يروى عنهم شيء"اهـ (العلل 5332)
وقال أبو بكر الأعين: "سمعت أحمد بن حنبل؛ يقول: «لا تكتب عن أحد منهم ولا كرامة لهم»؛ يعني أصحاب أبي حنيفة"اهـ (الكامل 1658)
وقال عبدالله: "حدثني أبي؛ ثنا شعيب بن حرب؛ قال: سمعت سفيان الثوري؛ يقول: «ما أحب أن أوافقهم على الحق»؛ قلت لأبي رحمه الله: يعني أبا حنيفة؟ قال: «نعم؛ رجل استتيب في الإسلام مرتين»؛ يعني أبا حنيفة؛ قلت لأبي رحمه الله: كأن أبا حنيفة المستتيب؟ قال: «نعم»"اهـ (السنة 264)
وقال إسحاق بن منصور الكوسج: "قلت لأحمد بن حنبل: يؤجر الرجل على بغض أبي حنيفة، وأصحابه؟ قال: «إي والله»"اهـ (السنة لعبدالله 228)
وقال الأثرم: "رأيت أبا عبدالله مراراً؛ يعيب أبا حنيفة، ومذهبه"اهـ (تاريخ بغداد 15/558)
وقال أحمد بن الحسن الترمذي: "سمعت أحمد بن حنبل؛ يقول: أبو حنيفة يكذب"اهـ (الضعفاء للعقيلي 1876)
وقال المروذي: "سألت أبا عبدالله؛ عن أبي حنيفة، وعمرو بن عبيد؛ فقال: «أبو حنيفة أشد على المسلمين من عمرو بن عبيد؛ لأن له أصحاباً»"اهـ (تاريخ بغداد 15/558)
وقال الحسين بن الحسن المروزي: "سألت أحمد بن حنبل؛ فقلت: ما تقول في أبي حنيفة؟ فقال: «رأيه مذموم، وحديثه لا يذكر»"اهـ (الضعفاء للعقيلي 1876)
وقال حماد بن زيد: "سمعت أيوب يقول: لقد ترك أبو حنيفة هذا الدين، وهو أرق من ثوب سابري"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 254)
وقال بشر بن الفضل: "قلت لأبي حنيفة: نافع عن ابن عمر أن النبي عليه السلام؛ قال (البيعان بالخيار مالم يفترقا الا بيع الخيار)؛ قال: هذا رجز. فقلت: قتادة عن أنس أن يهودياً رضخ رأس جارية بين حجرين فرضخ النبي عليه السلام رأسه بين حجرين؛ فقال: هذا هذيان"اهـ (الانتقاء ص 151-152)
وقال سعيد بن سلم: "سألت أبا يوسف، وهو بجرجان عن أبي حنيفة؛ فقال: وما تصنع به؟! مات جهمياً"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 231)
وقال محمد بن منصور الجوار: "رأيت الحميدي يقرأ كتاب الرد على أبي حنيفة في المسجد الحرام؛ فكان يقول: قال بعض الناس كذا. فقلت له: فيكف لا تسميه؟ قال: أكره أن أذكره في المسجد الحرام"اهـ (المجروحين 1127)
وقال أبو يوسف القاضي: "كان أبو حنيفة يقول: لو أدركني النبي لأخذ بكثير مني ومن قولي، وهل الدين إلا الرأي"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 399)
وقال عبدالرحمن بن عمر: "سمعت عبدالرحمن بن مهدي، وذكر أبو حنيفة؛ فقال: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عَلِمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}"اهـ (الحلية 9/11)
وقال إبراهيم الحربي: "الصغير إذا أخذ بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين؛ فهو كبير, والشيخ الكبير إن أخذ بقول أبي حنيفة وترك السنن؛ فهو صغير"اهـ (شرح أصول الاعتقاد 1/95)
وقال الحسن بن موسى الأشيب: "سمعت أبا يوسف يقول: كان أبو حنيفة يرى السيف؛ قلت: فأنت؟ قال: معاذ الله"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 234)
وقال يوسف بن أسباط: "كان أبو حنيفة مرجئاً, وكان يرى السيف, وولد على غير الفطرة"اهـ (الضعفاء للعقيلي 1876)
وقال محمد بن حماد المقرئ: "سألت يحيى بن معين عن أبي حنيفة؛ فقال: وأيش كان عند أبي حنيفة من الحديث حتى تسأل عنه؟"اهـ (تاريخ بغداد 15/573)
وقال أبو إسحاق الفزاري: "حدثت أبا حنيفة بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في رد السيف؛ فقال: هذا حديث خرافة"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 322)
وقال: "كان أبو حنيفة يقول: إيمان إبليس وإيمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه واحد؛ قال أبو بكر: يا رب. وقال إبليس: يا رب"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 371)
وقال شعبة: "كف من تراب خير من أبي حنيفة. قال حماد: وسمعت شعبة يلعن أبا حنيفة"اهـ (الضعفاء للعقيلي 1876)
وقال عبدالله بن إدريس: "كان أبو حنيفة ضالاً مضلاً, وأبو يوسف فاسقاً من الفاسقين"اهـ (الضعفاء للعقيلي 2071)
وقال محمد بن كثير المصيصي: "ذكر الأوزاعي أبا حنيفة؛ فقال: هو ينقض عرى الاسلام عروة عروة"اهـ (السنة لعبدالله بن أحمد 246)
وقال المعلمي: "إذا كان هؤلاء ساخطين على أبي حنيفة هذا السخط الذي يصوره الأستاذ (الكوثري)؛ فليت شعري من بقي غيرهم من أئمة الدين يسوغ أن يقال: إنه راض عن أبي حنيفة؟ وهل بقي إلا كسير، وعوير، وثالث ما فيه خير"اهـ (التنكيل 1/292)
وقال: "وزعمه أن الحكاية موضوعة؛ مجازفة منه، وكلام أئمة السنة في ذلك العصر في قول أبي حنيفة؛ متواتر حق التواتر"اهـ (التنكيل 2/618)
وقال الوادعي: "الجاهلون المتعصبون لأبي حنيفة كثير، وقد رأينا جمعاً من المدرسين ‏بالجامعة الإسلامية يغضبون غاية الغضب، ويرون هذا هدماً للإسلام! ‏وما درى المساكين؛ أن المتكلم في أبي حنيفة ما طعن في ركن من أركان ‏الإسلام الخمسة. فنقول لهؤلاء الجهلاء: أأنتم أغير على دين الله؛ من أحمد بن حنبل، ‏ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج، والدارقطني، ‏والخطيب؟! ونقول لهم: أأنتم أعلم بأبي حنيفة؛ من مالك بن أنس، وشريك بن عبدالله النخعي، ويحيى بن سعيد القطان، وعبدالله بن يزيد المقرئ، ‏وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وعبدالله بن المبارك، ومن جرى مجراهم؟"اهـ
وقال ربيع المدخلي: "هذا صحيح لا ينكره أحد؛ أبو حنيفة رحمه الله وقع في الإرجاء، ولا ينكره؛ لا أحناف، ولا أهل سنة؛ لا ينكر هذا. وأخذ عليه أهل السنة أخذاً شديداً، وأخذوا عليه الإرجاء، وغيره"اهـ
وقال: "لكن القول بالإرجاء؛ ما ثبت أبداً أنه رجع عنه، ولا أحد يدعيه له؛ لا من الأحناف، ولا من غيرهم"اهـ
وقال الحجوري: "أبو حنيفة النعمان بن ثابت؛ مرجئ، والمرجئة مبتدعة؛ فأبو حنيفة مبتدع، وإن زعل أصحابه"اهـ
وقال محمد بن هادي المدخلي: "وأخف الناس إرجاء؛ أهل الفقه مرجئة الفقهاء؛ أبو حنيفة، وشيخه حماد بن أبي سليمان، وقد اشتد نكير السلف عليهم غاية الاشتداد؛ فقد أنكروا عليهم، وناصحوهم وحذروهم؛ فلما زاد أمرهم، واشتهر، وأصروا على ذلك؛ بدعوهم، وردوا عليهم؛ فكيف يقال: إنه ما بدعهم أحد؟ هذا كلام من لم يعقل، أو كلام من لم يقف على كلام أهل العلم"اهـ
وقال ابن عطايا: "مرجئة الفقهاء عند السلف؛ من أهل البدع والضلال والانحراف والمخالفة والمضادة للكتاب والسنة، ومن المشاقين للرسول صلى الله عليه وسلم، ومتبعي غير سبيل المؤمنين .. فهم عند السلف مبتدعة ضلال؛ حقهم الهجر والتحذير؛ مهما بلغ الواحد منهم في الفقه والحديث، وهذه القضية قضية عقدية"اهـ




يتم التشغيل بواسطة Blogger.

كافة الحقوق محفوظة 2012 © site.com مدونة إسم المدونة