متى يسوغ الخلاف

متى يسوغ الخلاف
يجب التفريق بين الاختلاف السائغ، وبين غيره من الاختلاف المذموم. وبناء عليه يتحدد الموقف من المخالف.
فعدم التشنيع على المخالف ما دام الخلاف سائغاً؛ من ثوابت المنهج السلفي.
قال سفيان الثوري: "إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه، وأنت ترى غيره فلا تنهه"اهـ (الفقيه والمتفقه 2/69)
وقال: "ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحداً عنه من إخواني أن يأخذ به"اهـ (الفقيه والمتفقه 2/69)
وقال أحمد: "لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهب، ولا يشدد عليهم"اهـ (الآداب الشرعية 1/186)
وقال ابن تيمية: "مسائل الاجتهاد؛ من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه"اهـ (مجموع الفتاوى 20/207).
وقال ابن تيمية: "فلا يكون فتنة وفرقة؛ مع وجود الاجتهاد السائغ"اهـ (الاستقامة 1/31)
ومع هذا؛ فقيام المحاورة والمناظرة بين أهل العلم للوصول إلى مراد الشرع في المسألة المختلف فيها - خلافاً سائغاً - من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله وللمسلمين، ومن هذا الباب؛ كان أئمة السلف يردون على المخالف، ولا ينكرون عليه إنكاراً يؤدي إلى الفرقة؛ بل يبينون له ما صح في المسألة، وينبهونه على دليلها.
قال يونس الصدفي: "ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً، وإن لم نتفق في مسألة"اهـ (سير أعلام النبلاء 10/16)
أما ما لا مجال للاجتهاد فيه؛ كالتوحيد وأصول الإيمان، وغير ذلك من المسائل التي تضافرت الأدلة الصحيحة الصريحة في الكتاب والسنة على إثباتها؛ فهذا لا يسوع الخلاف فيه؛ والمخالف يذم ويبدع ويهجر؛ هذا إذا لم تخرجه مخالفته عن الدين بالكلية.
قال ابن تيمية: "من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة، أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافاً لا يعذر فيه؛ فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع"اهـ (مجموع الفتاوى 4/172–173)
وقال الذهبي: "من عاند، أو خرق الإجماع؛ فهو مأزور"اهـ (سير أعلام النبلاء للذهبي 19/322)

وقال محمد بن عبدالوهاب: "ثم اعلموا وفقكم الله؛ إن كانت المسألة إجماعاً فلا نزاع، وإن كانت مسائل اجتهاد؛ فمعلوم أنه لا إنكار في من يسلك الاجتهاد"اهـ (الدرر السنية 1/43)

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

كافة الحقوق محفوظة 2012 © site.com مدونة إسم المدونة